سأبدأُ بإلقاء ما في جعبتي منذ نقطة البداية التي شدتني لكتابة هذا المقال، من هناك أقف مبديا ملاحظتي التي أرى فيها تغلغل واندماج بعض مسارحنا في المسرحيات الغنائية والاستعراض الذي لم نعتده، ومن خلال حواري الأخير مع الفنانة الكويتية شجون الهاجري الذي تم نشره في صحيفة أخبار الخليج في ملحقها «الثقافي» العدد «17004» المصادف يوم السبت 12 أكتوبر 2024، سألتها سؤالاً شائكاً عن المسرحيات الغنائية في الكويت ومنتقديها، فكان ردها بأن منذ ولادة مسرح الطفل في الكويت وهو مسرح غنائي وليس بالشيء الجديد والدخيل على مجتمعنا، ومن ينتقد هذه المسرحيات فهو للأسف بنظرها (تفكير سطحي وهجوم لمجرد الهجوم)!
بعيداً عن اتفاقي أو رفضي لما أوردته شجون في إجابتها على هذا السؤال لأنه بالتأكيد مسرح الطفل الكويتي وبرغم وجود الأغاني والاستعراض فيه وهذا ما كنا معتادين عليه في كل مسارح الطفل الخليجية وليس فقط في الكويت، إلا أنها مختلفة شكلاً ومضموناً عما نراه اليوم في خضم المسرحيات المعروضة في الفترة الراهنة. ولكن سؤالي الجوهري يبقى بعيداً عن الساحة الفنية الكويتية متجها به إلى ساحتنا الفنية البحرينية وروادها «من أدخل المسرحيات الغنائية في البحرين؟».
فلم تشهد خشبات المسارح البحرينية من قبل هذا النوع من العروض التي نشاهدها اليوم مكتسية بزيها هذا، فمنذ انطلاقة المسرح البحريني بشكله الأولي كعروض مدرسية بعد عام 1919 م، ثم مسرح الأندية الوطنية الذي برز خلال 1940 إلى 1950، وبعدها مسرح الفرق التمثيلية الأهلية عام 1955، حتى ظهور المسارح الحديثة المدعومة من الدولة في عام 1970 حتى هذه اللحظة، لم تضم هذه المسارح ما نراه من عبث وتهريج مغلف بثيمة تكنّى بمسرح الطفل!
فمنذ خروجنا لهذه الدنيا وترحيب بصرنا بضوئها لأول مرة، لم نرَ هذه البانوراما التصويرية للطفل، فقوام مسرح الطفل الذي عهدناه كان وما زال وأتمنى أن يبقى على ما عليه من أهداف ثابتة تشق طريقها لتنوير فكر الطفل وزرع التسامي والفكر القويم لكي تحصده غداً، لا لترى سلبياته.
فعلى هامش تلك المسرحيات الغنائية والاستعراضية التي عرضت في الفترة الأخيرة لدينا رغم كثرتها نسبياً، مسرحية «mute» الأخيرة لمجموعة «تياتروز» للمخرج البحريني الشاب عبد الرحمن العطاوي ابن المخرج البحريني نضال العطاوي الذي كان مشرفاً عام للمسرحية، وتأليف الشابة والممثلة ندى المالود، وكلمات وأغاني الكاتب الكويتي عثمان الشطي، والتي عرضت على مسرح مركز المحرق الشبابي النموذجي في السادس من سبتمبر من هذا العام، فهذا العرض المسرحي رغم ما احتواه من فكرة نابضة بالحياة متشحة بقلم المالود المبدع رغم نعومة أظفارها ومجموعة من الممثلين الشباب الموهوبين والمنخرطين في عالم المسرح إلا أنه لا يخلو في بعض جوانبه من الضعف أو كما يكنى محلياً التقليد (الأعمى)!، ويرجع ذلك إلى صغر أعمار بعض القائمين على هذا العمل وتوجههم وتأثرهم بالخارج، ورغم احترامي للقائمين على هذا العمل فرداً فردا، إلا أن نقدي هذا كان موجهاً للعمل وليس للشخوص الذين أكن لهم كل الاحترام وبالخصوص المخرج البحريني نضال العطاوي والكاتب الكويتي عثمان الشطي.
تلك البذرة التي ألقيتُ عليها الضوء هي لتبيان هشاشة هذه المسرحيات والتقليد الأعمى للمسرحيات الكويتية الأخيرة، وهفوات وقعنا فيها كصناع مسرح ظننا فيها أن جلب تلك الفكرة وزرعها هنا بنكهة بحرينية قد تحوز إعجاب الجمهور المهتم بالشأن المسرحي، لكنها مضت دون ذلك وتحت أنظار واستنكار المنتقدين والجمهور ذاته، ويبقى سؤالنا قائماً لهذه اللحظة يراد له مجيبا، من أدخل المسرحيات الغنائية في البحرين؟
r.alstrawi10@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك