العدد : ١٧١٦٥ - السبت ٢٢ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٦٥ - السبت ٢٢ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ رمضان ١٤٤٦هـ

الثقافي

الكاتبة الروائية صباح عبدالله لثقافي أخبار الخليج:
رواية «ترمي بشرر» للروائي عبده خال كانت نافذة عبور على عالم الروايات

السبت ٢٢ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

‭ ‬حاورتها‭: ‬مسعدة‭ ‬اليامي

 

تقرأ‭ ‬بشغف‭ ‬وقد‭ ‬تصل‭ ‬قراءتها‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬إلى‭ (‬100‭) ‬كتاب‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مع‭ ‬الخبرة‭ ‬والوعي‭ ‬والإدراك‭ ‬أصبحت‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الكيف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الكم‭. ‬لها‭ ‬تجربة‭ ‬مع‭ ‬الكتب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قراءتها‭ ‬وكتابة‭ ‬المقالات‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬حتى‭ ‬جمعت‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬أجدان،‭ ‬وتقدم‭ ‬اللقاءات‭ ‬الافتراضية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صالون‭ ‬بوح‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬حاليا‭ (‬100‭) ‬لقاء‭ ‬وصدر‭ ‬لها‭ ‬مؤخراً‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬مدينة‭ ‬الكتب‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬معرض‭ ‬الرياض‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬تجوب‭ ‬أرجاء‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معارض‭ ‬الكتب‭ ‬العديدة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬سعت‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬شريكا‭ ‬أدبيا‭ ‬مع‭ ‬المقاهي‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬السعودية،‭ ‬تقدم‭ ‬برامج‭ ‬ثقافية‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬التنوع‭ ‬الإبداعي‭ ‬والثراء‭ ‬الفكري‭ ‬المعرفي‭. ‬ضيفة‭ ‬اللقاء‭ ‬الروائية‭ ‬السعودية‭ ‬صباح‭ ‬عبدالله‭.‬

مدينة‭ ‬الكتب‭ ‬كيف‭ ‬خطرت‭ ‬لك‭ ‬الفكرة؟‭ ‬وهل‭ ‬تشاركت‭ ‬الرأي‭ ‬مع‭ ‬أحد؟

‭- ‬بداية‭ ‬كانت‭ ‬الفكرة‭ ‬هلامية‭ ‬غير‭ ‬واضحة‭ ‬الملامح،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬قراءتي‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬مزرعة‭ ‬الحيوان‮»‬‭ ‬لجورج‭ ‬أوريل،‭ ‬اتضحت‭ ‬معالم‭ ‬أدب‭ ‬الرمزيات،‭ ‬وأصبحت‭ ‬مولعة‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬مشابهة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مقروءة‭ ‬أو‭ ‬مرئية‭ ‬لأترصّد‭ ‬طريقة‭ ‬الكتابة‭ ‬وأستلهم‭ ‬أفكارا‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬المألوف،‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬آراء‭ ‬الآخرين‭ ‬فغالبا‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أشاركهم‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬النتائج‭ ‬وليس‭ ‬الأفكار‭ ‬وخصوصا‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬غرائبية‭.‬

ذكرت‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬أن‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬ترمي‭ ‬بشرر‮»‬‭ ‬للروائي‭ ‬عبده‭ ‬خال‭ ‬قد‭ ‬أثرت‭ ‬فيك‭. ‬ما‭ ‬نوع‭ ‬ذلك‭ ‬الأثر؟‭ ‬وإلى‭ ‬ماذا‭ ‬أخذك؟

‭- ‬فعلاً‭ ‬ذلك‭ ‬الكتاب‭ ‬كان‭ ‬نافذة‭ ‬عبوري‭ ‬نحو‭ ‬عالم‭ ‬الروايات،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬متعمقة‭ ‬في‭ ‬نوعية‭ ‬كتب‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬للخيال‭ ‬واللغة‭ ‬الأدبية‭ ‬بصلة،‭ ‬ومن‭ ‬جمال‭ ‬الصدف‭ ‬أن‭ ‬أقرأ‭ ‬عملاً‭ ‬مشابهاً‭ ‬لواقع‭ ‬عشته‭ ‬بتفاصيله‭ ‬المكانية‭ ‬والزمانية،‭ ‬مما‭ ‬جعلني‭ ‬أقع‭ ‬في‭ ‬غرام‭ ‬فن‭ ‬السرد‭ ‬الساحر،‭ ‬ذلك‭ ‬الأدب‭ ‬الذي‭ ‬أشبهه‭ ‬بمؤامرة‭ ‬محبوكة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المؤلف‭ ‬بموافقة‭ ‬القارئ‭ ‬للتسلل‭ ‬بلطف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الحكاء‭ ‬الصغير‮»‬‭ ‬في‭ ‬أعماقه‭ ‬وتفعيل‭ ‬خياله‭ ‬المنسي‭ ‬بين‭ ‬ركام‭ ‬المنطق‭ ‬والمعقول،‭ ‬وبإعطائه‭ ‬قوى‭ ‬سحرية‭ ‬خارقة‭ ‬تتيح‭ ‬له‭ ‬السفر‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬المكان‭ ‬والزمان‭ ‬والحديث‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭.. ‬القتلة‭ ‬والمختلين‭ ‬والنوافذ‭ ‬والحشرات‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬انقطاعات‭ ‬الموت‭ ‬لجوزيه‭ ‬ساراماغو،‭ ‬لقد‭ ‬وجدت‭ ‬فيه‭ ‬غايتي‭ ‬حين‭ ‬وجدت‭ ‬فيه‭ ‬حل‭ ‬المعادلة‭ ‬الأصعب‭ ‬وهي‭: ‬كيف‭ ‬نمنطق‭ ‬الجنون؟

عندما‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنك‭ ‬جاهزة‭ ‬لكتابة‭ ‬رواية‭.. ‬ماذا‭ ‬فعلتِ؟

‭- ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬شعور‭ ‬الجاهزية‭ ‬حاضراً‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬إصدار‭ ‬الرواية،‭ ‬لأني‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تعلم‭ ‬مستمر‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة،‭ ‬لكن‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ (‬مدينة‭ ‬الكتب‭) ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬12‭ ‬مسودة‭ ‬كتبت‭ ‬وشطبت‭ ‬خلال‭ ‬تعلم‭ ‬اساسيات‭ ‬الكتابة‭ ‬السردية‭ ‬ومحاولة‭ ‬تطبيق‭ ‬ما‭ ‬درسته‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬ودورات‭ ‬وورش‭ ‬عمل‭ ‬عديدة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬بحث‭ ‬مطول‭ ‬وقراءة‭ ‬فاحصة‭ ‬لكل‭ ‬رواية‭ ‬أو‭ ‬عنوان‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الكتب‭ ‬والمكتبات،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬أقع‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬التقليد‭ ‬أو‭ ‬التكرار‭ ‬ولأتمكن‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬حصر‭ ‬مبسط‭ ‬لما‭ ‬لم‭ ‬يقل‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭.‬

ما‭ ‬مدى‭ ‬قناعتك‭ ‬بالورش‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬للرواية؟‭ ‬وبماذا‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬الدورات‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬خلالها؟

‭- ‬الورش‭ ‬التدريبة‭ ‬عموما‭ ‬مهمة‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬يتقن‭ ‬مهارة‭ ‬التعليم‭ ‬الذاتي‭ ‬ويحتاج‭ ‬الى‭ ‬مساعدة‭ ‬شخص‭ ‬يسهل‭ ‬عليه‭ ‬فهم‭ ‬المعلومة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الرواية‭ ‬الأمر‭ ‬مختلف،‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬نذهب‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المعلومة‭ ‬فهي‭ ‬متاحة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجربة‭ ‬الروائي‭ (‬المدرب‭) ‬ومعرفة‭ ‬كواليس‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬وخلال‭ ‬وبعد‭ ‬إصدار‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬أدبي،‭ ‬فمحاكاة‭ ‬الإلهام‭ ‬ورؤية‭ ‬الصانع‭ ‬متجسداً‭ ‬أمامنا‭ ‬بصورته‭ ‬الحقيقة‭ ‬دون‭ ‬تكلف‭ ‬أو‭ ‬زخم‭ ‬إعلامي‭ ‬أمر‭ ‬فارق‭ ‬بلا‭ ‬شك‭.‬

على‭ ‬ألسنة‭ ‬الكتب‭ ‬عشنا‭ ‬الحب‭ ‬والمرض‭ ‬والخداع‭ ‬والطيبة‭.. ‬كيف‭ ‬عشت‭ ‬وتعايشت‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬الخيال؟

‭ - ‬الحب‭ ‬والخذلان،‭ ‬الطيبة‭ ‬والخداع‭ ‬هي‭ ‬مشاعرنا‭ ‬الإنسانية‭ ‬الحقيقة‭ ‬لكن‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬دون‭ ‬تصريح‭ ‬كان‭ ‬التحدي‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ليّ‭ ‬عُنق‭ ‬المآرب‭ ‬الدفينة‭ ‬باستنطاق‭ ‬جمادات‭ ‬تشاركنا‭ ‬حياتنا،‭ ‬والتواري‭ ‬خلف‭ ‬جدار‭ ‬فانتزيا‭ ‬جمادات‭ ‬لشدة‭ ‬قربنا‭ ‬منها‭ ‬أصبحنا‭ ‬نراها‭ ‬كائنات‭ ‬تشعر‭ ‬تتكلم‭ ‬وتتألم‭.‬

الكتب‭ ‬كانت‭ ‬تصرخ‭ ‬وتبكي‭ ‬ولها‭ ‬زفرات‭ ‬وأنين‭ ‬ومكانة‭ ‬ومخاوف‭ ‬وتشبيهات‭ ‬تلامس‭ ‬الاجرام‭ ‬والتعدي‭ ‬والعنف‭ ‬وآلة‭ ‬مجزرة‭ ‬وغيرها‭.. ‬حدثينا‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الغرائبية؟

قد‭ ‬يبدو‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الاجرام‭ ‬والعنف‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬بطريقة‭ ‬تلقائية‭ ‬ومباشرة‭ ‬أمراً‭ ‬مبتذلاً‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬أصعدة‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬تضارب‭ ‬مع‭ ‬حدود‭ ‬العائلة‭ ‬والمجتمع‭ ‬وغيرها،‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ "‬جنون‭ ‬الخيال‭" ‬هو‭ ‬الملاذ‭ ‬الآمن‭ ‬للصراخ‭ ‬والبكاء‭ ‬والاحتجاج‭ ‬دون‭ ‬قلق‭ ‬من‭ ‬تعددية‭ ‬التأويلات‭ ‬والعواقب،‭ ‬يظهر‭ ‬ذلك‭ ‬جلياً‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الكاتب‭ ‬النمساوي‭ ‬فرانسيس‭ ‬كافكا‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬رفضه‭ ‬لواقعه‭ ‬المختل‭ ‬وعبر‭ ‬بشعوره‭ ‬العميق‭ ‬بالألم‭ ‬والازدراء‭ ‬الذي‭ ‬تلبّسه‭ ‬جراء‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعانيه‭ ‬من‭ ‬محيطه،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬سردية‭ ‬بسيطة‭ ‬وضعها‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬حشرة‭ ‬عملاق‭ ‬ترتدي‭ ‬بدلة‭ ‬وتريد‭ ‬الذهاب‭ ‬للعمل‭!‬

شخصية‭ ‬اقتباسات‭ ‬هي‭ ‬صباح‭ ‬عبد‭ ‬الله؟

‭ - ‬كل‭ ‬شخصية‭ ‬في‭ ‬الرواية‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬صباح‭ ‬عبدالله،‭ ‬واقتباسات‭ ‬تمثل‭ ‬الكوميديا‭ ‬السوداء‭ ‬بلا‭ ‬شك‭.‬

ماذا‭ ‬تقولين‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬أنسنه‭ ‬الكتب؟‭ ‬

‭- ‬أنسنة‭ ‬الجمادات‭ ‬والكائنات‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬ليست‭ ‬فكرة‭ ‬رائدة،‭ ‬فقديماً‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬كليلة‭ ‬ودمنة‭ ‬لابن‭ ‬المقفع،‭ ‬وحديثا‭ ‬لدينا‭ ‬رواية‭ ‬معجم‭ ‬الأشياء‭ ‬لنذير‭ ‬الزعبي‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير،‭ ‬لكن‭ ‬اختياري‭ ‬للكتب‭ ‬دوناً‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الجمادات‭ ‬بسبب‭ ‬اتصالي‭ ‬وحبي‭ ‬الكبير‭ ‬لها‭ ‬ومعرفتي‭ ‬بتفاصيلها‭ ‬الدقيقة‭. ‬

حرق‭ ‬الكتب‭ ‬بمدينة‭ ‬الكتب‭ ‬كأنك‭ ‬تنبشين‭ ‬الأحداث‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬خلالها‭ ‬أُحرقت‭ ‬وأُغرقت‭ ‬الكتب‭ ‬في‭ ‬أزمنة‭ ‬وحقب‭ ‬بعيدة‭.. ‬فما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬ذلك؟

‭- ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬التأويلات‭ ‬التي‭ ‬سمعتها‭ ‬وسعدت‭ ‬بها‭ ‬كثيراً‭ ‬بهذا‭ ‬الأثر‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬العمل‭ ‬اذ‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬عبور‭ ‬حدود‭ ‬الزمن‭ ‬ليلامس‭ ‬ذلك‭ ‬الجزء‭ ‬التاريخي‭ ‬المهم‭ ‬للكتب‭ ‬والمكتبات‭.‬

أنت‭ ‬عاشقة‭ ‬كتب‭.. ‬أين‭ ‬مكان‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬قلبك؟‭ ‬وكم‭ ‬رواية‭ ‬تقرئين‭ ‬بالسنة؟‭ ‬وهل‭ ‬أنتِ‭ ‬تميلين‭ ‬للرواية‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬العالمية؟‭ ‬وما‭ ‬الأسباب؟

‭- ‬صحيح‭ ‬رحلتي‭ ‬القرائية‭ ‬بدأت‭ ‬من‭ ‬الطفولة‭ ‬لكن‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أني‭ ‬حديثة‭ ‬عهد‭ ‬بالرواية‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬عمرية‭ ‬متأخرة،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬استحوذت‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬قراءاتي‭ ‬لاحقاً،‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬الكتب‭ ‬فكنت‭ ‬سابقاً‭ ‬أحرص‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬لحد‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬القراءات‭ ‬بما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬100‭ ‬كتاب‭ ‬سنوياً‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬رحلة‭ ‬وعي‭ ‬وإدراك،‭ ‬وجّهت‭ ‬بوصلتي‭ ‬نحو‭ ‬المتعة‭ ‬وعمق‭ ‬الأثر‭ ‬ولم‭ ‬أعد‭ ‬أهتم‭ ‬حاليا‭ ‬بفكرة‭ (‬الكم‭) ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬أقرأ‭ ‬أي‭ ‬رواية‭ ‬أحاول‭ ‬جاهدة‭ ‬أن‭ ‬أتجرد‭ ‬من‭ ‬سطوة‭ ‬التصنيفات‭ (‬اسم‭ ‬الكاتب‭ ‬الدار،‭ ‬الدولة،‭ ‬الترجمة‭ - ‬تقييمات‭ ‬القراء،‭ ‬الجوائز‭) ‬كلها‭ ‬أمور‭ ‬شكلت‭ ‬ضغطا‭ ‬غير‭ ‬محسوس‭ ‬أفقدني‭ ‬لفترة‭ ‬نشوة‭ ‬القراءة‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬الرواية‭ ‬العالمية‭ ‬أو‭ ‬العربية‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬خير،‭ ‬العربية‭ ‬أفضلها‭ ‬لعذوبة‭ ‬اللغة‭ ‬الأدبية‭ ‬وارتباطها‭ ‬ببيئتي‭ ‬ومجتمعي،‭ ‬أما‭ ‬العالمية‭ ‬فاتسامها‭ ‬بعمق‭ ‬الأفكار‭ ‬والشخصيات‭ ‬والمواضيع‭ ‬جعلها‭ ‬مفضلة‭ ‬لدي‭ ‬كذلك‭.‬

النقد‭ ‬حياة‭ ‬لأي‭ ‬عمل‭ ‬فماذا‭ ‬تقولين‭ ‬عن‭ ‬ذلك؟‭ ‬وهل‭ ‬تأملين‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬أوراق‭ ‬نقدية‭ ‬في‭ ‬روايتك؟

‭- ‬صحيح‭ ‬أتفق،‭ ‬النقد‭ ‬أداة‭ ‬تطوير‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬وضرورية‭ ‬لاستمرارية‭ ‬تألق‭ ‬المبدع،‭ ‬وصقل‭ ‬مهاراته‭ ‬وإنتاج‭ ‬المزيد‭ ‬بجودة‭ ‬أفضل،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬أنادي‭ ‬وآمل‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬أوراق‭ ‬نقدية‭ ‬لمَا‭ ‬كتبت‭. ‬

الكاتب‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هرم‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ (‬المعرفي،‭ ‬النفسي،‭ ‬المادي‭) ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬ذلك؟

‭- ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بذلك‭ ‬إذا‭ ‬وصل‭ ‬الكاتب‭ ‬الى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاحترافية‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬ولتوضيح‭ ‬ما‭ ‬أعنيه‭ ‬بالكاتب‭ ‬المحترف،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ينشر‭ ‬أعمالا‭ ‬تقرأ‭ ‬وتباع‭ ‬وتحقق‭ ‬له‭ ‬مصدر‭ ‬دخل‭ ‬جيد‭ ‬يؤمن‭ ‬له‭ ‬حياة‭ ‬كريمة،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬نادر‭ ‬الحدوث‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬إذ‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الكتاب‭ ‬يشغلون‭ ‬وظائف‭ ‬أخرى‭ ‬والكتابة‭ ‬مجرد‭ ‬شغف‭ ‬أو‭ ‬هواية‭ ‬لا‭ ‬تؤخذ‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد‭ ‬إلا‭ ‬اذا‭ ‬حققت‭ ‬أعماله‭ ‬مردوداً‭ ‬طيباً‭ ‬أو‭ ‬جائزة‭ ‬مرموقة،‭ ‬وحتى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬يظل‭ ‬الكاتب‭ ‬يتأرجح‭ ‬بين‭ ‬الرجاء‭ ‬واليأس‭ ‬ليقرأ‭ ‬له‭ ‬وفي‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬له‭ ‬جزء‭ ‬مما‭ ‬أنفقه‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬وجهد‭ ‬ومال‭.‬

كيف‭ ‬يحمي‭ ‬الكاتب‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬شَعرة‭ ‬الغرور‭ ‬وحمى‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬وجود‭ ‬آراء‭ ‬لا‭ ‬ترضيه؟

‭- ‬بتبني‭ ‬فكرة‭ ‬فصل‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬بمجرد‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬النشر،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬يسلم‭ ‬بفكرة‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬أصبح‭ ‬ملكا‭ ‬عاما‭ ‬للجمهور‭ ‬أُعطِي‭ ‬ضوءا‭ ‬أخضر‭ ‬لقراءته‭ ‬وبالتالي‭ ‬مناقشته،‭ ‬تأويله،‭ ‬نقده،‭ ‬الحكم‭ ‬عليه،‭ ‬تمجيده‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬كرهه،‭ ‬واعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬مؤشرات‭ ‬لقياس‭ ‬أدائه‭ ‬وضبط‭ ‬بوصلته‭ ‬الابداعية‭ ‬نحو‭ ‬الوجهة‭ ‬الصائبة‭.‬

‭ ‬الكتابة‭ ‬حالة‭ ‬إنسانية‭ ‬أم‭ ‬إنها‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬انتصار‭ ‬المرأة‭ ‬للمرأة‭ ‬والرجل‭ ‬للرجل؟

‭- ‬هي‭ ‬حالة‭ ‬إنسانية‭ ‬تنتصر‭ ‬فيها‭ ‬المرأة‭ ‬للمرأة‭ ‬وينتصر‭ ‬فيها‭ ‬الرجل‭ ‬للرجل،‭ ‬وننتصر‭ ‬فيها‭ ‬لذواتنا‭ ‬وأحلامنا‭ ‬المودة‭.‬

في‭ ‬نهاية‭ ‬اللقاء‭ ‬بم‭ ‬تبوحين‭ ‬لجمهورك‭ ‬وقراءك؟

‭- ‬أقول‭: ‬إن‭ ‬الجماهير‭ ‬أنواع‭ ‬لكن‭ ‬أفضلهم‭ ‬وأصعبهم‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬جمهور‭ ‬القراء‭ ‬والمثقفين،‭ ‬وقد‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬جمهوري‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يختارني،‭ ‬لأني‭ ‬أرى‭ ‬في‭ ‬انعكاسهم‭ ‬مرآة‭ ‬واقع‭ ‬حقيقي‭ ‬واستقراء‭ ‬مستقبل‭ ‬قادم،‭ ‬دمتم‭ ‬أيها‭ ‬القراء‭ ‬أعزاء‭ ‬ونخبة‭.‬

كاتبة‭ ‬وإعلامية‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا