العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

مصيرهم مصير الصليبيين

كتبت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عن‭ ‬الجدل‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬المفكرين‭ ‬والمحللين‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬والإسرائيليين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬حول‭ ‬مسألة‭ ‬زوال‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ومصيره‭ ‬الحتمي‭.‬

هذا‭ ‬الجدل‭ ‬اتسع‭ ‬نطاقه‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭. ‬احتفظ‭ ‬بعشرات‭ ‬التحليلات‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬لمفكرين‭ ‬وباحثين‭ ‬غربيين‭ ‬تحمل‭ ‬أسماء‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬نهاية‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬و‮«‬بداية‭ ‬النهاية‭ ‬لإسرائيل‮»‬‭ ‬و«نهاية‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬و«سقوط‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‮»‬‭.. ‬وهكذا‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬التحليلات‭ ‬ليست‭ ‬تحليلات‭ ‬إنشائية‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬رؤى‭ ‬فكرية‭ ‬وسياسية‭ ‬عميقة،‭ ‬وعلى‭ ‬دراسات‭ ‬تاريخية‭ ‬مقارنة،‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬نهائية

هي‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬بني‭ ‬على‭ ‬أساسه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬الوجود،‭ ‬وأن‭ ‬نهايته‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬رافقها‭ ‬من‭ ‬تحولات‭ ‬جذرية‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬والمواقف‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬الصهيونية‭ ‬والكيان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

عرض‭ ‬ما‭ ‬تتضمنه‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التحليلات‭ ‬يتطلب‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المقالات،‭ ‬لكن‭ ‬سأتوقف‭ ‬اليوم‭ ‬عند‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬اهم‭ ‬هذه‭ ‬التحليلات‭ ‬وهو‭ ‬تحليل‭ ‬كتبه‭ ‬الكاتب‭ ‬والمفكر‭ ‬البريطاني‭ ‬ديفيد‭ ‬هيرست‭.‬

الفكرة‭ ‬الجوهرية‭ ‬في‭ ‬التحليل‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أوجه‭ ‬تشابه‭ ‬كثيرة‭ ‬جدا‭ ‬بين‭ ‬الصليبيين‭ ‬والصهاينة،‭ ‬وأن‭ ‬الصهاينة‭ ‬ينتظرهم‭ ‬مصير‭ ‬هو‭ ‬نفس‭ ‬مصير‭ ‬الصليبيين‭.‬

التحليل‭ ‬مطول‭ ‬ولكن‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيص‭ ‬أهم‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭:‬

أولا‭: ‬أن‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬أوجه‭ ‬التشابه‭ ‬بين‭ ‬الصليبيين‭ ‬والصهاينة،‭ ‬الاعتماد‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الأجنبية‭.‬

في‭ ‬حالة‭ ‬الصليبيين،‭ ‬كان‭ ‬الدعم‭ ‬يأتيهم‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬من‭ ‬الصليبيين‭ ‬الجدد‭ ‬والملوك‭ ‬والأمراء‭ ‬والنبلاء‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الإقطاعية‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬فإن‭ ‬الدعم‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬مساعدات‭ ‬عسكرية‭ ‬سنوية‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

ويقول‭ ‬الكاتب‭ ‬إن‭ ‬التراجع‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬الخارجي‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬الصليبيين،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬مع‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬وإذا‭ ‬حدث‭ ‬فستكون‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬بداية‭ ‬النهاية‭.‬

ثانيا‭: ‬أن‭ ‬أفعال‭ ‬الصليبيين‭ ‬تتشابه‭ ‬مع‭ ‬أفعال‭ ‬الصهاينة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإجرام‭ ‬والدموية‭ ‬والوحشية‭.‬

يقول‭ ‬الكاتب‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬أفعال‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬مرحلتها‭ ‬التكوينية‭ ‬الأولى‭ ‬تشابهت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬أفعال‭ ‬الصليبيين،‭ ‬وكانت‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬الدمار‭ ‬والوحشية‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬فيها‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬‮«‬الخطيئة‭ ‬الأصلية‮»‬‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬والتي‭ ‬يعود‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬وجودها‭ ‬اليوم‭ ‬إليها‮»‬‭.‬

يقول‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1099،‭ ‬تأسست‭ ‬مملكة‭ ‬القدس‭ ‬المسيحية‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬مذبحة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬‮«‬أعظم‭ ‬الجرائم‭ ‬في‭ ‬التاريخ‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬ارتكبت‭ ‬هذه‭ ‬المذبحة‭ ‬ضد‭ ‬جميع‭ ‬سكان‭ ‬المدينة‭ ‬المقدسة،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المسلمين‭ ‬واليهود‭. ‬وبعد‭ ‬ثمانية‭ ‬قرون‭ ‬ونصف،‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1947‭ ‬و1948،‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬تشبه‭ ‬تلك‭ ‬المذبحة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الجسامة‭ ‬والوحشية،‭ ‬فالنكبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والطرد،‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬والإرهاب‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬مورست‭ ‬ضد‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬المجتمعات‭ ‬غير‭ ‬اليهودية‮»‬،‭ ‬تعتبر‭ ‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬بالفعل‮»‬‭.‬

ثالثا‭: ‬ان‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬مثلهم‭ ‬مثل‭ ‬الصليبيين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬العيش‭ ‬إلا‭ ‬بالحروب‭ ‬والعدوان‭ ‬والغزو‭ ‬والتوسع‭.‬

يقول‭ ‬هيرست‭ ‬في‭ ‬تحليله‭: ‬‮«‬أثبت‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أنهم‭ ‬مثل‭ ‬الصليبيين‭ ‬تمامًا،‭ ‬حيث‭ ‬قضى‭ ‬فرسان‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬192‭ ‬سنة‭ ‬يحاربون‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭ ‬هذه‭ ‬المملكة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬السلطنة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬العربي‭ ‬المسلم،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التمزق‭ ‬والانقسام‭ ‬الداخلي،‭ ‬وبالمثل،‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬سوى‭ ‬الحروب‭ ‬والعدوان‭ ‬والغزو‭ ‬والتوسع‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬يتضمنها‭ ‬تحليل‭ ‬الكاتب‭ ‬والمفكر‭ ‬ديفيد‭ ‬هيرست‭ ‬كي‭ ‬يثبت‭ ‬فكرته‭ ‬الرئيسية‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ينتظرهم‭ ‬نفس‭ ‬مصير‭ ‬الصليبيين،‭ ‬أي‭ ‬الزوال‭.‬

للتحليل‭ ‬جوانب‭ ‬مهمة‭ ‬أخرى‭ ‬سنعرض‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬القادم‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا