يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
.. ولا اعتبار للعرب
الدعم والانحياز الأمريكي لإسرائيل أحد أكبر ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية في عهد كل الإدارات، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية. هذا الدعم والانحياز هو أصلا ركن أساسي من أركان الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
لهذا ليس غريبا أن تنحاز إدارة ترامب إلى إسرائيل وتدعمها بكل هذه القوة.
لكن إدارة ترامب ذهبت بعيدا جدا في دعمها لإسرائيل بشكل غير مسبوق على الإطلاق. يكفي هنا أن إدارة ترامب تدعم أشنع صور الإبادة الجماعية الوحشية التي تمارسها إسرائيل في غزة، وتؤيد تأييدا أعمى كل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم.
القضية الملفتة هنا أن إدارة ترامب في كل ما تفعله وما تقرره من سياسات ومواقف في الوقت الحاضر تتصرف وكأن العرب ليس لهم وجود بالنسبة إليها. لا تضع أي أهمية ولا أي اعتبار للعرب ومواقفهم وحتى مشاعرهم.
يكفي أن نتأمل هنا تطورين خطيرين أقدمت عليهما إدارة ترامب في الفترة القليلة الماضية.
التطور الأول: قرار إدارة ترامب بعدم منح تأشيرات للوفد الفلسطيني ومنعه من حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي من المتوقع أن يكون إعلان العديد من الدول الاعتراف بالدولة الفلسطينية على رأس موضوعاتها.
دعك من أن هذا القرار خرق لالتزامات أمريكا القانونية الدولية كدولة المقر للأمم المتحدة، لنتأمل ماذا يعني؟
مفهوم أن امريكا تسعى بكل السبل إلى إفشال أي تحرك دولي في اتجاه إقرار حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية وتعتقد أن منع الوفد الفلسطيني من المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة خطوة مهمة في هذا الاتجاه. هذا قمة الانحياز لإسرائيل ومشروعها الصهيوني الرامي إلى وأد القضية الفلسطينية نهائيا وعدم السماح بقيام دولة فلسطينية باي شكل.
الأمر المهم هنا أن أمريكا بما فعلته على هذا النحو لم تعط أي اهتمام أو اعتبار للدول العربية والشعوب العربية، ولم تراع لهم أي مشاعر على الإطلاق. إدارة ترامب تعلم أن القضية الفلسطينية بالنسبة إلى كل العرب قضيتهم الأولى. لكن هذا لا يعني إدارة ترامب في شيء ولا تريد حتى أن تسمح للصوت العربي بأن يعلو في الجمعية العامة عن فلسطين.
التطور الثاني: التقارير التي تحدثت في الأيام القليلة الماضية عن خطة أمريكية تم إعدادها أو يجري إعدادها لمستقبل قطاع غزة. هذه الخطة التي تمت مناقشتها مؤخرا في اجتماع ضم ترامب وتوني بلير وكوشنر.
التفاصيل التي تسربت عن الخطة تؤكد أنها نفس الخطة التي سبق أن طرحها ترامب التي تتلخص في السيطرة الأمريكية على غزة وتهجير الفلسطينيين، التي لقيت رفضا عربيا وعالميا واسعا.
إدارة ترامب تعلم أن الدول العربية والإسلامية أقرت خطة شاملة لإعادة إعمار غزة بعد الحرب ولحكم غزة. لكن الإدارة تتصرف على اعتبار أنه لا وجود لهذه الخطة ولا أهمية لها ولا لموقف الدول العربية.
القضية هنا أن الإدارة الأمريكية حين تبحث وتقرر مستقبل غزة على النحو الذي تريده وتريده سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تهتم إطلاقا بأخذ الخطة العربية والاسلامية بأي قدر من الاعتبار.
ليس هذا فحسب، الإدارة الأمريكية حين تقرر أمرا مصيريا مثل هذا، لم تهتم بالتشاور مع أي دولة عربية أو أخذ رأيها وموقفها في الاعتبار.
التطوران مجرد مثال لما ذكرناه من أن الإدارة الأمريكية تقرر ما تراه في قضايا تخص العرب وتعتبر مصيرية بالنسبة إليهم من دون أي اعتبار على الإطلاق لمواقف العرب وكأنهم لا وجود لهم. هذا في الوقت الذي تنسق أمريكا كل مواقفها وقراراتها مع إسرائيل وبما من شأنه تمكين الإسرائيليين من تحقيق كل مخططاتهم.
السؤال هنا هو: إذا كان الأمر هو على هذا النحو، فما معنى وجدوى وقيمة العلاقات الوثيقة بين أمريكا وعديد من الدول العربية التي توصف بأنها علاقات استراتيجية؟
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك