يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
شهداء الإنسانية في غزة
يوم 19 أغسطس الجاري احتفل العالم بـ«اليوم العالمي للعمل الإنساني» الذي حددته الأمم المتحدة تكريما وتقديرا للعاملين في مختلف المنظمات والوكالات العاملة في المجال الإنساني.
هؤلاء العاملون يستحقون بالفعل كل تقدير وتبجيل. يتركون بلادهم وأسرهم ويعملون في مناطق الحروب والصراعات ويتحملون أشق وأصعب الظروف ويقدمون التضحيات من أجل الإنسانية.
ولم يحدث في التاريخ أن تعرض العاملون في المنظمات الإنسانية لجرائم عدوان وقتل وتنكيل مثلما حدث في حرب إبادة غزة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. منذ أن بدأت الحرب والتقارير تتوالى عما يتعرض له هؤلاء من جرائم عن عمد.
ارتكاب هذه الجرائم ضد العاملين في المنظمات الإنسانية تم عن عمد في إطار حرب الإبادة، ولحرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوق الحياة ومن حتى إغاثته إنسانيًّا.
ومن أكبر أسباب هذا العدوان الهمجي على العاملين في المنظمات الإنسانية أنهم فضحوا جرائم الكيان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني ورفعوا أصواتهم عاليا مطالبين بمحاسبته وبحماية الفلسطينيين.
الأمم المتحدة بمناسبة يوم العمل الإنساني أعلنت أنه منذ أكتوبر قتل أكثر من 280 عاملاً إنسانيًّا في غزة، معظمهم موظفون في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهو أمر غير مسبوق. و«الأونروا»، أعلنت ارتفاع حصيلة الشهداء في صفوف العاملين لديها بقطاع غزة منذ بدء الحرب إلى 207 شهداء أثناء تأدية واجبهم. هؤلاء الشهداء منهم أطباء ومهندسون ومعلمون وغيرهم من مختلف التخصصات.
منذ أن بدأت الحرب صدرت عشرات المطالبات بالتحقيق في الجرائم الإسرائيلية بحق عمال الإغاثة ومحاسبة المجرمين، لكن لأن القانون الدولي الإنساني معطل ومشلول، والدول الغربية تحول دون أي محاسبة للإسرائيليين على جرائمهم لم تحدث أي تحقيقات، الأمر الذي شجع الإسرائيليين على ارتكاب مزيد من الجرائم.
بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، وجهت 413 منظمة إنسانية في العالم رسالة مفتوحة إلى كل دول العالم الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالبون فيها بحماية المدنيين، من ضمنهم العاملون والعاملات في هذه المنظمات.
هذه الرسالة لخصت محنة المنظمات الإنسانية في غزة وغيرها وفضحت العالم لعدم قدرته على حمايتها.
تقول الرسالة: لقد كشفت الأعمال العدائية الوحشية التي نشهدها في صراعات متعددة حول العالم عن حقيقة مروعة: نحن نعيش في عصر الإفلات من العقاب. إن الهجمات التي تقتل أو تجرح المدنيين، بمن في ذلك العاملون في المجال الإنساني والرعاية الصحية، شائعة بشكل مدمر. ومع ذلك، وعلى الرغم من الإدانة الواسعة النطاق، فإن الانتهاكات الجسيمة لقواعد الحرب غالبًا ما تمر من دون عقاب. هذا الوضع الراهن مخجل ولا يمكن أن يستمر.
الرسالة حددت باسم منظمات الإغاثة الإنسانية العالمية عدة مطالب يجب أن يفي بها المجتمع الدولي وهي:
1- وقف كافة الهجمات على المدنيين واتخاذ خطوات جديّة وفعالة لحمايتهم، وحماية البنية التحتية المدنية التي تعتمد عليها حياتهم.
2- حماية جميع عمال الإغاثة والعاملين في المجال الإنساني، من ضمنهم الجهات المحلية والوطنية، ومبانيهم وأصولهم وتسهيل عملياتهم.
3- محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات ومحاكمتهم، فلا يجوز أن يفلت مرتكبو انتهاكات القانون الإنساني الدولي من العقاب.
وتقول الرسالة: في اليوم العالمي للعمل الإنسانيّ نشدد على أهمية ذلك وعلى أن هذه الالتزامات قطعية ومبدئية وغير قابلة للتفاوض أو الانتقاص ولا تخضع لأي استثناءات. لا أحد فوق القانون الدولي الإنساني.
وتطالب الرسالة باتخاذ خطوات وتحركات جادة وعملية أكثر، وليس المزيد من التصريحات.
هذه الرسالة التي وجهتها 413 منظمة إنسانية عالمية هي صوت الضمير الإنساني في مواجهة الهمجية الإسرائيلية وإجرام الدول الغربية بقتلها للقانون الدولي الإنساني وحماية المجرمين.
وفي كل الأحوال، نحن في الدول العربية من المفروض أن نكرم هؤلاء الذين يضحون بحياتهم من عمال المنظمات الإنسانية في غزة وشهداءهم. وعلى الأقل يجب أن نعبر باستمرار عن الامتنان والتقدير لهذه التضحيات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك