أصبح العالم ينظر إلى الثقافة والإبداع في مجالات الآداب والفنون، نظرته إلى التعليم والبحث العلمي، بوصفها جميعًا قطاعات معرفيّة ذات مرود اقتصادي واستثماري لا تقل أهمية عن الاستثمارات الاقتصادية التقليدية، وليست فقط مجرد خدمات تُقدم للمواطنين. والصناعات الإبداعيّة، ومن ضمنها الصناعات الثقافيّة، هي صناعات بازغة يتعاظم دورها في عملية التنمية الاقتصادية، وذلك مع التوجّه نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، وهي تنتمي إلى قطاع اقتصادي يتعاظم دوره في الوقت الراهن بسرعة، أعني قطاع الاقتصاد الإبداعي المستدام.
تُصنف صناعة (الابتكار الثقافيّ(cultural industries (ضمن الاقتصاد القائم على المعرفة ((knowledge society، ويُستخدم تعبير(صناعة الإبداع الثقافيّ) أو (الصناعات الثقافيّة)؛ للإشارة إلى الصناعات التي تقوم بابتكار وإنتاج وتسويق سلع وخدمات ذات مضمون إبداعيّ غير ملموس وذات طبيعة ثقافيّة، تدخل المعرفة والفكر في تحديد قيمته، ويتمتع بحقوق ملكيّة فكرية ناتجة عن تزاوج المعرفة بالثقافة. ووفقًا لتعريف المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد (UNCTAD) فإنَّ صناعة الابتكار والإبداعCreative industry))، هي عبارة عن حلقة من الابتكار والإبداع والإنتاج والتسويق لسلع غير ملموسة ولخدمات يشكّل الإبداع الفكري الرأسمال الأكبر فيها وتحظى بحقوق الملكيّة الفكرية. وبالمفهوم الاقتصاديّ تسمح نشاطات الابتكار والإبداع وأعمالهما بتحقيق مردود اقتصادي وينتج عنها فرص عمل، وهي تسهم في دعم الميزان التجاري للدول وفي زيادة الناتج القومي». لقد اشتغل صانعو السياسات واستراتيجيات التعليم والتنمية المستدامة إلى تعزيز ثقافة الابتكار والإبداع، وبالتالي أوجدوا (القيمة المضافة الثقافية).
إنَّ الصناعات الإبداعيّة، ومن ضمنها الصناعات الثقافيّة، هي صناعات بازغة يتعاظم دورها في عملية التنمية الاقتصادية، وذلك مع التوجّه نحو الاقتصاد القائم على المعرفة. وتنتمي إلى قطاع اقتصادي يتعاظم في الوقت الراهن بسرعة هو قطاع الاقتصاد الإبداعي، وتتعدد تعريفات هذه المصطلحات: فالصناعات الثقافيّة، وبحسب تعريف الأمم المتحدة، تعد لبّ الصناعات الإبداعيّة، فهي:
مجموعة من أوجه النشاط القائمة على المعرفة التي تستهدف الفنون، ولكنها ليست مقتصرة عليها، وقادرة على توفير عائدات من التجارة، ومن حقوق الملكية الفكرية عند استثمارها. وتتألف من سلع وخدمات رأس مالها الإبداع الثقافي الذي يتحوّل إلى منتجات. وتشتمل على سلع أصولها مادية، وخدمات غير مادية أصولها فنية وثقافيّة، مع محتوى إبداعي، وقيمة اقتصادية، وتستهدف عند استثمارها الأسواق الداخليّة والخارجيّة، وهي تتقاطع ما بين الخدمات الحرفية والقطاعات الصناعية، وتمثل قطاعًا ديناميكيًا في التجارة العالميّة.
إنَّ الصناعات الثقافيّة تنتج عن تفاعل أربعة أنواع في رأس المال هي: البشري، والثقافي، والاجتماعي، والمؤسسي. ويؤدي هذا التفاعل عند توفره إلى مخرجات إبداعيّة تشكل سلع وخدمات الصناعة الثقافيّة، وهناك نموذج آخر لتوصيف دور الإبداع الثقافي في الاقتصاد الجديد، ويعد هذا النموذج أنَّ الإبداع التقني للاقتصاد الجديد والاقتصاد القائم على المعرفة، ناتج عن ثلاثة أنواع من الإبداع هي العلمي والثقافي والاقتصادي. إنَّ سلسلة القيمة المضافة للصناعات الإبداعيّة أو الثقافيّة تتألف من مرحلة الإبداع أولاً، والذي يحتاج لاستثمار ودعم مالي حتى يصل إلى مرحلة الإنتاج كسلع أو كخدمات ثقافيّة، وحتى تؤدي هذه المنتجات دورًا مهمًا في عملية التنمية الاقتصادية فإنها تتطلب توزيعًا كبيرًا في الأسواق المحلية والعالميّة، وهذا ما يجعلها تلعب دورين الأول اقتصادي، والثاني حضاري لتعزيز التواصل العالمي.
كلية الآداب، جامعة البحرين.
{ أستاذة السرديات والنقد الأدبيّ الحديث المشارك،
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك