الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
«منزل المسامير».. ومسامير الوطن!
في الصين يطلق على بعض المنازل مصطلح «منزل المسامير»، وهي المنازل التي يرفض أصحابها التخلي عنها وإزالتها، بحجة عدم مناسب مبلغ التعويض الذي تعرضه عليهم الدولة، من أجل بناء مشاريع البنية التحتية والجسور، وتوسعة الطرق والشوارع.. فأصبح من المعتاد هناك، أن ترى بيتا صغيرا داخل «دوار» في شارع عام، أو تحت الكوبري، أو وسط مواقف سيارات لمجمع تجاري!
«بيوت المسامير» الصينية.. أقرب إلى عقليات الأشخاص في بعض مجتمعاتنا الخليجية، الذين يصرون على مواقفهم وقناعاتهم، ويقدمون مصالحهم الشخصية الذاتية، وربما الفكرية والحزبية، على المصلحة العامة للوطن، حتى إن كانت تلك الأفكار مستوردة من الخارج، وتخالف قانون الدولة، وتهدد أمنها وتنميتها.
ذلك أن مواقف وأحاديث وتعليقات بعض أشخاص ومجموعات تراها تحاول أن تقفز على الثوابت الوطنية أحيانا، وتتعارض مع التوجهات العامة وسياسة الدولة، حتى في أبسط الأمور والخدمات التي تقدمها الدولة من أجل الصالح العام.
فتجد في أي مشروع تعرضه الجهات الرسمية وتقدمه للمجتمع أن هناك أشخاصا يعلنون مواقف مخالفة دائما، وتبحث عن أوجه القصور، وتعمد إلى تضخيمها، ونشر الهواجس عند الرأي العام، وتكون كحجرة عثرة في مسيرة البلد، بحجة الحقوق والحريات.. في حين أن الواجبات والمسؤوليات الوطنية تقتضي الطاعة والقبول، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية والقناعة الخاصة.
مؤخرا شرعت دولة خليجية شقيقة في تدشين برنامج إلزامية «البصمة البيومترية» لجميع المسافرين المغادرين والقادمين، من مواطنين ومقيمين وسياح، عن طريق المنافذ الجوية والبرية والبحرية، ويقصد بالبصمة البيومترية عملية جمع البيانات البيومترية من بينها مسح الوجه وبصمة العين وبصمات الأصابع، لكن بعض «المواطنين» رفضوا ذلك، بحجة أن الأمر متعلق بخطط ومؤامرات «ماسونية»! على الرغم من أن البرنامج يتعلق بأمن وسلامة الجميع، وأمن الوطن أولا.. ولا علاقة بذلك بالماسونية، أو مؤامرات كونية، ولا بطيخ!
الغريب أن أمثال هؤلاء حينما يسافرون إلى الخارج تراهم ينصاعون لأي إجراء تقوم به الدول هناك.. فيقفون في الطابور من دون تململ، ويوافقون على أي إجراء مطلوب منهم في المطار والمنافذ من دون اعتراض، حتى لو وصل الأمر إلى التفتيش الذاتي.. في حين أن الأمر ذاته، وربما أقل منه بكثير، حينما يتم عمله في دولنا الخليجية يكون مرفوضا ومحل تشكيك وريبة!
خذ مثالا آخر.. حينما تعلن دولنا الخليجية والجهات الرسمية فيها موقفا دبلوماسيا تجاه أي دولة أو حزب سياسي أو جماعة ما، انطلاقا من الثوابت الدستورية والمصلحة العامة، تخرج لنا «بعض» أصوات، من أشخاص أو مجموعات، تعارض وترفض موقف الدولة، ويكون موقفا شاذا، يتعدى مسألة حرية التعبير، ويتجاوز القانون والنظام، وربما أكثر من ذلك.. حينها تجد أن ذلك الموقف قدم المصلحة الشخصية، أو القناعة الحزبية والانتماء الفكري، الذي تم إعلاء شأنه على مصلحة الدولة وتوجهاتها الرسمية.
«منزل المسامير» في الصين تسبب في تشويه وعرقلة بعض مشاريع الدولة هناك، حتى إن تحولت تلك المنازل إلى مزارات سياحية.. «ومسامير» بعض الأصوات الخليجية تخالف المصلحة العامة لدولنا، حتى إن أصبحت مادة ساخنة في القنوات والمنصات الإعلامية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك