العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

عن سؤال تتلظى!

شهدت‭ ‬الساحة‭ ‬المصرية‭ ‬مؤخرا‭ ‬تحركا‭ ‬برلمانيا‭ ‬بسبب‭ ‬سؤال‭ ‬‮«‬تتلظى‮»‬‭ ‬في‭ ‬امتحان‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬لمرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة،‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أنه‭ ‬وضع‭ ‬للتعسير،‭ ‬وللاستعراض‭ ‬على‭ ‬الطلاب‭ ‬الذين‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬استيائهم‭ ‬الشديد‭ ‬منه‭.‬

أصل‭ ‬الحكاية‭ ‬كانت‭ ‬طرح‭ ‬تساؤل‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬تتلظى‮»‬‭ ‬بامتحان‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بالثانوية‭ ‬العامة،‭ ‬إذ‭ ‬سئل‭ ‬الطلاب‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬التالية‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬‮«‬تتلظى‭ ‬الصدور‭ ‬لنعمتك‮»‬‭ ‬وهي‭ (‬تتطلع‭.. ‬تحقد‭.. ‬تتأسى‭.. ‬تتحسر‭)‬،‭ ‬لتأتي‭ ‬المفاجأة‭ ‬بأن‭ ‬الإجابة‭ ‬الصحيحة‭ ‬هي‭ (‬تحقد‭) ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفادت‭ ‬به‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬محلية،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الإجابات‭ ‬رجحت‭ ‬خيار‭ (‬تتطلع‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬أشعل‭ ‬امتعاضا‭ ‬بين‭ ‬الطلاب‭ ‬وأولياء‭ ‬أمورهم‭. ‬

العجيب‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬والمختصين‭ ‬قالوا‭ ‬إن‭ ‬الكلمة‭ ‬الصحيحة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬تلظى‮»‬‭ ‬وليست‭ ‬‮«‬تتلظى‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬المعنى‭ ‬المقصود‭ ‬منها‭ ‬‮«‬تشتعل‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬تلتهب‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬السؤال‭ ‬خطأ‭ ‬من‭ ‬الأساس،‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة،‭ ‬وذاك‭ ‬الجدال‭ ‬الذي‭ ‬أثير‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬السؤال،‭ ‬وعن‭ ‬مدى‭ ‬صحته،‭ ‬دعونا‭ ‬نتوقف‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬عند‭ ‬قضية‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬وهي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأهداف‭ ‬التي‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقها‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬الاختبارات‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وبمدى‭ ‬ما‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬واضعوها‭ ‬من‭ ‬مهارة‭ ‬واحترافية‭ ‬تؤهلهم‭ ‬للقيام‭ ‬بهذه‭ ‬المسؤولية‭ ‬الصعبة‭.‬

بداية‭ ‬يجب‭ ‬الاعتراف‭ ‬والإقرار‭ ‬بأن‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬واضعي‭ ‬الامتحانات‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬باقون‭ ‬محسورون‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬نظرية‭ ‬الحفظ،‭ ‬والتكرار‭ ‬الذي‭ ‬يعلم‭ ‬الشطار،‭ ‬والتي‭ ‬نشأ‭ ‬عليها‭ ‬جيلنا‭ ‬وكنا‭ ‬نرددها‭ ‬دوما‭ ‬وعن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب،‭ ‬وبأن‭ ‬هناك‭ ‬أسئلة‭ ‬يتم‭ ‬وضعها‭ ‬لمجرد‭ ‬التعجيز‭ ‬أو‭ ‬لفرد‭ ‬العضلات‭ ‬على‭ ‬أبنائنا،‭ ‬وأننا‭ ‬مازلنا‭ ‬بعيدين‭ ‬عما‭ ‬يسمى‭ ‬الأفكار‭ ‬والابتكار‭ ‬والإبداع‭ ‬والتحليل‭ ‬والنقد‭ ‬والفهم‭ ‬سواء‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمقررات‭ ‬أو‭ ‬بأسلوب‭ ‬التعليم‭ ‬أو‭ ‬بطرق‭ ‬التقييم‭. ‬

الطلاب‭ ‬وكذلك‭ ‬الأهالي‭ ‬يسعون‭ ‬طوال‭ ‬العام‭ ‬بالجهد‭ ‬والمثابرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مستقبل‭ ‬منير‭ ‬ومشرق‭ ‬وثري،‭ ‬ويبذلون‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس،‭ ‬حتى‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬الطبقات‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬يأتي‭ ‬نظام‭ ‬الامتحانات‭ ‬ليخيب‭ ‬الآمال،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬المستوى‭ ‬العقلي‭ ‬والفكري‭ ‬للممتحنين،‭ ‬فيصاب‭ ‬الجميع‭ ‬بالإحباط‭.‬

الامتحان‭ ‬وضع‭ ‬لاختبار‭ ‬قدرات‭ ‬الطالب‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬واستيعاب‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تشملها‭ ‬المقررات،‭ ‬ومن‭ ‬أسسه‭ ‬المهمة‭ ‬أن‭ ‬يبنى‭ ‬على‭ ‬التيسير‭ ‬وليس‭ ‬التعسير،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬قياس‭ ‬مستوى‭ ‬التحصيل‭ ‬وليس‭ ‬التأديب‭ ‬أو‭ ‬العقاب،‭ ‬أو‭ ‬إشعاره‭ ‬بأنه‭ ‬يخوض‭ ‬حربا‭ ‬ضروس‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يصارع‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭ ‬وإلا‭ ‬الفناء‭. ‬

لذلك‭ ‬يجب‭ ‬اختيار‭ ‬لجنة‭ ‬وضع‭ ‬الأسئلة‭ ‬بحرص‭ ‬شديد،‭ ‬فمهمتها‭ ‬تتطلب‭ ‬مهارة‭ ‬وإنسانية‭ ‬وحرفية‭ ‬لا‭ ‬يمتلكها‭ ‬الكثيرون،‭ ‬لأن‭ ‬أي‭ ‬خلل‭ ‬أو‭ ‬خطأ‭ ‬بأي‭ ‬امتحان‭ ‬الطالب‭ ‬وأهله‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يدفعون‭ ‬الثمن‭ ‬وليس‭ ‬واضعه‭!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا