اختتمت في دبي الأسبوع الماضي القمة العالمية للحكومات 2025 التي عقدت تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، وذلك بمشاركة دولية قياسية هي الأكبر في تاريخ القمة. وشارك في الدورة الجديدة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 80 منظمة دولية وإقليمية، بالإضافة إلى 140 وفداً حكومياً ونخبة من قادة الفكر والخبراء العالميين، وبحضور أكثر من 6000 مشارك.
وشمل جدول أعمال القمة في دورتها الجديدة 6 محاور رئيسية تتناول الحوكمة الفعالة والمسؤولية، والاقتصاد العالمي وتمويل المستقبل، ومرونة المدن ومواجهة الأزمات والمناخ، ومستقبل البشرية وتطوير القدرات، وتحولات الصحة العالمية، والآفاق المستقبلية للتوجهات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المدفوعة بالاستدامة.
وقد لخص رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات الإماراتية، محمد بن عبد الله القرقاوي في كلمته في القمة أهم التحولات الكبرى التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر وأبرزها انتقال العالم من هيمنة الشركات الصناعية والتقليدية مثل النفط والصناعات الثقيلة والخدمات المالية إلى صدارة الشركات التكنولوجية والمنصات الرقمية. كما يشهد العالم تحوّلات عميقة في المشهد الاقتصادي العالمي، حيث صعدت كل من الصين والهند مقابل تراجع بعض الدول الصناعية المتقدمة.
وفي عام 2000 كانت الحروب التكنولوجية والروبوتات العسكرية في أفلام الخيال العلمي فقط، واليوم نشهد الحروب بالدرونز (الطائرات المسيرة) والروبوتات والذكاء الاصطناعي، وكان العالم يخاف من الحروب النووية فقط، واليوم العالم يخاف من الحروب النووية والسيبرانية والبيولوجية.
وعندما نشهد زيادة سكان العالم إلى 8.2 مليارات نسمة اليوم، وتضاعف حجم الاقتصاد من 34 تريليون دولار إلى 115 تريليون دولار عام 2024، ونمو التجارة الدولية من 7 تريليونات إلى 33 تريليون دولار عام 2024، فإننا في الوقت نفسه نشهد للأسف أن العالم بات أكثر توحشا وقسوة على البشر. لقد بات منطق الحروب هو السائد في العالم، وليس بالضرورة الحروب العسكرية، بل حروب الرسوم والضرائب، وحروب الجشع والاستغلال، وحروب تدمير الطبيعة وتشويه المدن العمران، وحروب الهيمنة والنفوذ، وحروب الفقر والجهل وتردي مستوى الحياة. كما بات التطور التكنولوجي هدفا بحد ذاته، بغض النظر عن مفاعليه على البشر والبشرية، وعلى الوظائف، وعلى العائلة وعلى الخصوصية، وعلى تخريب الثقافات وغزو أفكار الشباب.
وقد لاحظنا كيف أنه في عام 2000 كان العالم متفائلا بالعولمة، إلا أن السنوات الأخيرة شهد العالم صعود الشعبوية وسياسات الانكفاء الداخلي وحماية الحدود والأسواق المحلية كردة فعل على عدم احترام المصالح الوطنية للشعوب.
من هنا تأتي الأهمية الكبيرة لهذه القمة، حين يجتمع قادة العالم ليبحثوا في كيفية أن تكون رفاهية البشرية يجب أن تكون هي الغاية النهائية من كل ما نشهده من جهود على صعيد التحول التكنولوجي، وذلك من خلال الحوكمة الفعالة والمسؤولية، والشمول المالي والاقتصاد الأخضر والاستدامة وحماية المناخ.
إن الإنسان بما حباه الله من قدرة كبيرة على التحكم في الطبيعة والكون باستخدام أحدث التقنيات المتطورة، يجب أن يتمسك بالقيم والمبادئ الانسانية، وعدم الانجرار وراء مصالح دوله أو شركاته الأنانية، لأن العالم كله بات في قارب واحد متشابك المصالح والمستقبل المشترك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك