العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

إلى من يشكو بلينكن ؟!

مؤخرا،‭ ‬ادلى‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬بتصريح‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الغرابة‭. ‬قال‭ ‬ان‭ ‬إيران‭ ‬أصبحت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬مواد‭ ‬انشطارية‭ ‬كافية‭ ‬لصنع‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬‮«‬خلال‭ ‬أسبوع‭ ‬أو‭ ‬اثنين‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬‮«‬ما‭ ‬رأيناه‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬والأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تمضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‮»‬‭.  ‬وكرر‭ ‬انها‭ ‬أصبحت‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬اسبوع‭ ‬او‭ ‬أسبوعين‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفها‭.‬

هذا‭ ‬تصريح‭ ‬غريب‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬الى‭ ‬من‭ ‬يتحدث‭ ‬والى‭ ‬من‭ ‬يشكو‭ ‬بالضبط‭.‬

تصريح‭ ‬بلينكن‭ ‬يوحي‭ ‬بأن‭ ‬أمريكا‭ ‬غاضبة‭ ‬او‭ ‬غير‭ ‬راضية‭ ‬عن‭ ‬قدرة‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬إيران‭ ‬الوشيك‭ ‬لسلاح‭ ‬نووي‭ ‬بحسب‭ ‬تقديره‭. ‬وقال‭ ‬في‭ ‬تصريحاته‭ ‬بالفعل‭ ‬ان‭ ‬‮«‬هدف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬امتلاك‭ ‬إيران‭ ‬لسلاح‭ ‬نووي‭ ‬أبدًا‮»‬‭.‬

للأسف‭ ‬بلينكن‭ ‬ليس‭ ‬صادقا‭ ‬ابدا،‭ ‬وما‭ ‬قاله‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬بالذات‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المتقدمة‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭.‬

أمريكا‭ ‬هي‭ ‬المسئولة‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أفرجت‭ ‬عن‭ ‬اموال‭ ‬إيرانية‭ ‬مجمدة،‭ ‬واتاحت‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭. ‬واتاحت‭ ‬لإيران‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مليارات‭ ‬أخرى‭ ‬بغضها‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬انتهاكات‭ ‬للعقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬إيران‭.‬

هذه‭ ‬الأموال‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب‭ ‬ـ‭ ‬بل‭ ‬اتاحت‭ ‬لها‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬وتسليح‭ ‬المليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والتي‭ ‬تنفذ‭ ‬اجندتها‭ ‬الطائفية‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

الأمر‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬هذا،‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬أي‭ ‬ادانة‭ ‬لإيران‭ ‬بسبب‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭. ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬تعمد‭ ‬بلينكن‭ ‬تجاهله‭ ‬تماما‭.‬

الذي‭ ‬حدث‭ ‬ان‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬طوال‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬حذرت‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬إيران،‭ ‬ومن‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬الوكالة‭ ‬على‭ ‬مراقبة‭ ‬البرنامج‭ ‬الإيراني‭ ‬بسبب‭ ‬منعها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭.‬

الوكالة‭ ‬حذرت‭ ‬مرارا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تقوم‭ ‬بتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬نقاء‭ ‬تكاد‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬90%‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬وانه‭ ‬أصبح‭ ‬لديها‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المخصبة‭ ‬لهذا‭ ‬المستوى‭. ‬

تحذيرات‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬دفعت‭ ‬أعضاء‭ ‬الوكالة‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الأوروبيون‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬شهرين‭ ‬إلى‭ ‬اعداد‭ ‬قرار‭ ‬يدين‭ ‬إيران‭ ‬بسبب‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬ويدعو‭ ‬الى‭ ‬الزامها‭ ‬بالتعاون‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل‭ ‬مع‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬ومع‭ ‬تحقيقها‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بشأن‭ ‬البرنامج‭.‬

الدول‭ ‬الاوروبية‭ ‬أرادت‭ ‬صدور‭ ‬هذه‭ ‬الادانة،‭ ‬وقالت‭ ‬انه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬استخدام‭ ‬مدني‭ ‬من‭ ‬التخصيب‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬الحادث‭ ‬في‭ ‬إيران‮»‬‭. ‬ووكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬قالت‭ ‬انه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تقم‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬بالتخصيب‭ ‬لهذا‭ ‬المستوى‭ ‬دون‭ ‬صنع‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‮»‬‭ ‬مما‭ ‬يحتم‭ ‬ادانتها‭.‬

الذي‭ ‬حدث‭ ‬انه،‭ ‬ووسط‭ ‬دهشة‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬ووكالة‭ ‬الطاقة،‭ ‬رفضت‭ ‬أمريكا‭ ‬رفضا‭ ‬مطلقا‭ ‬صدور‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬يدين‭ ‬إيران‭ ‬ومارست‭ ‬ضغوطها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬منع‭ ‬صدور‭ ‬هذه‭ ‬الإدانة‭. ‬مصادر‭ ‬اوروبية‭ ‬قالت‭ ‬تعليقا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬‮«‬الأمريكيون‭ ‬هم‭ ‬الطرف‭ ‬الصعب‭ ‬في‭ ‬محادثاتنا،‭ ‬ونحن‭ ‬نواصل‭ ‬فعل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لإقناعهم‮»‬‭. ‬أي‭ ‬لإقناعهم‭ ‬بصدور‭ ‬قرار‭ ‬يدين‭ ‬إيران‭.‬

مع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬أصرت‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬صدور‭ ‬أي‭ ‬ادانة‭ ‬لإيران‭.‬

قيل‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الغريب‭.‬

كانت‭ ‬حجة‭ ‬الأمريكان‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬مسئولين‭ ‬هي‭ ‬انهم‭ ‬‮«‬يريدون‭ ‬تجنب‭ ‬إعطاء‭ ‬إيران‭ ‬ذريعة‭ ‬للرد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصعيد‭ ‬أنشطتها‭ ‬النووية،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬في‭ ‬الماضي‮»‬‭.‬

طبعا‭ ‬هذا‭ ‬تبرير‭ ‬لا‭ ‬ينطلي‭ ‬على‭ ‬أحد‭. ‬التفسير‭ ‬الأرجح‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬كثيرون‭ ‬بالفعل‭ ‬ان‭ ‬ادارة‭ ‬بايدن‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أي‭ ‬تصعيد‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭.‬

بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التفسير،‭ ‬كان‭ ‬موقف‭ ‬امريكا‭ ‬برفض‭ ‬أي‭ ‬ادانة‭ ‬لإيران‭ ‬وبرنامجها‭ ‬النووي‭ ‬يعني‭ ‬مباشرة‭ ‬إعطاء‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬للمضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬صنع‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يخشى‭ ‬شيئا‭. ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬تفسير‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬هذا؟‭.‬

الذي‭ ‬يعنينا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ان‭ ‬تدرك‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬لا‭ ‬تمانع‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬تصبح‭ ‬إيران‭ ‬قوة‭ ‬نووية،‭ ‬ولا‭ ‬تعترض‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬إيران‭ ‬الطائفي‭ ‬التوسعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ولديها‭ ‬حساباتها‭ ‬ومصالحها‭ ‬في‭ ‬هذا‭. ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تبني‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬حساباتها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا