في برنامج تدريبي في دولة شقيقة حول الذكاء الإداري وكيفية تحويل المسؤول الإداري إلى مسؤول إداري قائد، بعض الأمور المتعلقة، تحدثنا عن جزئية فيما يتعلق بالمسؤول الإداري الذي يتسلم زمام الأمور للمرة الأولى، كيف يمكن أن يتعامل مع الموقف؟ وماذا يمكنه أن يفعل؟ حتى لا يتوه أو يتعرقل أو أن يشعر بالفشل.
حوّلنا الدورة إلى ورشة عمل، وخاصة أنه كان من المتدربين مجموعة من الأفراد المخضرمين الذين عاشوا دور المسؤول الإداري سنوات وبعضهم حديث العهد، لذلك حاولنا أن نرتب الورشة بحيث يستفيد الكل من الكل، ويقول كل شخص تجربته التي عاشها، وإليكم النتيجة:
على المسؤول الإداري الذي يتولى المسؤولية للمرة الأولى أن يقوم بالأمور التالية:
1 - تعلم الأعمال: في الفترة الأولى التي ربما تمتد إلى حوالي 4 إلى 5 أشهر يجب ألا يغير من الأوامر السابقة ومن الوضع السابق شيئًا، وإنما عليه أن يراقب ويستمع ويتعلم بهدف أن يعرف كيف تجري الأمور، ومن الذي يحرك الأحداث في الإدارة، وأن يعرف تخصص الإدارة التي أصبح هو مسؤولاً عنها، وربما يبدأ بكتابة بعض المسودات والشخابيط حتى يلخص كل تلك الأمور التي يعرفها أو التي لا يعرفها.
2 - الاجتماع بالموظفين: يتعين على المسؤول الإداري الذي تم تعيينه حديثًا أن يجتمع مع الموظفين على مستويين؛ الأول: اجتماعات جماعية بحيث يسمع من الجميع في آن واحد، الثاني: الاجتماعات فردية، وهذا يساعده كثيرًا في التعرف على الموظفين وكذلك بالعكس، إذ إن الموظف يحتاج أيضًا إلى أن يتعرف على المسؤول الجديد، وهذا يساعد المسؤول على الابتعاد عن الانطباعات المسبقة والأفكار المؤطرة والقولبة وما إلى ذلك.
3 - تحديد الأهداف والأولويات: من الضروري جدًا أن يقوم المسؤول بعد دراسة الإدارة التي عُين عليها أن يفكر في كيفية إدارتها، وهذا يصعب حدوثه إن لم يتمكن من دراسة أهداف الإدارة وأولوياتها، فإن كانت الأهداف موجودة وهي من ضمن خطة المؤسسة نفسها، فإن هذا يسهل العملية التي هو بصددها، وإن لم تكن فإنه من الأولى أن يضع بعض الأهداف والأولويات التي حتمًا ستساعده في تطوير وإدارة عمله. وبعد تحديد الأهداف والأولويات فإنه من الضروري أن يعرضها على مسؤوله المباشر فإن ذلك يسهم في تسهيل الأعمال وإدارتها.
4 - وضع بصمات لا تنسى: أثناء هذه المرحلة فإنه يجب ألا يعزل نفسه عن العمل وبقية الموظفين، فإنه من المفروض أن يكون معهم، ويحاول أن يسهم في تبسيط الأمور والإجراءات، ويزيل العقبات في سبيل تحديد الأهداف سواء القديمة أو الحديثة، ومن الطبيعي أنه في هذه المرحلة الأولى سيصطدم بالكثير والكثير من العراقيل، سواء من الموظفين الذين يعملون معه أو حتى من المسؤولين الذين يترأسونه، ولكن عليه أن يثبت ويتقدم بحذر شديد.
5 - وضع الأهداف والأولويات محل التنفيذ: نعتبر أن الأمور سارت بسلاسة ومن غير أي عراقيل، ووجدنا أن الجميع يتوق إلى التغير والتطور والابتكار، عندئذ نحول كل هذه الأهداف إلى خطة عمل مع وضع نقاط البداية والجدول الزمني، ومعايير التقييم وما إلى ذلك مما يسهم في عملية التنفيذ، ومن ثم مراقبة التنفيذ والتقييم ومتابعة كل هذا حسب البرنامج الموضوع.
6 - التعرف على القيود: ليس من السهولة تجاوز كل القيود الموجودة في المؤسسات، وخاصة عندما يقود الإدارة مسؤول جديد، سوف يجد أن العراقيل تنبع أمامه من كل مكان، بالإضافة إلى القيود البيروقراطية والأنظمة والقوانين، لذلك على المسؤول ألا يدوس بعنف على كل شيء وأن يطلب التغيير بعنف، وإنما يجب أن تكون لديه رؤية واضحة وخط سير مرن حتى لا يتجاوز المحرمات، فالكثير من المسؤولين والموظفين يرفضون كل المقترحات والأفكار الجديدة، وهذا ربما يصدم المسؤول الإداري الجديد، وربما يسبب له الإحباط، لذلك فإن الحذر واجب وذكاء مطلوب.
7 - تطوير الموظفين: من الأولويات التي من المفروض أن يفكر فيها المسؤول الإداري الجديد تطوير الموظفين، فقد وجدنا في عديد من الأقسام والإدارات أن كثيرا من الموظفين يعملون في كل تلك الوظائف وخلال سنوات طويلة لم يتحرك فيهم شيء، فهم على ما هم عليه منذ أن تم توظيفهم، في الدرجة نفسها، ومن المستوى التعليمي نفسه والخبرة المهنية، وهذا مدعاة للضجر والفتور، لذلك فإن على المسؤول الإداري الجديد أن يضع من أولى أولياته رفع كفاءة الموظفين في المجالات التي يحتاجونها، ومراقبة هذا التطور بصورة مستمرة.
8 - الاستعانة بمستشار أو خبير: ربما لا نقصد خبيرا من الدول الأجنبية، وإنما في بعض الأحيان يمكننا أن نستعين بصديق من خارج الإدارة نفسها، أو شخص له باع طويل في كل هذه المجالات، نجلس معه ونستفيد من أفكاره وأطروحاته، وليس من المهم أن نأخذ كل ما يقوله ونحاول أن ننفذه، ولكننا حتمًا يمكننا أن نستعين ببعض من تلك الأفكار.
9 - التواصل مع الإدارات الأخرى: وهؤلاء من الخبير، يمكن الاستفادة منهم ومن أفكارهم بقدر الإمكان، وإن لم نستفد منهم فإنه من الذكاء الإداري والاجتماعي أن يكون بين المسؤول الإداري الجديد وبقية الإدارات خطوط تواصل، فالاجتماعات الودية تسهم بصورة أو بأخرى في الاضطلاع على الأفكار وسير وإدارة العمل في المؤسسة، كما يسهم في بناء علاقات عامة جديدة، وهذا يساعد على تحسين الأداء والتعرف على الفرص المتاحة ونقاط القوة ونقاط الضعف.
10 - البحث عن فريق عمل: من الضروريات التي ينبغي على المسؤول الإداري أن يبحث عنها هي فريق عمل متكامل في الإدارة التي يعمل فيها، وإن لم يجد عليه أن يصنعها، ففريق العمل يسهم بصورة كبيرة في إنجاز الأعمال وتطويرها وإدارتها، وهذا يعني أن المسؤول الإداري يجب أن يفكر بطريقة قيادية وعبر مهارات الذكاء الإداري، فلا يحصر نفسه في فكر المسؤول الإداري الذي يعرف كل شيء وهو الذي يجب أن يفعل كل شيء لأنه هو المسؤول، وأما بقية الموظفين لا يسعهم إلا أن يطيعوه، فإن هذه الفكرة غدت فكرة ساذجة ولا تسهم بأي طريقة في التطوير والاستدامة.
دعونا نقف قليلا عند فريق العمل، إذ وجدنا من خلال تجاربنا ودوراتنا والكثير من الأمور أنه من المهم أن نفكر في بعض الاستراتيجيات التي تسهم بصورة فعالة في إدارة فريق العمل، وهي كالتالي:
{ قدم برامج منتظمة ومستدامة للتعلم والتعليم، حتى يتشجع الموظف على تقدير واحترام الاختلافات بين الأجيال والأفكار والبيئات.
{ تعرّف على وجهات نظر الفريق في كل الأمور المطروحة، ولا تعتقد، أو بالأحرى لا ينبغي أن تتشابه أفكارهم وأطروحاتهم وما شابه ذلك، فالاختلاف مطلوب.
* تأكد من تضمين جميع أفراد فريق العمل في المناقشات والحوارات، فلا تهمل أحدا على حساب أحد، فمن المفروض أن يشارك الجميع في اتخاذ القرار.
{ غيّر أسلوبك في المناقشات والحوارات حسب ما تقتضيه كل قضية على حدة.
{ قدّم فرص التفاعل للموظف بهدف المشاركة خارج حدود الإدارة، سواء للمشاركة في فعالية أو ملتقى أو مؤتمر خارج حدود الإدارة، وهذا يسهم بصورة فعالة في تطوير الفرد وتغير نفسيته.
{ تعرّف مرة أخرى على الخلفيات الثقافية والفكرية وحتى الاجتماعية للموظفين خارج حدود العمل، فإن كل هذا ينعكس بصورة أو بأخرى على الفرد وربما على أدائه المهني.
{ تأكد مرة أخرى من أن رسالة وأهداف واستراتيجية المؤسسة واضحة لجميع أفراد الفريق، فإن اللبس في مثل هذه الموضوعات يمكن أن يتسبب في إحداث ارتباك للجميع.
{ اسمح؛ ببعض المرونة في جدول الأعمال وذلك لأسباب كثيرة، إذ يجب مراعاة الفروق الفردية في فريق العمل والقدرات والمهارات والكثير من الأمور التي تحتاج من المسؤول الإداري القائد أن يفكر فيها قبل اتخاذ القرار.
وقبل أن نغلق الحوار وورشة العمل، طلب أحد الأخوة المسؤولين المخضرمين كلمة، فقال فيها:
«عبر تجاربنا وتجارب الآخرين وجدنا أن المسؤول الإداري يجب أن يكون قائدًا في المرتبة الأولى، ومن ثم موجهًا، ومديرًا، ومدربًا وأخير مرشدًا. فلا ينبغي أن يكون المسؤول الإداري دكتاتورًا في جميع الأحوال أو ديمقراطيًا أكثر من اللازم، فهو يجب أن يمسك الأمور بميزان حساس ودقيق، فلا يجب أن تسود صفة على صفة أو شخصية على شخصية، فالعملية ليست مجرد قرار يصدر بترقيتك إلى القيام بدور المسؤول الإداري وينتهي كل شيء، وإنما هذه بداية لمشوار طويل. فأنت حينئذ تكون مسؤولا أمام قيادة البلاد، وقيادة المؤسسة، والمجتمع وأفراده وكل الموظفين الذين يعملون معك وليس عندك، وهذا أمر مهم، فكل نجاح وكل فشل يجب دراسته والتفكير فيه، ولا تعتقد أن العملية سهلة وهو مجرد زيادة في الراتب فقط، وإن كان هذا أمر مهم».
ثم تكلم ثالثا ورابعا، ولكن لن أنقل كلام كل هؤلاء، عندئذ فإن الموضوع سيطول، ولكن دعوني أضيف أمرًا أجده مهما وهو؛ يجب أن يتحلى المسؤول الإداري الجديد والقديم برغبة مستدامة في عملية التعليم، فلا يركن في منطقة الراحة ويعتقد أن الأمور قد انتهت، فالتعلم والتعليم قضيتان لا ينتهيان، فنحن نتعلم ونتعلم باستمرار من أجل أنفسنا ومن أجل أوطاننا، فمن يركن للراحة سيجد نفسه بعد فترة من الزمن في نهاية الركب.
Zkhunji@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك