الكواليس
![](https://media.akhbar-alkhaleej.com/thumbeditor.php?img=editor/KAWA.png)
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
لست ملاكا
عشت نصف عمري وأنا أمام خيارين لا ثالث لهما، (أولهما مر) وهو أن استحمل وأعيش مع إنسان أناني لا يحب إلا نفسه ولا يعيش إلا لملذاته الشخصية، يعتبر بيته فندقا وأنا الخادمة التي تلبي رغباته وتربي أولاده فقط، أما (ثاني خيار كان علقما) وهو أن اخلعه وأخسر كل شيء بيتي وأطفالي بل وأدفع له ثمن حريتي لأسجن في بيت والدي تحت رحمة أخي والعادات والتقاليد التي لا ترحم المرأة المطلقة.
تقول صاحبة القصة: أرى يوميا نظرات الناس الغريبة بل أسمع همسات البعض عني عندما يشاهدونني في أي مجمع أو مناسبة وكأنني مجرمة أو مخطئة ويقولون عني بأنني بلا ضمير أو إحساس ولكنني قررت منذ زمن بعيد ألا أهتم إلا بنفسي وأن أحب نفسي ولن يسعدني إلا نفسي.
بعد سنوات طويلة من العذاب والذل والإهانة مع زوجي الظالم، أصيب مؤخرا بجلطة أقعدته الفراش، ففقد قوته وجبروته وهنا كانت فرصتي للانتقام (كما يقول الناس) ولكن بالنسبة لي كانت فرصتي لنيل حريتي، وعيش حياتي بالطول والعرض كما كان يفعل بالضبط، ولكن طبعا بحدود العادات والدين، حيث إنه كان يتركني مريضة طريحة الفراش ويخرج ليسهر مع أصدقائه، وكم كان يحلو له السفر قبل موعد ولادتي بيوم حتى يهرب من تعب ومسؤوليات الولادة، لم يرحم تعبي أو مرضي أو توسلاتي له بأن يهتم بي أو بأولاده وهم صغار، كان يرمي لنا المال وكأن مسؤوليته الوحيدة تجاهها هو توفير المال فقط بلا أي مشاعر أو أحاسيس.. لذلك كنت أطلب مزيدا من المال وأجمع كل فلس في البنك باسمي من دون أن يعلم، لكي أتحرر منه يوم من الأيام ولعدم شعوري معه بالأمان أبدا. وفعلا كبر أبنائي وتزوجوا وقبل أن أطلب حريتي حلت رحمة الله عليّ وسقط الظالم وأصبح طريح الفراش.
أضافت صاحبة القصة: لن أكذب أو أنافق بل أعترف بأنني صليت ركعتين شكرا لله لأنني أعتقد أن رب العالمين لبى دعواتي ومسح دموعي وكافأني أخيرا على صبري وتحملي ظلمه وخياناته وإهماله لي، لذلك قررت أن أعيش حياتي الآن، نعم لم أزره في المستشفى، بل دفعت ثمن سفرة جميلة مع مكتب سفريات وذهبت في رحلة إلى أوروبا، وقضيت أجمل أيام.
استنكر أهلي وأهله (مع أنهم كانوا يعلمون بكل أفعاله) ويطلبون مني الصبر والتحمل دائما، وتوقعوا مني أن أقف بجانبه وأقضي حياتي الباقية في خدمته وتمريضه!!
لقد كان يوفر لي ممرضة ترعاني بعد كل ولادة وعاملة منزل تساعدني في أمور البيت وهذا ما فعلته له بالضبط، حيث إنني وفرت له ممرضة ترعاه يوميا وشغالة تطبخ له أكله واكتفيت بأن أباشرهما يوميا واطمئن بأنهما تؤديان واجباتهما على أكمل وجه، أما أنا فلدي حياتي وطلعاتي ومناسباتي وسهراتي التي أجلتها لأربي أبنائي.
أولادي عاشوا معي كل معاناتي لذلك هم متفهمون موقفي نوعا ما، ولكن نظراتهم تحرقني أحيانا، حيث إنه مهما كان أبوهم الذي يكنون له الحب والاحترام وأعتقد أنهم كانوا يتمنون من أعماقهم أن أسامح والدهم وأرعاه خصوصا انه يشعر بالندم الشديد لما فعله بي وبهم ويطلب منهم ومني أن أسامحه، ولكن هل سيعيد لي ندمه أحلى سنوات عمري؟ وهل سينسيني ندمه دموع وقهر الليالي وكسرة الأيام؟ هل ستمحي كل الظلم اللي عشته طوال تلك السنوات؟ كان ينظر إليّ بكل جبروت في عيني ويقول نعم خنتك لأنني رجل عادي نزوة (فلا تكبرين السالفة وربي عيالج)! كيف وهل أنسى؟ جوابي أنا هو لا لأنني لست ملاكا.
خمسة وعشرون سنة من العذاب والإهمال والإهانة والخيانات جعلت قلبي يتحول إلى حجر لا يشعر بأي أحاسيس جميلة نحوه، عشت تعيسة نصف عمري لم أعرف السعادة إلا منذ سنة، هل اترك السعادة وارجع للدموع والعذاب؟ أنا لست ملاكا بل إنسانة لذلك لا أستطيع أن أنسى الظلم، فلماذا أصبحت في نظر الناس امرأة قاسية بلا قلب؟؟ من حولني إلى هذه المرأة؟ لماذا يطلب المجتمع من المرأة دائما التضحية بسعادتها ولا يطلبونه من الرجل؟ آسفة جدا أنا لست ملاكا لكي أنسى.
إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"
aak_news
![](https://akhbar-alkhaleej.com/assets/images/iconforinsta.png)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك