العدد : ١٧١١٣ - الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١٣ - الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تمويل مراكز الفكر الغربية وتأثيره على استقلاليتها

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٢٨ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

تتبوأ‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر‭ ‬ومؤسسات‭ ‬البحث‭ ‬دورا‭ ‬بارزا‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬صياغة‭ ‬وتطوير‭ ‬التشريعات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬أكاديميين،‭ ‬وقانونيين،‭ ‬ودبلوماسيين،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مسؤولين‭ ‬سابقين‭ ‬رفيعي‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬الحكومات‭ ‬والجيوش‭ ‬الغربية،‭ ‬وتعد‭ ‬مؤثرة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية،‭ ‬وسياسة‭ ‬الدفاع،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنتاج‭ ‬التقارير‭ ‬ومقالات‭ ‬الرأي‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬صناع‭ ‬السياسات،‭ ‬أو‭ ‬الإدلاء‭ ‬بشهادات‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬أو‭ ‬المساعدة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬السياسات‭ ‬والتشريعات‭ ‬الجديدة‭.‬

وتوظف‭ ‬أبرز‭ ‬مراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والدفاع‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مثل‭ (‬مؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي،‭ ‬ومركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬راند،‭ ‬والمجلس‭ ‬الأطلسي‭)‬،‭ ‬آلاف‭ ‬الأشخاص،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الدولية،‭ ‬والتي‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تظهر‭ ‬تعليقاتهم‭ ‬وتحليلاتهم‭ ‬في‭ ‬التقارير‭ ‬المطبوعة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬إعلامية‭ ‬مرموقة،‭ ‬مثل‭ (‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست،‭ ‬الغارديان،‭ ‬ووول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭)‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬تحليلات‭ ‬لتغطية‭ ‬الأخبار‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬عبر‭ ‬شبكات،‭ ‬مثل‭ (‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن،‭ ‬الجزيرة،‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‭)‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنصات‭ ‬الإعلامية‭ ‬الكبرى‭.‬

ووفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025‭ ‬بعنوان‭ ‬الأفكار‭ ‬الكبرى‭ ‬والأموال‭ ‬الطائلة‭.. ‬تمويل‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬أعده‭ ‬بن‭ ‬فريمان،‭ ‬ونيك‭ ‬كليفلاند‭ ‬ستاوت،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬للحكم‭ ‬الرشيد؛‭ ‬فإن‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬والحكومات‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬السياسي‭ ‬وتمويلها‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬مشروطًا،‭ ‬فإن‭ ‬القوانين‭ ‬لا‭ ‬تُلزم‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬بالإفصاح‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬تمويلها‭ ‬لعامة‭ ‬الناس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُعتقد‭ ‬أنه‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬أزمة‭ ‬الثقة‭ ‬العامة‭ ‬بمراكز‭ ‬الفكر‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬

وفي‭ ‬تعليق‭ ‬من‭ ‬مايكل‭ ‬شافر،‭ ‬بمجلة‭ ‬بوليتيكو،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬معاهد‭ ‬الفكر‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬تطفو‭ ‬على‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬الخاصة‭ ‬بدول‭ ‬الحكومات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وأموال‭ ‬مقاولي‭ ‬البنتاجون،‭ ‬والتي‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬تحليلات‭ ‬هذه‭ ‬المعاهد،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فلا‭ ‬عجب‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أزمة‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العاديين‭ ‬تجاه‭ ‬معاهد‭ ‬الفكر‭ ‬وآراء‭ ‬الخبراء‭ ‬المرتبطين‭ ‬بها‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬تحليل‭ ‬مفصل‭ ‬لمستويات‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والمالي‭ ‬الذي‭ ‬تلقته‭ ‬أفضل‭ ‬خمسين‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة؛‭ ‬تم‭ ‬قياس‭ ‬شفافية‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬توافر‭ ‬قوائم‭ ‬المانحين‭ ‬والتقارير‭ ‬السنوية‭ ‬للجمهور،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مبالغ‭ ‬التبرعات‭ ‬الدقيقة‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭ ‬أم‭ ‬لا‭.‬

ووفقًا‭ ‬لهذه‭ ‬المقاييس،‭ ‬فإن‭ ‬تسعة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬خمسين‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬18%‭)‬،‭ ‬تعتبر‭ ‬شفافة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمصدر‭ ‬تلقيها‭ ‬للدعم‭ ‬المالي‭ ‬والسياسي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬18‭ ‬مؤسسة‭ (‬36%‭)‬،‭ ‬يكتنفها‭ ‬غموض‭ ‬كُلي‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬تمويلها،‭ ‬وترفض‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هوية‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬مانحيها‭ ‬أو‭ ‬مقدار‭ ‬ما‭ ‬قدموه‭ ‬من‭ ‬مساعدة‭.‬

وعلى‭ ‬مقياس‭ ‬يتراوح‭ ‬من‭ (‬0‭ - ‬5‭) ‬لقياس‭ ‬مستوى‭ ‬الشفافية‭ -‬حيث‭ ‬تشير‭ (‬0-1‭) ‬إلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تكشف‭ ‬القليل‭ ‬جدًا‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تكشف‭ ‬شيئًا‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬تمويلها،‭ ‬بينما‭ ‬تعكس‭ ‬من‭ (‬4-5‭) ‬مستوى‭ ‬شفافية‭ ‬كامل‭ ‬تقريبًا‭ ‬يكشف‭ ‬جميع‭ ‬معلومات‭ ‬المانحين‭ ‬أو‭ ‬معظمها‭- ‬حصل‭ ‬معهد‭ ‬بيرجروين،‭ ‬ومقره‭ ‬بروكسل،‭ ‬ومركز‭ ‬ستيمسون،‭ ‬ومقره‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة،‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬مثالي‭ ‬بدرجة‭ ‬5‭/‬5،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬التزامهما‭ ‬التام‭ ‬بالكشف‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬تبرعاتهما‭ ‬ومساعداتهما‭ ‬المالية‭.‬

وجاء‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تصنيفها‭ ‬في‭ ‬الفئة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الشفافية‭ (‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية،‭ ‬ومعهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ومجلس‭ ‬شيكاغو‭ ‬للشؤون‭ ‬العالمية،‭ ‬ومعهد‭ ‬كوينسي‭). ‬وتشمل‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬سجلت‭ (‬3/5‭) ‬في‭ ‬الشفافية،‭ (‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬بروكينجز،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي،‭ ‬ومجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬راند‭). ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬المقياس،‭ ‬شملت‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬سجلت‭ ‬صفر‭ ‬في‭ ‬الشفافية‭ (‬معهد‭ ‬أمريكان‭ ‬إنتربرايز،‭ ‬ومركز‭ ‬بيلفر‭ ‬للعلوم‭ ‬والشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬هوفر،‭ ‬ومعهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭).‬وعلق‭ ‬شافر،‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬المتعلقة‭ ‬بدرجات‭ ‬الشفافية‭ ‬لتلك‭ ‬المعاهد،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬بها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المحاباة‭ ‬والتحيز؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للقلق،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬معاهد‭ ‬الفكر‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬مديري‭ ‬المعاهد‭ ‬من‭ ‬الوكلاء‭ ‬الأجانب‭ ‬المسجلين‭ ‬ولجان‭ ‬العمل‭ ‬السياسية،‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬أيضًا‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬ولا‭ ‬يتعين‭ ‬عليها‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬تمويلها‭.‬

وكما‭ ‬أوضح‭ ‬فريمان،‭ ‬وكليفلاند‭ ‬ستاوت،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬تلقى‭ ‬معهد‭ ‬بيرجروين‭ ‬تمويله‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مانح‭ ‬أوحد‭ -‬صندوق‭ ‬نيكولاس‭ ‬بيرجروين‭ ‬الخيري‭- ‬فإن‭ ‬مركز‭ ‬ستيمسون،‭ ‬هو‭ ‬مركز‭ ‬الفكر‭ ‬الوحيد‭ ‬المُدرج‭ ‬لديه‭ ‬مصادر‭ ‬متعددة‭ ‬للتمويل،‭ ‬كما‭ ‬وفر‭ ‬قائمة‭ ‬كاملة‭ ‬بالمانحين‭ ‬والممولين‭ ‬للسنة‭ ‬المالية‭ ‬المنقضية،‭ ‬ومن‭ ‬ثّم‭ ‬فهو‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ (‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ومجلس‭ ‬شيكاغو‭ ‬للشؤون‭ ‬العالمية‭)‬؛‭ ‬أفصحوا‭ ‬بدقة‭ ‬المبالغ‭ ‬المقدمة‭ ‬بالدولار‭ ‬الأمريكي‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمصادر‭ ‬تمويل‭ ‬أفضل‭ ‬50‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬يقيمها‭ ‬معهد‭ ‬كوينسي،‭ ‬فقد‭ ‬سُجِّل‭ ‬تقديم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لمؤسسات‭ ‬البحث‭ ‬الرائدة‭ ‬زُهاء‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬تمويل‭ ‬منذ‭ ‬2019،‭ ‬مع‭ ‬تلقي‭ ‬مؤسسة‭ ‬راند‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬المبلغ؛‭ ‬بسبب‭ ‬تعاونها‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمصادر‭ ‬التمويل‭ ‬الأجنبية،‭ ‬فمنذ‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬كان‭ (‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬بروكينجز،‭ ‬وصندوق‭ ‬مارشال‭ ‬الألماني‭)‬،‭ ‬أكبر‭ ‬المتلقين‭ ‬للدعم‭ ‬المالي‭ ‬المعلن‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬حيث‭ ‬تلقوا‭ ‬20‭.‬8‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬و17‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬و16‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬التوالي‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬الحكومات‭ ‬الأجنبية‭ ‬والكيانات‭ ‬المملوكة‭ ‬للحكومات‭ ‬التي‭ ‬تبرعت‭ ‬بمبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬تراكمي‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬110‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لأكبر‭ ‬50‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬منذ‭ ‬2019،‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭. ‬وكما‭ ‬أشار‭ ‬شافر،‭ ‬فإن‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العاديين‭ ‬لديهم‭ ‬اهتمام‭ ‬كبير‭ ‬بمعرفة‭ ‬من‭ ‬يمول‭ ‬الآراء‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭. ‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬معهد‭ ‬كوينسي،‭ ‬لم‭ ‬تشر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬تمويل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ومؤسساتها،‭ ‬والجماعات‭ ‬والمنظمات‭ ‬المؤيدة‭ ‬لها،‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وفي‭ ‬تحليله،‭ ‬أشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التمويل‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬إسرائيل‭ ‬والجماعات‭ ‬والمنظمات‭ ‬المؤيدة‭ ‬لها‭ ‬للمراكز‭ ‬الفكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الرائدة،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مصادره،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬إذا‭ ‬أخذنا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬لا‭ ‬تكشف‭ ‬علنًا‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬تمويلها‭ ‬والمتبرعين‭ ‬لها،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬مؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬تقريرًا‭ ‬يوميًا‭ ‬تقريبًا‭ ‬بعنوان‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالهجمات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وهو‭ ‬التوجه‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬اعتمده‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬مؤسسيه‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬لدى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مارتن‭ ‬إنديك‭. ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ -‬نادرًا‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أبدًا‭- ‬ما‭ ‬تتناول‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬القصف‭ ‬والتدمير‭ ‬التي‭ ‬شنّتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬تركز‭ ‬تحليلاتها‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬المرتبطة‭ ‬ببرنامج‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬والأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬أنفقها‭ ‬اللوبي‭ ‬المؤيد‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬توثيقها‭ ‬بمئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬خلال‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬لضمان‭ ‬تأمين‭ ‬مرشحين‭ ‬موالين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الكونجرس؛‭ ‬فإن‭ ‬نطاق‭ ‬الدعم‭ ‬المقدم‭ ‬لها‭ ‬والمساعدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬واحتلال‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أنه‭ ‬ضخم‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬الشفافية‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تحديد‭ ‬مبلغ‭ ‬الأموال‭ ‬الموجهة‭ ‬لهذا‭ ‬الهدف؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الروايات‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬هذه‭ ‬المعاهد‭ ‬تُظهر‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشكوك‭ ‬فيه‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬أصبح‭ ‬أمرًا‭ ‬شائعًا‭ ‬وراسخًا‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬السياسية‭ ‬والاستشارية‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭.‬

وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التمويل‭ ‬الحكومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬والأجنبي‭ ‬للمراكز‭ ‬الفكرية؛‭ ‬يجب‭ ‬أيضًا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المقاولات‭ ‬الدفاعية،‭ ‬قد‭ ‬قدمت‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬‮ ‬34‭.‬7‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لهذه‭ ‬المراكز‭ ‬الفكرية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬هذه‭ ‬الشركات،‭ ‬قدمت‭ ‬نورثروب‭ ‬جرومان،‭ ‬ولوكهيد‭ ‬مارتن،‭ ‬مبلغ‭ ‬5‭.‬6‭ ‬ملايين‭ ‬دولار،‭ ‬و2‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬لهذه‭ ‬المعاهد،‭ ‬بينما‭ ‬تبرعت‭ ‬الشركات‭ ‬المتعاقدة‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمجموع‭ ‬10‭.‬2‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لـالمجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬و6‭.‬6‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لـمركز‭ ‬الأمن‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد،‭ ‬و4‭.‬1‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لـمركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭. ‬

كما‭ ‬ذكر‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬تلقى‭ ‬إجمالي‭ ‬2‭.‬96‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬التصنيع‭ ‬الدفاعية‭ ‬الكبرى؛‭ ‬مثل‭ ‬نورثروب‭ ‬جرومان،‭ ‬ولوكهيد‭ ‬مارتن‭ ‬وإيرباص،‭ ‬ولهذا‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬المعهد‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬المطالبين‭ ‬لواشنطن‭ ‬بمواصلة‭ ‬إرسال‭ ‬الأسلحة‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ورفض‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬دبلوماسي‭ ‬لإنهاء‭ ‬النزاع‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬نادرًا‭ ‬ما‭ ‬تذكر‭ ‬هذه‭ ‬المعاهد‭ ‬دور‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬استخدامها‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وهي‭ ‬انتهاكات‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬أدانتها‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬مثل‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭.‬

وفي‭ ‬إدراك‭ ‬لذلك،‭ ‬أشار‭ ‬شافر،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الآراء‭ ‬التي‭ ‬يعبر‭ ‬عنها‭ ‬بعض‭ ‬معاهد‭ ‬الفكر‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬تم‭ ‬شراؤها‭ ‬ودُفع‭ ‬مقابلها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومات‭ ‬وأطراف‭ ‬عسكرية‭ ‬وصناعية‭ ‬ذات‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬العملية‭ ‬يتم‭ ‬تجاهل‭ ‬التأثيرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬للمانحين‭ ‬الآخرين‭ ‬الداعمين‭ ‬للصناعات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والدوائية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬توجيه‭ ‬دفة‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬يفضلونه‭.‬

وكما‭ ‬أوضح‭ ‬فريمان،‭ ‬وكليفلاند‭ ‬ستاوت،‭ ‬فإن‭ ‬الدور‭ ‬الأساسي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬البحثية‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬تحليلات‭ ‬مستقلة،‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مستنيرة،‭ ‬معتمدين‭ ‬على‭ ‬خبرات‭ ‬المسؤولين‭ ‬السابقين‭ ‬والمعرفة‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬الخبراء‭ ‬المعاصرون‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬انتشار‭ ‬عمليات‭ ‬التمويل‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة،‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬الاستقلالية‭ ‬الفكرية‭ ‬لهذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬الشكوك‭ ‬بشأن‭ ‬حيادها‭ ‬وتحفظها،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تقييد‭ ‬تنوع‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭. ‬وتتفاقم‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬يشغل‭ ‬فيها‭ ‬الباحثون‭ ‬مناصب‭ ‬مزدوجة‭ ‬في‭ ‬معاهد‭ ‬فكرية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بحكومات‭ ‬أجنبية،‭ ‬أو‭ ‬شركات‭ ‬معينة،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬الانطباع‭ ‬بتضارب‭ ‬المصالح‭ ‬وتأثير‭ ‬التمويل‭ ‬الخاص‭ ‬على‭ ‬توجهاتهم‭ ‬البحثية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أجرته‭ ‬شركة‭ ‬كاست‭ ‬فروم‭ ‬كلاي،‭ ‬بالمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬والذي‭ ‬أظهر‭ ‬أن‭ ‬48%‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر‭ ‬والخبراء‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬العامة،‭ ‬يقدمون‭ ‬دورًا‭ ‬قيمًا‭ ‬للمجتمع،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬حصل‭ ‬عليها‭ ‬الأطباء‭ (‬82%‭)‬،‭ ‬والعلماء‭ ‬والمهندسون‭ (‬79%‭)‬،‭ ‬وحتى‭ ‬الصحفيون‭ ‬والمراسلون‭ (‬55%‭)‬،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬انخفاض‭ ‬الثقة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬التوصيات‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬معهد‭ ‬كوينسي،‭ ‬لمعالجة‭ ‬نقص‭ ‬الشفافية‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى،‭ ‬وتراجع‭ ‬الثقة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تتبنى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية‭ ‬معيارًا‭ ‬مهنيًا،‭ ‬للإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تضارب‭ ‬في‭ ‬المصالح،‭ ‬مع‭ ‬المصادر‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬مسارات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وأن‭ ‬يمرر‭ ‬الكونجرس،‭ ‬تشريعات‭ ‬تطالب‭ ‬جميع‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الربحية،‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬للتأثير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬العامة‭ ‬بـالكشف‭ ‬علنًا‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬متبرعيها‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬والحكومات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬تبرعاتهم‭ ‬10,000‭ ‬دولار‭. ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬التقرير‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬إرشادات‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا،‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر‭ ‬غير‭ ‬الممتثلة‭ ‬لقانون‭ ‬تسجيل‭ ‬الوكلاء‭ ‬الأجانب،‭ ‬والمعني‭ ‬بالكشف‭ ‬عن‭ ‬متبرعيها‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭.‬

وبينما‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬التوصيات‭ ‬محمودة‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬هيكل‭ ‬معاهد‭ ‬الفكر‭ ‬الأمريكية‭ ‬البارزة،‭ ‬فقد‭ ‬أبرز‭ ‬شافر،‭ ‬الحواجز‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وأهمها‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬الأمريكي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلزام‭ ‬منظمة‭ ‬خاصة‭ ‬بفتح‭ ‬حساباتها‭ ‬للتدقيق‭ ‬والرقابة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬تصور‭ ‬هذه‭ ‬المعاهد‭ ‬باعتبارها‭ ‬مؤسسات‭ ‬بحثية‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬وعالية‭ ‬الموثوقية،‭ ‬يفسر‭ ‬رفضها‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬تمويلاتها،‭ ‬التي‭ ‬قُدمت‭ ‬إليها‭ ‬بطريقة‭ ‬طوعية‭.‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬إنريكي‭ ‬مينديزابال،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬أون‭ ‬ثينك‭ ‬تانكس،‭ ‬فإن‭ ‬نموذج‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والسياسي‭ -‬المذكور‭- ‬للمنظمات‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬محكوم‭ ‬عليه‭ ‬بالفشل‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل؛‭ ‬لوقوف‭ ‬دوافع‭ ‬سياسية‭ ‬بحتة‭ ‬وراءه،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬تبيع‭ ‬نفوذها‭ ‬وهيمنتها‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬العامة،‭ ‬مقابل‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬وسماسرة‭ ‬القوة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬ستواجه‭ ‬آراء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬معاهد‭ ‬الفكر‭ ‬هجومًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬وعليه،‭ ‬أكد‭ ‬شافر،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المعاهد‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبذل‭ ‬جهدًا‭ ‬إضافيًا‭ ‬لإثبات‭ ‬أنها‭ ‬تتبع‭ ‬ممارسات‭ ‬مشروعة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الاختباء‭ ‬وراء‭ ‬الدرجات‭ ‬العلمية‭ ‬العليا‭ ‬للباحثين،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كافيًا‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا