الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
ما هكذا يا «تجارة» تورد الإبل..!!
للمثل العربي المعروف: ((ما هكذا يا سعد تورد الإبل)) قصة مشهورة، مفادها أن رجلا اسمه «مالك» أسند لأخيه «سعد» رعاية الإبل مكانه، بسبب انشغاله بزواجه، ولكن الأخ «سعد» أهمل رعاية الإبل، ولم يحسن التعامل معها، ولم يعرف كيف يردها إلى الماء.. فقال له «مالك»: ((أوردها سعد وسعد مشتمل.. ما هكذا يا سعد تورد الإبل)).. وذهبت تلك الكلمات كمثال لعدم إجادة الشخص للمسؤولية الموكلة إليه، وتحقيق التطلعات والأهداف المنشودة منه.
في حياتنا اليومية نشهد ونتابع ونقرأ قرارات عديدة من مختلف المؤسسات والهيئات في القطاع العام والقطاع الخاص.. يكون الهدف منها تحقيق المصلحة العامة، وتنظيم العمل في المجتمع، وترتيب الأوضاع وفق مسار قانوني سليم، إلا أن ممارسات تطبيق «بعض» من تلك القرارات، أو اسلوب عرضها، والاكتفاء بنشرها دون تفاصيل وتوضيح ومتابعة، تكون سببا في عدم التفاعل معها من الفئة المستهدفة، وعدم جدواها في المجتمع، وفي تأثيرها للغايات المرجوة، التي سنت ووضعت وصيغت من أجلها.
منذ أيام تابعنا حزمة قرارات وإجراءات وحملات من وزارة الصناعة والتجارة تصب في المصلحة العامة وتعزيز القانون، ودعم النمو الاقتصادي، وانتعاش الحراك التجاري والصناعي والاستهلاكي.
فقد أطلقت الوزارة مشكورة حملة توعوية ورقابية تزامناً مع موسم العودة للمدارس تحت عنوان: «مع موسم العودة للمدارس.. ترانا موجودين»، بهدف حماية ((موسم العودة إلى المدارس)) من البضائع ذات الجودة الرديئة والأسعار المرتفعة، المرتبطة بالشأن التعليمي للناشئة، وتلك مبادرة رائعة وموفقة.
كما أعلنت الوزارة إطلاق مبادرة «صديق المستهلك»، لضمان توفير السلع والمنتجات الغذائية للمستهلكين، وخلق بيئة استهلاكية تتسم بالثقة والشفافية ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات لطرفي العلاقة التجارية المتمثلة في القطاع التجاري والمستهلك.
ثم تابعنا بالأمس مبادرة الوزارة بعقد لقاء تعريفي مفتوح للتجار ورجال الأعمال حول مبادرة «تكامل»، ومعاملة البضائع البحرينية والسعودية بالمثل، وشرح التفاصيل والإجراءات المطلوبة، التي تصب في مصلحة التاجر والمصنع والصناعة البحرينية.
كل تلك الخطوات والمبادرات المتميزة، تؤكد حرص الوزارة وتنفيذا لتوجيهات ومتابعة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله في تطور منظومة العمل التجاري والصناعي والاستهلاكي في البلاد، إلا أن أمرا واحدا لم تحسن الوزارة التعامل معه، وهو المتعلق بالقرار الصادر من الوزارة بشأن السماح بمزاولة الأنشطة التجارية من خلال سجل تجاري «افتراضي».
وأحسب أن الفئة الكبيرة المستهدفة من القرار لم تتوقف عنده، ولم تقرأه، ولم تهتم به، على الرغم من أن القرار يتعلق بها وبعملها، وهو البيع عبر الإنترنت، وآلية الحصول على سجل تجاري «افتراضي»، والأنشطة الممنوع مزاولتها عن طريق الإنترنت.. وأحسب أن الاهتمام والتفاعل سيكون حينما تقع المخالفة، ويتم تطبيق القانون.. عندها فقط سيقول الناس: «لم يتم توعيتنا»، وستقول الوزارة: «نشرنا خبرا»..!!
لذلك أتمنى من الوزارة وكما اهتمت وحرصت على إطلاق حزمة حملات التوعية، وعقد اللقاء التعريفي لمبادرة «تكامل» أن تبادر كذلك بمضاعفة الجهود بشأن البيع عبر المواقع والحسابات الالكترونية، لأن الكثير من أصحاب المواقع والحسابات التي تمارس البيع الفردي لم تتفاعل بعد مع السجل التجاري الافتراضي، ولا تعرفه أساسا، ولا تزال تجهل الأنظمة والإجراءات القانونية.. وحتى لا نقول بعد ذلك: ما هكذا يا «تجارة» تورد الإبل..!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك