العدد : ١٧٠٩٦ - الأحد ١٢ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٦ - الأحد ١٢ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ما العقلية المنتجة المبتكرة؟ وكيف نحتضنها؟

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ١٢ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

لسنا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬ندخل‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬العقل،‭ ‬وماهيته،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬التحدث‭ ‬فيه،‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬العقل،‭ ‬فقد‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬المراجع‭ ‬أنه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الإدراكية‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬الوعي،‭ ‬المعرفة،‭ ‬التفكير،‭ ‬الحكم،‭ ‬اللغة‭ ‬والذاكرة‭. ‬وهو‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بملكة‭ ‬الشخص‭ ‬الفكرية‭ ‬والإدراكية‭. ‬ويملك‭ ‬العقل‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التخيل،‭ ‬التمييز،‭ ‬والتقدير،‭ ‬وهو‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬معالجة‭ ‬المشاعر‭ ‬والانفعالات،‭ ‬مؤديًا‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬وأفعال‭. ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هنالك‭ ‬جدال‭ ‬في‭ ‬الفلسفة،‭ ‬الدين،‭ ‬والعلوم‭ ‬المعرفية‭ ‬حول‭ ‬ماهية‭ ‬العقل‭ ‬وصفاته‭ ‬المميزة،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬الخوض‭ ‬فيه‭.‬

ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬تمتلك‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالدماغ،‭ ‬أو‭ ‬المخ،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬الأعضاء‭ ‬والعمليات‭ ‬الحيوية‭ ‬مثل‭ ‬المشي‭ ‬والجلوس‭ ‬والتذوق‭ ‬والشعور‭ ‬بالرائحة‭ ‬والحواس‭ ‬الخمس‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أما‭ ‬العقل‭ ‬فقد‭ ‬اختص‭ ‬به‭ ‬الإنسان،‭ ‬فالعقل‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬مثلاً‭ ‬بربط‭ ‬الأسباب‭ ‬بمسبباتها،‭ ‬وإدراك‭ ‬الغائب‭ ‬من‭ ‬الشاهد،‭ ‬والكليات‭ ‬من‭ ‬الجزئيات،‭ ‬والبديهيَّات‭ ‬من‭ ‬النظريات،‭ ‬والمصالح‭ ‬من‭ ‬المفاسد،‭ ‬والمنافع‭ ‬من‭ ‬المضار،‭ ‬والمُستحسَنِ‭ ‬من‭ ‬المُستقبَح،‭ ‬وإدراك‭ ‬المقاصد‭ ‬وحسنِ‭ ‬العواقب،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬التفكير‭ ‬والتخيل‭ ‬وحرية‭ ‬الاختيار‭ ‬والإبداع‭ ‬والابتكار‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

وفي‭ ‬غمرة‭ ‬هذا‭ ‬النقاش‭ ‬العلمي‭ ‬والجدل‭ ‬وتنمية‭ ‬مهارات‭ ‬العقل‭ ‬والتفكير،‭ ‬والتفكير‭ ‬الإبداعي‭ ‬والابتكار،‭ ‬برز‭ ‬مفهوم‭ ‬متطور‭ ‬وهو‭ (‬العقلية‭ ‬المنتجة‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬تطور‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬ليصبح‭ (‬العقلية‭ ‬المنتجة‭ ‬المبتكرة‭)‬،‭ ‬لذلك‭ ‬ركز‭ ‬أصحاب‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تنمية‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬لتتوافق‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭. ‬لذلك‭ ‬اخترعوا‭ ‬لهذا‭ ‬المفهوم‭ ‬تعريفًا،‭ ‬وهو‭:‬

هي‭ ‬العقلية‭ ‬التي‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬إمكانياتها،‭ ‬ووقتها،‭ ‬وطاقتها،‭ ‬ومجهودها‭ ‬استفادة‭ ‬تامة،‭ ‬فهي‭ ‬تحاول‭ ‬ألا‭ ‬تستنزف‭ ‬طاقتها‭ ‬بكل‭ ‬شيء،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬عجالة‭ ‬دون‭ ‬إتقان،‭ ‬فهي‭ ‬تقوم‭ ‬بمهامها‭ ‬بمتعة‭ ‬وجودة،‭ ‬مستغلة‭ ‬أفضل‭ ‬قدراتها‭ ‬وفي‭ ‬أقل‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬ممكنة‭.‬

هذه‭ ‬العقلية،‭ ‬تتميز‭ ‬عن‭ ‬غيرها‭ ‬ببعض‭ ‬العناصر‭ ‬والسمات‭ ‬التي‭ ‬تساعدها‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬مهامها‭ ‬وفق‭ ‬المنظور‭ ‬الذي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬المتوقع،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬العناصر‭:‬

1‭. ‬الرغبة‭ ‬والدافعية‭: ‬الرغبة‭ ‬والدافعية‭ ‬هما‭ ‬عنصران‭ ‬أساسيان‭ ‬في‭ ‬تحفيز‭ ‬سلوك‭ ‬الفرد‭ ‬وتحقيق‭ ‬مهامه‭ ‬وأهدافه،‭ ‬فالرغبة؛‭ ‬هي‭ ‬الشعور‭ ‬الداخلي‭ ‬بالحاجة‭ ‬أو‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬معين‭. ‬وهي‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬السعي‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬شيء‭ ‬معين،‭ ‬أما‭ ‬الدافعية‭ ‬فهي‭ ‬القوة‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬لتحقيق‭ ‬رغباته‭ ‬وأهدافه‭. ‬وتشمل‭ ‬عوامل‭ ‬متعددة‭ ‬مثل‭ ‬الحوافز‭ ‬الداخلية؛‭ ‬كالشعور‭ ‬بالإنجاز‭ ‬والتقدير‭ ‬الذاتي،‭ ‬والحوافز‭ ‬الخارجية؛‭ ‬مثل‭ ‬المكافآت‭ ‬والاعتراف‭ ‬من‭ ‬الآخرين،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬الدافعية‭ ‬تحدد‭ ‬مدى‭ ‬الجهد‭ ‬والاستمرار‭ ‬الذي‭ ‬يبذله‭ ‬الشخص‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافه‭.‬

وببساطة،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الرغبة‭ ‬والدافعية‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يدفعنا‭ ‬نحو‭ ‬التقدم‭ ‬أو‭ ‬التحسين،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬التقاعس‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬عكس‭ ‬الرغبة‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬تقدمنا‭.‬

2‭. ‬الإصرار‭: ‬معظم‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬بسهولة،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المرء‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬العقبات‭ ‬والمحن‭ ‬وتجاوزها،‭ ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يتحدى‭ ‬نفسه،‭ ‬وأن‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬بلوغ‭ ‬الأهداف،‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬مصطلح‭ ‬الإصرار‭ ‬والذي‭ ‬يعني‭ ‬القوة‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الشخص‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬والعقبات‭ ‬دون‭ ‬الاستسلام‭. ‬فالإنسان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ثابتًا‭ ‬على‭ ‬هدفه،‭ ‬ولكنه‭ ‬يمتاز‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المرونة‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬الهدف،‭ ‬وعليه‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬أن‭ ‬يثابر‭ ‬ويتحمل‭ ‬الفشل‭ ‬والإحباط‭ ‬دون‭ ‬فقدان‭ ‬الحماس‭ ‬والدافع‭ ‬لتحقيق‭ ‬الهدف،‭ ‬وبمعنى‭ ‬آخر‭ ‬إن‭ ‬الإصرار‭ ‬يتطلب‭ ‬مزيجًا‭ ‬من‭ ‬الصبر،‭ ‬والعزيمة،‭ ‬والتفاؤل،‭ ‬والإيمان‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬التحديات‭. ‬إنه‭ ‬يعكس‭ ‬قوة‭ ‬الشخصية‭ ‬والإرادة‭ ‬لتحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الصعوبات‭.‬

3‭. ‬التفكير‭ ‬النقدي‭: ‬يعرف‭ ‬التفكير‭ ‬الناقد‭ ‬أنه‭ ‬امتلاك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬موقف‭ ‬ما‭ ‬بطريقة‭ ‬موضوعية‭ ‬أو‭ ‬رؤيته‭ ‬على‭ ‬حقيقته،‭ ‬وهي‭ ‬كذلك‭ ‬عملية‭ ‬ذهنية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬وتقييمها‭ ‬بموضوعية،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬استنتاجات‭ ‬مدروسة‭ ‬ومعقولة‭. ‬يتطلب‭ ‬التفكير‭ ‬الناقد‭ ‬الشك‭ ‬البنّاء‭ ‬والتفكير‭ ‬المتأني‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬الأسئلة‭ ‬المناسبة،‭ ‬إنه‭ ‬مهارة‭ ‬مهمة‭ ‬تساعد‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬أفضل‭ ‬وفهم‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولهم‭ ‬بطريقة‭ ‬أكثر‭ ‬عمقًا‭.‬

4‭. ‬الاستبصار‭: ‬وهي‭ ‬الرؤية‭ ‬الثاقبة‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬المرء،‭ ‬وهذه‭ ‬الرؤية‭ ‬ستمنحه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التركيز،‭ ‬وذلك‭ ‬ليس‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التخمين‭ ‬والتنبؤ‭ ‬وإنما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بفهم‭ ‬عميق‭ ‬ورؤية‭ ‬داخلية‭ ‬للأمور‭ ‬والمشكلات‭ ‬ومحاولة‭ ‬رؤية‭ ‬الجوانب‭ ‬الخفية‭ ‬والأبعاد‭ ‬العميقة‭ ‬للمواقف‭ ‬والمشكلات،‭ ‬ويساعده‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوعي‭ ‬الداخلي‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬إدراك‭ ‬المشاعر‭ ‬والأفكار‭ ‬الداخلية‭ ‬وفهم‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬السلوكيات‭ ‬والقرارات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التعلم‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬استخلاص‭ ‬الدروس‭ ‬والعبر‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭ ‬وتطبيقها‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الاستبصار‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬الكفاءة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرارات،‭ ‬إنه‭ ‬يعكس‭ ‬نضج‭ ‬الشخص‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬بوعي‭ ‬وإدراك‭ ‬أكبر‭.‬

5‭. ‬العقلية‭ ‬المنفتحة‭: ‬هو‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬يتبناه‭ ‬الفرد‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأفراد‭ ‬والمعلومات‭ ‬والأفكار‭ ‬والمواقف‭ ‬الجديدة‭ ‬بنهج‭ ‬متقبل‭ ‬وغير‭ ‬متحيز‭. ‬فالعقلية‭ ‬المنفتحة‭ ‬تتسم‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬الأفكار‭ ‬والآراء‭ ‬المختلفة‭ ‬دون‭ ‬إصدار‭ ‬أحكام‭ ‬سريعة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬استكشاف‭ ‬المفاهيم‭ ‬والتجارب‭ ‬الجديدة‭ ‬والتعلم‭ ‬منها،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬الأفكار‭ ‬والمعتقدات‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬تجارب‭ ‬مختلفة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاستعداد‭ ‬لتجربة‭ ‬أساليب‭ ‬جديدة‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المحيطة‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬العقلية‭ ‬المنفتحة‭ ‬تتيح‭ ‬للفرد‭ ‬فرصة‭ ‬اكتساب‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة،‭ ‬وتوسيع‭ ‬مدارك‭ ‬المعرفة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التفاهم‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬إنها‭ ‬تعكس‭ ‬توجهًا‭ ‬إيجابيًا‭ ‬مبنيًا‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬المستمر‭ ‬والنمو‭ ‬الشخصي،‭ ‬وابتكار‭ ‬أفكار‭ ‬جديدة‭.‬

6‭. ‬التوازن‭: ‬قطعًا‭ ‬لكي‭ ‬يؤدي‭ ‬المرء‭ ‬مهامه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬صورة،‭ ‬فإن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬التوزان،‭ ‬فهي‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتناغم‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬جسدية،‭ ‬أو‭ ‬نفسية،‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬مهنية‭. ‬التوازن‭ ‬يتضمن‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬العمل،‭ ‬والراحة،‭ ‬والأنشطة‭ ‬الترفيهية،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية،‭ ‬وكذلك‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيجاد‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬للعائلة‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬اجتماعية‭ ‬صحية،‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬التوازن‭ ‬المهني‭ ‬فإنه‭ ‬يتضمن‭ ‬إدارة‭ ‬الوقت‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬الأخرى‭ ‬بطريقة‭ ‬تحقق‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتجنب‭ ‬الإرهاق،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تجديد‭ ‬النشاط‭ ‬والحيوية‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬والرفاهية‭ ‬العامة،‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬والإجهاد،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬بالرضا‭ ‬والسعادة‭.‬

7‭. ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬والذات‭: ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬والذات‭ ‬تعني‭ ‬أنك‭ ‬مؤمن‭ ‬أنك‭ ‬قادر،‭ ‬وأنك‭ ‬تستطيع‭ ‬فعل‭ ‬ما‭ ‬تريد،‭ ‬فهي‭ ‬الاعتقاد‭ ‬والإيمان‭ ‬بقدرات‭ ‬الذات‭ ‬وقيمتها‭. ‬وتشمل‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬عدة‭ ‬جوانب،‭ ‬منها؛‭ ‬الاعتزاز‭ ‬بالنفس،‭ ‬والشعور‭ ‬بالفخر‭ ‬بما‭ ‬يحققه‭ ‬الإنسان‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬عليه،‭ ‬التفاؤل‭ ‬والنظرة‭ ‬الإيجابية‭ ‬للمستقبل‭ ‬والإيمان‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬باستقلالية،‭ ‬والتي‭ ‬تعني‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قراراتك‭ ‬بنفسك‭ ‬دون‭ ‬الاعتماد‭ ‬المفرط‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الأفكار‭ ‬والمشاعر‭ ‬بوضوح‭ ‬وثقة‭. ‬وهذه‭ ‬الثقة‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المواقف‭ ‬الصعبة‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الجريئة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمهنية،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬تعكس‭ ‬الإيمان‭ ‬الداخلي‭ ‬بقيمة‭ ‬الذات‭ ‬وقدراتها‭.‬

8‭. ‬التصرف‭ ‬بإيجابية‭: ‬التصرف‭ ‬بإيجابية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحسن‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬ويعزز‭ ‬العلاقات‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬والسعادة،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المواقف‭ ‬والأشخاص‭ ‬بنظرة‭ ‬تفاؤلية‭ ‬وإيجابية،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬والفرص‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬والعقبات‭. ‬والإيجابية‭ ‬تعني‭ ‬التفاؤل‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬المشرق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقف‭ ‬والاعتقاد‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬ستتحسن،‭ ‬والشكر‭ ‬والامتنان‭ ‬وتقدير‭ ‬النعم‭ ‬والأشياء‭ ‬الجيدة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬والتفاعل‭ ‬بشكل‭ ‬بناء‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والتشجيع،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬والفرص‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬الصعبة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬السلبيات،‭ ‬وكذلك‭ ‬تجاوز‭ ‬الأخطاء‭ ‬والمشاكل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬الجوانب‭ ‬الإيجابية‭ ‬فيهم‭.‬

9‭. ‬الفضول‭: ‬وهو‭ ‬الرغبة‭ ‬الطبيعية‭ ‬والحماس‭ ‬الذي‭ ‬يأخذنا‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬لاستكشاف‭ ‬المجهول‭ ‬والتعلم‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولنا‭. ‬فهو‭ ‬يدفعنا‭ ‬نحو‭ ‬البحث‭ ‬والتساؤل‭ ‬واستكشاف‭ ‬الأفكار‭ ‬والمفاهيم‭ ‬الجديدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬يتيح‭ ‬لنا‭ ‬فرص‭ ‬التعلم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬المعرفة،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬الفضول‭ ‬يحفز‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬الأسئلة‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إجابات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يدفع‭ ‬الأفراد‭ ‬إلى‭ ‬تجربة‭ ‬أشياء‭ ‬جديدة‭ ‬واكتشاف‭ ‬جوانب‭ ‬غير‭ ‬مألوفة‭ ‬من‭ ‬الحياة،‭ ‬وربما‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬موضوع‭ ‬التفكير‭ ‬الناقد‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التفكير‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬للمشكلات‭. ‬فالفضول‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬المحركات‭ ‬الأساسية‭ ‬للتقدم‭ ‬العلمي‭ ‬والتطور‭ ‬البشري،‭ ‬فهو‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والاكتشاف‭ ‬والابتكار‭.‬

أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬العقول‭ ‬موجودون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬وفي‭ ‬الأعمال‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬والمدارس‭ ‬وفي‭ ‬الطرقات،‭ ‬والكثير‭ ‬منهم‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه،‭ ‬لأنه‭ ‬‭ ‬ربما‭ ‬‭ ‬يتعب‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الآباء‭ ‬والمعلمين،‭ ‬لذلك‭ ‬فإننا‭ ‬عندما‭ ‬طرحنا‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬العقول‭ ‬المبتكرة‭ ‬المنتجة،‭ ‬إذ‭ ‬تتطلب‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭ ‬أو‭ ‬البيئة‭ ‬المدرسية‭ ‬تشجيع‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬التطور‭ ‬والتنمية‭ ‬ستتوقف‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وكذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستمرارية‭ ‬في‭ ‬التعلم‭. ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬نحاول‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬بعض‭ ‬طرق‭ ‬المساعدة‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭: ‬

{‭ ‬نقدم‭ ‬فرص‭ ‬التعلم‭ ‬المستمر؛‭ ‬وذلك‭ ‬بتوفير‭ ‬التدريب‭ ‬وورش‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يبقي‭ ‬الأفكار‭ ‬المبتكرة‭ ‬تتدفق‭.‬

{‭ ‬تشجيع‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق؛‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الإبداع‭ ‬وحل‭ ‬المشكلات‭ ‬بطرق‭ ‬جديدة‭ ‬وغير‭ ‬تقليدية‭.‬

{‭ ‬تقدير‭ ‬النجاحات؛‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالابتكارات‭ ‬والتحفيز‭ ‬بالتقدير‭ ‬والمكافآت‭.‬

{‭ ‬إيجاد‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬مرنة؛‭ ‬والسماح‭ ‬للعمل‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬مختلفة‭ ‬وأوقات‭ ‬مرنة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعزز‭ ‬الإبداع‭.‬

{‭ ‬التواصل‭ ‬المفتوح؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬ثقافة‭ ‬التواصل‭ ‬المفتوح‭ ‬والمشاركة‭ ‬بالأفكار‭ ‬بحرية‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬كله،‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالصحة‭ ‬العقلية‭ ‬والجسدية‭ ‬للإنسان،‭ ‬فذلك‭ ‬يعد‭ ‬جزءا‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا