نقص المناعة البشرية HIV هي مسميات لفيروس واحد، يعمل على تدمير خلايا جهاز المناعة ويضعف قدرتها على محاربة الأمراض التّي تصيب الجسم، ممّا يؤدّي للإصابة بأمراض مهدّدة للحياة .نحتاج الى زيادة الوعي عن طرق الوقاية والعلاجات المتاحة المستخدمة في الوقت الحالي وهذا ما سوف توضحه في الحوار التالي الدكتورة جميلة السلمان استشاري الأمراض المعدية ومكافحة العدوى رئيسة الاقسام الباطنية وقسم مكافحة العدوى والجودة بمستشفى الملك حمد الارسالية الامريكية.
ماذا يعني شعار» الحياة ما بعد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية« في عالمنا العربي؟
يحمل هذا الشعار موضوعين أساسيين. أولهما «الحياة بعد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية»، والذي يبرز التقدم الملحوظ الذي حققناه بدول الخليج في إدارة هذا المرض من خلال توفير علاجات وأدوية متطورة تُمكن الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية من الوصول إلى مراحل يصل فيها الفيروس في الدم إلى مستويات منخفضة جدًا يتعذر اكتشافها. فلم يعد الموضوع مقتصرًا على التحكم بالفيروس فحسب، بل يتجاوزه إلى تمكين الأفراد من عيش حياة صحية بأقل قدر ممكن من المضاعفات أو التداخلات الدوائية. لذا فمن الضروري أن يكون المريض هو محور الرعاية المقدمة والتي لابد أن تكون شاملة وتراعي جميع احتياجاته.
أما الموضوع الثاني، يشير (دورك) إلى المسؤولية المشتركة التي تقع على عاتقنا جميعًا، بدءً من الحكومات، والعاملين في القطاع الصحي، ووصولاً إلى أفراد المجتمع، في تعزيز الوعي بالمرض، ومكافحة الوصمة المرتبطة به، وفهم آليات انتقاله، ودعم جهود الوقاية، إلى جانب توفير بيئة رعاية صحية داعمة للأفراد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية.
في رأيك، كيف تسير منطقة الشرق الأوسط نحو تحقيق أهداف 95-95-95؟
على مدى السنوات الماضية، أحرزت المنطقة تقدمًا ملحوظًا نحو تحقيق الأهداف 95-95-95، التي حددها برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والمقرر تحقيقها بحلول عام 2030؛ والتي تهدف إلى ضمان تشخيص 95% من الأشخاص المصابين بالفيروس، وحصول 95% من المشخّصين بالمرض على العلاج اللازم، فضلاً عن وصول كمية الفيروس في الدم إلى مستويات منخفضة والتي تعرف بالسيطرة على الفيروس لدى 95% من الأشخاص الذين يتلقون العلاج. فهذه الأهداف الطموحة وُضعت خصيصًا للمساهمة في القضاء على الإيدز باعتباره مرض خطير يهدد الصحة العامة.
وبناءً على مراجعة النتائج في دول مجلس التعاون الخليجي، لاحظنا أداءً متميزًا، ولا سيما فيما يتعلق بالهدف الأول وهو تشخيص المرض وربطه بالرعاية الصحية اللازمة. ولا بد لي من الإشارة إلى أن البحرين حققت خطوات مهمة في تعزيز مستوى الوعي بحالة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري، لضمان استمرارية هذا التقدم، من الضروري مواصلة الاستثمار في الفحص المبكر. وتوسيع نطاق الوصول إلى العلاج، بالإضافة إلى توسيع نطاق الرعاية الشاملة، بحيث تتجاوز مجرد العلاج الطبي لتشمل الاهتمام بالصحة العامة على مستوى المنطقة واليوم، لا غنى لنا عن استمرار التعاون الوثيق بين واضعي السياسات، وصناع القرار، ومقدمي الرعاية الصحية، والمجتمعات من أجل القضاء على الثغرات المتبقية.
ما أحدث الابتكارات العلاجية؟
شهدت علاجات فيروس نقص المناعة البشرية تطورًا ملحوظًا، ومن بين أبرز هذه التطورات استحداث علاجات حقن طويلة المفعول، مما يخفف بشكل كبير على المرضى عبء تناول الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم يوميًا ويوفر لهم راحة أكبر. ولا تقتصر هذه الابتكارات الحديثة على تحسين الالتزام بالعلاج فحسب، بل تسهم في تحقيق نتائج أفضل للمرضى.
بالإضافة إلى ذلك، زيادة الوعي بقدرة العلاج الفعال على أن يكون وسيلة وقائية مهمة، حيث يقلل بشكل كبير من خطر انتشار المرض في حال تمت إدارته بكفاءة. فهذه الفوائد المزدوجة، التي تجمع بين العلاج والوقاية، تُحدث تحولًا جذريًا في أساليب معالجتنا لفيروس نقص المناعة البشري وتعزيز سبل الوقاية منه في المنطقة والعالم.
بجانب التجارب السريرية في مراحل تطوير الدواء الأولية، هناك الخبرات العملية.
كيف تسهم الخبرات العملية والتعامل مع المرضى في التطوير المستمر للرعاية المقدمة للمرضى؟
تلعب البيانات المستمدة، والدراسات القائمة على الملاحظة، إلى جانب نتائج التجارب السريرية المستمرة، دورًا مهمًا في صياغة الإرشادات العلاجية وتحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة إلى المرضى. وهنا في دول الخليج، اكتسبنا خبرات عميقة في التعامل مع أحدث علاجات فيروس نقص المناعة البشرية، والتي أثبتت فعاليتها وسلامتها، كما تتميز بقدرة المرضى على تحملها جيدًا، مما يوفر مرونة أكبر في استخدامها ضمن الخطط العلاجية.
ومن خلال تحليل نتائج هذه البيانات، يمكننا تحسين بروتوكولات الرعاية باستمرار، وفهم احتياجات المرضى بشكل أفضل، فضلاً عن ضمان تحسين الرعاية واستجابتها للتحديات المتغيرة، بما يسهم في تحقيق الأهداف 95-95-95، التي حددها برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشري.
ما أهمية العلاجات الوقائية قبل التعرض للعدوى وما هو دور التوعية الصحية؟
ما تزال الوقاية تمثل الأداة الأقوى والأكثر فاعلية للتصدي لفيروس نقص المناعة البشري. وعلى الرغم من أن العلاجات الحالية فعالة للغاية، إلا أن التركيز الأساسي يجب أن يتمحور حول الوقاية من العدوى.
فالعلاج الوقائي قبل التعرض للعدوى (PrEP) يُعد إجراءً وقائيًا حيويًا، لا سيما للفئات المعرضة لخطر الإصابة، وقد أثبت فعاليته العالية في الحد من احتمالية انتقال العدوى. وبذات القدر من الأهمية، تبرز الحاجة إلى التوعية الصحية ورفع مستوى الوعي بطرق انتقال العدوى.
هل لكِ أن تشرحي لنا الفرق بين العلاج باستخدام مضادات الفيروسات والسيطرة على الفيروس؟
يشير العلاج المضاد للفيروسات إلى الأدوية التي تستهدف الفيروس مباشرةً، وتعمل على خفض عدد جزيئاته الموجودة داخل الجسم. أما بالنسبة للسيطرة على الفيروس، فهو النتيجة التي نسعى لتحقيقها عندما تصل فيها كمية الفيروس إلى مستويات يتعذر اكتشافها بسبب قلة أعداده في الدم. وبمجرد أن تصل كمية الفيروس إلى هذا المستوى المنخفض جدًا في الدم إلى الحد الذي يتعذر فيه اكتشافه، فإن الفيروس في الوقت ذاته يصبح غير قابل للانتقال، أي لا يمكن أن ينتقل إلى الآخرين.
بعبارةٍ أخرى، العلاج بمضادات الفيروسات هو الأداة، والسيطرة على الفيروس هو الهدف. ولهذا، فإن الوصول إلى السيطرة على الفيروس يُعد أمرًا حيويًا ليس فقط لصحة الفرد، بل أيضًا للحد من انتقال العدوى وتعزيز الصحة العامة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك