العدد : ١٧١٣٥ - الخميس ٢٠ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٣٥ - الخميس ٢٠ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

رسوم ترامب الجمركية تهدد بتقويض هيمنة الدولار عالميا

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ١٨ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬إطار‭ ‬تعهداته‭ ‬المتكررة‭ ‬للناخبين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بإعادة‭ ‬ترسيخ‭ ‬الهيمنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬انتهج‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الرئاسية‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وبعدها،‭ ‬سياسة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬مرتفعة‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬المنافسين‭ ‬الجيوسياسيين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إنفاق‭ ‬حكومي‭ ‬ضخم‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬والطاقة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬وجه‭ ‬تهديدات‭ ‬متكررة‭ ‬لأبرز‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬استخدام‭ ‬العملات‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬والمعاملات‭ ‬الدولية؛‭ ‬ما‭ ‬شكل‭ ‬توجهًا‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬التقليدي‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬المطلقة‭ ‬للدولار،‭ ‬واعتماده‭ ‬كعملة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬غالبية‭ ‬التجارة‭ ‬والمعاملات‭ ‬الدولية‭ -‬47%‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬المدفوعات‭ ‬العالمية،‭ ‬و84%‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬تمويل‭ ‬التجارة،‭ ‬و54‭.‬8%‭ ‬من‭ ‬احتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭ ‬العالمية‭ ‬بقيمة‭ ‬إجمالية‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬6‭.‬77‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭- ‬فقد‭ ‬وثقت‭ ‬جويس‭ ‬تشانج،‭ ‬من‭ ‬مصرف‭ ‬جي‭ ‬بي‭ ‬مورجان،‭ ‬كيف‭ ‬اكتسبت‭ ‬سردية‭ ‬تآكل‭ ‬المكانة‭ ‬العالمية‭ ‬للدولار‭ ‬زخمًا‭ ‬مع‭ ‬انقسام‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬كتل‭ ‬تجارية؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬جليا‭ ‬في‭ ‬انخفاض‭ ‬الاحتياطيات‭ ‬الأجنبية‭ ‬للعملة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬10%‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭.‬

ومع‭ ‬توسع‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭ ‬البريكس،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬مؤسسيها‭ -‬البرازيل،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والهند،‭ ‬والصين،‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭- ‬وضمها‭ ‬لدول‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية؛‭ ‬أصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬نحو‭ ‬45%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬و35%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي،‭ ‬و42%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬احتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي؛‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬توافق‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬عملة‭ ‬تجارية‭ ‬موحدة،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تقليل‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬المعاملات‭ ‬الثنائية‭ ‬والمتعددة‭ ‬الأطراف،‭ ‬وهي‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬إلغاء‭ ‬الدولرة‭.‬

وبالفعل،‭ ‬هدد‭ ‬ترامب،‭ ‬بفرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬100%‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬إزالة‭ ‬الدولرة‭. ‬ونظرا‭ ‬الى‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬صعد‭ ‬بها‭ ‬التوترات‭ ‬التجارية‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الالتزام،‭ ‬بفرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬أعلى‭ ‬على‭ ‬كندا،‭ ‬والمكسيك‭ ‬المجاورتين،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الصين‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬فإن‭ ‬احتمالات‭ ‬تضرر‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬والمتنامية‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬التجارة‭ ‬الحمائية‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬زادت‭ ‬بشكل‭ ‬بالغ‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬الدولار‭ -‬مقارنة‭ ‬بالعملات‭ ‬المناظرة،‭ ‬مثل‭ ‬اليورو‭ ‬والين‭ ‬والرنمينبي‭- ‬قد‭ ‬ارتفعت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬تهديدات‭ ‬ترامب‭ ‬التجارية،‭ ‬فإن‭ ‬باتريك‭ ‬تشوفانيك،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬التصريحات‭ ‬التجارية‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬التأثير‭ ‬الفعلي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬هيمنة‭ ‬الدولار‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬والمعاملات‭ ‬مع‭ ‬تسريع‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬اضطلعت‭ ‬به‭ ‬واشنطن،‭ ‬كـوصي‭ ‬موثوق‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬والعملات‭ ‬الاحتياطية‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬تأجيل‭ ‬ترامب،‭ ‬قراره‭ ‬بزيادة‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬25%‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬كندا‭ ‬والمكسيك‭ ‬بعد‭ ‬مناقشات‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬زعماء‭ ‬البلدين،‭ ‬فإن‭ ‬دانييل‭ ‬مولاني،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬قد‭ ‬ارتكب‭ ‬خطأ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصوره،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توضيحه‭ ‬جدية‭ ‬تهديداته،‭ ‬وتوافر‭ ‬النية‭ ‬لتنفيذها‭. ‬ومع‭ ‬إقدام‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬فعلية‭ ‬بنسبة‭ ‬10%‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الصينية‭ ‬الواردة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتلميحه‭ ‬بفرض‭ ‬قيود‭ ‬تجارية‭ ‬على‭ ‬أوروبا‭ ‬قريبًا؛‭ ‬أشار‭ ‬جيسون‭ ‬لوي،‭ ‬من‭ ‬مصرف‭ ‬بي‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬باريبا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التفاؤل‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬بأن‭ ‬تهديدات‭ ‬ترامب‭ ‬بالرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬ورقة‭ ‬تفاوض‭ ‬لم‭ ‬يُقدّر‭ ‬بشكل‭ ‬كافٍ‭ ‬مدى‭ ‬إصرار‭ ‬إدارته‭ ‬على‭ ‬تنفيذها‭. ‬وأقرّ‭ ‬جورج‭ ‬سارافيلوس،‭ ‬من‭ ‬دويتشه‭ ‬بنك،‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬أفضت‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬باتت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬ضبط‭ ‬هيكلي‭ ‬لمخاطر‭ ‬حرب‭ ‬تجارية‭.‬

وعبر‭ ‬منصته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الخاصة‭ ‬الجديدة‭ ‬المسماة‭ ‬بتروث‭ ‬سوشيال،‭ ‬أشار‭ ‬ترامب،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ربما‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الألم‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬جراء‭ ‬سياساته‭ ‬الجمركية،‭ ‬لكنه‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ترى‭ ‬نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬جديرة‭ ‬بالثمن‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬دفعه‭. ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬القصير،‭ ‬استفاد‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي؛‭ ‬وأوضحت‭ ‬صحيفة‭ ‬فايننشال‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬قيمته‭ ‬ارتفعت‭ ‬بنسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬1‭.‬4%‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬إعلان‭ ‬ترامب‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انخفضت‭ ‬قيمة‭ ‬عملات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬كندا‭ ‬والمكسيك،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اليورو‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬رأى‭ ‬إريك‭ ‬وينوجراد،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬أليانس‭ ‬بيرنستين،‭ ‬أن‭ ‬تداعيات‭ ‬سياسات‭ ‬ترامب‭ ‬الجمركية،‭ ‬قد‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قوة‭ ‬الدولار،‭ ‬لكنه‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬قد‭ ‬تسرع‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬توجه‭ ‬الدول‭ ‬المتضررة‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬المرتفعة،‭ ‬نحو‭ ‬اعتماد‭ ‬عملاتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬أو‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬عملة‭ ‬مشتركة‭ ‬بديلة‭ ‬لإجراء‭ ‬معاملاتها‭ ‬الدولية‭. ‬وفي‭ ‬تفسيره‭ ‬لذلك،‭ ‬أشار‭ ‬تشوفانيك،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تمتلك‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية‭ ‬سيولة‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬للمستثمرين‭ ‬بوضع‭ ‬أموالهم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأسواق‭ ‬وسحبها‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬مثل‭ ‬الأزمات‭ ‬المالية،‭ ‬أو‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬حيث‭ ‬اضطر‭ ‬المستثمرون‭ ‬إلى‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الأصول‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتوجه‭ ‬إلى‭ ‬سندات‭ ‬الخزانة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كملاذ‭ ‬آمن‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬باربرا‭ ‬ماثيوز،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأخيرة‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬تُغير‭ ‬نهج‭ ‬التجارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتدفعها‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬النموذج‭ ‬التقليدي،‭ ‬وتبعث‭ ‬برسالة‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬بأن‭ ‬واشنطن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تعتبر‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬مفيدة‭ ‬أو‭ ‬مجدية‭ ‬دائمًا‭. ‬وأوضح‭ ‬تشوفانيك،‭ ‬أن‭ ‬مستخدمي‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬يبدأون‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬البدائل؛‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬التجارية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تحمل‭ ‬بعض‭ ‬التكلفة‭ ‬والشعور‭ ‬بالضيق‭.‬

وأشار‭ ‬ماثيوز،‭ ‬وتشوفانيك،‭ ‬إلى‭ ‬بُعد‭ ‬آخر‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬ترامب‭ ‬التجارية،‭ ‬قد‭ ‬يسرّع‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬خفض‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدولي،‭ ‬وهو‭ ‬ربط‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬المرتفعة‭ ‬بمخاوف‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬دافع‭ ‬الدول‭ ‬المتضررة‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬بدائل‭ ‬مالية‭ ‬وتجارية‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬الدولار‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬تهديد‭ ‬ترامب،‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬50%‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬البضائع‭ ‬الواردة‭ ‬من‭ ‬كولومبيا؛‭ ‬بسبب‭ ‬رفضها‭ ‬قبول‭ ‬الطائرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المحملة‭ ‬بالمهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬تشوفانيك،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬بموجب‭ ‬قانون‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الطارئة‭ ‬الدولية‭ -‬وهو‭ ‬قانون‭ ‬مضى‭ ‬عليه‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬عاما،‭ ‬ويمنح‭ ‬الرئيس‭ ‬سلطة‭ ‬كاسحة‭ ‬لفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭- ‬هو‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬خطوات‭ ‬شبيهة‭ ‬بالحرب‭ ‬تمامًا‭ ‬لمعاملة‭ ‬كولومبيا‭ ‬كدولة‭ ‬عدو،‭ ‬وعزلها‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬واشنطن،‭ ‬والمعاملات‭ ‬العالمية‭ ‬باستخدام‭ ‬الدولار‭. ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬العقابية‭ ‬قد‭ ‬اقتُصرت‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬على‭ ‬خصوم‭ ‬أمريكا‭ ‬الجيوسياسيين‭ ‬الرئيسيين،‭ ‬مثل‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬وإيران،‭ ‬وأضاف‭ ‬الباحث‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬السابقة،‭ ‬ترددت‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬بعد‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يُعتبر‭ ‬عملًا‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬الحرب‭.‬

وبينما‭ ‬تشير‭ ‬ماثيوز‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ربط‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجمركية‭ ‬بحماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬يجعلها‭ ‬قانونية‭ ‬بموجب‭ ‬السماح‭ ‬لأعضاء‭ ‬منظمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬بانتهاك‭ ‬التزاماتهم،‭ ‬لأغراض‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي؛‭ ‬أبدى‭ ‬تشوفانيك،‭ ‬استياءه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التهديدات‭ ‬بالقيود‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مقتصرة‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬على‭ ‬خصوم‭ ‬واشنطن،‭ ‬قد‭ ‬تُستخدم‭ ‬الآن‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت،‭ ‬وخاصة‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬تعارض‭ ‬ترامب‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشارت‭ ‬ماثيوز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬إبلاغها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬واشنطن‭ ‬أن‭ ‬الالتزامات‭ ‬التجارية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬تأتي‭ ‬مع‭ ‬تحذير‭ ‬مسبق،‭ ‬بأن‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬أولويات‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كما‭ ‬حددها‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬ليست‭ ‬متوافقة‭ ‬جيو‭-‬اقتصاديا‭ ‬معها‭ ‬والتي‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬تنويع‭ ‬مراكز‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬لديها،‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس؛‭ ‬فإن‭ ‬نطاق‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العقابية‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬قد‭ ‬يطولها‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬ترامب،‭ ‬سيظل‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬العملة‭ ‬العالمية‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬والمعاملات‭ ‬باختلافها‭. ‬وأشار‭ ‬ديمتري‭ ‬دولجين،‭ ‬وكريس‭ ‬تورنر،‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬آي‭ ‬إن‭ ‬جي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حصة‭ ‬دول‭ ‬بريكس‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬تبلغ‭ ‬نحو‭ ‬20%–‭ ‬هي‭ ‬تقريبًا‭ ‬ثلث‭ ‬حصة‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬بـالأسواق‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬الغرب،‭ ‬مثل‭ ‬اليابان،‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭. ‬وأشارت‭ ‬تشانج،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المخاطر‭ ‬على‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬هيمنة‭ ‬الدولار‭ ‬تبدو‭ ‬مبالغة‭ ‬للغاية،‭ ‬وأن‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬مستقر،‭ ‬بفضل‭ ‬سيولة‭ ‬ومرونة‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية،‭ ‬والأنظمة‭ ‬القانونية‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بها‭.‬

ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬تشانج،‭ ‬أن‭ ‬تآكل‭ ‬هيمنة‭ ‬الدولار‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يستغرق‭ ‬عقودًا،‭ ‬فإن‭ ‬تشوفانيك،‭ ‬تساءل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬التآكل،‭ ‬شأنه‭ ‬شأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى،‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬تدريجيًا،‭ ‬ثم‭ ‬فجأة‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬خضوع‭ ‬كولومبيا‭ ‬لمطالب‭ ‬ترامب‭ ‬تحت‭ ‬تهديدات‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬اقتصادها؛‭ ‬أشار‭ ‬الباحث‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬سيكون‭ ‬راغبا‭ ‬بشدة‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬تهديدات‭ ‬مماثلة،‭ ‬ضد‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تسعى‭ ‬للسيطرة‭ ‬عليها،‭ ‬أو‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬أصولها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬مما‭ ‬يُؤسس‭ ‬لسياسة‭ ‬اقتصادية‭ ‬دولية‭ ‬أمريكية‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬التهديد‭ ‬بالعقوبات‭ ‬والرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬باعتباره‭ ‬أمرا‭ ‬معتادا،‭ ‬ضد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والأعداء‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬

وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬المتكررة‭ ‬والمستمرة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬والقوة‭ ‬المهيمنة‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية؛‭ ‬فإن‭ ‬الآثار‭ ‬الطويلة‭ ‬الأجل‭ ‬لتسريع‭ ‬عملية‭ ‬خفض‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الدولار،‭ ‬كما‭ ‬ذكرها‭ ‬تشوفانيك،‭ ‬تبدو‭ ‬متوقعة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا