العدد : ١٧١١١ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١١ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

دعم سوريا ضرورة ملحة

بقلم: د. نبيل العسومي

الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والصراعات‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬الشقيق‭ ‬بسبب‭ ‬سياسات‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬أدخل‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬الفوضى‭ ‬والإرهاب‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬‮«‬الربيع‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬وسوريا‭ ‬تعيش‭ ‬أوضاعا‭ ‬صعبة‭ ‬ومواجهات‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬والقوى‭ ‬المعارضة‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬هروب‭ ‬وتشريد‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬غالبيتهم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تفتقد‭ ‬أبسط‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬كهرباء‭ ‬ولا‭ ‬ماء‭ ‬ولا‭ ‬تعليم‭ ‬ولا‭ ‬خدمات‭ ‬صحية‭ ‬معتمدين‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬لهم‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬مسألة‭ ‬الهجرة‭ ‬السورية‭ ‬بضاعة‭ ‬تتاجر‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬كانت‭ ‬أقوى‭ ‬واستطاعت‭ ‬إسقاط‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬لنصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬عائلة‭ ‬الأسد‭ ‬لسوريا،‭ ‬حيث‭ ‬سقط‭ ‬النظام‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬وسط‭ ‬دهشة‭ ‬واستغراب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة‭ ‬للنظام‭ ‬مثل‭ ‬إيران‭ ‬وروسيا‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬لتبدأ‭ ‬سوريا‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬وبداية‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭.‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التوجهات‭ ‬الدينية‭ ‬للسلطات‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬الرؤية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬رغم‭ ‬التأكيدات‭ ‬المطمئنة‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬الجدد،‭ ‬مما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬التفاؤل‭ ‬بدخول‭ ‬سوريا‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬بنظام‭ ‬جديد‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬مساعدة‭ ‬الأخوة‭ ‬السوريين‭ ‬لتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬وبسلام‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬القطر‭ ‬السوري‭ ‬وسيادته‭ ‬على‭ ‬ترابه‭ ‬الوطني‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬نفهم‭ ‬دعوة‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الحصن‭ ‬الحصين‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬فرحان‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬الى‭ ‬عقد‭ ‬اجتماع‭ ‬وزاري‭ ‬عربي‭ ‬غربي‭ ‬مشترك‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬مؤخرا‭ ‬لبحث‭ ‬الطرق‭ ‬والوسائل‭ ‬الممكنة‭ ‬لمساعدة‭ ‬سوريا‭ ‬وشعبها‭ ‬الشقيق‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والعون‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الدقيقة‭ ‬والصعبة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬السورية،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬الوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانبها‭ ‬حتى‭ ‬تتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬بانتقال‭ ‬سلمي‭ ‬للسلطة‭ ‬وتثبيت‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬يمثل‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬السوري‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الانتماءات‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬العرقية‭ ‬أو‭ ‬القومية‭ ‬لتكون‭ ‬سوريا‭ ‬بلدا‭ ‬لكل‭ ‬السوريين‭ ‬يحتضن‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬ترابه‭ ‬الوطني‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تثبيت‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬هو‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬ورغم‭ ‬أهميتها‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تتبعها‭ ‬خطوات‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬لسوريا‭ ‬الاستقرار‭ ‬بعد‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬والخراب‭ ‬كلفت‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد‭ ‬الكثير‭ ‬فسوريا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬العربي‭ ‬والأممي‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬السورية‭ ‬وترميم‭ ‬ما‭ ‬خربته‭ ‬الحرب‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬للتدخلات‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الداخلي‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للتعدي‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬السورية‭ ‬فتركيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تحتل‭ ‬مناطق‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬السوري‭ ‬رغم‭ ‬دعمها‭ ‬ومساندتها‭ ‬للسلطات‭ ‬الجديدة‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬استغل‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السورية‭ ‬واحتل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬القنيطرة‭ ‬وجبل‭ ‬الشيخ،‭ ‬ولذلك‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬تقع‭ ‬مسؤولية‭ ‬قانونية‭ ‬واخلاقية‭ ‬لحماية‭ ‬سوريا‭ ‬واحترام‭ ‬سيادتها‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭:‬

أولا‭: ‬دعوة‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬حجمها‭ ‬وقوتها‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬حوار‭ ‬وطني‭ ‬شامل‭ ‬بإشراف‭ ‬دولي‭ ‬لوضع‭ ‬دستور‭ ‬جديد‭ ‬للبلاد‭ ‬وإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬برلمانية‭ ‬ورئاسية‭ ‬لبناء‭ ‬سوريا‭ ‬الجديدة‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬الموحدة‭ ‬المستقلة‭.‬

ثانيا‭: ‬مساعدة‭ ‬الدولة‭ ‬السورية‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المجموعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والإرهابية‭ ‬وطردها‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬لتكون‭ ‬سوريا‭ ‬دولة‭ ‬حرة‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬فيها‭ ‬للإرهاب‭ ‬والإرهابيين‭.‬

ثالثا‭: ‬مناشدة‭ ‬القوات‭ ‬الأجنبية‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬سوريا‭ ‬وسيادتها‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيها‭.‬

رابعا‭: ‬حل‭ ‬المسألة‭ ‬الكردية‭ ‬مع‭ ‬منحهم‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الدولة‭ ‬السورية‭ ‬المركزية‭ ‬ومنحهم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الصلاحيات‭ ‬لإدارة‭ ‬شؤونهم‭.‬

خامسا‭: ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬سوريا‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬وليس‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬مسؤولة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬كايا‭ ‬كالاسي‭ ‬خلال‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬الرياض‭ ‬إن‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬التكتل‭ ‬الأوروبي‭ ‬سيبحثون‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬الجاري‭ ‬لمجرد‭ ‬تخفيف‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬سوريا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا