صدرت الترجمة العربية الجديدة لمسرحية (فجأة في الصيف الماضي) من تأليف الكاتب الأمريكي تنسي وليامز وترجمها الأديب العراقي (محمد سهيل أحمد) المترجم على قفا الكتاب كتب إن تنسي وليامز واونيل وميلر أهم ثلاثة كتاب في تاريخ الدراما الأمريكية في القرن العشرين .ويضاف لهم حسب رأيي (المر رايس، كليفورد اوديتس) وبداية أقول إن من الغريب أن أهم كتاب عربي وثق لنتاجات تنسي وليامز وقدمها نقدياً هو كتاب الدكتور شاكر الحاج الموسوم (تنسي وليامز والاتجاهات الحديثة في المسرح العالمي / اتحاد الكتاب العرب 1997) وأفرد فصله الثالث بعنوان مسرحيات الفصل الواحد في مسرح تنسي وليامز ولم يشر لمسرحية (فجأة في الصيف الماضي) .!! رغم أن هذه ليست الترجمة الأولى للمسرحية فقد ترجمها العراقي المقيم بقطر حاليا (صديق بكر توفيق) عن الدار العربية للموسوعات في لبنان - وترجمها كذلك المصري ميخائيل رومان. إن لحياة الكاتب الأمريكي تأثيرات كبيرة في أعماله المسرحية ابتداءً من عمله بمعمل الأحذية – حارس في سينما– قلقه من الإصابة بالجنون كأخته وأخيه - الإدمان والمخدرات- ويقال إنه كان مثلي الجنس. وقد توفى في غرفة فندق خاسرا معركته مع الإدمان سنة 1983. يعني إن ميلودرامية حياته انعكست على مسرحياته، فقد عاش مكتئباً واغترف من سوداوية طفولته ليعكسها في نصوصه المسرحية. وإن من أهم مسرحياته (عربة اسمها اللذة / هبوط اورفيوس / الحيوانات الزجاجية / قطة فوق صفيح ساخن / وشم الوردة) فهو قد كتب تقريبا 25 مسرحية وأغلب نصوصه تحولت إلى أفلام ومنها نفسها المسرحية المترجمة وكذلك (وشم الوردة) الذي نالت بطلته (أوسكار أفضل ممثلة) وهي الممثلة الايطالية (انا ماغناني). قد يظن القارئ لمسرحية (فجأة في الصيف الماضي) أنها مترجمة بتقريرية مباشرة لكن هذا هو أسلوب الحوار المسرحي الأمريكي آنذاك لذا تسمى لغة تنسي (الواقعية الوسطى) للتدليل على كلامنا مراجعة مسرحية (عربة تدعى الرغبة / ترجمة حرب محمد شاهين، وأيضا ثمة سؤال لمترجم العمل كقارئ أتساءل عن بعض الكلمات المترجمة وماذا كان يوازيهم من مفردات في اللغة الأم ومنها: ترجمة بعض المفردات (أطلعته من حقيبة يدها) (الشعراء عرافون شوافون) ص19-28. (لخاطر الله/ ص28) كما لابد من الإشارة إلى أن شكل المسرحية اتخذ : (دراما الفصل الواحد – دراما نفسية يسميها تنسي (دراما النفسية الجديدة) / بلغة واقعية وسطى، وهي من نصوص المسرحيات الساعية إلى البحث عن (المجتمع الجديد) والتخلص والثورة ضد المادية خلال حقبة ما بعد الحربين العالميتين وقد كتبها تنسي سنة 1958 بقصة ميلودرامية تتطرق لموضوع حساس عد من مسارات الانهيار الأخلاقي للمجتمع الغربي آنذاك ( تتجاذب الحقيقة / المعلن والمخبوء)، وعبر جماليات تلاحم السرد بما هو درامي يتميز المشهد الأول للمسرحية بأنه مشهد سردي بالإرشادات المسرحية كتب ببراعة روائي وهو الذي يمتلك تجربة سردية الى جنب الكتابة للمسرح. فقد امتاز تنسي بالكتابة للمسرح والسرد معاً وهذا ما ينعكس على بنية نصوصه المسرحية، كما تتعاظم ثيمة الحضور والغياب بشخصية البطل (سيباستيان) فرغم عدم حضوره الفعلي في مجريات اللحظة الآنية لأحداث المسرحية إلا أن المسرحية قائمة عليه كشخصية رئيسة بطلة تستدعى من قبل حوارية الأم والدكتور (استرجاعات) مملوءة بالشحن النفسي الذي يتماثل ومجريات حياة (تنسي وليامز) وهذا النوع من الدراما النفسية تجعل الفعل الدرامي بطيئا بل لا يكاد يتحرك بالمرة لأنه قائم على الفعل السيكولوجي الداخلي بقي أن نشيد بجهود المترجم محمد سهيل أحمد الذي يخوض أول تجربة ترجمة (للأدب المسرحي) وهو مضمار صعب في مجال الترجمة. لأن ثمة خصوصية (في ترجمة النص المسرحي) بخاصة مثل هذه المسرحية فهناك بعض المحاذير والمحظورات الاجتماعية تكون عقبة أمام المترجم إلى اللغة العربية كما في هذه المسرحية وبحث بطلها سيباستيان عن رؤية الرب أو وجه الرب. والثاني أن ترجمة النص المسرحي الأمريكي نقل من سياق حضاري إلى سياق حضاري مختلف تماما وهذا يتطلب العمق والمعرفة والدقة في عملية الترجمة كجزء من (التثاقف).
ناقد وأكاديمي عراقي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك