العدد : ١٧١٣٥ - الخميس ٢٠ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٣٥ - الخميس ٢٠ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ شعبان ١٤٤٦هـ

مقالات

القمة العالمية للحكومات 2025

بقلم: عدنان أحمد يوسف

الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

اختتمت‭ ‬في‭ ‬دبي‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬القمة‭ ‬العالمية‭ ‬للحكومات‭ ‬2025‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬استشراف‭ ‬حكومات‭ ‬المستقبل‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بمشاركة‭ ‬دولية‭ ‬قياسية‭ ‬هي‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬القمة‭. ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الجديدة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬وحكومة،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬منظمة‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬140‭ ‬وفداً‭ ‬حكومياً‭ ‬ونخبة‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الفكر‭ ‬والخبراء‭ ‬العالميين،‭ ‬وبحضور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6000‮ ‬مشارك‭.‬

وشمل‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الجديدة‭ ‬6‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭ ‬تتناول‭ ‬الحوكمة‭ ‬الفعالة‭ ‬والمسؤولية،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬وتمويل‭ ‬المستقبل،‭ ‬ومرونة‭ ‬المدن‭ ‬ومواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬والمناخ،‭ ‬ومستقبل‭ ‬البشرية‭ ‬وتطوير‭ ‬القدرات،‭ ‬وتحولات‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬والآفاق‭ ‬المستقبلية‭ ‬للتوجهات‭ ‬الناشئة‭ ‬مثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المدفوعة‭ ‬بالاستدامة‭. ‬

وقد‭ ‬لخص‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬القمة‭ ‬العالمية‭ ‬للحكومات‭ ‬الإماراتية،‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬القرقاوي‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬أهم‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬وأبرزها‭ ‬انتقال‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬الشركات‭ ‬الصناعية‭ ‬والتقليدية‭ ‬مثل‭ ‬النفط‭ ‬والصناعات‭ ‬الثقيلة‭ ‬والخدمات‭ ‬المالية‭ ‬إلى‭ ‬صدارة‭ ‬الشركات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والمنصات‭ ‬الرقمية‭. ‬كما‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬تحوّلات‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬صعدت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬مقابل‭ ‬تراجع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬كانت‭ ‬الحروب‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والروبوتات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الخيال‭ ‬العلمي‭ ‬فقط،‭ ‬واليوم‭ ‬نشهد‭ ‬الحروب‭ ‬بالدرونز‭ (‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭) ‬والروبوتات‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وكان‭ ‬العالم‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬النووية‭ ‬فقط،‭ ‬واليوم‭ ‬العالم‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬النووية‭ ‬والسيبرانية‭ ‬والبيولوجية‭.‬

وعندما‭ ‬نشهد‭ ‬زيادة‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬8‭.‬2‭ ‬مليارات‭ ‬نسمة‭ ‬اليوم،‭ ‬وتضاعف‭ ‬حجم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬من‭ ‬34‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬115‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬ونمو‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬تريليونات‭ ‬إلى‭ ‬33‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬فإننا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬نشهد‭ ‬للأسف‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬بات‭ ‬أكثر‭ ‬توحشا‭ ‬وقسوة‭ ‬على‭ ‬البشر‭. ‬لقد‭ ‬بات‭ ‬منطق‭ ‬الحروب‭ ‬هو‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬الحروب‭ ‬العسكرية،‭ ‬بل‭ ‬حروب‭ ‬الرسوم‭ ‬والضرائب،‭ ‬وحروب‭ ‬الجشع‭ ‬والاستغلال،‭ ‬وحروب‭ ‬تدمير‭ ‬الطبيعة‭ ‬وتشويه‭ ‬المدن‭ ‬العمران،‭ ‬وحروب‭ ‬الهيمنة‭ ‬والنفوذ،‭ ‬وحروب‭ ‬الفقر‭ ‬والجهل‭ ‬وتردي‭ ‬مستوى‭ ‬الحياة‭. ‬كما‭ ‬بات‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬هدفا‭ ‬بحد‭ ‬ذاته،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مفاعليه‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬والبشرية،‭ ‬وعلى‭ ‬الوظائف،‭ ‬وعلى‭ ‬العائلة‭ ‬وعلى‭ ‬الخصوصية،‭ ‬وعلى‭ ‬تخريب‭ ‬الثقافات‭ ‬وغزو‭ ‬أفكار‭ ‬الشباب‭.‬

وقد‭ ‬لاحظنا‭ ‬كيف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬متفائلا‭ ‬بالعولمة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬شهد‭ ‬العالم‭ ‬صعود‭ ‬الشعبوية‭ ‬وسياسات‭ ‬الانكفاء‭ ‬الداخلي‭ ‬وحماية‭ ‬الحدود‭ ‬والأسواق‭ ‬المحلية‭ ‬كردة‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬احترام‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬للشعوب‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬لهذه‭ ‬القمة،‭ ‬حين‭ ‬يجتمع‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬ليبحثوا‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬رفاهية‭ ‬البشرية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬الغاية‭ ‬النهائية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نشهده‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التحول‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحوكمة‭ ‬الفعالة‭ ‬والمسؤولية،‭ ‬والشمول‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬والاستدامة‭ ‬وحماية‭ ‬المناخ‭.‬

إن‭ ‬الإنسان‭ ‬بما‭ ‬حباه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬والكون‭ ‬باستخدام‭ ‬أحدث‭ ‬التقنيات‭ ‬المتطورة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتمسك‭ ‬بالقيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الانسانية،‭ ‬وعدم‭ ‬الانجرار‭ ‬وراء‭ ‬مصالح‭ ‬دوله‭ ‬أو‭ ‬شركاته‭ ‬الأنانية،‭ ‬لأن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بات‭ ‬في‭ ‬قارب‭ ‬واحد‭ ‬متشابك‭ ‬المصالح‭ ‬والمستقبل‭ ‬المشترك‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا