العدد : ١٧٠٩٢ - الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٢ - الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

آفاق تطور الاقتصاد الخليجي في عام 2025

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

بينما‭ ‬تسيطر‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي؛‭ ‬بسبب‭ ‬العوامل‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬وسياسات‭ ‬ترامب،‭ ‬المرتقبة‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬وأحد‭ ‬جوانبها‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬مرتفعة‭ ‬على‭ ‬واردات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منها،‭ ‬وفيما‭ ‬تمضي‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬رؤاها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستقبلية،‭ ‬فإن‭ ‬العوامل‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬هي‭ ‬حجم‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬المتوجه‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق،‭ ‬وأسعاره،‭ ‬والمستوى‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الإيرادات‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬متداخلة‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬الخاضعة‭ ‬لعدم‭ ‬اليقين،‭ ‬وتشير‭ ‬التوقعات‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬سينمو‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬بمعدلات‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬2‭.‬2%‭ ‬و3‭.‬4%‭.‬

وكان‭ ‬ترامب،‭ ‬أثناء‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬قد‭ ‬هدد‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬60%‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الواردات‭ ‬الصينية،‭ ‬ورسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬‭ ‬20%‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى،‭ ‬كما‭ ‬هدد‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس،‭ ‬بفرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬تبلغ‭ ‬100%‭ ‬إذا‭ ‬أقدمت‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬عملة‭ ‬جديدة،‭ ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الصادرات‭ ‬الخليجية‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كصادرات‭ ‬الألومنيوم‭ ‬والبتروكيماويات،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعود‭ ‬فتؤثر‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الخليجي‭ ‬بوجه‭ ‬عام،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تسببت‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬إبطاء‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬مهددة‭ ‬بأزمة‭ ‬ركود،‭ ‬تماثل‭ ‬أزمة‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬وقدر‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬بانخفاض‭ ‬نموه‭ ‬1%،‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الإنتاج‭ ‬المتوقع‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخليجي‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬متأثرًا‭ ‬بحالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬التي‭ ‬أفرزت‭ ‬تقديرات‭ ‬متناقضة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتحديات‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬وحالة‭ ‬المعروض‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الأسواق،‭ ‬فمن‭ ‬جانب‭ ‬يذهب‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬تقدير‭ ‬أن‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬يشهد‭ ‬تراجعًا،‭ ‬وقدر‭ ‬وجود‭ ‬فائض‭ ‬في‭ ‬الأسواق؛‭ ‬مما‭ ‬ينعكس‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬المرتقبة،‭ ‬فتتوقع‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال،‭ ‬متوسط‭ ‬لأسعار‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬71‭.‬57‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬وغرب‭ ‬تكساس‭ ‬67‭.‬44‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل،‭ ‬وهي‭ ‬توقعات‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تنبأت‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬ونفس‭ ‬هذه‭ ‬الأسعار‭ ‬التي‭ ‬توقعتها‭ ‬اقتربت‭ ‬منها‭ ‬بنوك‭ ‬كبرى،‭ ‬مثل‭ ‬جولدمان‭ ‬ساكس،‭ ‬وجي‭ ‬بي‭ ‬مورجان،‭ ‬ومورجان‭ ‬استانلي،‭ ‬حيث‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الانخفاض‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬نهاية‭ ‬العام،‭ ‬ويرجع‭ ‬السبب‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬ضعف‭ ‬الطلب‭ ‬إلى‭ ‬إشكاليات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭ -‬أكبر‭ ‬مستورد‭ ‬للنفط‭- ‬والتي‭ ‬تعكس‭ ‬ضعف‭ ‬مساهمة‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬الطلب‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬إلى‭ ‬20%‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬50%،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الإشكاليات‭ ‬أزمة‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬الصيني،‭ ‬وزيادة‭ ‬انتشار‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية‭.‬

وأدت‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬الطلب‭ ‬والأسعار‭ ‬بأوبك‭ ‬بلس،‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬إلى‭ ‬تمديد‭ ‬تخفيضات‭ ‬الإنتاج‭ ‬النفطي‭ ‬الطوعية‭ ‬إلى‭ ‬أبريل‭ ‬2025‭. ‬وقدرت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية،‭ ‬فائض‭ ‬السوق‭ ‬بـ950‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬ومن‭ ‬العوامل‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬ضعف‭ ‬الطلب‭ ‬قوة‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬المشترين‭ ‬بعملات‭ ‬أخرى‭ ‬يتحملون‭ ‬أعباء‭ ‬أكبر‭ ‬عند‭ ‬شراء‭ ‬النفط‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬السلع،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬عالية،‭ ‬سيضعف‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬المنتجة‭ ‬للسلع‭ ‬الواقع‭ ‬عليها‭ ‬هذه‭ ‬التعريفات،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬طلبها‭ ‬على‭ ‬النفط‭.‬

وما‭ ‬أشارت‭ ‬إليه‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية،‭ ‬بشأن‭ ‬فائض‭ ‬السوق‭ ‬عززته‭ ‬تقديرات‭ ‬جي‭ ‬بي‭ ‬مورجان‭ ‬بواقع‭ ‬1‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬والتي‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬توقع‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬خارج‭ ‬مجموعة‭ ‬أوبك‭ ‬بلس‭ ‬بمقدار‭ ‬1‭.‬8‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ (‬البرازيل‭ ‬‭ ‬جيانا‭ ‬‭ ‬السنغال‭ ‬‭ ‬النرويج‭). ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬لعبت‭ ‬مجموعة‭ ‬أوبك،‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬إمداداته‭ ‬برغم‭ ‬ارتفاع‭ ‬المخاطر،‭ ‬ولعب‭ ‬فائض‭ ‬إنتاجها‭ ‬المقدر‭ ‬بـ5‭.‬4‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاستقرار،‭ ‬الذي‭ ‬يشار‭ ‬إليه‭ ‬أنه‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬ربع‭ ‬القرن‭ ‬الأخير،‭ ‬وتراوحت‭ ‬أسعار‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بين‭ ‬74‭ ‬‭ ‬90‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭.‬

لكن‭ ‬قرار‭ ‬أوبك‭ ‬بلس‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬باستمرار‭ ‬تخفيضات‭ ‬الإنتاج‭ ‬الطوعية‭ ‬إلى‭ ‬أبريل،‭ ‬وغير‭ ‬الطوعية‭ ‬إلى‭ ‬سبتمبر‭ ‬2025،‭ ‬جعل‭ ‬إدارة‭ ‬معلومات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعيد‭ ‬حساباتها،‭ ‬وتتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬استهلاك‭ ‬النفط‭ ‬العالمي‭ ‬الإنتاج‭ ‬بواقع‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬بدلاً‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬توقعته‭ ‬كفائض‭ ‬بمقدار‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬وإلى‭ ‬هذا‭ ‬رفعت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية،‭ ‬توقعاتها‭ ‬لنمو‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬إلى‭ ‬1‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬990‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬ودفع‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التعديل‭ ‬نمو‭ ‬طلب‭ ‬الأسواق‭ ‬الآسيوية‭. ‬

ووفق‭ ‬هذه‭ ‬التقديرات‭ ‬الجديدة‭ ‬يبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬105‭.‬3‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬103‭.‬8‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬2024‭. ‬وفي‭ ‬مستهل‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬بلغت‭ ‬أسعار‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬75‭.‬22‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل،‭ ‬وغرب‭ ‬تكساس‭ ‬72‭.‬29‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭. ‬وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬بينما‭ ‬تتزايد‭ ‬خطى‭ ‬التحفيز‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الصيني،‭ ‬واتخاذ‭ ‬الصين‭ ‬خطوات‭ ‬استباقية‭ ‬لتعزيز‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬كما‭ ‬يتأثر‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصعودي‭ ‬بسياسات‭ ‬ترامب‭ ‬المرتقبة‭ ‬تجاه‭ ‬خفض‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة،‭ ‬ما‭ ‬يحفز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ويزيد‭ ‬بدوره‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭.‬

وفيما‭ ‬يمثل‭ ‬الإنتاج‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬أمان‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬وحركة‭ ‬الأسواق،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الخليجي،‭ ‬باحتياطي‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬44.1‭ ‬تريليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ (‬20%‭ ‬من‭ ‬الاحتياطي‭ ‬العالمي،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬10%‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬المسوق‭)‬،‭ ‬ونحو‭ ‬17%‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬والصادرات‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬وتأتي‭ ‬المنظومة‭ ‬الخليجية‭ ‬الأولى‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬احتياطي‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وفي‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬وصادراته،‭ ‬والثانية‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬فائض‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري،‭ ‬والخامسة‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬إجمالي‭ ‬الصادرات؛‭ ‬فإن‭ ‬التقديرات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالنفط‭ ‬والغاز،‭ ‬تدفع‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أكثر‭ ‬ارتفاعًا،‭ ‬وتنعكس‭ ‬على‭ ‬نمو‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭.‬

وإلى‭ ‬هذا‭ ‬توقع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬تحقيق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الخليجي‭ ‬نموًا‭ ‬بنسبة‭ ‬4‭.‬2%‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬فيما‭ ‬توقع‭ ‬نموًا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬للسعودية‭ ‬4‭.‬7%،‭ ‬والإمارات‭ ‬4‭.‬1%،‭ ‬ومثلها‭ ‬قطر،‭ ‬و3%‭ ‬لسلطنة‭ ‬عُمان،‭ ‬و2‭.‬6%‭ ‬للكويت،‭ ‬و3‭.‬3%‭ ‬للبحرين،‭ ‬ويعزز‭ ‬هذا‭ ‬التقدير‭ ‬اكتمال‭ ‬تطوير‭ ‬حقول‭ ‬الغاز‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالنقل‭ ‬والسياحة‭ ‬ومشروعات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭. ‬

وكانت‭ ‬نتائج‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬2024‭ ‬مشجعة،‭ ‬ويعزز‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تسعى‭ ‬إليه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬مستثمرة‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ ‬رئيسية‭ ‬كوفرة‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الاستثماري،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭ ‬ذات‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي،‭ ‬والعلاقات‭ ‬القوية‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكبرى،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬التقنيات‭ ‬الجديدة،‭ ‬ويعزز‭ ‬نمو‭ ‬إيرادات‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تكفلها‭ ‬بتغطية‭ ‬نفقات‭ ‬الميزانيات‭ ‬العامة‭ ‬بنسبة‭ ‬100%‭ ‬يضع‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الاستدامة‭ ‬المالية‭.‬

وإلى‭ ‬هذا‭ ‬رفعت‭ ‬تقديرات‭ ‬اكسفورد‭ ‬إيكونمكس،‭ ‬تقديرات‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬4‭.‬4%‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬فيما‭ ‬أصبحت‭ ‬السياحة‭ ‬والتجارة‭ ‬والتمويل‭ ‬محركات‭ ‬نمو‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وأصبح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الخليجي‭ ‬يكتسب‭ ‬مرونة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تذبذبات‭ ‬أسعار‭ ‬النفط؛‭ ‬بسبب‭ ‬النمو‭ ‬الذي‭ ‬أحرزه‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية،‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬معدل‭ ‬نمو‭ ‬3‭.‬7%‭ ‬في‭ ‬2024‭. ‬ويظل‭ ‬التحدي‭ ‬الرئيسي‭ ‬القائم‭ ‬له‭ ‬هو‭ ‬انخفاض‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬عن‭ ‬100‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬سنويا،‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬غير‭ ‬المتجددة،‭ ‬وتحلية‭ ‬المياه‭ ‬كثيفة‭ ‬الاستهلاك‭ ‬للطاقة‭.‬

وسجلت‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬أعلى‭ ‬معدلاتها‭ ‬منذ‭ ‬2020‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الثاني‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬لتبلغ‭ ‬140‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬ريال،‭ ‬فيما‭ ‬توقعت‭ ‬مؤسسة‭ ‬موديز،‭ ‬نمو‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬النفطي‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬‭ ‬5.5%‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬فيما‭ ‬حقق‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬نموًا‭ ‬بنسبة‭ ‬20%‭ ‬منذ‭ ‬انطلاق‭ ‬رؤية‭ ‬السعودية‭ ‬2030،‭ ‬وزادت‭ ‬استثمارات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬فيه‭ ‬بنسبة‭ ‬70%،‭ ‬ليصبح‭ ‬نصيب‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬السعودي‭ ‬53%،‭ ‬ويرتفع‭ ‬نصيب‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬البحريني‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬85%،‭ ‬وفي‭ ‬الإمارات‭ ‬74%‭ ‬وفي‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬72‭.‬2%،‭ ‬وفي‭ ‬الكويت‭ ‬57%،‭ ‬وفي‭ ‬قطر‭ ‬63%‭.‬

ويعزز‭ ‬نمو‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والإنفاق‭ ‬الرأسمالي‭ ‬الكبير،‭ ‬ميزانيات‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬مناسبًا‭ ‬لهذه‭ ‬الميزانيات‭. ‬ووفق‭ ‬تقديرات‭ ‬وكالة‭ ‬التصنيف‭ ‬الائتماني‭ ‬فيتش،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬70‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬انتعاش‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬بزوال‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الطلب،‭ ‬وعودة‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬مستوياته‭ ‬الطبيعية؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬السعر‭ ‬المتوقع‭ ‬يفوق‭ ‬سعر‭ ‬التعادل‭ ‬لنصف‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭. ‬وكان‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬قد‭ ‬قدر‭ ‬هذا‭ ‬السعر‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬بـ‭ ‬90‭.‬9‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬للسعودية،‭ ‬و50‭ ‬دولارا‭ ‬للإمارات،‭ ‬و81‭.‬8‭ ‬دولارا‭ ‬للكويت،‭ ‬و57‭.‬3‭ ‬دولارا‭ ‬لسلطنة‭ ‬عُمان،‭ ‬و44‭.‬7‭ ‬دولارا‭ ‬لقطر‭.‬

ويشير‭ ‬المركز‭ ‬الإحصائي‭ ‬الخليجي،‭ ‬إلى‭ ‬توقع‭ ‬معدلات‭ ‬تضخم‭ ‬2‭.‬1%‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬متوسط‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬علمًا‭ ‬بأن‭ ‬معظم‭ ‬المخاطر‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتوقعات‭ ‬التضخم‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والإنفاق‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬نتيجة‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬التوظيف،‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأجور،‭ ‬وتحسن‭ ‬دخول‭ ‬الأسر‭ ‬المعيشية‭. ‬ويرتبط‭ ‬بهذه‭ ‬المعدلات‭ ‬توقعات‭ ‬أسعار‭ ‬الغذاء،‭ ‬وانتظام‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتوريد،‭ ‬وتأثر‭ ‬تنافسية‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية‭ ‬نتيجة‭ ‬سياسات‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭. ‬وفيما‭ ‬يتأثر‭ ‬انتظام‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادات‭ ‬بالمخاطر‭ ‬الجيوسياسية؛‭ ‬فإن‭ ‬السياسات‭ ‬الحمائية‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬التعريفة‭ ‬الجمركية‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬أسعار‭ ‬السلع،‭ ‬فيما‭ ‬تتجه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التضخم‭ ‬المستورد‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬أدى‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطط‭ ‬الرؤى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬قدراتها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬باستثمار‭ ‬عائد‭ ‬ثروتها‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية؛‭ ‬ما‭ ‬وضع‭ ‬نموها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الاستدامة،‭ ‬وجنبها‭ ‬أثر‭ ‬تذبذبات‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬وحرر‭ ‬ميزانيتها‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬المفرط‭ ‬على‭ ‬إيراداته،‭ ‬فيما‭ ‬تظل‭ ‬ثروة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬النفطية‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬عاملاً‭ ‬حاسمًا،‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬بديل‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬تمويل‭ ‬مشروعاتها‭ ‬التنموية‭ ‬الكبيرة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا