التقينا في صباح يوم ربيع مشمس، لم تغادره الطفولة، كأني أعرفه منذ زمن بعيد وهو يعرفني، بسيط كنسمة هواء، عميق كعمق المحيط، كأنه يتحدث من قلبه، ترى على قسمات وجهه تعب السنين وقسوة الأيام، ولكن روحه المرحة تخفي كل تلك الأحزان، لعل الأيام الصعبة جعلت منه انسانا صلبا بصبره وجلده، نادرة تلك اللحظات التي أره فيها حزينا منكسرا، لعل الفن جعل منه نجما مضيئا، يميزه حدس الفنان الأصيل، وهذه الروح المفعمة بالطيبة والحب والبساطة التي تأسرك من أول لقاء، قال لي ذات يوم: «عندما قدمت لجزيرة الأحلام وشاهدت تلك الصخور الكبيرة المتساقطة على ساحل البحر شعرت أنها جاثمة على صدري» وهذا ما شعرت به أنا أيضا عندما حللت ضيفا فيها. ومرت الأيام بحلوها ومرها، وعندما أبصرنا النور معا وكنت أعد لديواني الثاني (سرور) طلبت منه أن يعطيني رأيه في قصائد الديوان، وبعد أيام كتب لي رسالة أعتز بها كثيرا بخطه الجميل الأنيق، ومازلت احتفظ بها وأقرأ كلماتها بين حين وحين «أخي الشاعر خليفة... من خلال قراءتي لقصائدك هذه أستطيع أن أقول بأن تأثير جزيرة الأحلام لا يزال مخيما عليك، وأنك لم تحاول الخروج من أثره رغم مرور أكثر من أربع سنوات، إنك تستمرئ تلك الذكريات الحزينة الطريفة في حد ذاتها، كما ألاحظ أن معايشتك للحاضر فيها الكثير من الريبة من واقع الحال، وهو أمر طبيعي، ولكن علينا نحن بالذات أن نخرج من الشرنقة ونصبح فراشات تشع بالنور من جديد».
* إلى الطائر البعيد في الملكوت
تذكر أحلام الجزيره
والمسا ناشر عبيره
كنا ننقش عمرنا فوق الصخور
ف الدروب المتعبة
في كل سيره
في الليالي السود
والفرحه الأسيره
في البحر والموج
والغبّة الغزيره
شا تذكّر واتذكر
وكل شي في قلبك أخضر
حتى من طيبك تخلّي
من ريوقك حق سميره*
أنت لو ترحل وتتركني وحيد
وينطفي في قلبي عيد
انت ضوّت الليالي السود
في دربي البعيد
انت خلّيت الحزن
في وحشة أيّامي سعيد
انت يا أجمل مجيد
انت يا أغلي مجيد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك