بعد سنوات من حالة عدم الاستقرار والصراعات في سوريا هذا البلد العربي الشقيق بسبب سياسات النظام السابق الذي أدخل البلاد في دوامة الفوضى والإرهاب منذ أكثر عقد من الزمان منذ ما سمي «الربيع العربي» وسوريا تعيش أوضاعا صعبة ومواجهات بين قوات النظام السابق والقوى المعارضة أدت إلى هروب وتشريد الملايين من أبناء سوريا من السكان المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن يعيشون في دول الجوار وبعض دول الاتحاد الأوروبي في مخيمات تفتقد أبسط مقومات الحياة لا كهرباء ولا ماء ولا تعليم ولا خدمات صحية معتمدين على المساعدات التي تقدمها لهم الدول والمنظمات الإنسانية حتى أصبحت مسألة الهجرة السورية بضاعة تتاجر بها بعض الدول.
إلا أن إرادة الشعب السوري كانت أقوى واستطاعت إسقاط نظام بشار الأسد ووضع حد لنصف قرن من الزمان من حكم عائلة الأسد لسوريا، حيث سقط النظام بشكل سريع وسط دهشة واستغراب دول العالم بما فيها الدول الحليفة للنظام مثل إيران وروسيا وحزب الله اللبناني لتبدأ سوريا مرحلة جديدة وبداية نظام جديد.
إلا أنه من الملاحظ حتى الآن وعلى الرغم من التوجهات الدينية للسلطات الجديدة في سوريا عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى النظام الجديد رغم التأكيدات المطمئنة من القادة الجدد، مما يدعو إلى التفاؤل بدخول سوريا مرحلة جديدة بنظام جديد قائم على الحرية والديمقراطية مما يتطلب مساعدة الأخوة السوريين لتجاوز هذه المرحلة الانتقالية بأقل الخسائر وبسلام حفاظا على أمن واستقرار القطر السوري وسيادته على ترابه الوطني. ومن هنا نفهم دعوة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية الحصن الحصين للأمة العربية التي أعلنها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود الى عقد اجتماع وزاري عربي غربي مشترك في الرياض مؤخرا لبحث الطرق والوسائل الممكنة لمساعدة سوريا وشعبها الشقيق وتقديم الدعم والعون لهم في هذه الظروف الدقيقة والصعبة التي تمر بها الجمهورية العربية السورية، مما يتطلب الوقوف إلى جانبها حتى تتجاوز هذه المرحلة بانتقال سلمي للسلطة وتثبيت نظام جديد يمثل كل مكونات المجتمع السوري بعيدا عن الانتماءات الدينية أو العرقية أو القومية لتكون سوريا بلدا لكل السوريين يحتضن الجميع على ترابه الوطني.
ولا شك أن تثبيت نظام جديد هو خطوة مهمة ورغم أهميتها فإنه من الضروري أن تتبعها خطوات أخرى لا تقل أهمية إذا أردنا لسوريا الاستقرار بعد عشر سنوات من الحرب والخراب كلفت البلاد والعباد الكثير فسوريا اليوم في حاجة ماسة إلى الدعم العربي والأممي لإعادة بناء الدولة السورية وترميم ما خربته الحرب ووضع حد للتدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي السوري في محاولة للتعدي على السيادة السورية فتركيا لا تزال تحتل مناطق واسعة من الشمال السوري رغم دعمها ومساندتها للسلطات الجديدة والكيان الصهيوني استغل حالة عدم الاستقرار السورية واحتل المزيد من الأراضي السورية في القنيطرة وجبل الشيخ، ولذلك على المجتمع الدولي تقع مسؤولية قانونية واخلاقية لحماية سوريا واحترام سيادتها الوطنية من خلال:
أولا: دعوة كل القوى السياسية بغض النظر عن حجمها وقوتها وتأثيرها على الساحة السياسية إلى حوار وطني شامل بإشراف دولي لوضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لبناء سوريا الجديدة الدولة العربية الموحدة المستقلة.
ثانيا: مساعدة الدولة السورية على القضاء على المجموعات المتطرفة والإرهابية وطردها من الأراضي السورية لتكون سوريا دولة حرة لا مكان فيها للإرهاب والإرهابيين.
ثالثا: مناشدة القوات الأجنبية للخروج من سوريا حفاظا على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها.
رابعا: حل المسألة الكردية مع منحهم الحكم الذاتي في إطار الدولة السورية المركزية ومنحهم المزيد من الصلاحيات لإدارة شؤونهم.
خامسا: رفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كامل وليس كما قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاسي خلال مشاركتها في اجتماع الرياض إن وزراء خارجية التكتل الأوروبي سيبحثون في نهاية شهر يناير الجاري لمجرد تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك