العدد : ١٧٠٥٦ - الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٦ - الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

إعلام «عربي» في خدمة «إسرائيل»!!

هذا‭ ‬مقال‭ ‬أعجبني‭ ‬جدا‭. ‬أعجبني‭ ‬لأن‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬يناقشها‭ ‬خطيرة،‭ ‬وقد‭ ‬شغلتني‭ ‬وكنت‭ ‬أعتزم‭ ‬الكتابة‭ ‬عنها،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬تشغل‭ ‬الكثيرين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬طوال‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭.‬

المقال‭ ‬للكاتب‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬بن‭ ‬رازن‭ ‬عضو‭ ‬كرسي‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬بجامعة‭ ‬الملك‭ ‬سعود‭ ‬وعنوانه‭ (‬هل‭ ‬أصبح‭ ‬لإسرائيل‭ ‬قوة‭ ‬‮«‬أقلام‮»‬‭ ‬ناعمة‭ ‬عربية‭)‬؟

كما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬العنوان‭ ‬المقال‭ ‬يناقش‭ ‬ظاهرة‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬هي‭ ‬ظاهرة‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬لدينا‭ ‬كتاب‭ ‬وأجهزة‭ ‬إعلام‭ ‬عربية‭ ‬تصطف‭ ‬عمليا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭.‬

الكاتب‭ ‬يرصد‭ ‬ثلاثة‭ ‬جوانب‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الخطيرة‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

1‭ ‬‭ ‬تغير‭ ‬المفاهيم‭ ‬الكبرى‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬الصراع‭. ‬

يقول‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬بدأ‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬حتى‭ ‬عهد‭ ‬قريب،‭ ‬كانت‭ ‬النظرة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬واحدة،‭ ‬وهي‭ ‬أنَّ‭ ‬إسرائيل‭ ‬كيان‭ ‬محتل‭ ‬للأرض‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬يجب‭ ‬زواله،‭ ‬ثم‭ ‬سعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬والغرب‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬طويلة‭ ‬لتغيير‭ ‬المفاهيم،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬‮«‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭. ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬تغير‭ ‬الصراع‭ ‬الوجودي‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬مواجهات‭ ‬سياسية‭ ‬داخلية‭. ‬سعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عقودا‭ ‬لإخراج‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬وحصر‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فقط،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭. ‬من‭ ‬يتأمل‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬يدرك‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬القضية‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬السكان‭ ‬فقط‮»‬‭.‬

2‭ ‬‭ ‬تغيير‭ ‬المصطلحات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالصراع‭ ‬في‭ ‬الكتابات‭ ‬والتغطيات‭ ‬الإعلامية‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬تم‭ ‬استبدالها‭ ‬بعبارة‭ ‬أخف‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الوجود‭ ‬الإسرائيلي‮»‬،‭ ‬وعبارة‭ ‬‮«‬العدو‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬أصبحت‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬فقط،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يصفها‭ ‬البعض‭ ‬بالعدو،‭ ‬وكأن‭ ‬حالة‭ ‬العداء‭ ‬انتهت‭. ‬

كذلك،‭ ‬تغيّر‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬شهيد‮»‬‭ ‬لمن‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬أرضه‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬قتيل‮»‬،‭.. ‬وهكذا‭.‬

3‭ - ‬الأخطر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أننا‭ ‬بدأنا‭ ‬نقرأ،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الكاتب،‭ ‬‮«‬نصوصًا‭ ‬عربية‭ ‬تمدح‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتزينها‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬ضحاياها‭. ‬نجد،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬مقالًا‭ ‬يمتدح‭ ‬التقنيات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والحضارة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬صاحبه‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬والضفة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يستحق‭ ‬التأمل‮»‬‭. ‬

نستطيع‭ ‬ان‭ ‬نضيف‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬الكاتب‭ ‬ظاهرة‭ ‬أخرى،‭ ‬هي‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تجري‭ ‬فيه‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وجدنا‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬العرب،‭ ‬وبعض‭ ‬أجهزة‭ ‬الاعلام‭ ‬العربية،‭ ‬توجه‭ ‬انتقادات‭ ‬حادة‭ ‬إلى‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتعتبر‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭.‬

حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬انتقادات‭ ‬يوجهونها‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬فصيل‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فليس‭ ‬هذا‭ ‬وقت‭ ‬ترديد‭ ‬هذه‭ ‬الانتقادات‭. ‬والأخطر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬الترويج‭ ‬لهذا‭ ‬المنطق‭ ‬اليوم‭ ‬بإلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬يعني‭ ‬مباشرة‭ ‬تقديم‭ ‬تبريرات‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬يشنونها‭ ‬وللجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبونها‭. ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينتفض‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬بشعوبه‭ ‬ومنظماته‭ ‬الإنسانية‭ ‬والدولية‭ ‬إدانة‭ ‬للجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ومطالبة‭ ‬بمحاكمة‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

نحن‭ ‬إذن‭ ‬إزاء‭ ‬ظاهرة‭ ‬خطيرة‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭. ‬ظاهرة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬وبعض‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬تقوم‭ ‬عمليا‭ ‬بخدمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬واحتلالها‭ ‬ومشروعها‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬لها‭ ‬أبعاد‭ ‬ونتائج‭ ‬كارثية‭.‬

هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬تستحق‭ ‬وقفات‭ ‬مطولة‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬عدة‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا