العدد : ١٧٢١٣ - الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٣ - الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قراءة في حصاد مؤتمر ميونيخ للأمن لعام 2025

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

عُقد‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬14‭-‬16‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬ميونيخ‭ ‬للأمن‭ ‬السنوي‮»‬،‭ ‬ووصفه‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬فورمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬المؤتمر‭ ‬الأبرز‭ ‬عالميًّا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‮»‬‭. ‬ومنذ‭ ‬اجتماعه‭ ‬الأول‭ ‬عام‭ ‬1963،‭ ‬أصبح‭ ‬‮«‬ملتقى‭ ‬مستقلًا‭ ‬لصناع‭ ‬السياسات‭ ‬والخبراء‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬يوفر‭ ‬منصة‭ ‬لإجراء‭ ‬مناقشات‭ ‬مفتوحة‭ ‬وبناءة‭ ‬حول‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬الأمنية‭ ‬المشتركة‮»‬‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التركيز‭ ‬الأساسي‭ ‬للمؤتمر‭ ‬كان‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬فورمان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جدول‭ ‬أعماله‭ ‬توسع‭ ‬ليشمل‭ ‬قضايا،‭ ‬مثل‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬النقاش‭ ‬حوله‭ ‬تحولًا‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المخاوف‭ ‬إلى‭ ‬مناقشة‭ ‬الفرص‭ ‬الذي‭ ‬يقدمها‭ ‬لدعم‭ ‬الاقتصاد‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬نسخته‭ ‬الحادية‭ ‬والستين،‭ ‬حضره‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬البارزين‭ ‬وكبار‭ ‬الشخصيات،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬‮«‬أولاف‭ ‬شولتس‮»‬،‭ ‬والرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬‮«‬فولوديمير‭ ‬زيلينسكي‮»‬،‭ ‬ونائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جيه‭ ‬دي‭ ‬فانس‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬ماركو‭ ‬روبيو‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الصيني‭ ‬‮«‬وانغ‭ ‬يي‮»‬،‭ ‬ورئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮«‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين‮»‬،‭ ‬والممثلة‭ ‬العليا‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والسياسات‭ ‬الأمنية‭ ‬‮«‬كاجا‭ ‬كالاس‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬لامي‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬جان‭ ‬نويل‭ ‬بارو‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬غاب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬و«كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني،‭ ‬و‮«‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‮»‬،‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭.‬

ومع‭ ‬التركيز‭ ‬العام‭ ‬المعلن‭ ‬عن‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬التعددية‭ ‬القطبية‮»‬،‭ ‬شملت‭ ‬أجندته‭ ‬مواضيع‭ ‬متعلقة‭ ‬بالمخاوف‭ ‬الأمنية‭ ‬العالمية‭ ‬الحالية،‭ ‬حيث‭ ‬خصص‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لمناقشة‭ ‬‮«‬الحوكمة‭ ‬العالمية‭ ‬والمرونة‭ ‬الديمقراطية‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬تناول‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬ومستقبل‭ ‬الشراكة‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬الأخير‭ ‬فقد‭ ‬تطرق‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬دور‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬سلط‭ ‬‮«‬فورمان‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الموضوع‭ ‬المهيمن‭ ‬للسنة‭ ‬الثالثة‭ ‬على‭ ‬التوالي‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬حديث‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬فلاديمير‭ ‬بوتين‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬قُبيل‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬المؤتمر؛‭ ‬ذكرت‭ ‬‮«‬ألكسندرا‭ ‬شارب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬إجماع‭ ‬بشأن‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام‭ ‬مستقبلي‭ ‬بين‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬و«كييف‮»‬،‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى‭ ‬للمسؤولين‭ ‬الغربيين،‭ ‬حيث‭ ‬ركزت‭ ‬معظم‭ ‬الأنظار‭ ‬على‭ ‬اجتماع‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬زيلينسكي‮»‬‭.‬

وكما‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬فورمان‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬خلقت‭ ‬‮«‬جوًا‭ ‬من‭ ‬الارتباك‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬ماهية‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وقبل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬المؤتمر،‭ ‬صرح‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬هيجسيث،‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬في‭ ‬بروكسل،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تقليص‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لوجودها‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬أوروبا‮»‬‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬أبلغ‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬تنازل‭ ‬‮«‬كييف‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬أراضيها‭ ‬لموسكو‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب؛‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬تتعارض‭ ‬بوضوح‭ ‬مع‭ ‬مطالب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بـ«ضمانات‭ ‬أمنية‭ ‬حقيقية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬قبل‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬محادثات‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

وعندما‭ ‬يقترن‭ ‬ذلك‭ ‬بتصريح‭ ‬‮«‬هيجسيث‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬التركيز‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لإدارة‭ ‬ترامب‭ ‬تحول‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أوروبا،‭ ‬نحو‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬الصين‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬تبعات‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الأعضاء‭ ‬الأوروبيين‭ ‬في‭ ‬‮«‬حلف‭ ‬الناتو‮»‬،‭ ‬‮«‬سيكونون‭ ‬مسؤولين‭ ‬عن‭ ‬القدر‭ ‬الأكبر،‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬لكييف‭ ‬في‭ ‬المستقبل»؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جاك‭ ‬واتلينج‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التعليقات‭ ‬الأخيرة‭ ‬لـ«ترامب‮»‬،‭ ‬و«هيجسيث‮»‬،‭ ‬و‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬حرمت‭ ‬حلفاء‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وهم‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬تقليص‭ ‬التزامها‭ ‬بالأمن‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬و«رفضها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضامنًا‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيكلف‭ ‬أوروبا‭ ‬غاليًا‭. ‬من‭ ‬جانبها‭ ‬استشهدت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬بوليتيكو‮»‬،‭ ‬بحديث‭ ‬‮«‬غابرييل‭ ‬لاندسبيرجيس‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الليتواني‭ ‬السابق،‭ ‬وهو‭ ‬يصف‭ ‬مؤتمر‭ ‬ميونيخ‭ ‬للأمن‭ ‬لعام‭ ‬2025،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬بداية‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭ ‬للناتو‮»‬‭.‬

وبالفعل،‭ ‬أسهمت‭ ‬تعليقات‭ ‬‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ميونيخ‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬و«الدول‭ ‬الأوروبية‮»‬‭. ‬وكما‭ ‬أورد‭ ‬‮«‬فرانك‭ ‬جاردنر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬ابتعد‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬مناقشة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أو‭ ‬مستقبل‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وبدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬شن‭ ‬هجومًا‭ ‬على‭ ‬حلفاء‭ ‬واشنطن،‭ ‬متهمًا‭ ‬الحكومات‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮«‬بالتراجع‭ ‬عن‭ ‬قيمها‭ ‬وتجاهل‭ ‬مخاوف‭ ‬الناخبين‭ ‬بشأن‭ ‬الهجرة‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‮»‬‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬جاردنر‮»‬،‭ ‬حديث‭ ‬‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬خطاب‭ ‬سيئ‭ ‬التقدير‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‮»‬،‭ ‬لكنه‭ ‬أشار‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الجمهور‭ ‬المستهدف‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الحاضرين‭ ‬في‭ ‬المؤتمر،‭ ‬بل‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬دليل‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأوروبي،‭ ‬رد‭ ‬‮«‬شولتس‮»‬،‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬انتقادات‭ ‬‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬هاجم‭ ‬فيها‭ ‬الحكومة‭ ‬الألمانية‭ ‬لرفضها‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬وفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬مشاركتها،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفيدرالية‭. ‬وخلال‭ ‬حديثه‭ ‬في‭ ‬المؤتمر،‭ ‬تجاهل‭ ‬‮«‬شولتس‮»‬،‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬زيارة‭ ‬‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬السابقة‭ ‬لمعسكر‭ ‬الاعتقال‭ ‬النازي‭ ‬‮«‬داخاو‮»‬‭ ‬قرب‭ ‬ميونيخ،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬التزام‭ ‬ألمانيا‭ ‬الثابت‭ ‬بعدم‭ ‬السماح‭ ‬بتكرار‭ ‬الجرائم‭ ‬النازية،‭ ‬قائلاً‭ ‬بوضوح‭: ‬‮«‬لن‭ ‬يتكرر‭ ‬ذلك‭ ‬أبداً‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬لاحقًا‭ ‬لقاء‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني،‭ ‬واختياره‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬الاجتماع‭ ‬مع‭ ‬زعيمة‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬البديل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ألمانيا‮»‬،‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف،‭ ‬‮«‬أليس‭ ‬فايدل‮»‬،‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬المؤتمر،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستغربًا‭ ‬أن‭ ‬يندد‭ ‬نائب‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني،‭ ‬‮«‬روبرت‭ ‬هابيك‮»‬،‭ ‬بهذا‭ ‬الموقف،‭ ‬واصفًا‭ ‬إياه‭ ‬بـ«نقطة‭ ‬تحول‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬انحازت‭ ‬خطابيًا‭ ‬وسياسيًا‭ ‬إلى‭ ‬النازيين‭ ‬المستبدين‮»‬،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬المؤتمر‭ ‬إلى‭ ‬احتمال‭ ‬فرض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رفضها‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام،‭ ‬كما‭ ‬لوّح‭ ‬أيضًا‭ ‬بإمكانية‭ ‬إرسال‭ ‬جنود‭ ‬أمريكيين‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭.‬

ورأى‭ ‬‮«‬جون‭ ‬هيربست‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الاجتماع‭ ‬بين‭ ‬‮«‬زيلينسكي‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬الخزانة‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬سكوت‭ ‬بيسنت‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬صفقة‭ ‬محتملة‭ ‬تمنح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعادن‭ ‬الأرضية‭ ‬النادرة‭ ‬مقابل‭ ‬تزويد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالأسلحة؛‭ ‬يعكس‭ ‬نهجًا‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬المصالح‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية،‭ ‬حيث‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬أولوياتها،‭ ‬ويحقق‭ ‬‮«‬نتائج‭ ‬ملموسة‭ ‬من‭ ‬منظورها‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬فحسب‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬فقدوا‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬لإدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الأمنية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬بعد‭ ‬توجه‭ ‬كبار‭ ‬مسؤولي‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬لبدء‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬نظرائهم‭ ‬الروس،‭ ‬مما‭ ‬دعا‭ ‬‮«‬ماكرون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬قمة‭ ‬طارئة‭ ‬لقادة‭ ‬الناتو،‭ ‬لمناقشة‭ ‬كيفية‭ ‬إنهاء‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ومستقبل‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭. ‬وشدد‭ ‬‮«‬واتلينج‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬منع‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬سلام‭ ‬بشروط‭ ‬غير‭ ‬مقبولة‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬يستلزم‭ ‬استعداد‭ ‬أوروبا‭ ‬لتعويض‭ ‬أي‭ ‬نقص،‭ ‬قد‭ ‬ينجم‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭. ‬وأشار‭ ‬تقرير‭ ‬لـ‮«‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬التوازن‭ ‬العسكري‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإنفاق‭ ‬العسكري‭ ‬الحقيقي‭ ‬لروسيا‭ ‬تجاوز‭ ‬إجمالي‭ ‬إنفاق‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬مجتمعة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬461‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أعلن‭ ‬‮«‬ستارمر‮»‬،‭ ‬استعداده‭ ‬لنشر‭ ‬قوات‭ ‬بريطانية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭. ‬وأفادت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬ألمانيا،‭ ‬وبولندا،‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬أعربت‭ ‬عن‭ ‬اعتراضها،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬سلام‭ ‬عادل‭ ‬ومستدام‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬دون‭ ‬مشاركتها‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬فورمان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬محور‭ ‬النقاش‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬رغم‭ ‬إشارته‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬شعور‭ ‬بالارتياح‭ ‬الجماعي‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬واستئناف‭ ‬عمليات‭ ‬تبادل‭ ‬الرهائن‭ ‬والسجناء‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬يتطرق‭ ‬التقرير‭ ‬الرسمي‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أو‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

وبينما‭ ‬أشار‭ ‬بيان‭ ‬‮«‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬اجتمعوا‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬ميونيخ‭ ‬للأمن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المناقشات‭ ‬تناولت‭ ‬‮«‬القضايا‭ ‬السياسية‭ ‬والإنسانية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالصراعات‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‮»‬،‭ ‬وأكدت‭ ‬‮«‬أهمية‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الدائم»؛‭ ‬لاحظ‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬جونينت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬للحكم‭ ‬المسؤول‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬خطابات‭ ‬‮«‬فانس‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬شولتس‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬تم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬رغبة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أقارب‭ ‬الرهائن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬تقدم‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬إلى‭ ‬مرحلته‭ ‬الثانية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬المفوض‭ ‬العام‭ ‬لـ«الأونروا‮»‬،‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬لازاريني‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬حول‭ ‬نجاح‭ ‬وكالته‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬إلى‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬واصلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬حملتها‭ ‬ضد‭ ‬المنظمة،‭ ‬عبر‭ ‬حملات‭ ‬دعائية‭ ‬في‭ ‬العواصم‭ ‬الغربية‭ ‬تتهمها‭ ‬بـ«التواطؤ‭ ‬مع‭ ‬الإرهاب‮»‬‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬أدى‭ ‬مؤتمر‭ ‬ميونيخ‭ ‬للأمن‭ ‬2025‭ ‬إلى‭ ‬تصاعد‭ ‬الانقسامات‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬حلف‭ ‬الناتو‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬إنهاء‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومستقبل‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وندد‭ ‬‮«‬ماثيو‭ ‬باريس‮»‬‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التايمز‮»‬،‭ ‬بمحاولات‭ ‬استرضاء‭ ‬روسيا‭ ‬عبر‭ ‬الدعوات‭ ‬للحل‭ ‬الوسط،‭ ‬بينما‭ ‬اعتبر‭ ‬‮«‬تيموثي‭ ‬غارتون‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬دعوة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬لـ«استسلام‭ ‬بلا‭ ‬معنى‮»‬،‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬خيانة‭ ‬لأوكرانيا‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬موقف‭ ‬تبنّاه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحاضرين‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭. ‬ووسط‭ ‬هذه‭ ‬التوترات،‭ ‬حذر‭ ‬محللون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الخلاف‭ ‬قد‭ ‬يقوض‭ ‬80‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وأوروبا،‭ ‬مما‭ ‬يهدد‭ ‬استقرار‭ ‬التحالف‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭.‬

ومع‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬جونينت‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬كيف‭ ‬تم‭ ‬‮«‬إزاحة‭ ‬المناقشات‭ ‬حول‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬واحتلالها‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬الهامش‭ ‬في‭ ‬ميونيخ،‭ ‬يجب‭ ‬أيضًا‭ ‬إثارة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التجمع‭ ‬الأمني،‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يصب‭ ‬تركيزه‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬مع‭ ‬التقليل‭ ‬نسبيًا‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الصراعات‭ ‬والتوترات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وآسيا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬قريب،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬عواقب‭ ‬سياسات‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬تجاه‭ ‬أوروبا‭ ‬ستهيمن‭ ‬على‭ ‬أجندة‭ ‬الأمن‭ ‬العالمي‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا