العدد : ١٧١٣٤ - الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٣٤ - الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شعبان ١٤٤٦هـ

مقالات

الحب والزواج

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ١٦ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‮ ‬

أكتب‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬زخم‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الحب‭ ‬الظاهرة في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ - ‬والله‭ ‬وحده‭ ‬فقط‭ ‬يعلم‭ ‬عن‭ ‬مصداقيتها‭ - ‬ورود‭ ‬حمراء‭ ‬وأغاني‭ ‬حب‭ ‬ومقاطع‭ ‬مصورة‭ ‬لعشاق‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهيام‭ ‬ورسائل‭ ‬متنوعة‭ ‬بين‭ ‬بصرية،‭ ‬سمعية،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بمناسبة‭ ‬الاحتفال‭ ‬بيوم‭ ‬الحب‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬المعروف‭ ‬بـ‭(‬الفالنتاين‭).‬

وجميع‭ ‬هذه‭ ‬المظاهر‭ ‬تجعلك‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حب‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديك‭ ‬حبيب،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬مفهومي‭ ‬عن‭ ‬الحب‭ ‬مختلف‭ ‬وله‭ ‬بُعد‭ ‬أسمى‭ ‬وأكبر‭ ‬من‭ ‬الحبيب،‭ ‬لأنني‮ ‬شخصياً‭ ‬أبدأ‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬نفسي‭ ‬ويمتد‭ ‬ليطال‭ ‬جميع‭ ‬التفاصيل‭ ‬المحيطة‭ ‬من‭ ‬أشخاص‭ ‬وأماكن‭ ‬وأدوات‭ ‬وكائنات‭ ‬و‭.. ‬و‭.. ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬الواوات‭ ‬جميعها‭ ‬يتصدر‭ ‬حب‭ ‬الوطن،‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬نتنفس‭ ‬حبها‭ ‬ويتنفسنا،‭ ‬والتي‭ ‬اختارت‭ ‬يوم‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬ليكون‭ ‬فارقاً‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬بمناسبة‭ ‬وطنية‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬المعاصر‭ ‬وفق‭ ‬المفهوم‭ ‬الحديث‭ ‬للفكر‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬يوم‭ ‬امتدّت‭ ‬يد‭ ‬جلالته‭ ‬لتصافح‭ ‬يد‭ ‬الشعب‭ ‬والتقت‭ ‬الإرادة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬بالإرادة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬وثيقة‭ ‬تعاهدية‭ ‬وثّقت‭ ‬تاريخ‭ ‬ووضعت‭ ‬أساسات‭ ‬مستقبل‭ ‬البحرين‭ ‬حيث‭ ‬وِلد‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬كرمز‭ ‬لحب‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الحب‭ ‬ذاته‭ ‬فمبارك‭ ‬للوطن‭ ‬أعياده‭ ‬المستمرة‭ ‬أدامها‭ ‬الله‭.‬‮ ‬

وعودة‭ ‬على‭ ‬قصص‭ ‬العشق‭ ‬والحب‭ ‬والغرام‭ ‬وتفاعل‭ ‬العاشقين‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فالحب‭ ‬بين‭ ‬شخصين‭ ‬يعتبر‭ ‬علاقة‭ ‬سامية‭ ‬تمهد‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الزواج كمؤسسة‭ ‬إنسانيّة‭ ‬مهمة‭.‬

وأستحضر‭ ‬الآن‭ ‬صورة والدتي‭ ‬رحمها‭ ‬الله‭ ‬حينما‭ ‬كانت‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬قصص‭ ‬حب‭ ‬الأزواج‭ ‬المحيطين‭ ‬بنا‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الزيجات‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬انغماس‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬مدّ‭ ‬أفلام‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬كانت‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬نتاجا‭ ‬لقصة‭ ‬حب،‭ ‬وهناك‭ ‬حكايات‭ ‬وحكايات‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القصص بعضها‭ ‬انتهت‭ ‬نهاية‭ ‬سعيدة‭ ‬والآخر‭ ‬تراجيدية‭ ‬كالأفلام‭ ‬تماماً،‭ ‬وقتها‭ ‬كان‭ ‬العاشق‭ ‬أو‭ ‬العاشقة‭ ‬قد‭ ‬يصل به‭ ‬حال‭ ‬العشق‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬نفسه‭ ‬إذا استمر إصرار‭ ‬الأهل‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬تتويج‭ ‬علاقة‭ ‬حبه‭ ‬بالزواج،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬للحب وقتها‭ ‬هدف‭ ‬وهو‭ ‬تكوين‭ ‬أسرة‭ ‬واستقرار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬واحة‭ ‬من‭ ‬الحب،‮ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬أكثر‭ ‬تلك‭ ‬الزيجات استمرّت‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬عمر‭ ‬عاشقيها،‭ ‬وقتما‭ ‬كان‭ ‬الحب‭ ‬بسيطاً‭ ‬وأنيقاً‭ ‬وصادقاً‭ ‬وغير‭ ‬مُكلف‭ ‬لطرفيه‭ ‬وكان‭ ‬هدفه‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬الزواج،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬المظاهر‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬عنها فالوضع‭ ‬يختلف‭ ‬جداً‭ ‬إلا‭ ‬فيما‭ ‬ندر‭.‬‮ ‬

بل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬وضعا‭ ‬حديثا‭ ‬استحدثته‭ ‬عوامل‭ ‬كثيرة‭ ‬منها الانفتاح‭ ‬على‭ ‬الثقافات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬للثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬دور‭ ‬فيها وأثر العالم‭ ‬الافتراضي‮ ‬الذي‭ ‬سهّل‭ ‬سُبل‭ ‬تواصل‭ ‬الجنسين دون‭ ‬رقيب‭ ‬ولا‭ ‬حسيب،‭ ‬واندفاع الكثير‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬العلاقات‭ ‬غير‭ ‬المؤطرة‭ ‬وعن‭ ‬المتعة‭ ‬المجانية‭ ‬والمحرمة‭ ‬باستخدام‭ ‬ورقة‭ ‬الحب،‭ ‬الطريق‭ ‬الأسهل‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬بنات‭ ‬حواء‭.‬

لذا فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمؤسسة‭ ‬الزواج‭ ‬المقدسة،‭ ‬تسوؤني‭ ‬دائماً‭ ‬فكرة‭ ‬وقرار‭ ‬الطلاق‭ ‬ولاسيما‭ ‬في‭ ‬الزيجات‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬حب،‭ ‬فلا‭ ‬يكاد‭ ‬بطلا‭ ‬القصة‭ ‬يتزوجان‭ ‬حتى‭ ‬يبدآ‭ ‬في‭ ‬التنافر‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الطلاق‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنقضي‭ ‬حتى‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬معاً‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬قصة‭ ‬حبهما‭ ‬لفترة‭ ‬أطول‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬الزواج‭. ‬

وليس‭ ‬بخافٍ‮ ‬أنه‭ ‬هناك‭ ‬اختلافا‭ ‬شاسعا‭ ‬بين‮ ‬مرحلة‭ ‬الزواج‭ ‬كتجربة واقعية‭ ‬وبين‭ ‬مرحلة‭ ‬علاقة‭ ‬الحب كمرحلة‭ ‬رومنسية‭ ‬مليئة‭ ‬بالتوقعات‭ ‬والآمال،‭ ‬فلكل‭ ‬منهما‭ ‬أحواله‭. ‬وظروفه‭.‬

وذلك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬كثيرة‭ ‬قد‭ ‬تولّد‭ ‬التنافر‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬بحكم‭ ‬ملازمة‭ ‬بعضهما‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اختلاف‭ ‬الفكر‭ ‬واختلاف‭ ‬النشأة‭ ‬والأمزجة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬عوامل‭ ‬قد‭ ‬تشكل‭ ‬صدمة‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭ ‬يصعب‭ ‬عليه‭ ‬تقبّلها‭ ‬والتعايش‭ ‬معها،‭ ‬لذا‭ ‬يكون‭ ‬اللجوء‭ ‬للطلاق‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الأول‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهما‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الدور‭ ‬الحكيم‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تلعبه‭ ‬الأسرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬والديّ‭ ‬الزوجين‭ ‬في‭ ‬تهدئة‭ ‬الأوضاع‭ ‬وإصلاح‭ ‬ذات‭ ‬البين،‭ ‬بل‭ ‬والأمر‭ ‬الأدهى‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يُسهم‭ ‬أحد‭ ‬أطراف‭ ‬الأسرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬فتيل‭ ‬حرب‭ ‬أسرية‭ ‬تكون‭ ‬عاملاً‭ ‬معززاً‭ ‬لموضوع‭ ‬الطلاق‭ ‬وتقويض‭ ‬الأسرة‭ ‬الناشئة‭.‬

لذا‭ ‬فالزواج‭ ‬ليس‭ ‬بموعد‭ ‬غرامي‮ ‬وليس‭ ‬برحلة‭ ‬متعة‭ ‬وقتية،‭ ‬وهو‭ ‬أطول‭ ‬عمراً‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬بُني‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬والتفاهم‭ ‬وتحمّل‭ ‬المسؤوليات‭ ‬وفق‭ ‬إطارها‭ ‬الصحيح‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬بُني‭ ‬على‭ ‬الحب‭ ‬بجانب‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬الديمومة‭ ‬ستكون مستقبله‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يحيد‭ ‬عنه‭.‬

Happy‭ ‬valentine‮ ‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmqil‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا