القراء الأعزاء،
مُجددا تدبّ الحياة في ليل المحرق، ليصبح دافئاً رغم نسمات الهواء الباردة المبشّرة بقدوم فصل ربّما يكون شتاء، ولكنه قطعاً سيكون موسماً مختلفاً، نعم يا أعزائي، لقد عاد شهر ديسمبر محملاً بالفرح والأمل المنذورة له أيامه، فرح تتوجّه تلك الليالي التي لا تنسى وسقى الله صانع فكرتها رضاً وسعادة، بحجم السعادة التي تملأ الأجواء، فلم تكن المحرق لتُرحّب وتصدح بالحب والفرح وتُصبح أجمل، لولا قلوب مليئة بالحب للبحرين ولمدنها ودواعيسها وفرجانها، وايادٍ ملكت القرار فاتخذته وأقبلت عليه لتُضفي على روعة ديسمبر زخماً آخر في عقر دار العراقة البحرينية واتخاذ مسار اللؤلؤ دليلاً لها باعتباره فخراً لحكاية المحرق مع الغوص، مهنة أجدادنا الأولى.
وقد تم تتويج (ليالي المحرق) بزخمٍ غير مسبوق ضمن برنامجٍ متكاملٍ تم اعداده واعتماده للمهرجان بفخامة تليق بأعياد البحرين وأفراحها ولاسيما وأنها تحتفي هذا العام باليوبيل الفضي لتقلّد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم سُدّة الحكم، وأستطيع أن أجزم من خلال إلقاء نظرة واحدة على هذا البرنامج بأنه قد استغرق من الوقت والجهد ما لا يُقدّر بثمن ولا تكفيه جميع مفردات الشكر والتقدير، من المؤكد أن تنفيذ البرنامج لم يكن سهلاً على سبيل بذل الجهد، ولكن حبّ الوطن كفيل بتسهيل كل صعب وتذليل كل صعب، فشكرا لكل موظف ولكل متطوع في هذا العمل الوطني الرائع، بل والأكثر من ذلك والمُبهج للقلب هو الحضور والتواجد الدائم لمعالي الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار في موقع الفعالية، الأمر الذي يشكل دعماً حقيقيّاً وتقديراً لا يُقدّر بثمن لجهود العاملين في الموقع.
ولا شك بأن هذا المهرجان قد استطاع أن يستقطب جميع الأطياف والنسيج المجتمعي البحريني ما يجعله مشروعاً يمكن أن يُدرج ضمن مشاريع تعزيز الوحدة الوطنية، كما استطاع أن يُدخل السعادة على قلوب زائريه رغم الازدحام المرتبط بطبيعة المكان وحجمه وأعداد المهتمين ببرامجه المتنوعة والتي حرصت عل إرضاء ذائقة جميع الأجيال من خلال الوصول إلى ذائقة الجميع من خلال جمع كل فكرة قد تخطر على البال في مجالات الثقافة والفنون والترفيه، وادراجها ضمن الفعاليات ليحظى كل مهتمّ باهتمامه، فلم يدع البرنامج مجالاً للكلل أو للملل، انما وُجد لتحقيق السعادة بجهودٍ مُخلصة مُحبّة، وكان لها ذلك.
إن فكرة ( ليالي المحرق) فكرة وطنية مخلصة جاءت لتعزز المواطنة لدى الأجيال بصورة مغايرة وغير تقليدية من خلال ادماجهم في واقع المكان وروحه واطلاعهم مباشرة على تاريخه وموروثه الشعبي وإرثه الحضاري، وقد امتد أثرها ليصل إلى مواطني دول الجوار والمقيمين والزائرين، لذا أقترح – وأعلم بأن المقترح يحتاج إلى جهود وموازنة مضاعفة – ولكنه ربما يكون في محله، واقتراحي أن تتسع فكرة ليالي المحرق وتُكرر في مناطق البحرين القديمة العريقة مثل الرفاع وقرى المنطقة الشمالية والمنامة والزلاق و جو وعسكر وغيرها ليكون مشروع ليالي مدن البحرين وقُراها مشروعاً وطنيّاً متكاملاً، وربما يحظى بدعمٍ سخيّ من القطاع الخاص على سبيل الشراكة المجتمعية في بناء ثقافة الوطنية والانتماء الى الأماكن المختلفة في الوطن من خلال هذا دعم المشروع وتنفيذه، وليُسهم بشكل فاعل في تعزيز الوطنية والمواطنة لدى الأجيال، مُكمّلاً بذلك بقية المشاريع الأخرى التي تبنّتها وزارة الداخلية والتربية والتعليم وغيرها.
وهنا سأقف قليلاً لأعرّف المحرق شعراً:
هِيْ المحرق، واسأل ذاكرة الأزمان
تقول: الدان والمرجان وغاصه ونوخذا وربّان
تقول: اللولو والهولو وصدى اليامال للأوطان
تقول: الفزعه والشيمة وشموخ الذات في الانسان
تقول: الطيب والترحيب وضمّ الضيف بالأحضان
تقول: قلوب مضيافه وصْدور مشرّعه وبيبان
ويقول ويشرح التاريخ قصصها بكان يا ما كان،
مكان وروحه في ناسه، وناسه تشيله في الشريان
وطيب العود والمشموم وورد محمّدي وحنّه،
وفي المحرّق وفا واحساس وبشر من طينة الجنّة
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك