العدد : ١٧١٢٥ - الاثنين ١٠ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٥ - الاثنين ١٠ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الركون إلى الراحة ونموذج التعلم والنمو الشخصي

بقلم: د. زكريا خنجي

الأحد ٠٩ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

لم‭ ‬أفهم‭ ‬موقف‭ ‬الصحابي‭ ‬الجليل‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بن‭ ‬عوف‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬الذي‭ ‬ذكر‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬السير،‭ ‬إذ‭ ‬تشير‭ ‬تلك‭ ‬الكتب‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬غادر‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭ ‬لم‭ ‬يحمل‭ ‬معه‭ ‬إلا‭ ‬جزءًا‭ ‬يسيرًا‭ ‬من‭ ‬متاع،‭ ‬فبلغ‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬حمل‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬شأن‭ ‬معظم‭ ‬الصحابة‭ ‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬الذين‭ ‬هاجروا‭ ‬من‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة‭.‬

واستطاع‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬هذه‭ ‬المعضلة‭ ‬وكل‭ ‬المعضلات‭ ‬بمنهجية‭ ‬المسؤول‭ ‬القائد‭ ‬وذلك‭ ‬أنه‭ ‬آخى‭ ‬بين‭ ‬المهاجرين‭ ‬والأنصار،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬نصيب‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بن‭ ‬عوف‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬أنه‭ ‬آخى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الصحابي‭ ‬سعد‭ ‬بن‭ ‬الربيع‭ ‬الأنصاري‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬عنده‭ ‬ونلقي‭ ‬ببعض‭ ‬الأضواء‭ ‬عليه،‭ ‬وهو‭ ‬اللقاء‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬بين‭ ‬الصحابيين‭ ‬الجليلين‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهما‭.‬

قال‭ ‬سعد‭ ‬بن‭ ‬الربيع‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬لعبد‭ ‬الرحمن‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬المؤاخاة‭: ‬‮«‬يا‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬عندي‭ ‬زوجتان،‭ ‬فانظر‭ ‬إحداهما‭ ‬أعجب‭ ‬إليك‭ ‬فأطلقها،‭ ‬وإذا‭ ‬اعتدت‭ ‬تزوجتها،‭ ‬وعندي‭ ‬مال،‭ ‬فأنا‭ ‬أعطيك‭ ‬شطر‭ ‬ما‭ ‬معي‮»‬‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬غرابة‭ ‬الموقف‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬وإنما‭ ‬سنتحدث‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬الصحابي‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بن‭ ‬عوف‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭.‬

فالصحابي‭ ‬سعد‭ ‬يعرض‭ ‬على‭ ‬الصحابي‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬الركون‭ ‬إلى‭ ‬الراحة،‭ ‬زوجة‭ ‬ومالا،‭ ‬وهو‭ ‬الفقير‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أي‭ ‬متاع‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يحمل،‭ ‬ربما‭ ‬لو‭ ‬عرضت‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬آخر‭ ‬لقبل‭ ‬ذلك‭ ‬برحابة‭ ‬صدر،‭ ‬فمن‭ ‬يرفض‭ ‬الراحة؟‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الصحابي‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬رأي‭ ‬آخر،‭ ‬فكان‭ ‬رده‭ ‬عجيبا،‭ ‬قال‭: ‬‮«‬بارك‭ ‬الله‭ ‬لك‭ ‬في‭ ‬أهلك‭ ‬ومالك،‭ ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬هذا،‭ ‬دلوني‭ ‬على‭ ‬السوق‮»‬‭. ‬فلنتصور‭ ‬شخصا‭ ‬عرض‭ ‬عليه‭ ‬المال‭ ‬والزوجة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يرفض‭ ‬ذلك‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬حتى‭ ‬يتاجر،‭ ‬ويدخل‭ ‬في‭ ‬المضاربات‭ ‬والمخاطر‭ ‬والمشاكل،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ماذا؟‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬سيصل‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬النتيجة،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬إن‭ ‬الصحابي‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬الراحة‭ ‬وإنما‭ ‬يريد‭ ‬العمل،‭ ‬لماذا؟

لنعيد‭ ‬قراءة‭ ‬قصة‭ ‬الصحابي‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بن‭ ‬عوف‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬بطريقة‭ ‬أخرى،‭ ‬فقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬النفسية‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تقسم‭ ‬البشر‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬مراحل‭ ‬متعلقة‭ ‬بموضوع‭ ‬الراحة‭ ‬والعمل‭ ‬والسعي‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف،‭ ‬ولكن‭ ‬وجدنا‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬اختزال‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المراحل‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الخمس‭ ‬التالية،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المراجع‭ ‬بنموذج‭ ‬التعلم‭ ‬والنمو‭ ‬البشري‭:‬

 

أولاً‭: ‬منطقة‭ ‬الراحة‭ (‬comfort‭ ‬zone‭)‬؛‭ ‬تقول‭ ‬الدراسات‭ ‬إنها‭ ‬حالة‭ ‬سلوكية‭ ‬يمارسها‭ ‬الشخص‭ ‬بلا‭ ‬توتر‭ ‬أو‭ ‬خطر‭ ‬بسبب‭ ‬اعتياده‭ ‬على‭ ‬ممارستها‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬روتيني‭ ‬محدد‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تجلب‭ ‬الخطر‭ ‬النفسي‭ ‬لصاحبها‭. ‬فهي‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬المرء‭ ‬شعورًا‭ ‬بالراحة‭ ‬النفسية‭ ‬والأمان‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ولكنها‭ ‬تبعده‭ ‬عن‭ ‬الطموح‭ ‬والسعي‭ ‬وراء‭ ‬أحلامه‭ ‬والتقدم‭ ‬والإبداع‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التكيّف‭ ‬الذهني‭ ‬شعور‭ ‬بالأمان‭ ‬والراحة‭. ‬ويعتقد‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ناتجًا‭ ‬عن‭ ‬عوامل‭ ‬عدة‭ ‬مثل‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬التغيير،‭ ‬العادات‭ ‬المكتسبة،‭ ‬والتكرار‭ ‬اليومي‭ ‬للنشاطات‭ ‬المألوفة،‭ ‬إذ‭ ‬تشير‭ ‬تلك‭ ‬الأبحاث‭ ‬أن‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬يتطلب‭ ‬شجاعة‭ ‬وتفكيرا‭ ‬إيجابيا،‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬فرصًا‭ ‬جديدة‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الشخص‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬والتغيير‭. ‬

ثانيًا‭: ‬منطقة‭ ‬الخوف‭ (‬Fear‭ ‬Zone‭)‬؛‭ ‬الخوف‭ ‬هو‭ ‬شعور،‭ ‬أو‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬عاطفي،‭ ‬يصيب‭ ‬الإنسان‭ ‬عند‭ ‬تعرُّضه‭ ‬لموقف‭ ‬يشعره‭ ‬بالخطر،‭ ‬وهو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬استجابة‭ ‬البقاء‭ ‬عند‭ ‬الإنسان،‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإحساس‭ ‬بالخوف‭ ‬غير‭ ‬مريح‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حد،‭ ‬فحينما‭ ‬نبدأ‭ ‬مشروعًا‭ ‬جديدًا،‭ ‬أو‭ ‬نخوض‭ ‬مغامرة‭ ‬جديدة،‭ ‬أو‭ ‬نخرج‭ ‬عن‭ ‬المألوف،‭ ‬نشعر‭ ‬عادة‭ ‬بالخوف‭. ‬وللأسف،‭ ‬يسمح‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬للخوف‭ ‬أن‭ ‬يمنعهم‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬الخطوات‭ ‬الضرورية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أحلامهم،‭ ‬بينما‭ ‬قليلون‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يسمحون‭ ‬له‭ ‬بأن‭ ‬يمنعهم‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بما‭ ‬يرغبون‭ ‬به،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬عليهم‭ ‬فعله‭.‬

فمنطقة‭ ‬الخوف‭ ‬هي‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬مغادرة‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬الذي‭ ‬نتحدث‭ ‬فيه‭ ‬نموذج‭ (‬التعلم‭ ‬والنمو‭ ‬الشخصي‭)‬،‭ ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يخرج‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة،‭ ‬يدخل‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الخوف،‭ ‬حينها‭ ‬يشعر‭ ‬بالتوتر‭ ‬والقلق‭ ‬بسبب‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬والمخاطر‭ ‬غير‭ ‬المألوفة‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العلمية،‭ ‬تُعد‭ ‬منطقة‭ ‬الخوف‭ ‬مهمة‭ ‬لأنها‭ ‬تمثل‭ ‬العقبات‭ ‬النفسية‭ ‬والذهنية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬تجاوزها‭ ‬لتحقيق‭ ‬التقدم‭ ‬الشخصي‭. ‬فيشعر‭ ‬الفرد‭ ‬بالخوف‭ ‬بسبب‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬المألوف‭ ‬ومواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬جديدة‭. ‬وهذا‭ ‬الخوف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ناتجًا‭ ‬عن‭ ‬العوامل‭ ‬التالية‭:‬

1-‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭: ‬يواجه‭ ‬الفرد‭ ‬مواقف‭ ‬جديدة‭ ‬وغير‭ ‬مألوفة‭.‬

2-‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الفشل‭: ‬القلق‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬التجارب‭ ‬الجديدة‭.‬

3-‭ ‬القلق‭ ‬الاجتماعي‭: ‬الشعور‭ ‬بالضغط‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والنقد‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭.‬

لذلك‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬لتجاوز‭ ‬منطقة‭ ‬الخوف،‭ ‬يجب‭ ‬اتباع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مثل‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس،‭ ‬تطوير‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة،‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬الآخرين،‭ ‬والتحلي‭ ‬بالصبر‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المخاوف،‭ ‬عندها‭ ‬يمكن‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬التالية‭.‬

 

ثالثًا‭: ‬منطقة‭ ‬التعلم‭ (‬Learning‭ ‬Zone‭)‬؛‭ ‬وهي‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬ينتقل‭ ‬إليها‭ ‬الشخص‭ ‬بعد‭ ‬مواجهة‭ ‬مخاوفه‭ ‬وخروجهم‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة‭. ‬علميًا،‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المراحل‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬الشخص‭ ‬وتنميته‭ ‬الذاتية،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬جوانب‭ ‬متعددة،‭ ‬منها‭: ‬

1‭. ‬تنمية‭ ‬المهارات‭: ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬يبدأ‭ ‬الشخص‭ ‬بتعلم‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة‭ ‬واكتساب‭ ‬معارف‭ ‬إضافية،‭ ‬لذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬ممارسة‭ ‬متكررة‭ ‬واستمرارية‭ ‬في‭ ‬التعلم‭ ‬لتطوير‭ ‬القدرات‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭.‬

2‭. ‬النمو‭ ‬العصبي‭: ‬ويتمثل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬الدماغ‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬روابط‭ ‬عصبية‭ ‬جديدة‭ ‬استجابة‭ ‬للتعلم‭ ‬والتجارب‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتشير‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ممارسة‭ ‬التعلم‭ ‬المستمر‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬اللدونة‭ ‬العصبية‭ ‬مما‭ ‬يحسن‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬الشخص‭ ‬العقلية‭ ‬والمعرفية‭.‬

3‭. ‬التحفيز‭ ‬الداخلي‭: ‬تجد‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬الشخص‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬التعلم‭ ‬يكون‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بشدة‭ ‬بالتحفيز‭ ‬الداخلي‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه،‭ ‬هذا‭ ‬التحفيز‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬والمصاعب‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يواجهها‭ ‬الشخص‭ ‬أثناء‭ ‬عملية‭ ‬التعلم‭.‬

4‭. ‬المرونة‭ ‬النفسية‭: ‬إن‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الخوف‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬التعلم‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المرونة‭ ‬النفسية،‭ ‬وذلك‭ ‬بأن‭ ‬يتعلم‭ ‬الشخص‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الضغوط‭ ‬والمواقف‭ ‬الصعبة‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭.‬

5‭. ‬زيادة‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭: ‬ومع‭ ‬اكتساب‭ ‬مهارات‭ ‬ومعارف‭ ‬جديدة،‭ ‬يشعر‭ ‬الشخص‭ ‬بثقة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬قدراته،‭ ‬هذه‭ ‬الثقة‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الشخص‭ ‬لمواصلة‭ ‬التعلم‭ ‬ومواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

إن‭ ‬منطقة‭ ‬التعلم‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬المراحل‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬النمو‭ ‬الشخصي،‭ ‬حيث‭ ‬تمكن‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬تطور‭ ‬مستدام‭ ‬وتنمية‭ ‬شاملة‭. ‬بالتالي،‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬بفاعلية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬شامل‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الفرد‭ ‬المهنية‭ ‬والشخصية‭.‬

رابعًا‭: ‬منطقة‭ ‬النمو‭ (‬Growth‭ ‬Zone‭)‬؛‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬بعد‭ ‬اكتساب‭ ‬المهارات‭ ‬والمعارف‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعلم‭ ‬والتطوير‭. ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬تعتبر‭ ‬المرحلة‭ ‬قبل‭ ‬النهائية‭ ‬في‭ ‬نموذج‭ ‬التعلم‭ ‬والنمو‭ ‬الشخصي،‭ ‬وهي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬الشخص‭ ‬لأهدافه‭ ‬الكبيرة‭ ‬وتطلعاته‭. ‬وتنقسم‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬جوانب‭ ‬منها‭: ‬

1‭. ‬الرضا‭ ‬الشخصي‭: ‬إن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬النمو‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬شعور‭ ‬الفرد‭ ‬بالرضا‭ ‬الشخصي‭ ‬والسعادة،‭ ‬وهذا‭ ‬الرضا‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬والطموحات‭ ‬والنجاح‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬التحديات‭.‬

2‭. ‬التطور‭ ‬المستدام‭: ‬إن‭ ‬الشخص‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬النمو‭ ‬يكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تطوره‭ ‬الشخصي‭ ‬بشكل‭ ‬مستدام،‭ ‬ويتعلم‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬المستقبلية‭ ‬بثقة‭ ‬وكفاءة‭.‬

3‭. ‬الإبداع‭ ‬والابتكار‭: ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬النمو‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار،‭ ‬حينئذ‭ ‬يصبح‭ ‬الشخص‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق‭ ‬وتطوير‭ ‬حلول‭ ‬جديدة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬للمشكلات‭.‬

4‭. ‬التأثير‭ ‬الإيجابي‭: ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬يمكن‭ ‬للشخص‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬مجتمعه‭ ‬ومحيطه،‭ ‬ويمكن‭ ‬للشخص‭ ‬أن‭ ‬ينقل‭ ‬خبراته‭ ‬ومعارفه‭ ‬إلى‭ ‬الآخرين‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

وبصفة‭ ‬عامة،‭ ‬فإن‭ ‬منطقة‭ ‬النمو‭ ‬تمثل‭ ‬مرحلة‭ ‬النضج‭ ‬والتطور‭ ‬الشخصي‭ ‬المستدام،‭ ‬حيث‭ ‬يحقق‭ ‬الشخص‭ ‬أهدافه‭ ‬الكبيرة‭ ‬ويستفيد‭ ‬من‭ ‬مهاراته‭ ‬ومعارفه‭ ‬لتحقيق‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭. ‬ولكن‭ ‬لنتذكر‭ ‬أن‭ ‬الرحلة‭ ‬نحو‭ ‬النمو‭ ‬تتطلب‭ ‬الصبر‭ ‬والمثابرة،‭ ‬وأن‭ ‬التحديات‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬طبيعي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭.‬

خامسًا‭: ‬منطقة‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ (‬Achievement‭ ‬Zone‭)‬؛‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬يدمج‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬مع‭ ‬مرحلة‭ ‬النمو‭ ‬وبعضهم‭ ‬يفصل‭ ‬المرحلتين،‭ ‬وسواء‭ ‬وضعته‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬مع‭ ‬مرحلة‭ ‬النمو‭ ‬أو‭ ‬لا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لا‭ ‬يهمنا،‭ ‬وإنما‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬هو‭ ‬خط‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬نموذج‭ (‬التعلم‭ ‬والنمو‭ ‬الشخصي‭). ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تتوج‭ ‬جهود‭ ‬الشخص‭ ‬وتفانيه‭ ‬في‭ ‬التعلم‭ ‬والنمو‭. ‬تُعد‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬نتيجة‭ ‬طبيعية‭ ‬وحتمية‭ ‬للعمل‭ ‬المستمر‭ ‬والالتزام‭ ‬بتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المحددة‭.‬

ولنعد‭ ‬إلى‭ ‬قصة‭ ‬الصحابي‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بن‭ ‬عوف‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه،‭ ‬فهل‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الصحابي‭ ‬الجليل‭ ‬متفهما‭ ‬لنموذج‭ (‬التعلم‭ ‬والنمو‭ ‬الشخصي‭) ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬ترك‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة‭ ‬تلك‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬ليبحث‭ ‬ويتاجر‭ ‬ويشتري،‭ ‬وعندما‭ ‬عاد‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬إلى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬وكان‭ ‬عليه‭ ‬أثر‭ ‬الزواج‭ ‬والنعمة؟

وباختصار‭ ‬فإن‭ ‬نموذج‭ (‬التعلم‭ ‬والنمو‭ ‬الشخصي‭) ‬يوضح‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للشخص‭ ‬تحسين‭ ‬ذاته‭ ‬وتطوير‭ ‬مهاراته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مواجهة‭ ‬الخوف‭ ‬والتعلم‭ ‬المستمر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭. ‬فما‭ ‬موقعك‭ ‬عزيزي‭ ‬القارئ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النموذج؟

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا