العدد : ١٧٠٩٥ - السبت ١١ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٥ - السبت ١١ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ رجب ١٤٤٦هـ

الثقافي

«انبجس» للقاص محمد خالد محمود .. تحليق في الحداثة

الأحد ٠٥ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬مجموعته‭ ‬القصصية‭ ‬البكر‭ ‬لعام‭ ‬2024‭ ‬‮«‬انبجس‮»‬،‭ ‬وقف‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني‭ ‬الشاب‭ ‬محمد‭ ‬خالد‭ ‬محمود،‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬الإبداع‭ ‬السردي،‭ ‬بقارب‭ ‬حداثي‭ ‬جريء‭. ‬مبحراً‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬بنات‭ ‬قلمه‭ ‬المبدع،‭ ‬شاء‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مختلفة،‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬مألوف‭ ‬البدايات‭. ‬في‭ ‬قفزة‭ ‬عالية‭ ‬إلى‭ ‬أفق‭ ‬القص،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التدرج‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬ديدن‭ ‬كل‭ ‬كاتب‭ ‬مبتدئ‭ ‬يسعى‭ ‬متلوناً‭ ‬بألوان‭ ‬المدارس‭ ‬الإبداعية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يستقر‭ ‬على‭ ‬لونه‭ ‬ومدرسته‭ ‬المفضلة‭. ‬فلم‭ ‬يبدأ‭ ‬كلاسيكياً‭ ‬ولا‭ ‬رومانسياً‭ ‬ولا‭ ‬واقعياً‭ ‬صرفاً‭.‬

أولجنا‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬باحة‭ ‬قصره‭ ‬السردي،‭ ‬من‭ ‬عتبة‭ ‬عنوان‭ ‬وغلاف‭ ‬لم‭ ‬يوضعا‭ ‬بشكل‭ ‬اعتباطي‭. ‬فقد‭ ‬شكلا‭ ‬معاً‭ ‬أجمل‭ ‬عتبة‭ ‬نصية‭ ‬قدمت‭ ‬المجموعة‭ ‬لمتلقيها‭ ‬أحسن‭ ‬تقديم‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬تعانقهما‭ ‬لم‭ ‬يخلُ‭ ‬من‭ ‬إرباك‭. ‬فالعنوان‭ ‬والصورة‭ ‬صمما‭ ‬بصورة‭ ‬تخلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفضول‭ ‬والتشويق‭ ‬معاً‭ ‬وإمعاناً‭ ‬في‭ ‬الدهشة،‭ ‬فاجأ‭ ‬القارئ‭ ‬بإهداء‭ ‬مختلف‭ ‬وقائمة‭ ‬محتويات‭ ‬صفرية‭ ‬صادمة‭. ‬

يحدق‭ ‬فينا‭ ‬الغلاف‭ ‬بصورة‭ ‬بصرية،‭ ‬لجسم‭ ‬إنسان‭ ‬يشبه‭ ‬عين‭ ‬الحياة،‭ ‬انبجست‭ ‬منها‭ ‬قنوات‭ ‬كالأحبال‭ ‬السرية،‭ ‬هي‭ ‬أقرب‭ ‬للوحة‭ ‬سوريالية،‭ ‬اتصلت‭ ‬بعالم‭ ‬مكتظ‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬نسيجها‭ ‬المتشابك‭ ‬اللامتناهي‭ ‬نحو‭ ‬فضاءات‭ ‬خارج‭ ‬إطارها‭ ‬السردي‭. ‬ربما‭ ‬هي‭ ‬أفكار‭ ‬متناقضة،‭ ‬أو‭ ‬رؤى‭ ‬متلاطمة،‭ ‬أو‭ ‬مشاعر‭ ‬متفجرة‭. ‬يتدفق‭ ‬الإبداع‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬ذلك‭ ‬الجسم‭ ‬المنتصب‭ ‬في‭ ‬شموخ‭ ‬وبياض‭ ‬ناصع‭.‬

وعندما‭ ‬نلتفت‭ ‬من‭ ‬الجسم‭ ‬إلى‭ ‬العنوان،‭ ‬نجده‭ ‬تربع‭ ‬أسفل‭ ‬الصورة،‭ ‬ليرسخ‭ ‬حقيقة‭ ‬الانبجاس‭. ‬فإن‭ ‬لفظة‭ ‬‮«‬انبجس‮»‬‭ ‬تشي‭ ‬بأن‭ ‬المجموعة‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬الغيث،‭ ‬وباكورة‭ ‬الأعمال‭. ‬انبجست‭ ‬نصوصها‭ ‬للتو‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الإنساني‭ ‬وأعماقه‭ ‬اللامرئية‭. ‬من‭ ‬قاع‭ ‬عقله‭ ‬الواعي‭ ‬وغير‭ ‬الواعي‭. ‬فقد‭ ‬كشف‭ ‬العنوان‭ ‬والغلاف‭ ‬عن‭ ‬ثنائي‭ ‬يخاطب‭ ‬القارئ‭ ‬المتلقي،‭ ‬يكاد‭ ‬يفصح‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬النصوص،‭ ‬وأسلوب‭ ‬الكتابة‭ ‬وزاوية‭ ‬الرؤية‭ ‬والراوي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭. ‬وقد‭ ‬عبرا‭ ‬بصدق‭ ‬عن‭ ‬تواشج‭ ‬مع‭ ‬مكنونات‭ ‬الراوي‭ ‬ودواخله‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يكشف‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬لونه‭ ‬الحداثي،‭ ‬كسر‭ ‬قاعدة‭ ‬الإهداء‭ ‬المألوفة،‭ ‬فأسالَ‭ ‬مشاعره‭ ‬الرقراقة‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬صفحات،‭ ‬ليهديها‭ ‬لأنثى‭ ‬أحبها‭ (‬هوتكِ‭ ‬الروح‭)‬،‭ ‬إنما‭ ‬لم‭ ‬يفصح‭ ‬عن‭ ‬هوية‭ ‬تلك‭ ‬الأنثى‭ ‬ليصل‭ ‬صدى‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬لكل‭ ‬أنثى،‭ ‬بشرية‭ ‬أو‭ ‬معنوية،‭ ‬ممن‭ ‬تستحق‭ ‬حبّه‭. ‬فكان‭ ‬حباً‭ ‬روحياً‭ ‬مترفعاً‭ ‬عن‭ ‬المألوف‭ ‬والسائد‭ ‬بين‭ ‬شباب‭ ‬جيله‭. ‬وليترجم‭ ‬صدق‭ ‬الإهداء،‭ ‬سلم‭ ‬أنثاه‭ ‬دفة‭ ‬الكشف‭ ‬والاستطلاع،‭ ‬لتجوس‭ ‬في‭ ‬خبايا‭ ‬قصصه‭ ‬الجامحة‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬أجنحتي‭ ‬حلقي‭ ‬بها‭ ‬كما‭ ‬تشائين‮»‬‭.‬

كما‭ ‬عمد‭ ‬إلى‭ ‬عنصر‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الكتاب‭ ‬وأعمدته‭ ‬التقليدية‭ ‬الثابتة‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬قائمة‭ ‬المحتويات‮»‬،‭ ‬فأزالها‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬المتلقي،‭ ‬ليخلي‭ ‬له‭ ‬السبيل،‭ ‬يقطف‭ ‬من‭ ‬بستانه‭ ‬ما‭ ‬يشاء،‭ ‬دون‭ ‬تراتبية‭ ‬أو‭ ‬دليل‭ ‬مرشد‭. ‬أو‭ ‬ليقول‭ ‬إن‭ ‬مجموعتي‭ ‬هذه‭ ‬ما‭ ‬إلا‭ ‬رواية‭ ‬قصصية‭ ‬متصلة،‭ ‬روحها‭ ‬أنا‭.‬

لقد‭ ‬أثار‭ ‬في‭ ‬فضول‭ ‬المتلقي‭ ‬سيلاً‭ ‬من‭ ‬التوقعات،‭ ‬لما‭ ‬سيستقبله‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬مفاجآت‭. ‬فتطالعك‭ ‬فرادة‭ ‬العناوين‭ ‬الداخلية،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يجعل‭ ‬لكل‭ ‬قصة‭ ‬عنوانا،‭ ‬بل‭ ‬ثلاثة‭ ‬عناوين‭ ‬شكلت‭ ‬لافتات‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬تنبئك‭ ‬بخطاب‭ ‬مستفز،‭ ‬يصدمك‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬حيرتك‭ ‬وفضولك‭. ‬كأنه‭ ‬بهذه‭ ‬اللافتات‭ ‬قد‭ ‬رسم‭ ‬طريقاً‭ ‬موجها‭ ‬يأخذ‭ ‬إليه‭ ‬المتلقي،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يضل‭ ‬طريقه،‭ ‬في‭ ‬فضاءاته‭ ‬الملتبسة‭. ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقرأ‭ ‬قصة‭ ‬اندثار‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تنفتح‭ ‬لك‭ ‬بوابة‭ ‬كتب‭ ‬عليها‭ ‬عبارة‭:(‬اعلم‭ ‬أن‭ ‬روحك‭ ‬دائماً‭ ‬معي،‭ ‬وأنك‭ ‬لا‭ ‬تتركني‭ ‬أبداً‭)‬،‭ ‬فيتبادر‭ ‬مفهوم‭ ‬الوحدة‭ ‬والضياع‭ ‬والاتكاء‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬الحبيب‭ ‬المهومة‭ ‬حولك‭. ‬ثم‭ ‬تقلب‭ ‬الصفحة‭ ‬فينفتح‭ ‬لك‭ ‬باباً‭ ‬آخر،‭ ‬لافتة‭ ‬كتب‭ ‬عليها‭ ‬كلمة‭ (‬عجز‭)‬،‭ ‬فيذهب‭ ‬بك‭ ‬إلى‭ ‬انقطاع‭ ‬الحيلة‭. ‬ثم‭ ‬تقلب‭ ‬على‭ ‬لافتة‭ ‬ثالثة‭ ‬كتب‭ ‬عليها‭: (‬اندثار‭)‬،‭ ‬كمن‭ ‬يأخذك‭ ‬لخاتمة‭ ‬مأساوية‭ ‬في‭ ‬اللاشيء‭ ‬والتلاشي‭. ‬هكذا‭ ‬تكتمل‭ ‬القصة‭ ‬على‭ ‬عتباتها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭. ‬أسلوب‭ ‬جديد،‭ ‬يجعل‭ ‬المتلقي‭ ‬يبني‭ ‬منظومة‭ ‬من‭ ‬التوقعات‭ ‬تتنامى‭ ‬أو‭ ‬تنحسر‭ ‬عبر‭ ‬ثلاثة‭ ‬نصوص‭ ‬متوازية‭ ‬ومتكاملة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬قراءة‭ ‬النص‭. ‬فيقيم‭ ‬توقعاته‭ ‬المتخيلة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬حبكة‭ ‬وسردية‭ ‬ذلك‭ ‬النص‭.‬

علا‭ ‬صوت‭ ‬الراوي‭ ‬بضمير‭ ‬المتكلم‭ ‬على‭ ‬أغلب‭ ‬قصص‭ ‬المجموعة،‭ ‬ففي‭ ‬قصة‭ (‬دواخل‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭) ‬يفتتح‭ ‬القصة‭ ‬بعبارة‭ ‬‮«‬ستخبرني‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأيام‭..‬‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬قصة‭ (‬إغفال‭) ‬يفتتح‭ ‬القصة‭ ‬بعبارة؛‭ ‬‮«‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬الهدوء‭ ‬المزعج‭ ‬أربعة‭ ‬أعمدة‭ ‬حولي‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬قصة‭ (‬إتشوو‭)‬،‭ ‬يفتتحها‭ ‬بعبارة‭ ‬‮«‬لم‭ ‬أظن‭ ‬يوماً‭ ‬أني‭ ‬سأكتب‭ ‬عن‭ ‬قطة‮»‬‭. ‬راوٍ‭ ‬غير‭ ‬متسلط‭ ‬يعلم‭ ‬ما‭ ‬يرى‭ ‬ويسمع‭ ‬وما‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬هو،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬بما‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬غيره‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬خفي‭ ‬عن‭ ‬ناظره‭ ‬أو‭ ‬غاير‭ ‬نفسه‭. ‬أسلوب‭ ‬حداثي‭ ‬انسجم‭ ‬مع‭ ‬طريقته‭ ‬السردية،‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬تدفق‭ ‬الأفكار‭ ‬والرؤى،‭ ‬متماهياً‭ ‬بين‭ ‬الهذيان،‭ ‬بأسلوب‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬تداعي‭ ‬الأفكار‭ ‬الفرويدي‭ ‬تارة،‭ ‬وما‭ ‬عرف‭ ‬بتيار‭ ‬الوعي‭ ‬تارة‭ ‬أخرى،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يبتعد‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬السرد‭ ‬الواقعي‭ ‬الذي‭ ‬ألبسه‭ ‬لباساً‭ ‬حداثياً‭ ‬جميلاً‭. ‬تأمل‭ ‬هذه‭ ‬الفقرة‭ ‬يصف‭ ‬فيها‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬هذياني‭: (‬ما‭ ‬خطب‭ ‬هذه‭ ‬الجثة؟‭ ‬توقعت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬شاحبة‭ ‬لا‭ ‬لون‭ ‬فيها‭.. ‬ربما‭ ‬هذا‭ ‬لون‭ ‬الاضمحلال‭.. ‬تبدو‭ ‬هذه‭ ‬الجثة‭ ‬كأنها‭ ‬تنتظر‭ ‬شيئاً،‭ ‬أو‭ ‬تتوق‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ماهيته،‭ ‬ولا‭ ‬تتعب‭ ‬نفسها‭ ‬لاكتشافه،‭ ‬فهي‭ ‬فقط‭ ‬تتمدد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرضية‭ ‬الباردة‭.. ‬هذه‭ ‬الجثة‭ ‬الغريبة‭ ‬تبدو‭ ‬شاحبة،‭ ‬أين‭ ‬تلاشى‭ ‬هدوؤها؟‭). ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬سرد‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الشعرية‭.‬

لغة‭ ‬السرد‭ ‬ارتفعت‭ ‬فوق‭ ‬الوصف‭ ‬المباشر،‭ ‬الذي‭ ‬يعرقل‭ ‬تدفق‭ ‬الزمن،‭ ‬مستعيضاً‭ ‬بوصف‭ ‬متحرك‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجمل‭ ‬الفعلية‭ (‬تبدو‭ ‬هذه‭ ‬الجثة‭ ‬كأنها‭ ‬تنتظر‭ ‬شيئاً‭)‬،‭ (‬هذه‭ ‬الجثة‭ ‬الغريبة‭ ‬تبدو‭ ‬شاحبة‭). ‬وكما‭ ‬أن‭ ‬قصص‭ ‬المجموعة‭ ‬لا‭ ‬تبدأ‭ ‬بوصف‭ ‬مباشر،‭ ‬فإنها‭ ‬تنتهي‭ ‬بنهايات‭ ‬غرائبية‭ ‬مثل‭: (‬أخرجتها‭ ‬من‭ ‬حوضها‭ ‬ورميتها‭ ‬في‭ ‬القمامة،‭ ‬أصبح‭ ‬المكان‭ ‬يعمه‭ ‬الضجيج‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رميت‭ ‬السمكة‭).‬

وقد‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬القصص‭ ‬وإن‭ ‬رسمت‭ ‬لها‭ ‬نهاية،‭ ‬فإنها‭ ‬تتكامل‭ ‬مع‭ ‬قصص‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬السياق‭ ‬والموضوع،‭ ‬في‭ ‬صيغة‭ ‬أشبه‭ ‬بفصول‭ ‬رواية‭. ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬يحلم‭ ‬أو‭ ‬يصاب‭ ‬بالهذيان،‭ ‬ليرى‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬الثانية‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬العمل،‭ ‬وفي‭ ‬القصة‭ ‬الثالثة‭ ‬يغفو‭ ‬فيرى‭ ‬نفسه‭ ‬ممدداً‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬أمينا‭ ‬لها‭.. ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬تدرك‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الثلاثية‭ ‬القصصية‭ ‬الموجزة،‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬المسألة‭ ‬أنه‭ ‬شخص‭ ‬مصاب‭ ‬بالهوس‭ ‬أو‭ ‬النسيان‭ ‬أو‭ ‬مريض‭ ‬بالنوم‭ ‬القسري‭.‬

في‭ ‬مجموعة‭ (‬انبجس‭)‬،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ينبجس‭ ‬وينبع‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الراوي،‭ ‬في‭ ‬مشاهد‭ ‬متماهية‭ ‬متداخلة‭ ‬أو‭ ‬مواربة،‭ ‬بصورة‭ ‬حداثية‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬الراوي‭ ‬وما‭ ‬يدور‭ ‬بداخله‭ ‬وحوله،‭ ‬حيث‭ ‬تمتزج‭ ‬الحقيقة‭ ‬بالخيال،‭ ‬والواقع‭ ‬بالمتخيل،‭ ‬في‭ ‬توليفات‭ ‬قصصية‭ ‬جميلة‭ ‬للغاية،‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬التكلف‭ ‬والنمطية‭ ‬المعتادة‭.‬

 

كاتب‭ ‬وشاعر‭ ‬بحريني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا