العدد : ١٧٣٣٠ - الأربعاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٠ - الأربعاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

.. ولا اعتبار للعرب

الدعم‭ ‬والانحياز‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬ثوابت‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬كل‭ ‬الإدارات،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬جمهورية‭ ‬أو‭ ‬ديمقراطية‭. ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬والانحياز‭ ‬هو‭ ‬أصلا‭ ‬ركن‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

لهذا‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬تنحاز‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتدعمها‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭.‬

لكن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬ذهبت‭ ‬بعيدا‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬يكفي‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬تدعم‭ ‬أشنع‭ ‬صور‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وتؤيد‭ ‬تأييدا‭ ‬أعمى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ترتكبه‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬جرائم‭.‬

القضية‭ ‬الملفتة‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬وما‭ ‬تقرره‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬ومواقف‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬تتصرف‭ ‬وكأن‭ ‬العرب‭ ‬ليس‭ ‬لهم‭ ‬وجود‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭. ‬لا‭ ‬تضع‭ ‬أي‭ ‬أهمية‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬للعرب‭ ‬ومواقفهم‭ ‬وحتى‭ ‬مشاعرهم‭.‬

‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬نتأمل‭ ‬هنا‭ ‬تطورين‭ ‬خطيرين‭ ‬أقدمت‭ ‬عليهما‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭.‬

التطور‭ ‬الأول‭: ‬قرار‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬بعدم‭ ‬منح‭ ‬تأشيرات‭ ‬للوفد‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ومنعه‭ ‬من‭ ‬حضور‭ ‬اجتماعات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إعلان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬موضوعاتها‭.‬

دعك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬خرق‭ ‬لالتزامات‭ ‬أمريكا‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية‭ ‬كدولة‭ ‬المقر‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لنتأمل‭ ‬ماذا‭ ‬يعني؟

مفهوم‭ ‬أن‭ ‬امريكا‭ ‬تسعى‭ ‬بكل‭ ‬السبل‭ ‬إلى‭ ‬إفشال‭ ‬أي‭ ‬تحرك‭ ‬دولي‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إقرار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتعتقد‭ ‬أن‭ ‬منع‭ ‬الوفد‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭. ‬هذا‭ ‬قمة‭ ‬الانحياز‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ومشروعها‭ ‬الصهيوني‭ ‬الرامي‭ ‬إلى‭ ‬وأد‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬نهائيا‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬بقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬باي‭ ‬شكل‭.‬

الأمر‭ ‬المهم‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬بما‭ ‬فعلته‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬لم‭ ‬تعط‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬أو‭ ‬اعتبار‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية،‭ ‬ولم‭ ‬تراع‭ ‬لهم‭ ‬أي‭ ‬مشاعر‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬العرب‭ ‬قضيتهم‭ ‬الأولى‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬ولا‭ ‬تريد‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬للصوت‭ ‬العربي‭ ‬بأن‭ ‬يعلو‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬عن‭ ‬فلسطين‭.‬

التطور‭ ‬الثاني‭: ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬أمريكية‭ ‬تم‭ ‬إعدادها‭ ‬أو‭ ‬يجري‭ ‬إعدادها‭ ‬لمستقبل‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬مناقشتها‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬ضم‭ ‬ترامب‭ ‬وتوني‭ ‬بلير‭ ‬وكوشنر‭.‬

التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬تسربت‭ ‬عن‭ ‬الخطة‭ ‬تؤكد‭ ‬أنها‭ ‬نفس‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬طرحها‭ ‬ترامب‭ ‬التي‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وتهجير‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬التي‭ ‬لقيت‭ ‬رفضا‭ ‬عربيا‭ ‬وعالميا‭ ‬واسعا‭.‬

إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬أقرت‭ ‬خطة‭ ‬شاملة‭ ‬لإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬ولحكم‭ ‬غزة‭. ‬لكن‭ ‬الإدارة‭ ‬تتصرف‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لهذه‭ ‬الخطة‭ ‬ولا‭ ‬أهمية‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬لموقف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

القضية‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حين‭ ‬تبحث‭ ‬وتقرر‭ ‬مستقبل‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬تريده‭ ‬وتريده‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬إطلاقا‭ ‬بأخذ‭ ‬الخطة‭ ‬العربية‭ ‬والاسلامية‭ ‬بأي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الاعتبار‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حين‭ ‬تقرر‭ ‬أمرا‭ ‬مصيريا‭ ‬مثل‭ ‬هذا،‭ ‬لم‭ ‬تهتم‭ ‬بالتشاور‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬أو‭ ‬أخذ‭ ‬رأيها‭ ‬وموقفها‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭.‬

التطوران‭ ‬مجرد‭ ‬مثال‭ ‬لما‭ ‬ذكرناه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقرر‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬تخص‭ ‬العرب‭ ‬وتعتبر‭ ‬مصيرية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬لمواقف‭ ‬العرب‭ ‬وكأنهم‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لهم‭. ‬هذا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تنسق‭ ‬أمريكا‭ ‬كل‭ ‬مواقفها‭ ‬وقراراتها‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وبما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تمكين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬كل‭ ‬مخططاتهم‭.‬

السؤال‭ ‬هنا‭ ‬هو‭: ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬فما‭ ‬معنى‭ ‬وجدوى‭ ‬وقيمة‭ ‬العلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬توصف‭ ‬بأنها‭ ‬علاقات‭ ‬استراتيجية؟

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا