بقلم: مسعدة اليامي {
الشخصيات: عبارة عن أدوات الكِتابة..
الورقة الأولى
الورقة الثانية
القلم
المشهد:
مجوعة من الأوراق المتناثرة على الأرض وقلم متكئ على العمود، أصوات كثيرة مزعجة تنم عن الحوادث في الشارع (حريق، قتل، انقلاب، انفجار، فقد) تأتي تلك الأصوات من خلف الجدار الملوث بالكثير من الرسومات العبثية، مع الكثير من المؤثرة الموسيقية المناسبة.
تنهض الورقة الأولى من على الأرض قائلة: ما هذهِ الأصوات المزعجة؟
ترد الورقة الثانية: ماذا جرى لك، ألا تعرفين أن تنعمي بالهدوء؟
الورقة الأولى: أي هدوء في هذا العالم الذي يتمرغ في الفوضى، ولا يعرف للسكينة باب.
الورقة الثانية تضع يدها على رأسها: أشعر بألم شديد في رأسي
الورقة الأولى: ما سبب ذلك؟
الورقة الثانية: القلم، لقد أمضى طوال الليل يضربني!
يتقدم القلم إليهن قائلا: كم أنتِ ظالمة أنا لم أفعل شيئا بك؟
الورقة (بحدة) فمن كان يضربني سواك؟
القلم: ما أنا إلا أداة في يد تلك الكاتبة التي كانت تحاول، أن تكتب ما لا أعرف، فقد أمضت طوال الليل تضربك وتقلبني من اليمين إلى اليسار حتى فقدت صوابي.
الورقة الأولى: (ضاحكة) هي صحفية وأنتِ صفحة الحوادث – ماذا تتوقعين غير ذلك الألم المضاعف.
القلم: ما أكثر الحوادث التي تصل إليها عبر البريد، إنها لا تتوقف لا في الصباح ولا في المساء.
الورقة الثانية: كأنها عدد الرمال في الصحاري، بل أكثر من شعرها الأسود الكثيف.. الذي تسلل إليه الشيب، فَبدأ يُلوح مِنْ مِفْرَقها.
الورقة الأولى: أتعرفون ما المعضلة الكبرى؟
القلم والورقة الثانية معاً: ما هي؟
الورقة الأولى: إن اسمها يضاف إلى عشرات الحوادث التي لا تعرف عنها شيئا، ولم تذهب إلى موقع حادث في حياتها، لتتحقق وتتبين الأمر، لذلك عملها مُيسر، تستقبل الخبر، تضيف القليل من ا(لرشوت) تضع اسمها، ثم تعاود إرساله من جديد.
الورقة الثانية: (بألم) أعلم ذلك جيداً كانت سعيدة بما حققت من شهرة فارغة، لكنها في الآونة الأخيرة، لم تعد كما كانت – تلك الفراشة التي تفرح بجلوسها في الصف الأمامي من كل محفل من أجل الحصول على شهادة تقدير.
القلم: أرى ذلك في تصرفاتها، إنها تُشبه الجثة التي تتحرك بلا روح.
الورقة الثانية: لكنها قاسية التصرف معنا، ترمينا في كل مكان ثم تدوس علينا برجليها.
الورقة الأولى: معكِ حق بل تعمل على تمزيقنا قطعا من دون رحمة، ثم ترمي بنا في الحاوية أو أي مكان، نتعرض فيه للغبار وبقايا القهوة والماء.
القلم: إنها مزاجية.
الورقة الأولى: أتذكرين ذلك المساء الذي وصلها خبر الأب الذي قتل عائلته؟
الورقة الثانية: لقد ظلت ثلاث أيام لا تعرف النوم، دائماً وهي قلة، وخائفة!
القلم: منذُ ذلك الحادث وهي متغيرة بل منقلبة رأساً على عقب.
الورقة الثانية: وقصة الرجل الذي قتل أمهُ دون رحمة، مسكينة لقد ابتلعت في ذلك اليوم الأسود، الكثير من الأدوية المهدئة إلى أن غابت عن الوعي.
الورقة الأولى: أظن أن تلك الحالة كانت أخف عليها من حالت المرأة التي قتلت شقيقها، ثم قتلت نفسها في ظروف غامضة! لقد خِلْتُها جُنْت بعد قِراءة ذلك الخبر الصادم.
القلم: (بحدة) ألا يُذكر شيء جميل في هذه الصفحات؟!
الورقة الثانية: (ضاحكة) صفحة حوادث ماذا تتوقع أن يكون مجرى حديثنا
الورقة الأولى: كان عليك أن تكتب في الصفحة الفنية، أو الرياضية، ولكن أعتقد أن صفحات السياسة أفضل لك، ولكن خُذ الحذر من أن يوجه لك حذاء أو ((عقال)) في لحظة غضب!
الورقة الثانية: (بتهكم) جميعها تمر علينا -فنان انتحر– رياضي مات جراء جرعة زائدة في حانة شقراء! – سياسي راح مليون (حتة) جراء حادث شنيع.
(ودق يا ربابة) – عالم مُفخخ بالفوضى الأبدية!
القلم: حانة شقراء (يضحك) ثم يقول: أشعر بفقدان التوازن، أريد أن أرتاح من مهنة المتابع تلك.
الورقة الأولى: لقد ذكرتني بحالة الكاتبة.. عندما فقدت توازنها. ثم سقطت أرضاً، فتجمع عليها الجميع إلى أن تم نقلها إلى المصحة
الورقة الثانية: تقصدين فراشة الصحيفة، فالأسود التي كانت حولها لا ترف لها جفون الإنسانية أثناء العمل الجامد، كم كان يوما حزينا يا صديقتي
القلم: وما سبب تلك الجلبة التي حدثت، ولماذا أغمي عليها؟
الورقة الأولى: لم يتحمل قلبها خبر وفاة طفل في الثالثة من عمرهِ في الجبل وحيداً.
الورقة الثانية: الخبر كان قديما جدا ولا أظن أن ذلك هو السبب.
القلم: فما السبب؟
الورقة الأولى: بلى هو السبب كونه نشر في قصيدة بعنوان * مساء الموت*
الورقة الثانية: صحيح لقد سمعتها وهي تقول: كيف تمكن هذا الشاعر من وصف شعور ذلك الطفل؟!
الورقة الأولى: لقد بكت بِحُرقة شديدة، أثًرت بها القصيدة كثيراً، لدرجة أنها ظلت فترة طويلة في حداد لافت للنظر.
القلم: لقد أحسست بها، وبقلبها المحترق من كثرت الزفرات التي تصدر عنها طوال الوقت!
الورقة الثانية: وخاصة عندما تَقرْأ
فكيف أفر يا أمي؟
وأين أفر؟
إن الليل ليلان
وكيف أفر يا أمي؟
وأين أفر؟
إن الحزن حزنان
وكيف أفر يا أمي؟
وأين أفر؟
أن الموت موتان.
الورقة الثانية: لقد فجر الألم قلبها، فأبكى الحجر، فما بالك بإنسانة ـ قلبها مثل خف الطير؟
القلم: مسكينة تلك الفراشة – أين هي اليوم؟
الورقة الأولى: أنها ترقد على فراش القلق و تلتحف الخوف، ولقد سمعتُ أن البرودة سرَت إلى أطرافها، مُنذُ تجرعت صباح الموت يا أمي!
أظلام
فكرة النص من قصيدة *مساء الموت* للشاعر حسن الزهراني ** ديوان تماثل.
{ كاتبة من المملكة العربية السعودية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك