يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
أي مستقبل للوطن العربي؟
ليس جديدا القول بأن الوطن العربي يمر بأخطر مرحلة في تاريخه. لم يحدث من قبل أن كانت التحديات والتهديدات التي تواجهها الدول العربية بهذا القدر من الخطورة. والوطن العربي يواجه مستقبلا مجهولا مفتوحا على كل الاحتمالات.
وقد كتبت من قبل أن ما وصل إليه وضع الوطن العربي على هذا النحو يستدعي أن نفتح نقاشا موسعا حول ما جرى وأسبابه وحول المستقبل العربي وما الذي يجب أن نفعله للحفاظ على أمننا واستقرارنا ومستقبلنا العربي برمته. هذا النقاش يجب أن يكون على كل المستويات السياسية والفكرية.
أقول هذا اليوم لأنني تابعت قبل أيام وقائع ندوة موسعة نظمتها مكتبة الإسكندرية في مصر تحت عنوان «مستقبل النظام الإقليمي العربي». الندوة شارك فيها عدد كبير من الباحثين والخبراء المعروفين ومسؤولين سابقين، وعلى امتداد جلسات الندوة طرحت عديد من الأفكار المهمة المتعلقة بالموضوع.
من المهم عرض بعض الأفكار الأساسية التي طرحها الباحثون والخبراء في الندوة وهي على النحو التالي:
1 - إن الدول العربية تتعرض لاختراقات أجنبية واسعة وتدخلات خطيرة من قوى كثيرة إقليمية وعالمية، هناك التدخلات الإيرانية السافرة، وهناك تدخلات تركيا المتكررة، وهناك بالطبع ما تفعله إسرائيل في المنطقة، إضافة إلى التدخلات الغربية هذه التدخلات أظهرت هشاشة النظام العربي وعجزه عن المواجهة.
2 - إن التطورات الأخيرة في المنطقة العربية وفي سوريا خصوصا مؤخرا، وضعت النظام العربي تحت ضغوط غير مسبوقة. الأوضاع في المنطقة عموما وانهيار النظام السوري خصوصا أوجد فراغا في المنطقة. هذا الفراغ تسعى قوى عدة إقليمية ودولية إلى أن تملأه وفق مصالحها ومشاريعها، الأمر الذي من شأنه أن يعيد توزيع توازن القوى في المنطقة على حساب الدول العربية، هذا الوضع يستدعي البحث عن سبل للحفاظ على النظام العربي والمصالح العربية.
3 - إن العلاقات العربية-العربية تمر بأزمة عميقة، وخصوصا من زاوية ضعف مفاهيم الهوية العربية، والخطط والمشاريع المعلنة من قوى أجنبية عن هوية جديدة تحل محل الهوية العربية بكل ما يترتب على ذلك.
4 - إن الدولة الوطنية العربية تعيش أزمة خطيرة كبرى تتجسد في أن هناك اليوم سبع دول عربية إما متصدعة أو فاشلة أو هشة بالإضافة إلى الأزمات التي تعيشها دول عربية أخرى كثيرة.
5 - إن الوطن العربي يعيش حالة من التشرذم على الرغم من التحديات الهائلة وحالة من العجز عن توحيد الصف وغياب أي تكامل أو اتحاد بين الدول العربية. وهذا وضع غريب إذا قارناه مثلا بحال الدول الأوروبية التي على الرغم من أنها كانت تحارب بعضها وتوجد بينها خلافات عميقة، فإنها رأت في الاتحاد ضرورة، في الوقت الذي فشل فيه النظام الإقليمي العربي؛ لأنهم لم ينتهجوا نفس النهج.
هذه بعض من أهم الملاحظات التي أثيرت في ندوة مكتبة الإسكندرية عن مستقبل النظام الإقليمي العربي.
كما نرى هذه الملاحظات تتعلق أساسا بتوصيف حال الوطن العربي في الوقت الحاضر وأهم التحديات التي يواجهها.
وكما نرى، وهذا أمر يعلمه الجميع على أي حال، أن الوضع العربي الراهن كما تسجله هذه الملاحظات وضع كئيب في منتهى الخطورة، وأن المستقبل العربي إذا استمر هذا الوضع فسيكون أكثر كآبة وخطورة، إذا استمر هذا الوضع فسينتظر الوطن العربي مستقبل مظلم.
يبقى أن توصيف الوضع العربي على هذا النحو هو أمر مهم، لكن الأهم من هذا أن نناقش ما الذي يجب أن نفعله للتعامل مع هذه التحديات والأخطار؟.. ما الذي يجب أن تفعله الدول العربية كي تتجنب هذا المصير؟
هذا موضوع يستدعي نقاشا موسعا سنعود إليه لا حقا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك