العدد : ١٧١٤٩ - الخميس ٠٦ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٤٩ - الخميس ٠٦ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ رمضان ١٤٤٦هـ

الثقافي

«فجأة في الصيف الماضي»

بقلم: د. حيدر علي الأسدي

السبت ٠١ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

صدرت‭ ‬الترجمة‭ ‬العربية‭ ‬الجديدة‭ ‬لمسرحية‭ (‬فجأة‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬الماضي‭) ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬الكاتب‭ ‬الأمريكي‭ ‬تنسي‭ ‬وليامز‭ ‬وترجمها‭ ‬الأديب‭ ‬العراقي‭ (‬محمد‭ ‬سهيل‭ ‬أحمد‭) ‬المترجم‭ ‬على‭ ‬قفا‭ ‬الكتاب‭ ‬كتب‭ ‬إن‭ ‬تنسي‭ ‬وليامز‭ ‬واونيل‭ ‬وميلر‭ ‬أهم‭ ‬ثلاثة‭ ‬كتاب‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدراما‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ .‬ويضاف‭ ‬لهم‭ ‬حسب‭ ‬رأيي‭ (‬المر‭ ‬رايس،‭ ‬كليفورد‭ ‬اوديتس‭) ‬وبداية‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬كتاب‭ ‬عربي‭ ‬وثق‭ ‬لنتاجات‭ ‬تنسي‭ ‬وليامز‭ ‬وقدمها‭ ‬نقدياً‭ ‬هو‭ ‬كتاب‭ ‬الدكتور‭ ‬شاكر‭ ‬الحاج‭ ‬الموسوم‭ (‬تنسي‭ ‬وليامز‭ ‬والاتجاهات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬العالمي‭ / ‬اتحاد‭ ‬الكتاب‭ ‬العرب‭ ‬1997‭) ‬وأفرد‭ ‬فصله‭ ‬الثالث‭ ‬بعنوان‭ ‬مسرحيات‭ ‬الفصل‭ ‬الواحد‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬تنسي‭ ‬وليامز‭ ‬ولم‭ ‬يشر‭ ‬لمسرحية‭ (‬فجأة‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬الماضي‭) .!! ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬الترجمة‭ ‬الأولى‭ ‬للمسرحية‭ ‬فقد‭ ‬ترجمها‭ ‬العراقي‭ ‬المقيم‭ ‬بقطر‭ ‬حاليا‭ (‬صديق‭ ‬بكر‭ ‬توفيق‭) ‬عن‭ ‬الدار‭ ‬العربية‭ ‬للموسوعات‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ - ‬وترجمها‭ ‬كذلك‭ ‬المصري‭ ‬ميخائيل‭ ‬رومان‭. ‬إن‭ ‬لحياة‭ ‬الكاتب‭ ‬الأمريكي‭ ‬تأثيرات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬أعماله‭ ‬المسرحية‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬عمله‭ ‬بمعمل‭ ‬الأحذية‭ ‬‭ ‬حارس‭ ‬في‭ ‬سينما‭ ‬قلقه‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بالجنون‭ ‬كأخته‭ ‬وأخيه‭ - ‬الإدمان‭ ‬والمخدرات‭- ‬ويقال‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬مثلي‭ ‬الجنس‭. ‬وقد‭ ‬توفى‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬فندق‭ ‬خاسرا‭ ‬معركته‭ ‬مع‭ ‬الإدمان‭ ‬سنة‭ ‬1983‭. ‬يعني‭ ‬إن‭ ‬ميلودرامية‭ ‬حياته‭ ‬انعكست‭ ‬على‭ ‬مسرحياته،‭ ‬فقد‭ ‬عاش‭ ‬مكتئباً‭ ‬واغترف‭ ‬من‭ ‬سوداوية‭ ‬طفولته‭ ‬ليعكسها‭ ‬في‭ ‬نصوصه‭ ‬المسرحية‭. ‬وإن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مسرحياته‭ (‬عربة‭ ‬اسمها‭ ‬اللذة‭ / ‬هبوط‭ ‬اورفيوس‭ / ‬الحيوانات‭ ‬الزجاجية‭ / ‬قطة‭ ‬فوق‭ ‬صفيح‭ ‬ساخن‭ / ‬وشم‭ ‬الوردة‭) ‬فهو‭ ‬قد‭ ‬كتب‭ ‬تقريبا‭ ‬25‭ ‬مسرحية‭ ‬وأغلب‭ ‬نصوصه‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬أفلام‭ ‬ومنها‭ ‬نفسها‭ ‬المسرحية‭ ‬المترجمة‭ ‬وكذلك‭ (‬وشم‭ ‬الوردة‭) ‬الذي‭ ‬نالت‭ ‬بطلته‭ (‬أوسكار‭ ‬أفضل‭ ‬ممثلة‭) ‬وهي‭ ‬الممثلة‭ ‬الايطالية‭ (‬انا‭ ‬ماغناني‭). ‬قد‭ ‬يظن‭ ‬القارئ‭ ‬لمسرحية‭ (‬فجأة‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬الماضي‭) ‬أنها‭ ‬مترجمة‭ ‬بتقريرية‭ ‬مباشرة‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬أسلوب‭ ‬الحوار‭ ‬المسرحي‭ ‬الأمريكي‭ ‬آنذاك‭ ‬لذا‭ ‬تسمى‭ ‬لغة‭ ‬تنسي‭ (‬الواقعية‭ ‬الوسطى‭) ‬للتدليل‭ ‬على‭ ‬كلامنا‭ ‬مراجعة‭ ‬مسرحية‭ (‬عربة‭ ‬تدعى‭ ‬الرغبة‭ / ‬ترجمة‭ ‬حرب‭ ‬محمد‭ ‬شاهين،‭ ‬وأيضا‭ ‬ثمة‭ ‬سؤال‭ ‬لمترجم‭ ‬العمل‭ ‬كقارئ‭ ‬أتساءل‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الكلمات‭ ‬المترجمة‭ ‬وماذا‭ ‬كان‭ ‬يوازيهم‭ ‬من‭ ‬مفردات‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬الأم‭ ‬ومنها‭: ‬ترجمة‭ ‬بعض‭ ‬المفردات‭ (‬أطلعته‭ ‬من‭ ‬حقيبة‭ ‬يدها‭) (‬الشعراء‭ ‬عرافون‭ ‬شوافون‭) ‬ص19‭-‬28‭.          (‬لخاطر‭ ‬الله‭/ ‬ص28‭) ‬كما‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شكل‭ ‬المسرحية‭ ‬اتخذ‭ :  (‬دراما‭ ‬الفصل‭ ‬الواحد‭ ‬‭ ‬دراما‭ ‬نفسية‭ ‬يسميها‭ ‬تنسي‭ (‬دراما‭ ‬النفسية‭ ‬الجديدة‭)  / ‬بلغة‭ ‬واقعية‭ ‬وسطى،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬المسرحيات‭ ‬الساعية‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ (‬المجتمع‭ ‬الجديد‭) ‬والتخلص‭ ‬والثورة‭ ‬ضد‭ ‬المادية‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحربين‭ ‬العالميتين‭ ‬وقد‭ ‬كتبها‭ ‬تنسي‭ ‬سنة‭ ‬1958‭ ‬بقصة‭ ‬ميلودرامية‭ ‬تتطرق‭ ‬لموضوع‭ ‬حساس‭ ‬عد‭ ‬من‭ ‬مسارات‭ ‬الانهيار‭ ‬الأخلاقي‭ ‬للمجتمع‭ ‬الغربي‭ ‬آنذاك‭ ( ‬تتجاذب‭ ‬الحقيقة‭ / ‬المعلن‭ ‬والمخبوء‭)‬،‭ ‬وعبر‭ ‬جماليات‭ ‬تلاحم‭ ‬السرد‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬درامي‭ ‬يتميز‭ ‬المشهد‭ ‬الأول‭ ‬للمسرحية‭ ‬بأنه‭ ‬مشهد‭ ‬سردي‭ ‬بالإرشادات‭ ‬المسرحية‭ ‬كتب‭ ‬ببراعة‭ ‬روائي‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬تجربة‭ ‬سردية‭ ‬الى‭ ‬جنب‭ ‬الكتابة‭ ‬للمسرح‭. ‬فقد‭ ‬امتاز‭ ‬تنسي‭ ‬بالكتابة‭ ‬للمسرح‭ ‬والسرد‭ ‬معاً‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬بنية‭ ‬نصوصه‭ ‬المسرحية،‭ ‬كما‭ ‬تتعاظم‭ ‬ثيمة‭ ‬الحضور‭ ‬والغياب‭ ‬بشخصية‭ ‬البطل‭ (‬سيباستيان‭) ‬فرغم‭ ‬عدم‭ ‬حضوره‭ ‬الفعلي‭ ‬في‭ ‬مجريات‭ ‬اللحظة‭ ‬الآنية‭ ‬لأحداث‭ ‬المسرحية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المسرحية‭ ‬قائمة‭ ‬عليه‭ ‬كشخصية‭ ‬رئيسة‭ ‬بطلة‭ ‬تستدعى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حوارية‭ ‬الأم‭ ‬والدكتور‭ (‬استرجاعات‭) ‬مملوءة‭ ‬بالشحن‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬يتماثل‭ ‬ومجريات‭ ‬حياة‭ (‬تنسي‭ ‬وليامز‭) ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الدراما‭ ‬النفسية‭ ‬تجعل‭ ‬الفعل‭ ‬الدرامي‭ ‬بطيئا‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬يتحرك‭ ‬بالمرة‭ ‬لأنه‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الفعل‭ ‬السيكولوجي‭ ‬الداخلي‭ ‬بقي‭ ‬أن‭ ‬نشيد‭ ‬بجهود‭ ‬المترجم‭ ‬محمد‭ ‬سهيل‭ ‬أحمد‭ ‬الذي‭ ‬يخوض‭ ‬أول‭ ‬تجربة‭ ‬ترجمة‭ (‬للأدب‭ ‬المسرحي‭) ‬وهو‭ ‬مضمار‭ ‬صعب‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الترجمة‭. ‬لأن‭ ‬ثمة‭ ‬خصوصية‭ (‬في‭ ‬ترجمة‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭) ‬بخاصة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المسرحية‭ ‬فهناك‭ ‬بعض‭ ‬المحاذير‭ ‬والمحظورات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬تكون‭ ‬عقبة‭ ‬أمام‭ ‬المترجم‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسرحية‭ ‬وبحث‭ ‬بطلها‭ ‬سيباستيان‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬الرب‭ ‬أو‭ ‬وجه‭ ‬الرب‭. ‬والثاني‭ ‬أن‭ ‬ترجمة‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬الأمريكي‭ ‬نقل‭ ‬من‭ ‬سياق‭ ‬حضاري‭ ‬إلى‭ ‬سياق‭ ‬حضاري‭ ‬مختلف‭ ‬تماما‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬العمق‭ ‬والمعرفة‭ ‬والدقة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الترجمة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ (‬التثاقف‭). ‬

ناقد‭ ‬وأكاديمي‭ ‬عراقي‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا