الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
«عائشة نور».. والقضية الفلسطينية
بالأمس نشرت وكالة «سي إن إن»، أنه تم دفن جثمان الناشطة الأمريكية التركية، «عائشة نور»، التي قُتلت برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية الأسبوع الماضي، حيث وصلت جثة «عائشة نور» إلى مطار إزمير، أمس الأول «الجمعة»، وتم نقلها إلى معهد الطب الشرعي لتشريحها، ثم تم نقلها إلى ديديم، وهي منطقة في أيدين، تركيا.
وكانت الشابة البالغة من العمر 26 عاما قد قُتلت بالرصاص خلال مظاهرة مناهضة للاستيطان بالقرب من نابلس بالضفة الغربية قبل ثمانية أيام.. وقال الجيش الإسرائيلي حينها إنها «أصيبت بنيران الجيش الإسرائيلي».
«عائشة نور».. واحدة من آلاف الأشخاص الذين تم قتلهم من الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ولكن برز اسمها لكونها تحمل الجنسية الأمريكية، حيث اهتم الإعلام الأمريكي بالحادثة بشكل كبير، لدرجة أن نائبة الرئيس الأمريكي، والمرشحة الحالية للرئاسة «كامالا هاريس» دعت إلى المحاسبة الكاملة في موضوع قتلها.. الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول أسباب الاهتمام الرئاسي الأمريكي بالحادثة، في ظل قتل آلاف المدنيين من الشعب الفلسطيني.
وقد أجاب الأستاذ «سليمان جودة» في مقالته بالأمس عن جميع تلك التساؤلات، حيث قال: «عندما تدعو هاريس إلى محاسبة كاملة في الموضوع، ثم عندما تتكلم بهذه اللهجة، فالحقيقة أنها تفعل ذلك بصفتين اثنتين، إحداهما أنها تتبوأ موقع نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، والثانية أنها تتحرك هذه الأيام بصفتها المرشح الرسمي للحزب الديمقراطي في السباق إلى البيت الأبيض.. وربما أضفنا إلى ذلك صفة ثالثة هي أنها تتكلم بلسان المنتصر في مناظرتها مع مرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب».
وأنا أضيف هذه الصفة الثالثة لأن «عائشة نور» لقيت مصرعها قبل المناظرة بأيام، وتكلم عنها الإعلام الأمريكي وأثار موضوعها باهتمام.. ومع ذلك، فإن الموضوع لم يصادف اهتمامًا خاصًّا من مرشحة الحزب الديمقراطي إلا بعد المناظرة.. فهل كان إحساسها بنشوة الانتصار على ترامب هو السبب؟.. ربما، بل مؤكد لأنه لا تفسير آخر.
وتبدو «عائشة نور» من اسمها وكأنها عربية، ولكن الحقيقة أنها تركية الأصل تحمل الجنسية الأمريكية من وقت مبكر، وتعيش في مدينة سياتل الشهيرة.. ويكفي بالطبع أن تحمل هذه الجنسية لتصبح محل اهتمام ساكن البيت الأبيض ونائبته.. فالرئيس بايدن نفسه اهتم شخصيًّا بموضوعها، وأطلق حوله تصريحات صحفية يؤنب فيها إسرائيل، ثم تراجع- للأسف- خطوات إلى الوراء، وقال ما معناه أن مقتلها لم يكن عن قصد.
ولكن على الجانب الآخر، لم يتم ضبط بايدن ولا تم ضبط نائبته في حالة مماثلة أو حتى مشابهة من الاهتمام، بمصرع أكثر من «عائشة» على الجانب الفلسطيني.. وعندما أتحدث عن أكثر من «عائشة» على الجانب الفلسطيني، فأنا أتحدث عن آلاف، لا عن مئات ولا حتى عن عشرات.. ويكفي أن نعرف أن عدد ضحايا المقتلة الإسرائيلية الجماعية في قطاع غزة وصل إلى 41118 من الأطفال والنساء والشيوخ، وبالإجمال من المدنيين العُزّل، الذين لا سلاح في أيديهم يدافعون به عن أنفسهم، وهذا الرقم بالمناسبة جرى الإعلان عنه في اليوم نفسه الذي دعت فيه هاريس إلى المحاسبة الكاملة إياها.. ولا معنى لذلك كله إلا أن مرشحة الحزب الديمقراطي تنظر إلى «عائشة الأمريكية» بعين مفتوحة على آخرها، بينما تتطلع إلى كل «عائشة فلسطينية» في المقابل بعين مغمضة لا ترى شيئًا.
والشاعر كان قد لخص القضية في مجملها فقال: «قتلُ امرئ في غابة جريمة لا تُغتفر.. وقتلُ شعب آمن مسألة فيها نظر!».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك