الكواليس

وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
رمضان كريم
الله موجود دائما وأبدا، جملة أحب أن أقولها دائما ولكنني أصبحت أكررها كثيرا في شهر رمضان بالذات، لأنني اكتشفت كمًّا من الناس المليئة بالتناقضات والتصرفات الغريبة، وكأنهم يخلعون عباءة يلبسونها طوال السنة ليلبسوا عباءة جديدة مختلفة ومتناقضة مدة شهر فقط وتتحول شخصياتهم إلى تقاة وملائكة ثم يخلعون العباءة الورعة أول يوم عيد.
المصيبة أن الذين يتحولون إلى شيوخ دين وتقاة رمضان ينسون أنهم يعيشون معنا ونعلم بكل أفعالهم وأفكارهم وتصرفاتهم، بل يصدقون أنفسهم ويبدؤون في نصح ومحاولة إرشاد الناس وكأنهم بالفعل ملائكة نزلت من السماء في هذا الشهر عملها الوحيد إرجاع الناس الى دين الله وكأنهم يرجعون بالزمن إلى أيام وزمن كفار قريش.
إحدى الصديقات، ما إن يبدأ رمضان حتى تتحول بقدرة قادر إلى داعية للخير والتسامح، وما إن تلبس العباءة والحجاب حتى تطلب من الجميع أن يفعلوا مثلها وإلا فهم مخطئون ولا يحترمون الشهر الفضيل، فلو داومت زميلاتها بلا عباءة وحجاب كالعادة تتحول إلى رابعة العدوية وتستغفر طوال أيام رمضان وتبدأ بنصحها ومحاولة إدخالها الإسلام الذي لا تعرفه هي أصلا إلا في رمضان، ولو لم تسمع نصيحتها تتحول الى عدوتها وتخاصمها في شهر رمضان فقط، مع العلم أنها في أول عشرين من ليالي رمضان تخلع الحجاب عادي وتذهب للغبقات والعزايم والكوفي شوبات بكامل زينتها وكل ذهبها ولكن بالعباءة المطرزة (لكي لا تظلمها)، ثم تعتكف في العشر الأواخر وتتفرغ للعبادة! ما هذا التناقض يا ناس؟
صديقة أخرى تحولت منذ أول يوم رمضان إلى الداعية عمر خالد في القروب وأصبحت لا ترسل إلا مواعيد الصلاة وأدعية ومقاطع إسلامية، أما نحن الباقي فلم نتغير، حيث إن القروب منوع نضع فيه المواضيع الإسلامية والأدوية والنكت والفيديوهات المتنوعة فكانت في البداية تكتب كلمة أستغفر الله على كل موضوع أو فيديو غير إسلامي، استغربنا من هذا التحول الغريب والمفاجئ في فجر أول يوم رمضان، ولكننا لم نعر الموضوع أهمية كبيرة ولكنها تمادت وأصبحت تنتقد كل من تضع أي فيديو فيه أي نوع من الترفيه، وكأن نهار رمضان يعني عدم الضحك أو سماع أي نوع من الأغاني أو أي شيء غير ديني وعندما سكتنا عنها، تمادت الداعية وأصبحت تنتقد بأسلوب مستفز، وذلك عندما قالت لإحدى الصديقات ما هذا الكفر وعدم الاحترام لشهر رمضان بدل الأدعية تنشرين مقطعا لمسلسل كوميدي في نهار رمضان يا كافرة، لترد عليها صديقتنا (اللي بيته من زجاج لا يحذف الناس بالحجارة)، شكلج نسيتي أن شهر رمضان هو شهر التسامح والغفران وأنت صار لج 3 سنوات مخاصمة أختك؟ كما أنك السبب المباشر تقريبا لموت أمك بعد أن دخلت عليها وهي على سرير المرض قبل شهور قليلة من رمضان وقلبت عليها كل أخواتك وصرختم وشتمتم في جنتكم وناركم (أمكم) لأنها فقط تنازلت بحقها في البيت لأخوكم الوحيد الذي كان يرعاها طوال حياتها، فزاد عليها المرض لتموت بحسرتها بعد أن قاطعتموها، وكانت تترجى شوفتكم، وشكلك نسيتي أنك خاصمت أخوك الوحيد وأعلنت الحرب عليه لأنه قبل تنازل أمكم عن البيت مع أنه يستحقها بعد أن كان يدفع كل مصاريف علاج أمكم المريضة من دون أن تساعدوه؟ فهل رمضان بالنسبة إليك أدعية وقراءة قرآن فقط أما تسامح وغفران وقلب نقي وعدم قطع الرحم؟
المصيبة أن شياطين الأرض هم من يتحولون بالشكل أو الأفعال في رمضان، أما المؤمنون الحقيقيون فهم من يتعاملون مع شهر رمضان بالحب والتسامح الحقيقي من دون زيف ولا مبالغة.
نعم الله موجود دائما في رمضان ومحرم وصفر وذو الحجة فلا داعي للتناقض في الشكل والمضمون وزيف المشاعر خلال شهر رمضان فقط، لأن الطيبة والغفران وحب الناس مطلوبة طوال العام وليس خلال شهر فقط.
إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك