أكدت الدكتورة هدى عمران اختصاصي أمراض الوراثة الجزيئية بمركز الجنان الطبي أن مشكلة ارتفاع مستويات الكوليسترول تعد من القضايا الصحية المهمة في العالم العربي مبينة إذ الكثير من الناس يعاني من هذا الارتفاع، مما يعكس نمط حياة يتسم بقلة النشاط البدني، بالإضافة إلى عادات غذائية غير صحية، مما يؤثر سلبًا على صحة القلب والشرايين.
وأشارت الدكتورة هدى إلى أن هناك نوعين رئيسيين من ارتفاع الكولسترول: هما الهيبرليبيدايميا الأولية (الوراثية) والهيبرليبيدايميا الثانوية (المكتسبة). فمرض الهيبرليبيدايميا الأولية هي حالة وراثية تؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم. وتنتج عن طفرات في جينات معينة مثلا (LDLR، PCSK9، APOB) والتي تؤثر على عملية تمثيل الغذاء ومستويات الكوليسترول في الجسم. وغالبا ما يعاني الأشخاص المصابون بها من ارتفاعات كبيرة في مستوى الكوليسترول في سن مبكرة وزيادة احتمالية تعرضهم لارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين. أما الهيبرليبيدايميا الثانوية فهي ارتفاع في مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية نتيجة لعوامل أخرى مثل نمط الحياة وعادات التغذية غير الصحية. اذ يؤدي تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات والتدخين، عدم ممارسة الرياضة إلى السمنة وارتفاع الكوليسترول في الدم، وأمراض أخرى كالسكري وغيرها.
هناك العديد من الطرق للتعامل مع ارتفاع الكوليسترول، وهي تحتاج إلى الفحص الطبي والتقييم المخبري لتحديد مدى فعاليتها. من أهم هذه الأساليب هو تغيير نمط الحياة من خلال اتباع نظام غذائي صحي منخفض الدهون والكوليسترول، وممارسة الرياضة بانتظام، والامتناع عن التدخين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأطباء وصف العلاجات الدوائية مثل الأدوية المخفضة للكولسترول. كما يمكن استخدام بعض الأعشاب والمكملات الغذائية تحت إشراف طبي.
اذ تبرز الأعشاب كنوز طبيعية قد تساعدنا في التعامل مع تحديات ارتفاع الكوليسترول. فقد أظهرت الأبحاث أن الشاي الأخضر والحبة السوداء، والأشواغاندا على سبيل المثال يمكن أن تساعد في خفض مستويات الكولسترول بطرق طبيعية. فالشاي الأخضر يحتوي على مركبات مضادة للأكسدة مثل البوليفينول والكاتيكين التي تثبط إنتاج الكوليسترول الضار LDL وتحفز إنتاج الكوليسترول الجيد HDL، أما الحبة السوداء فتحتوي على مركبات مثل الثيموكينون والميلانين التي تثبط إنتاج الكوليسترول وتحسن وظائف الكبد في التخلص منه. وبالنسبة للأشواغاندا، فهي تحتوي على مركبات مثل الويثانوليدات التي تحفز تكسير الترسبات الدهنية في الشرايين وتحسن وظائف القلب. ومع ذلك، فإن فعالية هذه الأعشاب قد تختلف من شخص لآخر بسبب الاختلافات الجينية. فالطفرات في بعض الجينات مثل CYP2D6 والتي تؤثر على أيض هذه الأعشاب قد تجعل بعض الأشخاص أكثر استجابة لها من غيرهم.
لذلك، فإن البحوث في مجال الطب الجزيئي يمكن أن تسهم في تخصيص استخدام هذه الأعشاب بناء على الملف الجيني لكل شخص للحصول على أفضل النتائج في خفض الكولسترول والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية. هذا النهج الشخصي في الطب قد يساعد على تحسين فعالية وسلامة العلاجات، ويفتح الباب لاكتشاف العلاقة بين الوراثة وكنوز الأرض من الأعشاب الطبية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك