العدد : ١٧١٤١ - الأربعاء ٢٦ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٤١ - الأربعاء ٢٦ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

العرب الأمريكيون كبش فداء الديمقراطيين بعد خسارتهم الانتخابات

بقلم: د. جيمس زغبي

الثلاثاء ٢٥ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

لعبة‭ ‬ماكرة‭ ‬تجري‭ ‬وقائعها‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬فكلما‭ ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بإحدى‭ ‬تصرفاته‭ ‬الشنيعة‭ ‬إلا‭ ‬ويلقى‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬عربي،‭ ‬والذين‭ ‬يتعرضون‭ ‬لسيل‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭ ‬المسيئة‭ ‬لهم‭.‬

فالتعليقات‭ ‬الأقل‭ ‬سوءا‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يلقي‭ ‬أصحابها‭ ‬ببساطة‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬ويحملونه‭ ‬مسؤولية‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭ ‬ووصوله‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الرئاسة،‭ ‬لكن‭ ‬التعليقات‭ ‬الأخرى‭ ‬مليئة‭ ‬بالعبارات‭ ‬البذيئة‭ ‬والتهديدات‭.‬

يبدو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جهودًا‭ ‬متضافرة‭ ‬لتبرئة‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬سياساتها‭ ‬الفاشلة،‭ ‬وحملة‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬الرئاسية‭ ‬من‭ ‬قراراتها‭ ‬السياسية‭ ‬السيئة،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العرب‭ ‬وتحميلهم‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭.‬

إن‭ ‬التعرض‭ ‬للتهديد‭ ‬أو‭ ‬الاستهداف‭ ‬للوم‭ ‬والتهديد‭ ‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬الجديد‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬لأمريكيين‭ ‬العرب‭. ‬ولعقود‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬يتصدى‭ ‬للتعليقات‭ ‬المسيئة‭ ‬التي‭ ‬تحمله‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬حظر‭ ‬النفط‭ ‬عام‭ ‬1973‭ ‬وحتى‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

لقد‭ ‬واجهت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬شخصيا‭. ‬فخلال‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أربع‭ ‬إدانات‭ ‬لهذه‭ ‬الأنواع‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬الموجهة‭ ‬ضدي‭ ‬أو‭ ‬ضد‭ ‬عائلتي‭ ‬أو‭ ‬ضد‭ ‬الموظفين‭ ‬العاملين‭ ‬معي‭.‬

خلال‭ ‬فترة‭ ‬عامين،‭ ‬بين‭ ‬سنتي‭ ‬2015‭ ‬و2017‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد،‭ ‬تلقينا‭ ‬772‭ ‬تهديدًا‭ ‬عبر‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬تتهمني‭ ‬بالتخطيط‭ ‬والتدريب‭ ‬وتمويل‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تجاوزات‭ ‬وانتهاكات‭ ‬تستهدف‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬مختلف‭ ‬من‭ ‬ناحيتين‭ ‬اثنتين‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬اتهامهم‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬يُحمل‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأخيرة‭. ‬بعض‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يستهدفون‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالإساءة‭ ‬ليسوا‭ ‬أفرادًا‭ ‬يحومون‭ ‬في‭ ‬الجناح‭ ‬اليميني‭ ‬للسياسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬تيار‭ ‬اليسار‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يلقون‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬هزيمة‭ ‬السيدة‭ ‬هاريس‭ ‬هم‭ ‬شخصيات‭ ‬غير‭ ‬متوازنة‭ ‬ومليئة‭ ‬بالكراهية،‭ ‬فإن‭ ‬الاتهامات‭ ‬الأخرى‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬نشطاء‭ ‬سياسيين‭ ‬ليبراليين‭ ‬متمرسين‭ ‬أو‭ ‬نقاد‭ ‬التيار‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭.‬

إن‭ ‬مجرد‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬زائف‭ ‬وأحمق‭ ‬وغير‭ ‬مسؤول‭. ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬حملة‭ ‬هاريس‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مساعدة،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬خسرت‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسها‭.‬

وقد‭ ‬تستمر‭ ‬هاريس‭ ‬في‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬حملتها‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تشوبها‭ ‬شائبة‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬لماذا‭ ‬خسر‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬45%‭ ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬اللاتينيين،‭ ‬أو‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الذكور‭ ‬السود،‭ ‬أو‭ ‬تم‭ ‬سحقهم‭ ‬انتخابيا‭ ‬بين‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬البيضاء؟

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إلصاق‭ ‬هذه‭ ‬الإخفاقات‭ ‬بالعرب‭ ‬الأمريكيين‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الإخفاقات‭ ‬نتيجة‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬حملة‭ ‬فاشلة‭ ‬صممها‭ ‬ونفذها‭ ‬مستشارون،‭ ‬والعديد‭ ‬منهم‭ ‬عديمو‭ ‬المبادئ،‭ ‬وبعيدون‭ ‬عن‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الناخبين‭ ‬المتغيرين،‭ ‬ويتجنبون‭ ‬المخاطرة،‭ ‬ويفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬الخيال‭.‬

فبدلاً‭ ‬من‭ ‬فهم‭ ‬الملامح‭ ‬المتغيرة‭ ‬والتنوع‭ ‬المتزايد‭ ‬للمجتمعات‭ ‬ذات‭ ‬الأصول‭ ‬الإسبانية‭ ‬والآسيوية‭ ‬والسود،‭ ‬إما‭ ‬أخذوها‭ ‬كأمر‭ ‬مسلم‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬تعاملوا‭ ‬معهم‭ ‬برسالة‭ ‬عمرها‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬مفادها‭ ‬‮«‬مقاس‭ ‬واحد‭ ‬يناسب‭ ‬الجميع‮»‬‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فشل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستشارون‭ ‬والديمقراطيون‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬انعدام‭ ‬مسألة‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأجناس،‭ ‬والمحاولة‭ ‬المضللة‭ ‬لاستبدال‭ ‬الناخبين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يخسرونهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفوز‭ ‬بنساء‭ ‬الضواحي‭ ‬البيض‭ ‬المعتدلات‭ ‬ذوات‭ ‬الميول‭ ‬الجمهورية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية‭ ‬مع‭ ‬عضوة‭ ‬الكونجرس‭ ‬السابقة‭ ‬ليز‭ ‬تشيني‭ (‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬سياساتها‭ ‬معتدلة‭ ‬ولا‭ ‬جذابة‭ ‬لنساء‭ ‬الضواحي‭).‬

عند‭ ‬حساب‭ ‬إخفاقات‭ ‬‮«‬الاستراتيجيين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬إضافة‭ ‬فشل‭ ‬السيدة‭ ‬هاريس‭ ‬نفسها‭ ‬وعزوفها‭ ‬عن‭ ‬مقابلة‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬وإظهار‭ ‬أي‭ ‬مسافة‭ ‬بين‭ ‬دعم‭ ‬بايدن‭ ‬الكارثي‭ ‬لإسرائيل‭.‬

ورفض‭ ‬الحملة‭ ‬السماح‭ ‬لامرأة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬فقدت‭ ‬عائلتها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بالتحدث‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإخفاقات‭ ‬أثرت‭ ‬سلباً‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬للبطاقة‭ ‬الديمقراطية‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬شهدوا‭ ‬الحرب‭ ‬المؤلمة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬إدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬وجد‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬حقيقي‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬صوتوا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬لصالح‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬بفارق‭ ‬اثنين‭ ‬إلى‭ ‬واحد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬وجدوا‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الحملات‭ ‬التي‭ ‬تجاهلتهم‭ ‬وتجاهلت‭ ‬آلامهم‭ ‬ومشاكلهم‭ ‬وهواجسهم‭.‬

لقد‭ ‬ظلوا‭ ‬يطالبون‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬لفتة‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬الاهتمام‭ ‬والدعم‭ ‬ولم‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شيء‭. ‬وهكذا،‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬هامش‭ ‬60‭-‬30‭ ‬الذي‭ ‬فاز‭ ‬به‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬قام‭ ‬ترامب‭ ‬والسيدة‭ ‬هاريس‭ ‬بتقسيم‭ ‬الأصوات‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مع‭ ‬نسبة‭ ‬صغيرة‭ ‬تدعم‭ ‬مرشح‭ ‬طرف‭ ‬ثالث،‭ ‬وعدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المتوسط‭ ‬لم‭ ‬يصوتوا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬مشاكل‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬ومخاوفهم‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬القدر‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حملة‭ ‬هاريس،‭ ‬فمن‭ ‬الخطأ‭ ‬تحميلهم‭ ‬مسؤولية‭ ‬الخسارة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬عنصرية‭. ‬فإذا‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬اهتمامات‭ ‬أي‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ (‬عرقية‭ ‬أو‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬عنصرية‭) ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬فهل‭ ‬سيتم‭ ‬الازدراء‭ ‬بسبب‭ ‬تخليهم‭ ‬عن‭ ‬الطرف‭ ‬الذي‭ ‬أساء‭ ‬إليهم؟

عندما‭ ‬بدأ‭ ‬ترامب‭ ‬عمليات‭ ‬الترحيل‭ ‬الجماعي،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الناخبين‭ ‬اللاتينيين‭ ‬أو‭ ‬استهدافهم‭ ‬بالكراهية‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬45‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬منهم‭ ‬لم‭ ‬يصوتوا‭ ‬لصالح‭ ‬السيدة‭ ‬هاريس‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬عليهم‭ ‬ذلك،‭ ‬لأنه‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬خذلوهم،‭ ‬تحتاج‭ ‬حملة‭ ‬هاريس‭ ‬إلى‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬المرآة‭ ‬والعثور‭ ‬على‭ ‬الأخطاء‭ ‬في‭ ‬نفسها‭.‬وكان‭ ‬ينبغي‭ ‬تقديم‭ ‬نفس‭ ‬المجاملة‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭.‬

في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر،‭ ‬قمت‭ ‬بتحذير‭ ‬حملة‭ ‬هاريس‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬معرضة‭ ‬لخطر‭ ‬خسارة‭ ‬أصوات‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬مخاوفي‭ ‬بالمنطق‭ ‬التالي‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬باختيار‭ ‬ثنائي‭ ‬ــ‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ترامب‭ ‬ــ‭ ‬فسوف‭ ‬يدعموننا‮»‬‭. ‬أخبرتهم‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يراعي‭ ‬آلام‭ ‬ومشاكل‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬منطق‭ ‬قصير‭ ‬النظر‭ ‬سياسيا‭. ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬ثبت‭ ‬أنهم‭ ‬على‭ ‬خطأ‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬مزعجا‭ ‬عندما‭ ‬أيد‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب،‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬بدأ‭ ‬آخرون‭ ‬في‭ ‬قرع‭ ‬الطبول‭ ‬لصالح‭ ‬مرشح‭ ‬طرف‭ ‬ثالث‭ ‬غير‭ ‬جاد‭.‬

لقد‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬ميشيغان‭ ‬وانضممت‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬تأييد‭ ‬هاريس‭. ‬وبينما‭ ‬كنت‭ ‬أنا‭ ‬أيضاً‭ ‬غاضباً‭ ‬من‭ ‬بايدن‭ ‬وأشعر‭ ‬بخيبة‭ ‬أمل‭ ‬عميقة‭ ‬من‭ ‬حملة‭ ‬هاريس،‭ ‬شعرت‭ ‬بقوة‭ ‬أن‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬والديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬كانت‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬لترامب‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭.‬

لقد‭ ‬فهمت‭ ‬الألم‭ ‬والغضب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬منه‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيون،‭ ‬لكنني‭ ‬شعرت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يتجاوزوا‭ ‬آلامهم‭ ‬ويفكروا‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬الأسوأ‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬عليه‭ ‬الأمر‭ ‬إذا‭ ‬فاز‭ ‬ترامب‭ - ‬الأسوأ‭ ‬ليس‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬الضعيفة‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭. ‬وكما‭ ‬يتبين‭ ‬من‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬ارتكابها‭ ‬يوميا،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف‭ ‬كانت‭ ‬مبررة‭.‬

ولكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجدل‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وبعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬وفعل،‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬الآتي‭: ‬لا‭ ‬تلوموا‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬بل‭ ‬ألقوا‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬وحملة‭ ‬هاريس‭.‬

لا‭ ‬تجعلوا‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬كبش‭ ‬فداء،‭ ‬لأنه،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬حصلت‭ ‬السيدة‭ ‬هاريس‭ ‬على‭ ‬أصوات‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬ميشيغان‭ ‬وفازت‭ ‬بتلك‭ ‬الولاية،‭ ‬فإنها‭ ‬كانت‭ ‬ستخسر‭ ‬الولايات‭ ‬الست‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬والانتخابات‭ ‬برمتها‭.‬

وحتى‭ ‬لو‭ ‬أدار‭ ‬كل‭ ‬ناخب‭ ‬عربي‭ ‬أمريكي‭ ‬خده‭ ‬الآخر‭ ‬وأدلى‭ ‬بصوته‭ ‬لصالح‭ ‬السيدة‭ ‬هاريس،‭ ‬فإنها‭ ‬كانت‭ ‬ستخسر‭ ‬التصويت‭ ‬الشعبي‭.‬

 

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا