القراء الأعزاء،
أكتب هذا المقال في وسط زخم من مظاهر الحب الظاهرة في وسائل التواصل الاجتماعي - والله وحده فقط يعلم عن مصداقيتها - ورود حمراء وأغاني حب ومقاطع مصورة لعشاق في حالة من الهيام ورسائل متنوعة بين بصرية، سمعية، كل ذلك بمناسبة الاحتفال بيوم الحب 14 فبراير المعروف بـ(الفالنتاين).
وجميع هذه المظاهر تجعلك في حالة حب حتى وإن لم يكن لديك حبيب، مع أن مفهومي عن الحب مختلف وله بُعد أسمى وأكبر من الحبيب، لأنني شخصياً أبدأ به من نفسي ويمتد ليطال جميع التفاصيل المحيطة من أشخاص وأماكن وأدوات وكائنات و.. و.. وفي مقدمة هذه الواوات جميعها يتصدر حب الوطن، البحرين التي نتنفس حبها ويتنفسنا، والتي اختارت يوم 14 فبراير ليكون فارقاً في حب الوطن بمناسبة وطنية مفصلية في تاريخها المعاصر وفق المفهوم الحديث للفكر الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ملك البلاد المعظم، يوم امتدّت يد جلالته لتصافح يد الشعب والتقت الإرادة الملكية السامية بالإرادة الشعبية في وثيقة تعاهدية وثّقت تاريخ ووضعت أساسات مستقبل البحرين حيث وِلد ميثاق العمل الوطني كرمز لحب الوطن في يوم الحب ذاته فمبارك للوطن أعياده المستمرة أدامها الله.
وعودة على قصص العشق والحب والغرام وتفاعل العاشقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فالحب بين شخصين يعتبر علاقة سامية تمهد الطريق إلى الزواج كمؤسسة إنسانيّة مهمة.
وأستحضر الآن صورة والدتي رحمها الله حينما كانت تتحدث عن قصص حب الأزواج المحيطين بنا باعتبار أن الزيجات في فترة انغماس المجتمع البحريني في مدّ أفلام السينما المصرية، كانت غالباً ما تكون نتاجا لقصة حب، وهناك حكايات وحكايات عن هذه القصص بعضها انتهت نهاية سعيدة والآخر تراجيدية كالأفلام تماماً، وقتها كان العاشق أو العاشقة قد يصل به حال العشق إلى قتل نفسه إذا استمر إصرار الأهل على رفض تتويج علاقة حبه بالزواج، فقد كان للحب وقتها هدف وهو تكوين أسرة واستقرار في ظل واحة من الحب، بل إن أكثر تلك الزيجات استمرّت إلى آخر عمر عاشقيها، وقتما كان الحب بسيطاً وأنيقاً وصادقاً وغير مُكلف لطرفيه وكان هدفه الأساسي هو الزواج، أما في وقتنا الحاضر وعلى الرغم من المظاهر التي تحدثت عنها فالوضع يختلف جداً إلا فيما ندر.
بل إن هناك وضعا حديثا استحدثته عوامل كثيرة منها الانفتاح على الثقافات المختلفة التي كان للثورة التكنولوجية دور فيها وأثر العالم الافتراضي الذي سهّل سُبل تواصل الجنسين دون رقيب ولا حسيب، واندفاع الكثير من الباحثين عن العلاقات غير المؤطرة وعن المتعة المجانية والمحرمة باستخدام ورقة الحب، الطريق الأسهل للوصول إلى بنات حواء.
لذا فيما يتعلق بمؤسسة الزواج المقدسة، تسوؤني دائماً فكرة وقرار الطلاق ولاسيما في الزيجات الحديثة التي قامت أساساً على علاقة حب، فلا يكاد بطلا القصة يتزوجان حتى يبدآ في التنافر والوصول إلى حل الطلاق قبل أن تنقضي حتى سنة واحدة معاً على الرغم من استمرار قصة حبهما لفترة أطول من فترة الزواج.
وليس بخافٍ أنه هناك اختلافا شاسعا بين مرحلة الزواج كتجربة واقعية وبين مرحلة علاقة الحب كمرحلة رومنسية مليئة بالتوقعات والآمال، فلكل منهما أحواله. وظروفه.
وذلك أن هناك عوامل كثيرة قد تولّد التنافر بين طرفي العلاقة الزوجية بحكم ملازمة بعضهما طوال الوقت في ظل اختلاف الفكر واختلاف النشأة والأمزجة وغيرها من عوامل قد تشكل صدمة للطرف الآخر يصعب عليه تقبّلها والتعايش معها، لذا يكون اللجوء للطلاق هو الحل الأول بالنسبة لهما ولا سيما في ظل غياب الدور الحكيم الذي كانت تلعبه الأسرة الكبيرة المكونة من والديّ الزوجين في تهدئة الأوضاع وإصلاح ذات البين، بل والأمر الأدهى هو أن يُسهم أحد أطراف الأسرة الكبيرة في إشعال فتيل حرب أسرية تكون عاملاً معززاً لموضوع الطلاق وتقويض الأسرة الناشئة.
لذا فالزواج ليس بموعد غرامي وليس برحلة متعة وقتية، وهو أطول عمراً من الحب إن كان قد بُني على الاحترام والتفاهم وتحمّل المسؤوليات وفق إطارها الصحيح وإن كان قد بُني على الحب بجانب جميع ما ذكر فلا شك بأن الديمومة ستكون مستقبله الذي لن يحيد عنه.
Happy valentine
Hanadi_aljowder@hotmqil.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك