العدد : ١٦٩٧٦ - السبت ١٤ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٦ - السبت ١٤ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الإمام الأكبر و«الجدار الواقي»

الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬الدكتور‭ ‬احمد‭ ‬الطيب‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬بالمخططات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬والمتابع‭ ‬لخطابات‭ ‬وأحاديث‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬يلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬يعطي‭ ‬أولوية‭ ‬كبرى‭ ‬للمخططات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬هويتنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬والمخاطر‭ ‬التي‭ ‬تتهددها،‭ ‬وينبه‭ ‬إلى‭ ‬سبل‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المخططات‭ ‬والأخطار‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬هويتنا‭.‬

أقول‭ ‬هذا‭ ‬بمناسبة‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬أثناء‭ ‬استقباله‭ ‬لوزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬المصري‭.‬

الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬أثار‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬قضية‭ ‬دور‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأخطار‭ ‬الجسيمة‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬هويتنا‭ ‬وفي‭ ‬حمايتها‭. ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬يستحق‭ ‬التوقف‭ ‬عنده‭ ‬والتنويه‭ ‬به‭.‬

في‭ ‬حديثه‭ ‬اعتبر‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭: ‬‮«‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الأعمدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الدينية‭ ‬والثقافية‭ ‬لدى‭ ‬النشء‭ ‬والشباب‮»‬‭. ‬ووصف‭ ‬دور‭ ‬التعليم‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬الجدار‭ ‬الواقي‭ ‬لتحصين‭ ‬أبنائنا‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬والغزو‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬تشويه‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق،‭ ‬وتطبيع‭ ‬الأمراض‭ ‬المجتمعية‭ ‬الخبيثة‭ ‬والسلوكيات‭ ‬التي‭ ‬تتنافى‭ ‬مع‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانيَّة‭ ‬السليمة؛‭ ‬كالشذوذ‭ ‬الجنسي‭ ‬والعلاقات‭ ‬الجنسية‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬منظومة‭ ‬الزواج‮»‬‭.‬

الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬بهذا‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬الأخطار‭ ‬التي‭ ‬تتهدد‭ ‬هويتنا،‭ ‬والتنبيه‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الحاسم‭ ‬للتعليم،‭ ‬وإنما‭ ‬قدم‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الأساسية‭ ‬المطلوبة‭ ‬كي‭ ‬يقوم‭ ‬التعليم‭ ‬بدوره‭ ‬المفترض‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

1‭ ‬‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذا‭ ‬خصوصية‭ ‬وشخصية‭ ‬مستقلة،‭ ‬وأن‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬تطلعات‭ ‬الأمة‭ ‬وعلى‭ ‬قدر‭ ‬توقعاتها‭ ‬لخلق‭ ‬كوادر‭ ‬شبابية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬راية‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

2‭ ‬‭ ‬أن‭ ‬نتنبه‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬الانسياق‭ ‬خلف‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ«الأنظمة‭ ‬والأساليب‭ ‬التعليمية‭ ‬الحديثة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬أهدافا‭ ‬غير‭ ‬معلنة‭ ‬لإقصاء‭ ‬هويتنا‭ ‬العربية‭ ‬والدينية،‭ ‬وضرورة‭ ‬التنبه‭ ‬لمخططات‭ ‬اختطاف‭ ‬التعليم‭ ‬العربي‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬أجندات‭ ‬الغزو‭ ‬الثقافي‭.‬

3-‭ ‬ضرورة‭ ‬استعادة‭ ‬المدرسة‭ ‬لدورها‭ ‬المرموق‭ ‬ورونقها‭ ‬المعهود،‭ ‬وألَّا‭ ‬يكون‭ ‬التعليم‭ ‬عبئا‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الأسر،‭ ‬وأن‭ ‬تتضمن‭ ‬المناهج‭ ‬التعليمية‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬بناء‭ ‬وتخريج‭ ‬شباب‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التمسك‭ ‬بقيم‭ ‬الدين‭ ‬والأخلاق‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬الى‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬العلم‭ ‬والمعلم،‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬مثلا،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬البيئة‭ ‬المناسبة‭ ‬لاحترام‭ ‬المعلم‭ ‬وتقديره‭ ‬وتقديمه‭ ‬للطلاب‭ ‬والمجتمع‭ ‬بوصفه‭ ‬قدوة‭ ‬وأنموذجًا،‭ ‬وتشجيعه‭ ‬على‭ ‬البذل‭ ‬والعطاء،‭ ‬والوقوف‭ ‬أمام‭ ‬محاولات‭ ‬التجرؤ‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬الاستهزاء‭ ‬بدوره‭.‬

4-‭ ‬أنه‭ ‬لهذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬مستدام‭ ‬يهتم‭ ‬بخلق‭ ‬قدوات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إلهام‭ ‬الشباب‭ ‬والتأثير‭ ‬فيهم‭ ‬إيجابيًّا‮»‬‭. ‬وقال‭: ‬‮«‬أتذكر‭ ‬وقت‭ ‬أن‭ ‬كنت‭ ‬طالبًا،‭ ‬كان‭ ‬لدينا‭ ‬إمام‭ ‬وأساتذة،‭ ‬وكانت‭ ‬أقصى‭ ‬أمانينا‭ ‬أن‭ ‬نصبح‭ ‬مثلهم‭ ‬لما‭ ‬وجدناه‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬واحترام‭ ‬وحب‭ ‬وتواضع‭ ‬وإخلاص،‭ ‬وما‭ ‬زلنا‭ ‬نحفظ‭ ‬ونتذكَّر‭ ‬ما‭ ‬درَّسوه‭ ‬لنا‭ ‬وستظل‭ ‬هذه‭ ‬الذكريات‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬ذاكرتنا‮»‬‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬أجندة‭ ‬وخريطة‭ ‬طريق‭ ‬للمسئولين‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬التعليم‭ ‬بدوره‭ ‬المنشود‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬هويتنا،‭ ‬وفي‭ ‬تربية‭ ‬جيل‭ ‬عربي‭ ‬جديد‭ ‬واع‭ ‬معتز‭ ‬بهويته‭ ‬وبأمته‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬ثوابتنا‭ ‬وهويتنا‭ ‬وقضايانا‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

وحديث‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬تنبيه‭ ‬للحكومات‭ ‬العربية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬لإعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للحفظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬ومواجهة‭ ‬الأخطار‭ ‬التي‭ ‬تتهددها،‭ ‬والغزو‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬نتعرض‭ ‬له‭.‬

القضية‭ ‬التي‭ ‬يثيرها‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬نتعرض‭ ‬لها‭ ‬اليوم‭.. ‬قضية‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬ووعي‭ ‬وإدراك‭ ‬الأجيال‭ ‬العربية‭ ‬الجديدة‭. ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬حاسمة‭ ‬لمستقبلنا‭ ‬العربي‭ ‬كله‭.‬

ومع‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبرى‭ ‬للتعليم‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬بـ«الجدار‭ ‬الواقي‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الظلم‭ ‬أن‭ ‬نحمل‭ ‬التعليم‭ ‬والقائمين‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬المسئولية‭ ‬وحدهم‭. ‬القضية‭ ‬أكبر‭ ‬وأبعد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬بكثير‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا