الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
بين حانا ومانا.. ضاعت لحانا..!!
الجميع يعرف المثل الدارج: (بين حانا ومانا.. ضاعت لحانا).. وربما القليل منا يعرف أصل هذا المثل، الذي يقال عند حصول تشتت في الأمر، أو إذا وقع الشخص بين شخصين كل منهما له رأي وموقف مختلف، مما يزيد من صعوبة اتخاذ القرار السليم، والرأي السديد.
تقول القصة: ان أحد الرجال تزوج من امرأتين، الأولى اسمها «حانا»، وكانت كبيرة في السن.. والثانية اسمها «مانا»، وهي صغيرة في السن.. وعندما كان يزور زوجته «مانا الصغيرة» تبدأ بنتف الشعر الأبيض من لحيته، حتى لا يظهر الشيب فيها.. وعندما يزور زوجته «حانا الكبيرة» كانت تبدأ بنتف الشعر الأسود فيها، حتى يشيب مثلها.. وبعد مدة من الزمن نظر الرجل في المرآة فلم يعثر على أي أثر للشعر في لحيته..!! لا شعر أبيض ولا شعر أسود.. فقال غاضبا: (بين حانا ومانا.. ضاعت لحانا)، وبذلك أصبحت القصة مضربا للأمثال.
يحصل كثيرا أن تسأل شخصا ما عن رأيه في شراء جهاز معين «مثلا»، وتطلب منه النصيحة، فتجده يؤيدك ويشجعك، ويطرح عليك الفوائد والإيجابيات، ويسرد لك التجارب وأسماء الأشخاص الذين استفادوا من هذا الجهاز.. في حين أن شخصا آخر تسأله عن رأيه في ذلك الجهاز، فتسمع منه النقيض تماما، ويحذرك من شرائه، ويذكر لك المساوئ والسلبيات، بل يعدد أسماء من تضرر من استخدامه وتجربته..!!
ذات الأمر تجده حينما تقرأ وتتابع النصائح والإرشادات المتعلقة بالشأن الطبي والصحي، حتى من بعض الأطباء والمختصين، فهذا ينصحك بدواء معين، والآخر يحذرك منه.. وذاك يؤكد لك «نوعا» من الطعام بأنه مفيد، والآخر يحذرك من هذا النوع من الطعام، ويشدد على أنه ضار لصحة الجسم..!!
تذكرت تلك النماذج والأمثلة، ونحن نتابع ونرصد -أحيانا- تقاذف المسؤوليات بين بعض الجهات والمؤسسات، كل يتملص من دوره وواجبه، ويقول إن هذا الأمر ليس من اختصاصه ولا صلاحياته، فيخسر الوطن مقدراته وثرواته، ويضيع المواطن ويحتار بين الجهات، ولا يعرف كيف ينجز موضوعه، والجهة المسؤولة عنه.. فالمؤسسة (أ) تقول إنها أنهت إجراءاتها ويتبقى إجراءات المؤسسة (ب)، فيما المؤسسة (ب) تؤكد لك أنها بانتظار توصية وقرار اللجنة التي تعمل في المؤسسة (ج)، وعلى الجميع انتظار الرد.. وحتى إذا تعقدت الأمور وصعبت، وطالت المسألة، قيل لك: إن «الجهاز عطلان والسيستم داون»..!!
لذلك فإن الحديث عن «تصفير الإجراءات البيروقراطية»، بحاجة إلى مزيد من التفعيل والتطبيق، والتنفيذ والمتابعة.. وأحسب أن مسألة «حانا ومانا» تضج بها العديد من المؤسسات، على الرغم من التصريحات الكثيرة والجهود المتواصلة في مشروع التحول الرقمي، الذي لن يشعر منه المواطن أو العميل بأي فائدة، إن وجد في طلبه ومعاملته تأخيرا يزيد عن المعدل المعقول..!!
آثار وتداعيات أسلوب ونهج وطريقة «حانا ومانا» يشكو منها (مثلا) العديد من المؤجرين والمستأجرين على حد سواء، فذلك يرى أن رسوم الإيجار مرتفعة، والمؤجر يراها منخفضة ولا تتناسب والتزامات الحياة.. وهذا يرى أن القانون ليس في صفه ويسمح لمن لم يدفع الإيجار شهورا طويلة أن يخرج من البلاد من دون دفع أي مبلغ.. لدرجة أن المؤجر أصبح يتمنى أن يخرج المستأجر من دون دفع المبلغ المتأخر، كي يتمكن من تأجيرها إلى شخص آخر يلتزم بالدفع.
«حانا ومانا».. قد يكونا على شكل موظف وموظفة في مؤسسة.. أو إجراء وتطبيق في نظام عمل.. أو عقلية معينة ترفض التطوير والإصلاح.. وكان الله في العون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك