يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
الأسلحة بلا عقيدة أو أيديولوجية
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون قال في خطاب ألقاه مؤخرا في جامعة معنية بتدريب كبار الضباط والمسؤولين العسكريين: «الأسلحة من دون أيديولوجية ليست سوى قطع حديدية بلا قيمة».
وأوضح ما يقصده بالقول إن «بناء الجيش ينبغي أن يمنح الأولوية دائماً لجعل الجيش قوياً سياسياً وأيديولوجياً وأخلاقياً قبل أن يكون قوياً عسكرياً ذلك أن التفوق الأيديولوجي والأخلاقي هو ما يمنح الجيش تفوقه النوعي، وليس مجرد امتلاك ترسانة من الأسلحة».
بغض النظر عن العقيدة السياسية والأيديولوجية التي يتبناها نظام كوريا الشمالية والتي يقصدها بالطبع والموقف منها، فإن ما قاله صحيح تماما من حيث المبدأ بشكل عام. هو صحيح سواء تعلق الأمر بالجيوش والقوة العسكرية، أو تعلق بإمكانيات وقدرات أي دولة أو مجموعة من الدول.
الجيوش بلا عقيدة عسكرية واضحة تحدد رسالتها ومهامها وما تدافع عنه من قيم ومبادئ ومصالح وطنية وما تواجهه من أعداء ومصادر للخطر يجب أن تكون مستعدة دوما له.. من دون هذا ستظل جيوشا ضعيفة مهما امتلكت من أسلحة ومعدات وقدرات عسكرية.. ستبقى هذه الأسلحة معطلة بلا قيمة كبيرة.
والدولة، أي دولة، مهما امتلكت من قدرات وإمكانيات عسكرية واقتصادية وسياسية واجتماعية وموارد طبيعية أو أيا كانت، ستبقى قدراتها معطلة إن لم تكن هناك رؤية استراتيجية وطنية واضحة ومحددة المعالم لدى الدولة.
أي دولة يجب أن تكون لديها رؤية استراتيجية واضحة لكيفية حشد واستخدام الإمكانيات والقدرات الاستخدام الأمثل، ومن أجل أي أهداف وغايات وطنية، وما هي الأولويات، والخطط لتحقيق ذلك.. وهكذا.
هذه الرؤية الاستراتيجية لابد أن تستند بالضرورة إلى قناعات سياسية محددة تتعلق بقضايا جوهرية في مقدمتها، الموقف من العدل الاجتماعي، والاستقلال الوطني، وطبيعة المشاركة السياسية، وطبيعة عملية التنمية.. الخ.
من دون امتلاك هذه الرؤية لن تبقى الإمكانيات والقدرات معطلة فقط، ولكن قد يساء استخدامها وهدرها.
وإذا نظرنا إلى حال الدول العربية اليوم سندرك فورا صحة هذا.
البحرين مثلا إمكانياتها محدودة مقارنة بدول عربية كثيرة، ولكن لأن لدى قيادة البحرين هذه الرؤية الاستراتيجية بالمعنى الذي تحدثنا عنه، فقد استطاعت تحقيق إنجازات كبرى في مختلف المجالات واستخدام الموارد والإمكانيات الاستخدام الأمثل قدر الإمكان.
دول عربية مثل السودان أو العراق أو ليبيا تمتلك إمكانيات أكبر من البحرين بكثير لكن انظر إلى ما انتهى إليه حال هذه الدول.
وما يصح بالنسبة للدولة، يصح بالنسبة لأي مجموعة من الدول مجتمعة. والدول العربية أبرز مثال على هذا.
الدول العربية كمجموعة من الدول تنتمي إلى وطن عربي تجمعها روابط كثيرة، تمتلك معا قدرات وإمكانيات هائلة.
تمتلك الموقع العالمي الاستراتيجي.
وتمتلك إمكانيات اقتصادية ومالية مهولة.
وتمتلك رصيدا بشريا هائلا تجمعه روابط عروبية واحدة.
وتمتلك رابطة الانتماء القومي العربي التي تمثل في حد ذاتها مصدر قوة كبيرا.
كل هذه القدرات والإمكانيات للدول العربية مجتمعة كفيلة بأن تجعلها أكبر قوة في العالم وتنهض بأوضاع كل شعوبها. لكن ليس هذا هو الحال كما نعلم. والسبب أنه لا توجد رؤية استراتيجية عربية بضرورة حشد واستغلال هذه الامكانيات العربية مجتمعة، ولهذا هي قدرات معطلة.
وسوف تبقى هذه القدرات والإمكانيات العربية الجماعية معطلة ما لم ترتبط برؤية استراتيجية عربية تقوم أولا على الإيمان بضرورة التوحد والتكامل العربي كهدف استراتيجي، وتقوم على وجود إرادة عربية أصلا لتحقيق هذا التكامل وبناء قوة عربية موحدة قادرة.
وهكذا الأمر كما قال زعيم كوريا الشمالية فعلا.. أسلحة بلا عقيدة وأيديولوجية وطنية وولاء وطني، مجرد قطع من الحديد.. إمكانيات وقدرات من دون رؤية استراتيجية ستبقى معطلة.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك