في ظل الحاجة الماسة إلى حلول مبتكرة لمعالجة موضوع السكن في البحرين، تأتي استراتيجية «استأجر حتى تستملك» كنموذج يجمع بين حل اجتماعي واقتصادي متكامل. الفكرة تعتمد على تمكين الأفراد من تملك المنازل تدريجياً عبر استئجارها مع تحويل قيمة الإيجار إلى دفعات تسهم في التملك الكامل على مدى زمني محدد. هذا النهج لا يسهم فقط في تسهيل الوصول إلى السكن، بل يُحدث تأثيراً إيجابياً واسع النطاق على الاقتصاد الوطني.
التنفيذ الناجح لهذه الاستراتيجية يتطلب شراكة متكاملة بين مصرف البحرين المركزي، البنوك التجارية، هيئة التنظيم العقاري، ووزارة الإسكان. الهدف هو تصميم برامج مالية مرنة ومبسطة تتيح للمواطنين من جميع الفئات الاجتماعية فرصة تملك منازلهم دون الحاجة إلى دفعات أولية مرهقة. من الناحية الاقتصادية، تعزز هذه المبادرة نشاط السوق العقاري، حيث توفر طلباً متزايداً على الوحدات السكنية وتدفع عجلة البناء والتطوير العمراني، مما يخلق فرص عمل جديدة ويدعم نمو القطاعات المرتبطة مثل الإنشاءات والصناعات العقارية.
على مستوى البنوك، تفتح هذه المبادرة أبواباً جديدة للاستثمار من خلال تقديم منتجات مالية مبتكرة مثل التمويل العقاري التملكي، مما يسهم في تشغيل الأموال بشكل مستدام ويزيد من أرباح القطاع المصرفي تدريجياً. كما يمكن أن تؤدي زيادة الطلب إلى تعزيز ثقة المستثمرين في السوق البحريني، وجذب استثمارات جديدة تدعم الاقتصاد الكلي.
إلى جانب ذلك، تسهم هذه الاستراتيجية في إعادة تدوير الأراضي غير المستغلة، مع تركيز هيئة التخطيط العمراني على تطوير مجتمعات سكنية حديثة تسهم في تحقيق توزيع أكثر توازناً للكثافة السكانية. هذا التوجه لا يعزز فقط من استدامة التخطيط الحضري، بل يرفع من القيمة الإجمالية للعقارات في المملكة.
مع توجيه الأنظار نحو الاقتصاد الكلي، تمثل استراتيجية «استأجر حتى تستملك» دورة اقتصادية متكاملة. من تعزيز الإنفاق الاستثماري في العقارات، إلى تحفيز البنوك والمستثمرين، وإيجاد فرص عمل في القطاعات المرتبطة، كل ذلك ينعكس على تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام.
تحت قيادة جلالة الملك المعظم وبدعم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظهم الله ورعاهم، تمتلك البحرين الرؤية والقدرة على تطبيق مثل هذه المبادرات الطموحة. استراتيجية «استأجر حتى تستملك» ليست مجرد حل عقاري، بل هي نموذج اقتصادي مبتكر يدعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
* ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA) عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك