دعوة غير مباشرة لطرح برامج هندسية جديدة وتحفيز الشباب والشابات للانخراط بالتخصصات الهندسية
يعتبر مشروع تحديث مصفاة البحرين معلما فارقا في مسيرة التنمية والتطور التي يقود دفتها بحكمة وروية سيدي جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، وبمعية سيدي سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، الذي يعكس اهتمام وحرص قيادتنا الرشيدة ليس بحاضر هذا الوطن فقط ولكن بمستقبله ومصير أجياله القادمة. مشروع تحديث المصفاة سيقوم بزيادة الإنتاج من النفط المكرر بنسبة 42% من طاقة التكرير الحالية ما سيسهم في رفد وتنمية الاقتصاد الوطني بكل تأكيد. من جانب آخر، يعتبر المشروع أيقونة متطورة لأحدث التقنيات الهندسية في عالم التكرير، فقد صمم لتحقيق أقصى قدر من الإنتاج بأقل قدر من الطاقة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر يمتاز مشروع التحديث باحتوائه على وحدة التكسير الهيدروجيني الجديدة وهي مركز الربح الرئيسي للمصفاة الجديدة ويعتبر تطبيقها الأول من نوعه في الشرق الأوسط ولها برنامج خاص وغير تقليدي لإدارة المحفزات الخاصة بها. وللعلم يوجد أقل من اثنتي عشرة وحدة من هذه الوحدات على مستوى العالم، وستكون وحدة بابكو هي الأكبر بهذا الشكل.
لمشروع تحديث المصفاة واقع إيجابي كبير ومستدام على قطاع الهندسة بالمملكة بتفرعاته المختلفة؛ فهذه دعوة غير مباشرة للشباب والشابات للانخراط والالتحاق بالتخصصات الهندسية ذات الصلة اللازمة لاستدامة هذا المشروع الحيوي الذي كان ولا يزال يصب بسخاء في اقتصاد هذا الوطن ما يربو على 90 عاما، وسببا في ازدهار ونمو هذا الوطن. ومما يزيدنا فخرا وسعادة هو ما صرح به سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة رئيس مجلس إدارة شركة بابكو إنرجيز بأنه بتوجيهات من جلالة الملك حفظه الله يستعد اليوم أكثر من 500 مهندس بحريني من الجنسين لمتابعة وتشغيل وحدات المشروع وإدارته. فهذا التصريح من سموه إن دل على شيء فإنما يدل على الدور الجوهري الذي يقوم به المهندس والمهندسة على حد سواء في ديمومة وازدهار هذا الصرح الوطني العظيم. كانت كلية الهندسة ومازالت بجامعتنا الوطنية وبسبب الدعم الدائم والمستمر من قيادتنا الرشيدة المصدر الأهم والمستدام في رفد القطاعات الهندسية المختلفة بالمملكة على رأسها شركة بابكو الوطنية (بابكو للتكرير حاليا) بالمهندسين والمهندسات المؤهلين تأهيلا عاليا الذين أثبتوا على مر السنين جدارتهم وتبوء المناصب والمسؤوليات العليا في هذه الشركة الوطنية والعريقة وأسهموا فيما آلت إليه اليوم. تفخر وتعتز كلية الهندسة بجامعة البحرين بهذه المسؤولية والواجب الوطني وستستمر بكل حب وإخلاص ومسؤولية في تأهيل أفضل النخب الهندسية ولتكون الخيار الأول للشركات الهندسية المحلية والإقليمية خدمة لهذا الوطن ونموه وحفظا لمكتسباته ولأجياله القادمة.
وتزامنا مع نهج التطوير والنمو الذي تنتهجه القيادة الحكيمة فإن كلية الهندسة بجامعة البحرين قد قامت بتطوير برامجها الأكاديمية مؤخرا واستحدثت مسار «هندسة النفط والغاز» إلى برنامج البكالوريوس في الهندسة الكيميائية، كما طرحت الكلية برامج جديدة في الدراسات العليا لتواكب التطور المتسارع في مجالات الهندسة، ومن أهم البرامج التي تم طرحها هو برنامج ماجستير العلوم في هندسة الطاقة المتجددة وماجستير العلوم في نظم الذكاء الاصطناعي وكذلك ماجستير العلوم في استدامة تحول نظم الطاقة وغيرها من البرامج الهندسية التي تهدف إلى إعداد مهندسين على مستوى عال من الكفاءة في مجالات هندسية متخصصة لرفد قطاع النفط والطاقة بخريجين مؤهلين للعمل والمساهمة في بناء اقتصاد هذا الوطن الغالي.
ويأتي تصريح الدكتور عبدالرحمن جواهري الرئيس التنفيذي لشركة «بابكو للتكرير» بأن التركيز سيكون على توظيف البحرينيين بالمشروع حيث اضاف أيضا «أن هناك خطة لتوظيف البحرينيين بنسبة تصل إلى 90% خلال السنوات الخمس القادمة، وأن كل وظيفة داخل الشركة تخلق حوالي 10 وظائف خارجية في القطاع الخاص لدعم الصيانة والخدمات»، تأكيدا لدعم الشركات الوطنية للكوادر البحرينية تماشيا مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030 والتي تنص على الاستثمار برأس المال البشري من خلال الاستثمار بالتعليم (وخاصة في العلوم التطبيقية)، ما يضع المسؤولية على كلية الهندسة في جامعة البحرين التي تحتضن أكبر عدد من الطلبة على مستوى كليات الهندسة في مملكة البحرين ويمتد تاريخها العريق الى أكثر من 50 عاما منذ بدء نشأتها ككلية الخليج للتقنية في سنة 1968 لتطوير الخطط والبرامج الأكاديمية التي تربط المادة العلمية بالتجربة والممارسة للطالب خلال فترة دراسته لتعزيز الجوانب المهنية والمهارات الهندسية للخريج وتأكيد اتساق البرامج الأكاديمية مع متطلبات سوق العمل. وهذه دعوة لجميع الشركات الهندسية سواء الحكومية أو الخاصة لتوفير فرص تدريبية أكبر لتستوعب أعداد أكبر من الطلاب ودعم أبناء البحرين في مسيرتهم المهنية والأكاديمية.
إن هذا المشروع الذي وصفه مارك توماس الرئيس التنفيذي لمجموعة بابكو انرجيز «بالإنجاز التاريخي» و«أهم مشروع استراتيجي» للبحرين يعد مرحلة فاصلة في استدامة الاقتصاد الوطني وخطوة جادة في سعي المملكة نحو تنويع مصادر الطاقة، حيث أشار مارك توماس الى «أن البحرين تعمل على تحقيق تحول استراتيجي في قطاع الطاقة، حيث تعتمد حاليًا بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي المنتج محليًا لتوليد الكهرباء، وتسعى المملكة إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز من خلال استكشاف تقنيات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة النووية المحتملة بحلول عام 2030، بالتعاون مع دول أخرى لتكامل الشبكات واستيراد الطاقة»، وهذا بلا شك يستدعي من مؤسسات التعليم العالي النظر في إمكانية طرح برامج هندسية جديدة تتواكب مع رؤية البحرين الاقتصادية في مجال استدامة الطاقة مثل برامج الهندسة النووية وهندسة الطاقة البديلة أو المتجددة وهندسة النفط والغاز.
وختاما، وتأكيدا لدور التعليم في تحقيق التكامل الاقتصادي، فإنه لا يخفى على أحد الدعم السخي والتوجيه الدائم من لدن سمو رئيس الوزراء ولي العهد حفظه الله للمسؤولين عن التعليم، حيث عبر سموه في أكثر من مناسبة عن «أن تطوير وتأهيل أبناء البحرين والاستثمار فيهم غاية نسعى على الدوام لتحقيقها من خلال توفير الفرص النوعية أمامهم، وأهم هذه الفرص هو التعليم المميز الذي يواكب المستجدات العالمية ويعزز من مستوى طلبة وطالبات البحرين بما يؤمن لهم فرص النجاح والتفوق والإبداع».
عميد كلية الهندسة بجامعة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك