العدد : ١٧١٣٤ - الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٣٤ - الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شعبان ١٤٤٦هـ

مقالات

«ربع قرن من الأمن والأمان في عهد جلالة الملك.. نجاحات وإنجازات»

بقلم: السفير د. عمر الحسن

الجمعة ١٤ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

جلالة الملك نجح في التعامل مع الأزمات التي واجهتها البحرين بنهج يجمع بين الحكمة والحزم


وزارة الداخلية دشنت استراتيجية الأمن الشامل في كل المجالات وحققت نتائج مبهرة


 

منذُ‭ ‬أن‭ ‬وُجد‭ ‬الإنسانُ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬كان‭ ‬الأمنُ‭ ‬ركيزةَ‭ ‬حياته،‭ ‬وهاجسَه‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬يحققُ‭ ‬تطلعاته،‭ ‬ويبعدُ‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬شبحَ‭ ‬الخوفِ‭ ‬والاضطراب‭.. ‬وهو‭ ‬طمأنينةٌ،‭ ‬واستقرار‭ ‬يرسّخُ‭ ‬الأملَ‭ ‬في‭ ‬غدٍ‭ ‬آمن‭. ‬وقد‭ ‬تنوعت‭ ‬تعريفاتُه‭ ‬وتباينت‭ ‬بين‭ ‬المفهومِ‭ ‬الضيقِ‭ ‬الذي‭ ‬يحصره‭ ‬في‭ ‬التهديدات‭ ‬العسكرية،‭ ‬والواسعِ‭ ‬الذي‭ ‬يجعلُه‭ ‬مظلةً‭ ‬تشملُ‭ ‬كلَّ‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭.. ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬إلى‭ ‬السياسة،‭ ‬ومن‭ ‬الفكر‭ ‬إلى‭ ‬الثقافة‭.‬

وفي‭ ‬عالمٍ‭ ‬تتعددُ‭ ‬فيه‭ ‬مصادرُ‭ ‬التهديد،‭ ‬التي‭ ‬يأتي‭ ‬بعضها‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الأمنُ‭ ‬سياجًا‭ ‬يُبنى‭ ‬بالأسلحة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬منظومةً‭ ‬تُصاغُ‭ ‬بالوعي،‭ ‬وتُحمى‭ ‬بالعدل،‭ ‬وتُعزز‭ ‬بالتنمية،‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬الوطنً‭ ‬حصنًا‭ ‬منيعًا،‭ ‬وأبناؤه‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬صونه‭.. ‬ولهذا،‭ ‬كان‭ ‬الحفاظُ‭ ‬على‭ ‬الأمنِ‭ ‬الداخلي‭ ‬وحماية‭ ‬الاستقرار‭ ‬الهدفَ‭ ‬الأسمى‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬النمو‭ ‬والازدهار،‭ ‬ومنها‭ ‬البحرين،‭ ‬لتتمكنَ‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬التحديات،‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬شُحُّ‭ ‬مواردها‭ ‬الطبيعية‭. ‬وهكذا،‭ ‬يصبح‭ ‬الأمنُ‭ ‬والاستقرار‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬غاية،‭ ‬بل‭ ‬أصلًا‭ ‬رأسماليًّا‭ ‬ينبغي‭ ‬صونُه‭ ‬وتعزيزه‭. ‬

 

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوعي،‭ ‬فإن‭ ‬مقولةَ‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تنمية‭ ‬بلا‭ ‬أمن‮»‬‭.. ‬لا‭ ‬تنفردُ‭ ‬بها‭ ‬الاستراتيجيَّةُ‭ ‬البحرينيَّة‭ ‬وحدها؛‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬قاعدةٌ‭ ‬راسخة‭ ‬أثبتتها‭ ‬تجاربُ‭ ‬دول‭ ‬سبقت‭ ‬في‭ ‬مضمار‭ ‬التقدم،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬والشرط‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‮»‬‭. ‬

واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحجمِ‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬البحرينية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقرار؛‭ ‬فقد‭ ‬تبنّت‭ ‬مفهومَ‭ ‬الأمنِ‭ ‬الشامل،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬تجسيده‭ ‬عمليًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬توجهها‭ ‬وترسمها‭ ‬القيادة،‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬التطبيق‭ ‬الأمثل‭ ‬لها‭.. ‬بل‭ ‬وارتقت‭ ‬بمفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬أكثر‭ ‬تطورًا،‭ ‬عبر‭ ‬تبنّي‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬الابتكاري‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬برز‭ ‬في‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬قبل‭ ‬وخلال‭ ‬ربع‭ ‬القرن‭ ‬الأخير،‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬بمرونة‭ ‬وفعالية‭.. ‬وهو‭ ‬إنجازٌ‭ ‬تم‭ ‬بوجود‭ ‬جهاز‭ ‬أمني‭ ‬كفء،‭ ‬وقيادة‭ ‬أمنية‭ ‬رشيدة‭ ‬وواعية،‭ ‬أدركت‭ ‬جسامة‭ ‬المهام‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتقها،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بها‭ ‬بحكمة‭ ‬ومسؤولية،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الإفراط‭ ‬أو‭ ‬التفريط‭.‬

وانتقالًا‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬الأمني‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬تفاصيله‭ ‬ومحطاته‭ ‬البارزة،‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الخليج‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬كتابًا‭ ‬لي‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬حمد‭.. ‬نجاحات‭ ‬وإنجازات‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬الطبع‭ ‬استعرضت‭ ‬فيه‭ ‬التحديات‭ ‬والمخاطر‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬البحرين‭ ‬داخليًا‭ ‬وخارجيًا‭ ‬منذ‭ ‬تولي‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬‮«‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬،‭ ‬المسؤولية‭ ‬عام‭ ‬1999‭ ‬وحتى‭ ‬2024،‭ ‬والنجاحات‭ ‬التي‭ ‬تحققت،‭ ‬عبر‭ ‬إصلاحات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وأمنية‭ ‬شاملة،‭ ‬مكّنتها‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬التحديات‭ ‬إلى‭ ‬فرص‭ ‬للنمو‭ ‬والتطوير،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬نموذجًا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭. ‬

يقع‭ ‬الكتابُ‭ ‬في‭ ‬محورين‭ ‬رئيسيين؛‭ ‬يتناول‭ ‬الأول،‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬البحرين‭ ‬منذ‭ ‬الاستقلال‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬1999،‭ ‬فيما‭ ‬يستعرض‭ ‬الثاني،‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬حتى‭ ‬2024،‭ ‬مقسمًة‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل‭.. ‬وكما‭ ‬أشار‭ ‬في‭ ‬محوره‭ ‬الأول،‭ ‬فإن‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬تولي‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬المسؤولية،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أحداث‭ ‬ومخاطر‭ ‬أمنية،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إيران‭ ‬بعيدة‭ ‬عنها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحديات‭ ‬داخلية‭ ‬أخرى‭ ‬هددت‭ ‬أمنَ‭ ‬المجتمع،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الإرهابُ،‭ ‬ومحاولات‭ ‬إثارة‭ ‬الفتنة‭ ‬الطائفية،‭ ‬وتهريب‭ ‬المخدرات،‭ ‬وغسل‭ ‬الأموال،‭ ‬والجرائم‭ ‬المعلوماتية،‭ ‬وتحديات‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭.‬

وبرؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة،‭ ‬أرسى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬المسؤولية‭ ‬أسسًا‭ ‬لعملية‭ ‬إصلاحية‭ ‬شاملة،‭ ‬مستندًا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬رؤيته‭ ‬الاستشرافية‭ ‬للمستقبل‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تبلورت‭ ‬خلال‭ ‬ولايته‭ ‬للعهد‭ ‬ومعايشته‭ ‬للشأن‭ ‬البحريني؛‭ ‬فكانت‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬تكللت‭ ‬بإصلاحات‭ ‬جذرية،‭ ‬خطط‭ ‬لها‭ ‬بعناية،‭ ‬وبإرادة‭ ‬حرة،‭ ‬ودون‭ ‬ضغوط‭ ‬خارجية،‭ ‬مستهلًا‭ ‬حكمه‭ ‬بإشاعة‭ ‬أجواء‭ ‬المصالحة‭ ‬لترسيخ‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني،‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬معالم‭ ‬‮«‬ربيع‭ ‬بحريني‮»‬‭ ‬خاص‭ ‬به،‭ ‬بدأ‭ ‬بإطلاق‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني،‭ ‬الذي‭ ‬استفتى‭ ‬عليه‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬2001،‭ ‬وبموجبه‭ ‬أُلغي‭ ‬قانون‭ ‬ومحكمة‭ ‬أمن‭ ‬الدولة،‭ ‬وصدر‭ ‬العفو‭ ‬الشامل‭ ‬عن‭ ‬مرتكبي‭ ‬الجرائم‭ ‬الماسة‭ ‬بالأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬وشمل‭ ‬العفو‭ ‬الناشطين‭ ‬السياسيين،‭ ‬الذين‭ ‬عادوا‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬كما‭ ‬أُخليت‭ ‬السجون‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬نزلائها‭ ‬السياسيين،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬إصداره‭ ‬للدستور‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2002،‭ ‬ليكون‭ ‬معلمًا‭ ‬إضافيًّا‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الإصلاح‭ ‬وحماية‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية،‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬للجميع،‭ ‬ذكورًا‭ ‬وإناثًا،‭ ‬انتخابًا‭ ‬وترشحًا،‭ ‬كما‭ ‬سمح‭ ‬بممارسة‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬لكل‭ ‬الجمعيات،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬بمثابة‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭.‬

وقد‭ ‬حظيت‭ ‬تلك‭ ‬الإصلاحات‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬وحتى‭ ‬2010،‭ ‬بإشادات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬الحقوقية،‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬الحكومية،‭ ‬وغير‭ ‬الحكومية،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬تقاريرها‭ ‬الدورية‭ ‬أو‭ ‬زياراتها‭ ‬المتعددة‭ ‬للمملكة؛‭ ‬فقد‭ ‬اعتبرها‭ ‬توني‭ ‬بلير‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬الأسبق،‭ ‬‮«‬خطوات‭ ‬جريئة‭ ‬وتاريخية‭ ‬تمثل‭ ‬نموذجًا‭ ‬لباقي‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬ووصف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‮»‬،‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬شخصية‭ ‬قيادية‭ ‬قام‭ ‬بحملة‭ ‬إصلاحات‭ ‬فعلية‮»‬‭. ‬وأكد‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬الأسبق‭ ‬‮«‬جاك‭ ‬شيراك‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬مسيرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬التي‭ ‬دشنها‭ ‬‮«‬تؤكد‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬معالم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬عبر‭ ‬تعايش‭ ‬سلمي‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‮»‬‭. ‬وأشادت‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الفرنسية‮»‬،‭ ‬بقرار‭ ‬‮«‬إلغاء‭ ‬قانون‭ ‬ومحكمة‭ ‬أمن‭ ‬الدولة،‭ ‬وبالميثاق‭ ‬الوطني‮»‬‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لهذه‭ ‬الإصلاحات‭ ‬صدى‭ ‬كبير،‭ ‬فقد‭ ‬رحبت‭ ‬بها‭ ‬‮«‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬و«لجنة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬التابعتين‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأكدتا‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬توسع‭ ‬نطاق‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية،‭ ‬وتعزز‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬ووصفتها‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬،‭ ‬بـأنها‭ ‬‮«‬تكرس‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬وأشارت‭ ‬‮«‬العفو‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أنها‭ ‬تشكل‭ ‬تقدما‭ ‬ونقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ونموذجًا‭ ‬للديمقراطية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬ورأت‭ ‬‮«‬فريدوم‭ ‬هاوس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬يؤدى‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬قضاء‭ ‬مستقل،‭ ‬ويضع‭ ‬ضمانات‭ ‬لحرية‭ ‬التعبير‭ ‬وحقوق‭ ‬الأفراد‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المرأة‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬حظيت‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭ ‬باهتمام‭ ‬دولي‭ ‬وإشادات،‭ ‬ففي‭ ‬مجال‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة،‭ ‬أكد‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬تولي‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬الحكم،‭ ‬‮«‬سمحت‭ ‬الحكومة‭ ‬للصحافة‭ ‬بحرية‭ ‬الكتابة‭ ‬والتعبير‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬أثني‭ ‬على‭ ‬تحسن‭ ‬ترتيبها‭ ‬وانتقالها‭ ‬من‭ ‬مرتبة‭ ‬متقدمة‭. ‬وبشأن‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬أشاد‭ ‬بجهودها‭ ‬في‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬الدولي،‭ ‬وجهود‭ ‬وقف‭ ‬تمويل‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‮»‬‭. ‬وبشأن‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للاتحادات‭ ‬العمالية‭ ‬الحرة‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تعمل‭ ‬بخطى‭ ‬حثيثة‭ ‬للاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬مدني‭ ‬ديمقراطي‮»‬‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمكافحة‭ ‬الفساد،‭ ‬أكد‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الشفافية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬تحقيق‭ ‬معدلات‭ ‬شفافية‭ ‬عالية‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية،‭ ‬رحبت‭ ‬‮«‬الفيدرالية‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬بتوقيعها‭ ‬‮«‬اتفاقية‭ ‬روما‭ ‬بشأن‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬و«الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‮»‬،‭ ‬و«اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمناهضة‭ ‬التعذيب‭ ‬والمعاملة‭ ‬غير‭ ‬الإنسانية‮»‬‭.‬

واتساقًا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التوجه،‭ ‬تتابعت‭ ‬خطوات‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬لتعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬الأمنية،‭ ‬بمضاعفة‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التدريب‭ ‬والتأهيل،‭ ‬وإصدار‭ ‬القوانين‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬المستجدة،‭ ‬مع‭ ‬الالتزام‭ ‬باحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وامتدت‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬التحديات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬شراكات‭ ‬فعالة‭ ‬ومثمرة‭.‬

وعليه،‭ ‬أسهم‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬المتكامل‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬التحديات‭ ‬الماضية‭ ‬إلى‭ ‬فرص‭ ‬وخبرات‭. ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭ ‬مجرد‭ ‬عقبات،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬محطات‭ ‬تطور‭ ‬ساعدت‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬طبيعة‭ ‬التهديدات‭ ‬المستجدة‭ ‬والتصدي‭ ‬لها‭ ‬بفعالية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬مكنها‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬أزمة‭ ‬فبراير‭ ‬2011،‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬اختبارًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬لاستقرارها‭ ‬وأمنها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬تونس‭ ‬ومصر‭ ‬وليبيا،‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬بـ«الربيع‭ ‬العربي‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬حاولت‭ ‬المعارضة‭ ‬استنساخها‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بدعم‭ ‬خارجي‭ ‬مع‭ ‬علمها‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬حققت‭ ‬نجاحات‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬نالت‭ ‬إشادة‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ذكرنا‭ ‬بعضه‭ ‬سابقًا‭.‬

وفي‭ ‬إدارته‭ ‬لأزمة‭ ‬فبراير‭ ‬2011،‭ ‬تبنى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬ومعه‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬علمية‮»‬،‭ ‬ارتكزت‭ ‬على‭ ‬الأسس‭ ‬والخطوات‭ ‬المنهجية‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات؛‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬الإقرار‭ ‬بوجود‭ ‬الأزمة،‭ ‬مرورًا‭ ‬بوضع‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬والبدائل‭ ‬والخطوات‭ ‬الملائمة‭ ‬لمواجهتها،‭ ‬وإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬لها،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تعبئة‭ ‬وحشد‭ ‬كل‭ ‬موارد‭ ‬وإمكانيات‭ ‬الدولة‭ ‬بكل‭ ‬أجهزتها‭ ‬للتعامل‭ ‬معها؛‭ ‬بهدف‭ ‬تجاوز‭ ‬أسباب‭ ‬اندلاعها‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وللحد‭ ‬من‭ ‬آثارها‭ ‬السلبية‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬وبفضل‭ ‬الإجراءات‭ ‬المدروسة‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬جلالته،‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمة،‭ ‬بحلول‭ ‬أشادت‭ ‬بها‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬ومنظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬باتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الحكمة‭ ‬والحزم‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬معها‭ ‬بتسلسل‭ ‬منطقي؛‭ ‬بدءًا‭ ‬بمبادرات‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني،‭ ‬وتبني‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخرجاتها،‭ ‬والتي‭ ‬بثت‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬المواطنين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بدا‭ ‬واضحًا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬عكس‭ ‬رغبات‭ ‬المعارضة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬أهداف‭ ‬أخرى‭ ‬تخدم‭ ‬أجندات‭ ‬خارجية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ينتقل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬التهديدات‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬حالة‭ ‬السلامة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2011‭ ‬مدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬طبقًا‭ ‬للدستور،‭ ‬ثم‭ ‬الاستعانة‭ ‬بقوات‭ ‬درع‭ ‬الجزيرة،‭ ‬لتأمين‭ ‬سلامة‭ ‬المنشآت‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وردع‭ ‬أية‭ ‬محاولة‭ ‬لاستثمار‭ ‬الموقف‭ ‬الداخلي‭ ‬لتحقيق‭ ‬المطامع‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ساندته‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي؛‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬إدراكها‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الخليج‭.‬

ومع‭ ‬انحسار‭ ‬الأزمة،‭ ‬وعودة‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬إلى‭ ‬البحرين؛‭ ‬بادر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬يونيو‭ ‬2011‭ ‬بتشكيل‭ ‬‮«‬اللجنة‭ ‬البحرينية‭ ‬المستقلة‭ ‬لتقصي‭ ‬الحقائق‮»‬،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬عالميًا،‭ ‬بهدف‭ ‬كشف‭ ‬أسباب‭ ‬الأزمة،‭ ‬ودوافعها،‭ ‬وآليات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تداعياتها،‭ ‬وباشرت‭ ‬اللجنة‭ ‬عملها‭ ‬دون‭ ‬قيود‭ ‬وباستقلالية‭ ‬تامة،‭ ‬وقدم‭ ‬تقريرها‭ ‬الدكتور‭ ‬شريف‭ ‬بسيوني‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬إلى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬يوم‭ ‬23‭/‬11‭/‬2011،‭ ‬بخطاب‭ ‬ألقاه‭ ‬في‭ ‬احتفال‭ ‬دولي‭ ‬بحضور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬600‭ ‬شخصية‭ ‬حقوقية‭ ‬وسياسية‭ ‬وإعلامية‭ ‬عربا‭ ‬وأجانب،‭ ‬قال‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬حدث‭ ‬تاريخي‭ ‬فريد؛‭ ‬لأنه‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تقبل‭ ‬حكومة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تمارس‭ ‬سلطتها،‭ ‬بأن‭ ‬تفتح‭ ‬جميع‭ ‬ملفاتها،‭ ‬وتستقبل‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الاتهام‭ ‬الموجه‭ ‬ضدها،‭ ‬وأن‭ ‬تسهل‭ ‬مهمة‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تقييم‭ ‬أدائها‮»‬،‭ ‬واستجاب‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬بقبول‭ ‬كل‭ ‬التوصيات‭ (‬26‭ ‬توصية‭)‬،‭ ‬وتشكيل‭ ‬لجنتين‭ ‬للتنفيذ‭ ‬والمتابعة،‭ ‬وعند‭ ‬زيارته‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2016،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬بسيوني‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬نفّذت‭ ‬التوصيات‭ ‬بالكامل،‭ ‬وتجاوزت‭ ‬أحداث‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬2011‮»‬‭.‬

وبالتوازي‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬تبنّت‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬الداخلية‮»‬،‭ ‬استراتيجية‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد؛‭ ‬لمواجهة‭ ‬محاولات‭ ‬الإخلال‭ ‬بالأمن،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬الوطني،‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬ملكية‭ ‬حكيمة،‭ ‬وشراكة‭ ‬مجتمعية‭ ‬فعالة،‭ ‬وتنسيق‭ ‬محكم‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭. ‬وبفضل‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬تمكنت‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬تخطي‭ ‬الأزمة،‭ ‬وتجاوز‭ ‬تبعاتها،‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الجاهزية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أمنها‭ ‬الوطني،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يواجهها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إقليمي‭ ‬يموج‭ ‬بالتحديات‭. ‬

وهنا‭ ‬ينبغي‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬المحوري،‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬القيادة‭ ‬الأمنية‭ ‬السابقة‭ ‬واللاحقة‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬الأحداث،‭ ‬وصياغة‭ ‬السياسات،‭ ‬وإصدار‭ ‬القرارات،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والاستقرار‭.. ‬فقد‭ ‬قاد‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬،‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬مدة‭ ‬33‭ ‬عامًا،‭ ‬شهدت‭ ‬خلالها‭ ‬البحرين‭ ‬تحديات‭ ‬أمنية‭ ‬داخلية‭ ‬وخارجية‭ ‬معقدة،‭ ‬فتمكّن‭ ‬برؤيته‭ ‬وخبرته‭ ‬من‭ ‬ترسيخ‭ ‬نهج‭ ‬أمني‭ ‬متوازن‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الحزم‭ ‬والاستقرار،‭ ‬وحرص‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي،‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬قناعته‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬كلٌّ‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬عبر‭ ‬تطوير‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية،‭ ‬واستقطاب‭ ‬الكفاءات،‭ ‬واعتماد‭ ‬تقنيات‭ ‬حديثة،‭ ‬مما‭ ‬رفع‭ ‬جاهزيتها‭ ‬وجعلها‭ ‬نموذجًا‭ ‬يُحتذى‭ ‬به،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬أصبحت‭ ‬إدارته‭ ‬مدرسة‭ ‬أمنية‭ ‬نهلت‭ ‬منها‭ ‬قيادات‭ ‬خليجية‭ ‬وعربية‭.. ‬‮ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬عندما‭ ‬تولى‭ ‬معالي‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬ركن‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬،‭ ‬الوزارة،‭ ‬فكان‭ ‬خير‭ ‬خلف‭ ‬لخير‭ ‬سلف،‭ ‬حيث‭ ‬واصل‭ ‬مسيرة‭ ‬التحديث‭ ‬والتطوير،‭ ‬مستندًا‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬أمنية‭ ‬شاملة‭ ‬تراعي‭ ‬الانفتاح‭ ‬السياسي،‭ ‬وتعزز‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وتواكب‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬المستجدة،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك،‭ ‬وتميزت‭ ‬قيادته‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تبنيه‭ ‬استراتيجية‭ ‬متكاملة‭ ‬لتحديث‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬ومكافحة‭ ‬الجريمة؛‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬استقرار‭ ‬البحرين،‭ ‬وترسيخ‭ ‬منظومة‭ ‬أمنية‭ ‬حديثة‭ ‬ومتطورة‭. ‬

ومع‭ ‬حلول‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وبعد‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬المملكة،‭ ‬بقيادة‭ ‬عاهلها،‭ ‬وسمو‭ ‬ولي‭ ‬عهدها‭ ‬الأمين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وجهود‭ ‬أجهزتها‭ ‬الأمنية،‭ ‬وتكاتف‭ ‬كل‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمة؛‭ ‬انطلقت‭ ‬نحو‭ ‬مرحلة‭ ‬بناء‭ ‬جديدة،‭ ‬واجهت‭ ‬خلالها‭ ‬تحديات‭ ‬مستحدثة،‭ ‬كان‭ ‬أبرزها‭ ‬تفشي‭ ‬جائحة‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬عالميًا،‭ ‬والتي‭ ‬أدارتها‭ ‬بكفاءة‭ ‬واقتدار،‭ ‬بقيادة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ونالت‭ ‬عنها‭ ‬إشادات‭ ‬من‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬و«منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الإقليمية‭ ‬والأممية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬واجهت‭ ‬تحديات‭ ‬إقليمية،‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وما‭ ‬خلفه‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬ومادية‭ ‬فادحة،‭ ‬ودمار‭ ‬واسع‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وامتداد‭ ‬العدوان‭ ‬ليشمل‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬خريطة‭ ‬استفزازية‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬وزارة‭ ‬خارجيتها،‭ ‬تزعم‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬حدودها‭ ‬تشمل‭ ‬كامل‭ ‬فلسطين‭ ‬والأردن،‭ ‬وأجزاء‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬ومصر‭ ‬والعراق‭ ‬والسعودية،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تعكس‭ ‬أطماعًا‭ ‬توسعية‭ ‬تنذر‭ ‬بعواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬وخطيرة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬إن‭ ‬المراقب‭ ‬لأداء‭ ‬البحرين‭ ‬بقيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬يتيقن‭ ‬أنها‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬بمفهومه‭ ‬الشامل،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تبنيها‭ ‬استراتيجية‭ ‬أمنية‭ ‬استباقية‭ ‬لمواجهة‭ ‬التطرف،‭ ‬وإحباط‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬قبل‭ ‬وقوعها،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬استطاعت‭ ‬حماية‭ ‬كيانها،‭ ‬وسيادتها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دعم‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭. ‬ومع‭ ‬تحقيقها‭ ‬لاستقرار‭ ‬أمني‭ ‬ملحوظ،‭ ‬تبنّت‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬العقوبات‭ ‬البديلة‮»‬،‭ ‬و«السجون‭ ‬المفتوحة‮»‬؛‭ ‬لتصبح‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والعاشرة‭ ‬دوليًّا،‭ ‬التي‭ ‬تطبق‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬بما‭ ‬يواكب‭ ‬المعايير‭ ‬الحقوقية‭ ‬الدولية‭ ‬الحديثة‭.‬

ونختم‭ ‬بالقول،‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يضع‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬الباحثين،‭ ‬والدارسين،‭ ‬والأكاديميين،‭ ‬والمؤرخين،‭ ‬والمهتمين‭ ‬بتاريخ‭ ‬البحرين،‭ ‬توثيقًا‭ ‬لمسيرة‭ ‬تنموية‭ ‬استمرت‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬عهد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬‭ ‬مسلطًا‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمنها،‭ ‬والتمسك‭ ‬بهويتها‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬واضعا‭ ‬بين‭ ‬أيديهم‭ ‬ما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬صورة‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬فترات‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬تاريخها؛‭ ‬وليكون‭ ‬مرجعًا‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬وتحليل‭ ‬التطورات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا