العدد : ١٧١٣٦ - الجمعة ٢١ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٣٦ - الجمعة ٢١ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تداعيات إلغاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية

بقلم: إيغور توبوروف {

الخميس ٢٠ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

تعد‭ ‬المحاولات‭ ‬المستمرة‭ ‬لإغلاق‭ ‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬خطوات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬ورئيس‭ ‬إدارة‭ ‬الكفاءة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية‭ ‬الجديدة‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬موضع‭ ‬التنفيذ‭ ‬لإعادة‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬الانعزالية‭.‬

لقد‭ ‬تم‭ ‬إحالة‭ ‬جميع‭ ‬موظفي‭ ‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬إجازة‭ ‬مدفوعة‭ ‬الأجر‭ ‬فيما‭ ‬حدد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو،‭ ‬الذي‭ ‬أُعلن‭ ‬رئيساً‭ ‬بالإنابة‭ ‬للمنظمة،‭ ‬التوجه‭ ‬المستقبلي‭ ‬للوكالة‭ ‬مع‭ ‬استيعاب‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬لمهامها‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬وماسك‭ (‬رئيس‭ ‬إدارة‭ ‬الكفاءة،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭) ‬وروبيو‭ ‬هم‭ ‬المبادرون‭ ‬والأطراف‭ ‬الفاعلة‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬إغلاق‭ ‬الوكالة‭ - ‬ولكل‭ ‬منهم‭ ‬أهدافه‭ ‬ودوافعه‭ ‬الشخصية‭.‬

ومع‭ ‬كل‭ ‬الأولوية‭ ‬الرسمية‭ ‬والحقيقية‭ ‬لمؤسسة‭ ‬الرئاسة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬أجندة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فمن‭ ‬الصعب‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬تأثير‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬كشخصية‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬التنفيذ‭ ‬الحقيقي‭ ‬لأولويات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لرئيس‭ ‬الدولة‭ - ‬مع‭ ‬انحرافات‭ ‬وتصحيحات‭ ‬شخصية‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‭ ‬للخطط‭ ‬الطموحة،‭ ‬ولكن‭ ‬ليست‭ ‬دائمًا‭ ‬محددة‭ ‬ومفصلة‭ ‬للزعيم‭ ‬الوطني‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬دور‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬مهم‭ ‬أيضاً‭ - ‬فهو‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬صاحب‭ ‬الفكرة‭ ‬المباشرة‭ ‬لإنهاء‭ ‬عمل‭ ‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية،‭ ‬والذي‭ ‬حصل،‭ ‬بحسب‭ ‬قوله،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭.‬

لقد‭ ‬عاد‭ ‬الرئيس‭ ‬السابع‭ ‬والأربعون‭ ‬والخامس‭ ‬والأربعون‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬تحت‭ ‬شعارات‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬الانعزالية‭ ‬النسبية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تميز‭ ‬بالمناسبة‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬إدارتي‭ ‬أوباما‭ ‬وبايدن‭.‬

منذ‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية،‭ ‬يسعى‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬إظهار‭ ‬استعداده‭ ‬للتنفيذ‭ ‬العملي‭ ‬للوعود‭ ‬الانتخابية‭ ‬الخطابية‭ ‬المشرقة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬افتقرت‭ ‬إليه‭ ‬إدارته‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

وبالمناسبة،‭ ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يُعرف‭ ‬عنه‭ ‬استعداده‭ ‬للاعتراف‭ ‬بأخطائه‭ ‬وحساباته‭ ‬الخاطئة،‭ ‬اعترف‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬مضض،‭ ‬بأن‭ ‬مبادراته‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬العملية‭ - ‬وفقا‭ ‬له،‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬كفاية‭ ‬الولاء‭ ‬الشخصي‭ ‬والسياسي‭ ‬والأيديولوجي‭ ‬لعدد،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معظم،‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬إدارته‭ ‬الأولى،‭ ‬الذين‭ ‬رشحهم،‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬للمناصب‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو،‭ ‬الذي‭ ‬رشحه‭ ‬ترامب‭ ‬لمنصب‭ ‬رئيس‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ووافق‭ ‬عليه‭ ‬بالإجماع‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ممثلو‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المعارض،‭ ‬يعزز‭ ‬نفوذه‭ ‬الشخصي‭ ‬والتنظيمي‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬أهداف‭ ‬وأولويات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭.‬

الآن،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬هيكل‭ ‬حكومي‭ ‬مكرر،‭ ‬تقع‭ ‬جميع‭ ‬وظائف‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأكثر‭ ‬أو‭ ‬الأقل‭ ‬أهمية‭ ‬ودعم‭ ‬مواردها‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭. ‬وباعتباره‭ ‬وسطيا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬تقليديا‭ ‬من‭ ‬دعاة‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬فإن‭ ‬السيناتور‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬فلوريدا‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو‭ ‬يعطي‭ ‬الأمل‭ ‬لمؤيدي‭ ‬عودة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الانعزالية‭ ‬‮«‬مبدأ‭ ‬مونرو‮»‬‭.‬

وكان‭ ‬المجال‭ ‬الرئيسي‭ ‬لخبرة‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬خطاب‭ ‬المواجهة‭ ‬النموذجي‭ ‬الذي‭ ‬يلجأ‭ ‬إليه‭ ‬الجمهوريون‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬هو‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬ــ‭ ‬وهو‭ ‬يعتزم‭ ‬إقامة‭ ‬تعاون‭ ‬اقتصادي‭ ‬وثيق‭ ‬وحتى‭ ‬سياسي‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭.‬

وعلى‭ ‬هذا‭ ‬فإن‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو،‭ ‬الذي‭ ‬يتحدث‭ ‬الإسبانية،‭ ‬يبدو‭ ‬الشخصية‭ ‬الأكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬تركيز‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬لديه‭ ‬طموحات‭ ‬رئاسية‭: ‬فقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التمهيدية‭ ‬للحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬لمنصب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬2015‭-‬2016،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الثالث‭ ‬المشرف‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭.‬

أما‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يصبح‭ ‬أكبر‭ ‬مانح‭ ‬مالي‭ ‬لحملة‭ ‬ترامب‭ ‬الانتخابية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬أيضًا‭ ‬شخصية‭ ‬سياسية‭ ‬عامة،‭ ‬يقوم‭ ‬شخصيًا‭ ‬بحملته‭ ‬الانتخابية،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬منحه‭ ‬دورا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬مستشار‭ ‬مستقل‭ ‬بحكم‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭.‬

إن‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬يكرر‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬دور‭ ‬الرئيس‭ ‬هربرت‭ ‬هوفر‭ - ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬‮«‬لجنة‭ ‬هوفر‮»‬‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الحرة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬فرانكلين‭ ‬روزفلت‭ ‬واقتصاد‭ ‬التعبئة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭.‬

يتصرف‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الشرعية‭ ‬الإجرائية‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬المنفذ‭ ‬العملي‭ ‬لتحسين‭ ‬وتقليص‭ ‬الجهاز‭ ‬البيروقراطي‭ ‬الفيدرالي‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬ماسك،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬هوفر،‭ ‬إلى‭ ‬موافقة‭ ‬الكونجرس‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الخطوات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬ــ‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتفق‭ ‬معه‭ ‬جميع‭ ‬الأعضاء‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬تقريبا‭ ‬في‭ ‬مجلسي‭ ‬الشيوخ‭ ‬والنواب‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مقاومة‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الثانية،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الأولى،‭ ‬تتخذ‭ ‬عمليا‭ ‬خطوات‭ ‬لتقليص‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التنظيمية،‭ ‬ولكنها‭ ‬صحيحة‭ ‬إيديولوجيا‭ ‬وتحظى‭ ‬بشعبية‭ ‬سياسية‭.‬

 

{ باحث‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬العالي‭ ‬للاقتصاد‭-‬روسيا‭ ‬

إزفستيا‭ ‬–‭ ‬موسكو

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا