الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الكنيست الإسرائيلي.. وقطع الاتصالات العالمي
في الوقت الذي انشغل فيه العالم بحادثة الانقطاع الكبير في أنظمة تكنولوجيا المعلومات، وتعطل حركة الطيران الرحلات الجوية في المطارات العالمية، وتأثر العمل في البنوك والمصارف والبورصة.. كان الكنيست الإسرائيلي يمارس تطرفه السياسي في الموافقة بالأغلبية على مشروع قرار يرفض إقامة أي دولة فلسطينية، باعتبار أن مثل هذه الدولة ستشكل «خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها».
بعيدا عن تحليلات وتفسيرات «المؤامرة»، وصدق تنبؤات العرافين أمثال «ليلى عبداللطيف» وغيرها، في حادثة الانقطاع لوسائل الاتصالات والمواصلات، أعلنت حركة «السلام الآن» في إسرائيل رفضها واستنكارها لقرار الكنيست قائلة: (إما الحل السياسي أو الحرب والدمار الدائمان.. إما الديمقراطية وإما الاحتلال.. إما دولتان أو دولة فصل عنصري واحدة.. هذا الكنيست المخزي اختار بالفعل).
التقرير الصحفي لقناة «بي بي سي» البريطانية حول قرار الكنيست الإسرائيلي، أوضح كافة الأمور وكشف حقائق مهمة ومعلومات حيوية حول الموضوع، ينبغي الاطلاع عليه، لمعرفة كيف تسير الأمور وأسباب القرار الإسرائيلي وتوقيته تحديدا، والإجابة عن السؤال المحوري: «لماذا صوَّت الكنيست الآن على هذا القرار؟».
من أصل 120 عضوا في الكنيست، حظي القرار بتأييد 68 نائبا، من الائتلاف الحكومي والمعارضة على حد سواء، مقابل رفض تسعة نواب، وتغيب الباقين عن التصويت. اللافت أن شخصيات بارزة في المعارضة الإسرائيلية، كالعضو السابق في مجلس الحرب بيني غانتس، كانوا من بين مؤيدي القرار الأخير، ويستبق هذا التصويت زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، يعتزم أن يلتقي خلالها الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويلقي خطابا أمام الكونغرس.
وتقول «بي بي سي» في تقريرها: بدا تصويت الكنيست على القرار في هذا التوقيت، بمثابة رسالة واضحة، تؤكد رفض إسرائيل فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقبلا، أو أي مفاوضات قد تؤدي إلى ذلك، وخاصة أن الإدارة الأمريكية تسعى لإعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، بهدف إيجاد حل سياسي للصراع المستمر منذ عقود بينهما، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق من شأنه إنهاء الحرب الحالية في قطاع غزة.
وكان البرلمان الإسرائيلي قد صوَّت أيضا قبل أشهر لصالح مشروع قرار يرفض أي اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، وذلك تزامنا مع إعلان عدة دول أوروبية اعترافها بالدولة الفلسطينية المعلنة قبل أكثر من 35 عاما.
وحتى قبل هجوم السابع من أكتوبر الماضي، كان غالبية المسؤولين الإسرائيليين على رأسهم نتنياهو ووزراء في حكومته، يعلنون رفضهم بشكل واضح لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية. كما يدعو وزراء ينتمون إلى اليمين المتشدد إلى ضرورة ضم الضفة الغربية المحتلة وتعزيز الأنشطة الاستيطانية هناك. ويعكس التصويت الأخير في الكنيست توجها قائما بالفعل في الشارع الإسرائيلي، كشفت عنه استطلاعات رأي متعددة أن 64 في المائة من الإسرائيليين يعارضون إقامة أي دولة فلسطينية.
وإلى حين عودة التيار وإصلاح الخلل والقطع في الاتصالات العالمي يبدو أن الكنيست الإسرائيلي أراد أن يقطع «تيار» السلام، وشبكة الاتصالات للجهود الدولية، وإجهاض كل الحلول، ورفع مستوى المطالبات في جلسة المفاوضات.. كالعهد والنهج الإسرائيلي المعروف منذ التاريخ حتى اليوم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك