العدد : ١٧١٤٩ - الخميس ٠٦ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٤٩ - الخميس ٠٦ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ رمضان ١٤٤٦هـ

الثقافي

عندما أحرق أبو حيّان كتبه

السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬بغداد‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬الميلاد‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬الغريب،‭ ‬وظل‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬يجد‭ ‬له‭ ‬صدى‭ ‬مؤلماً‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الكثيرين‭: ‬أحرق‭ ‬أبو‭ ‬حيّان‭ ‬التوحيدي،‭ ‬الأديب‭ ‬الفيلسوف؛‭ ‬كتبه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إحباط‭ ‬ويأس‭. ‬وللحادث‭ ‬النادر‭ ‬ذيول‭ ‬وتفسيرات‭ ‬ودلالات‭ ‬كثيرة‭ ‬كتب‭ ‬عنها‭ ‬الكثيرون؛‭ ‬فكيف‭ ‬لعالم‭ ‬جليل‭ ‬وأديبٍ‭ ‬بارز‭ ‬وفيلسوف‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬بنفسه؟‭ ‬الأسباب‭ ‬والدوافع‭ ‬كانت‭ ‬كثيرة‭. ‬عاش‭ ‬أبو‭ ‬حيان‭ ‬حياة‭ ‬بائسة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يجد‭ ‬فيها‭ ‬قوت‭ ‬يومه،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬ينل‭ ‬تقديراً‭ ‬ولو‭ ‬بسيطاً‭ ‬من‭ ‬مجتمعه‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬القرن‭ ‬العاشر،‭ ‬رغم‭ ‬ازدهار‭ ‬العلوم‭ ‬والثقافة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وكان‭ ‬مؤلماً‭ ‬لنفسه‭ ‬ألا‭ ‬يجد‭ ‬حتى‭ ‬قوت‭ ‬يومه،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬بذله‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬وجهه‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬الوزراء‭ ‬والوجهاء‭ ‬ليلقى‭ ‬حفاوة‭ ‬مثل‭ ‬رهطه‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والأدباء‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العصر،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬قبولاً‭ ‬ولا‭ ‬ترحيباً‭ ‬ولا‭ ‬معونة‭ ‬أو‭ ‬مكافأة‭ ‬صغيرة‭ ‬يتفضل‭ ‬بها‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬المجالس،‭ ‬كما‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت؛‭ ‬فارتمى‭ ‬أبو‭ ‬حيان‭ ‬في‭ ‬حضيض‭ ‬اليأس،‭ ‬وتكالبت‭ ‬عليه‭ ‬الحياة‭ ‬والمحن،‭ ‬فكان‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬قوته‭ ‬في‭ ‬البراري،‭ ‬ويأكل‭ ‬الحشائش‭ ‬التي‭ ‬ترعى‭ ‬بها‭ ‬الإبل‭ ‬والمواشي‭. ‬واشتهرت‭ ‬سيرة‭ ‬أبي‭ ‬حيان‭ ‬عند‭ ‬أجيال‭ ‬الأدب‭ ‬اللاحقين‭ ‬وتفاعلوا‭ ‬معها؛‭ ‬لما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬مآسٍ‭ ‬ودلالات‭ ‬وعبر،‭ ‬وكأنها‭ ‬حدثت‭ ‬بالأمس‭. ‬كتب‭ ‬أبو‭ ‬حيان‭ ‬أدباً‭ ‬فلسفيًا،‭ ‬وفلسفة‭ ‬بلغة‭ ‬الأدب،‭ ‬حتى‭ ‬لقب‭ ‬بفيلسوف‭ ‬الأدباء‭ ‬وأديب‭ ‬الفلاسفة‭.‬

عاش‭ ‬أبو‭ ‬حيان‭ ‬جل‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬مضطرب،‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الدولة‭ ‬العباسية،‭ ‬وقيام‭ ‬الدويلات‭ ‬المنقسمة‭ ‬والمتصارعة،‭ ‬ورغم‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬السياسية‭ ‬السيئة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬كان‭ ‬مزدحماً‭ ‬بالأدباء‭ ‬والعلماء‭ ‬والفلاسفة،‭ ‬بسبب‭ ‬ازدهار‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬والثقافة،‭ ‬حيث‭ ‬امتد‭ ‬تأثير‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬الثقافي‭ ‬ليشمل‭ ‬معه‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬الذي‭ ‬يليه،‭ ‬وهذه‭ ‬ميزة‭ ‬الثقافة‭ ‬فهي‭ ‬تنبني‭ ‬ببطء‭ ‬وتتراكم،‭ ‬ثم‭ ‬تنسحب‭ ‬ببطء‭ ‬أيضاً،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الاختلاف‭ ‬الأساسي‭ ‬بين‭ ‬الثقافة‭ ‬والسياسة،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تشهد‭ ‬تحولات‭ ‬سريعة‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭. ‬شهد‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬اهتماماً‭ ‬كبيراً‭ ‬واسعاً‭ ‬بالترجمة‭ ‬للتراث‭ ‬اليوناني‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬والعلوم‭ ‬والمعارف،‭ ‬فكثر‭ ‬الأدباء‭ ‬والعلماء‭ ‬والفلاسفة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القرن،‭ ‬رغم‭ ‬الانهيار‭ ‬السياسي‭. ‬كان‭ ‬أبو‭ ‬حيان‭ ‬التوحيدي‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬عائلة‭ ‬فقيرة‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬ضواحي‭ ‬بغداد‭ ‬على‭ ‬الكفاف،‭ ‬فعمل‭ ‬ورَّاقاً‭ ‬يقوم‭ ‬بنسخ‭ ‬الكتب،‭ ‬وأفادته‭ ‬مهنته‭ ‬لينهل‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬العلوم‭ ‬والمعارف‭ ‬والآداب،‭ ‬فكان‮ ‬ينسخ‭ ‬ويقرأ‭ ‬كتباً‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬مختلفة،‭ ‬ويلتهم‭ ‬الكتب‭ ‬التهام‭ ‬الملهوف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬المعارف‭ ‬والعلوم،‭ ‬فانعكس‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مؤلفاته‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬متنوعة‭ ‬بالعلوم‭ ‬والمعارف‭ ‬والأدب‭ ‬والفلسفة‭ ‬وعلم‭ ‬النفس‭. ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬المؤرخون،‭ ‬كان‭ ‬أبو‭ ‬حيان‭ ‬موسوعياً‭ ‬وعالما‭ ‬ً‭ ‬وأديباً‭ ‬وفيلسوفاً‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬ينفعه‭ ‬علمه‭ ‬الغزير‭ ‬وإنتاجه‭ ‬الوفير‭ ‬في‭ ‬التقرب‭ ‬إلى‭ ‬مجالس‭ ‬الأمراء‭ ‬والأعيان،‭ ‬فابتعد‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المجالس،‭ ‬وساءت‭ ‬أحواله‭ ‬المادية‭ ‬والنفسية،‭ ‬وعاش‭ ‬حياة‭ ‬بائسة‭. ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬خلفه‭ ‬من‭ ‬أسفار‭ ‬ومؤلفات‭ ‬يعتبرها‭ ‬النقاد‭ ‬والمؤرخون‭ ‬من‭ ‬عيون‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬القديم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يشفع‭ ‬له‭ ‬ليتبوأ‭ ‬المكانة‭ ‬الرفيعة‭ ‬التي‭ ‬يستحقها،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬يقول‭ ‬ياقوت‭ ‬الحموي‭: ‬‮«‬لم‭ ‬أر‭ ‬أحدًا‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬العلم‭ ‬ذكره‭ ‬في‭ ‬كتاب،‭ ‬ولا‭ ‬دمجه‭ ‬في‭ ‬خطاب،‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬العجب‭ ‬العجاب‮»‬‭.‬‮ ‬

كان‭ ‬أبوحيان‭ ‬متصوفاً،‭ ‬وقال‭ ‬عنه‭ ‬النقاد،‭ ‬إنه‭ ‬ارتقى‭ ‬باللغة‭ ‬الصوفية‭ ‬إلى‭ ‬ذُرا‭ ‬لم‭ ‬يعرفها‭ ‬الأدب‭ ‬الصوفي،‭ ‬وكتابه‭ ‬‮«‬الإشارات‭ ‬الإلهية‮»‬‭ ‬شاهدٌ‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬وله‭ ‬مؤلفات‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬العلوم‭ ‬والمعارف،‭ ‬وأبرزها‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬الإمتاع‭ ‬والمؤانسة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬عنه‭ ‬القفطي‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬تاريخ‭ ‬الحكماء‭: ‬‮«‬هو‭ ‬كتاب‭ ‬ممتع‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭ ‬لمن‭ ‬له‭ ‬مشاركة‭ ‬في‭ ‬فنون‭ ‬العلوم،‭ ‬فإنه‭ ‬خاض‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بحر،‭ ‬وغاص‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لجة‮»‬‭. ‬وكان‭ ‬أبو‭ ‬حيان‭ ‬مولعًا‭ ‬بالجاحظ‭ ‬فنسج‭ ‬على‭ ‬منواله،‭ ‬وسار‭ ‬على‭ ‬هديه‭ ‬وطريقته‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الكتّاب‭ ‬وصفٌ‭ ‬تاريخيٌ‭ ‬لانهيار‭ ‬الدولة‭ ‬العباسية‭. ‬وله‭ ‬أيضاً‭ ‬كتابَيْ‭ ‬‮«‬البصائر‭ ‬والذخائر‮»‬‭ ‬و«المقابسات‮»‬،‭ ‬والأخير‭ ‬حوارٌ‭ ‬بين‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬مواضيع‭ ‬الفلسفة‭ ‬والعلوم‭ ‬والطبيعة‭ ‬وحالات‭ ‬النفس،‭ ‬مما‭ ‬شغل‭ ‬فكر‭ ‬الأدباء‭ ‬والعلماء‭ ‬والفلاسفة‭ ‬في‭ ‬ذاك‭ ‬الوقت‭. ‬وكان‭ ‬مثقفو‭ ‬ذاك‭ ‬العصر‭ ‬معجبين‭ ‬ومولعين‭ ‬بالثقافة‭ ‬اليونانية‭ ‬المترجمة؛‭ ‬فنهل‭ ‬منها‭ ‬أبو‭ ‬حيّان‭ ‬مثل‭ ‬أدباء‭ ‬زمانه‭.‬

وُلد‭ ‬أبوحيّان‭ ‬فقيراً،‭ ‬وعاش‭ ‬فقيراً،‭ ‬ومات‭ ‬فقيراً،‭ ‬شقياً،‭ ‬وعندما‭ ‬اشتد‭ ‬به‭ ‬الفقر،‭ ‬وأتلفته‭ ‬الحاجة،‭ ‬كتب‭ ‬لصديقه‭ ‬أبي‭ ‬الوفاء‭ ‬المهندس‭ ‬يقول‭ ‬مستجدياً‭: ‬‮«‬خلصني‭ ‬أيها‭ ‬الرجل‭ ‬من‭ ‬التكفّف،‭ ‬أنقذني‭ ‬من‭ ‬لبس‭ ‬الفقر،‭ ‬اكفني‭ ‬من‭ ‬مؤونة‭ ‬الغداء‭ ‬والعشاء‭. ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬الكسيرة‭ ‬اليابسة،‭ ‬والبقيلة‭ ‬الذاوية،‭ ‬والقميص‭ ‬المرقع[‭...‬]؟‮»‬‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لأبي‭ ‬حيان‭ ‬مخرجٌ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العوز‭ ‬والبلاء‭ ‬والتعذيب‭ ‬النفسي‭ ‬والإحباط‭ ‬الشديد،‭ ‬فجمع‭ ‬كل‭ ‬كتبه‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬يأس‭ ‬وانهيار‭ ‬وأطعمها‭ ‬النار،‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬والله‭ ‬ما‭ ‬فارقتك‭ ‬حتى‭ ‬كدت‭ ‬أحترق‭ ‬بك‮»‬‭. ‬وكانت‭ ‬العرب‭ ‬قديماً‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬مهنة‭ ‬الأدب‭ ‬هي‭ ‬بلاء‭ ‬وفقر،‭ ‬فقَدْ‭ ‬قال‭ ‬شاعرهم‭: ‬‮«‬وقد‭ ‬علمتُ‭ ‬ومالي‭ ‬ما‭ ‬أعيش‭ ‬بهِ‭/ ‬أنَّ‭ ‬التي‭ ‬أدركتني‭ ‬حرفة‭ ‬الأدب‮»‬‭. ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬شائعًا‭ ‬عند‭ ‬الأدباء‭ ‬والعلماء‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬شائعٌ‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحديث،‭ ‬وما‭ ‬أشبه‭ ‬الليلة‭ ‬بالبارحة،‭ ‬فالأدب‭ ‬ظل‭ ‬معادلاً‭ ‬للفقر‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬فأغلب‭ ‬الأدباء‭ ‬يعيشون‭ ‬حياة‭ ‬محدودة‭ ‬الدخل،‭ ‬ويقنعون‭ ‬بالقليل‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭. ‬وسبق‭ ‬أبا‭ ‬حيان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬أقرانٌ‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الكتابة،‭ ‬منهم‭ ‬أبوعمر‭ ‬ابن‭ ‬العلاء‭ ‬الذي‭ ‬دفن‭ ‬كتبه‭ ‬في‭ ‬بطن‭ ‬الأرض‭ ‬دفن‭ ‬الأموات،‭ ‬وداوود‭ ‬الطائي‭ ‬الذي‭ ‬رمى‭ ‬كتبه‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر،‭ ‬وسليمان‭ ‬الداراني‭ ‬الذي‭ ‬ألقى‭ ‬كتبه‭ ‬في‭ ‬تنور‭ ‬وأحرقها‭. ‬ولم‭ ‬يعلم‭ ‬أبوحيان‭ ‬أنه‭ ‬سيُخلَد،‭ ‬وسيحظى‭ ‬بمنزلة‭ ‬رفيعة‭ ‬في‭ ‬أجيال‭ ‬لاحقة‭ ‬ستأتي‭ ‬من‭ ‬بعده،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬نسخاً‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬كتبه‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬عند‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬عصره‭ ‬فاحتفظوا‭ ‬بها،‭ ‬وظلت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬متداولة‭ ‬عند‭ ‬أجيال‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬الأدب،‭ ‬منذ‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬الميلادي‭ ‬حتى‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭. ‬واغتراب‭ ‬الكُتّاب‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬هي‭ ‬حالة‭ ‬تتكرر‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الأجيال،‭ ‬لسبب‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬والإدراك‭ ‬بين‭ ‬الأدباء‭ ‬والناس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عصر‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الجاهلة،‭ ‬فهذا‭ ‬فيلسوف‭ ‬الشعراء‭ ‬أبو‭ ‬العلاء‭ ‬المعري‭ ‬يصيح‭ ‬صيحته‭ ‬المؤلمة،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زل‭ ‬صداها‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬ليلخص‭ ‬مأساته‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬ساخراً‭ ‬وصادقاً‭ ‬ومتألماً‭: ‬

ولما‭ ‬رأيت‭ ‬الجهل‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬فاشيا ‭    ‬تجاهلتُ‭ ‬حتى‭ ‬ظُنَ‭ ‬أني‭ ‬جاهلُ

كما‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬مقام‭ ‬آخر‭:‬‮ ‬

أولو‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬أوطانهم‭ ‬غرباءُ‮   ‬ ‭ ‬تشذُّ‭ ‬وتنأى‭ ‬عنهم‭ ‬القرباءُ

‮ ‬ويقول‭ ‬الشاعر‭ ‬الأحنف‭ ‬العكبري‭ ‬شاكيا‭:‬‮ ‬

العنكبوت‭ ‬بنتْ‭ ‬بيتاً‭ ‬على‭ ‬وهنٍ‮    ‬ ‭ ‬تأوي‭ ‬إليه‭ ‬وما‭ ‬لي‭ ‬مثله‭ ‬وطنُ

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا