العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

حكايات.. سائق تاكسي..!!

أستمتع‭ ‬كثيرا‭ ‬بقراءة‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬السير‭ ‬الذاتية‭ ‬والقصص‭ ‬التاريخية‭ ‬والمواقف‭ ‬الإدارية‭.. ‬استمتع‭ ‬أكثر‭ ‬بقراءة‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تسرد‭ ‬الحكايات‭ ‬والمواقف‭ ‬الواقعية‭.. ‬في‭ ‬مكتبتي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الكتب‭.. ‬لقد‭ ‬جمعتها‭ ‬طوال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬عاما‭.‬

كنت‭ ‬قد‭ ‬قرأت‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬حكايات‭ ‬مشاوير‭ ‬تاكسي‮»‬‭ ‬للأستاذ‭ ‬خالد‭ ‬الخميسي‭.. ‬كتاب‭ ‬رائع‭ ‬يحكي‭ ‬مواقف‭ ‬حقيقية‭ ‬لسائق‭ ‬تاكسي‭.. ‬وقد‭ ‬وصفه‭ ‬الأستاذ‭ ‬الراحل‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬المسيري‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬إبداعي‭ ‬أصيل‭ ‬ومتعة‭ ‬فكرية‭ ‬حقيقية‮»‬‭.. ‬وقال‭ ‬عنه‭ ‬د‭. ‬جلال‭ ‬أمين‭ ‬‮«‬انه‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬قرأ‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬المجتمع‮»‬‭.. ‬والكتاب‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬حوارات‭ ‬بين‭ ‬الراوي‭ ‬وسائقي‭ ‬التاكسي،‭ ‬يتناولون‭ ‬فيها‭ ‬بصراحة‭ ‬بالغة‭ ‬أوضاع‭ ‬البلاد،‭ ‬والسياسة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬وهموم‭ ‬الناس‭ ‬الشخصية‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬كتاب‭ ‬الأستاذ‭ ‬خالد‭ ‬الخميسي‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬ماجستير‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬السوربون،‭ ‬شجعت‭ ‬الدكتور‭ ‬الإماراتي‭ ‬عمار‭ ‬شمس،‭ ‬لخوض‭ ‬تجربة‭ ‬‮«‬سائق‭ ‬التاكسي‮»‬،‭ ‬كي‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬تعرف‭ ‬عليه‭ ‬ومر‭ ‬به‭ ‬الأستاذ‭ ‬خالد‭ ‬الخميسي‭.‬

يقول‭ ‬د‭. ‬عمار‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لإحدى‭ ‬الصحف‭ ‬الإماراتية‭: ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬نمطية‭ ‬عشتها،‭ ‬رصدتُ‭ ‬أشياء‭ ‬وأماكن‭ ‬في‭ ‬دبي‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرفها،‭ ‬واكتشفت‭ ‬كيف‭ ‬ينظر‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات،‭ ‬وما‭ ‬الأحلام‭ ‬التي‭ ‬دعتهم‭ ‬الى‭ ‬التوجه‭ ‬إليها،‭ ‬والإقامة‭ ‬فيها،‭ ‬كما‭ ‬تعلمت‭ ‬من‭ ‬زملائي‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬التاكسي‭ ‬الكثير‭.‬

حينما‭ ‬عشت‭ ‬التجربة‭ ‬أدركت‭ ‬الفارق‭.. ‬لأن‭ ‬دبي‭ ‬التي‭ ‬رأيتها‭ ‬كسائق‭ ‬سيارة‭ ‬أجرة‭ -‬وأنا‭ ‬أجوب‭ ‬شوارعها‭ ‬طلباً‭ ‬للاكتشاف،‭ ‬وسعياً‭ ‬وراء‭ ‬المعرفة‭- ‬أضافت‭ ‬الكثير‭ ‬إلى‭ ‬دبي‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أعرفها‭ ‬طوال‭ ‬عمري‭.‬

فبعد‭ ‬مسيرة‭ ‬العمل‭ ‬الرسمي،‭ ‬خرجت‭ ‬إلى‭ ‬التقاعد،‭ ‬ثم‭ ‬لاحت‭ ‬لي‭ ‬فكرة‭ ‬خوض‭ ‬تجربة‭ ‬سائق‭ ‬التاكسي‭.. ‬فاتصلت‭ ‬بشركة‭ (‬تاكسي‭ ‬دبي‭)‬،‭ ‬وأخبرتهم‭ ‬برغبتي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬مدة‭ ‬شهرين،‭ ‬وتم‭ ‬اجتيازي‭ ‬الإجراءات‭ ‬والاشتراطات‭.‬

ومن‭ ‬المواقف‭ ‬الطريفة‭ ‬التي‭ ‬صادفته‭ ‬أثناء‭ ‬عمله،‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬وقفت‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬انتظار،‭ ‬والتقيت‭ ‬بسائق‭ ‬ليموزين،‭ ‬وحينما‭ ‬سألني‭ ‬عن‭ ‬جنسيتي‭ ‬وأخبرته‭ ‬بأنني‭ ‬إماراتي‭ ‬لم‭ ‬يصدق،‭ ‬واعتقد‭ ‬أنني‭ ‬أنتحل‭ ‬صفة‭ ‬شخص‭ ‬عثرت‭ ‬على‭ ‬أوراقه،‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬إعادتها‭ ‬إلى‭ ‬صاحبها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬أقع‭ ‬في‭ ‬مشكلة‭ ‬مع‭ ‬الشركة‮»‬‭.‬

وذات‭ ‬مرة‭ ‬أوصل‭ ‬راكبة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬نائباً‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها،‭ ‬ولاحظت‭ ‬أن‭ ‬لهجته‭ ‬بريطانية‭.. ‬فسألته‭: ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬بريطاني؟‭ ‬فأجابها‭ ‬بأنه‭ ‬إماراتي،‭ ‬وحينما‭ ‬نظر‭ ‬إليها‭ ‬قالت‭: ‬أعتقد‭ ‬أنني‭ ‬رأيتك‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬فسألها‭: ‬أين‭ ‬تعملين؟‭ ‬وذكرت‭ ‬له‭ ‬اسم‭ ‬المدرسة،‭ ‬فأجابها‭ ‬بأنه‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها‭.‬

ختاما‭.. ‬أتصور‭ ‬أنك‭ ‬لو‭ ‬جلست‭ ‬وتحدثت‭ ‬مع‭ ‬‮«‬بعض‮»‬‭ ‬أصحاب‭ ‬سيارات‭ ‬الأجرة‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬لاستمعت‭ ‬شخصيا‭ ‬لكمية‭ ‬من‭ ‬التحلطم‭ ‬والتحندي،‭ ‬والاستياء‭ ‬والنقد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وأي‭ ‬شيء‭.. ‬ولوجدت‭ ‬نفسك‭ ‬أنت‭ ‬من‭ ‬تكتب‭ ‬حكاياتك‭ ‬مع‭ ‬أصحاب‭ ‬التكاسي،‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭.. ‬وهنا‭ ‬ندق‭ ‬الجرس‭ ‬للإخوة‭ ‬والأخوات‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬وهيئة‭ ‬السياحة‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يكتب‭ ‬سائح‭ ‬ذات‭ ‬يوم،‭ ‬حكاياته‭ ‬عن‭ ‬بلادنا،‭ ‬مع‭ ‬‮«‬بعض‮»‬‭ ‬أصحاب‭ ‬التكاسي‭ ‬عندنا‭..!!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا