العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

رسالة بايدن وترامب إلى العرب

المناظرة‭ ‬بين‭ ‬مرشحي‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬والرئيس‭ ‬السابق‭ ‬ترامب‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬مناظرة‭ ‬تاريخية،‭ ‬وهي‭ ‬بالفعل‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬أول‭ ‬مناظرة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬أمريكا‭ ‬بين‭ ‬رئيسين،‭ ‬حالي‭ ‬وسابق‭.‬

المناظرة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬جرت‭ ‬به‭ ‬وتابعها‭ ‬العالم‭ ‬تستحق‭ ‬التوقف‭ ‬عندها‭ ‬مطولا‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬عدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحال‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬لكن‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬الجانب‭ ‬الذي‭ ‬يهمنا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬أي‭ ‬موقف‭ ‬المرشحين‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬وتحديدا‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬الجانب‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬تطرق‭ ‬إليه‭ ‬المرشحان‭.‬

لنتأمل‭ ‬ماذا‭ ‬قالا‭.‬

 

الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬حدد‭ ‬موقفه‭ ‬في‭ ‬نقاط‭ ‬واضحة‭ ‬أولها،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الطرف‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬هو‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭. ‬وأكد‭ ‬بايدن‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬السماح‭ ‬باستمرار‭ ‬حماس،‭ ‬ويجب‭ ‬القضاء‭ ‬عليها‮»‬‭.‬

الأمر‭ ‬الثاني‭ ‬تأكيده‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬لدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭: ‬‮«‬نواصل‭ ‬إرسال‭ ‬خبرائنا‭ ‬ورجال‭ ‬استخباراتنا‭ ‬لمعرفة‭ ‬كيف‭ ‬يمكنهم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬كما‭ ‬فعلنا‭ ‬مع‭ ‬بن‭ ‬لادن‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬بايدن‭ ‬إن‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬‮«‬ثابت‭ ‬كالصخر‮»‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬نزود‭ ‬إسرائيل‭ ‬بكل‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تحتاجها‭ ‬ومتى‭ ‬تحتاجها‮»‬‭. ‬

دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬اعتبر‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬‮«‬ترك‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتكمل‭ ‬مهمتها‮»‬‭ ‬أي‭ ‬لتكمل‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬في‭ ‬غزوة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬تريد،‭ ‬وانتقد‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬الحرية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬لتكمل‭ ‬المهمة‭.‬

وردا‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يؤيد‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟‭ ‬قال‭ ‬ترامب‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أرى‮»‬‭.‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬بايدن‭ ‬وترامب‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة؟

لنلاحظ‭ ‬أنهما‭ ‬لم‭ ‬يذكرا‭ ‬كلمة‭ ‬واحدة‭ ‬عن‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ضحايا‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬وعن‭ ‬التدمير‭ ‬الكامل‭ ‬تقريبا‭ ‬لغزة‭. ‬والمعنى‭ ‬واضح‭. ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يعنيهما‭ ‬في‭ ‬شيء‭. ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بايدن‭ ‬ولا‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬أن‭ ‬يباد‭ ‬كل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تتدمر‭ ‬غزة‭ ‬تماما‭. ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ما‭ ‬يريد‭.‬

الأمر‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬أجمع‭ ‬عليه‭ ‬الاثنان‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬ستدعم‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بكل‭ ‬أنواع‭ ‬السلاح‭ ‬والدعم‭ ‬السياسي‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬شناعة‭ ‬العدوان‭ ‬الذي‭ ‬يشنه‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬آخر‭ ‬يشنه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

الأمر‭ ‬الثالث،‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬هو‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهما‭ ‬مجرد‭ ‬كلام‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬له‭. ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يعنيهما‭ ‬كثيرا‭ ‬أو‭ ‬قليلا‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬الدولة،‭ ‬المهم‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬رأينا،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬وترامب‭ ‬قالا‭ ‬تعبيرات‭ ‬قليلة‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة،‭ ‬فإنهما‭ ‬تنافسا‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يكون‭ ‬منهما‭ ‬أكثر‭ ‬صهيونية‭ ‬من‭ ‬الآخر،‭ ‬ومن‭ ‬يكون‭ ‬منهما‭ ‬أكثر‭ ‬احتقارا‭ ‬لمشاعر‭ ‬ومعاناة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬عموما‭.‬

المحللون‭ ‬الذين‭ ‬تابعوا‭ ‬المناظرة‭ ‬أجمعوا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬فيما‭ ‬قاله‭ ‬المرشحان‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬الأخرى‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والأمور‭ ‬غير‭ ‬الصحيحة‭ ‬والمضللة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬بالذات،‭ ‬قضية‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة،‭ ‬كانا‭ ‬صادقين‭ ‬تماما‭.‬

ما‭ ‬قالاه‭ ‬يعبر‭ ‬بالفعل‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭. ‬وأيًّا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬سيفوز‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ديمقراطيا‭ ‬أو‭ ‬جمهوريا‭ ‬ستكون‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ستحكم‭ ‬سياسة‭ ‬أمريكا‭.‬

إذا‭ ‬تأملنا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬بايدن‭ ‬وترامب‭ ‬فسنجد‭ ‬أنهما‭ ‬يوجهان‭ ‬رسالة‭ ‬مباشرة‭ ‬وواضحة‭ ‬إلى‭ ‬العرب‭. ‬رسالة‭ ‬مؤداها‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬قضاياكم‭ ‬ومصالحكم‭ ‬وحتى‭ ‬مشاعركم‭ ‬لا‭ ‬تعنينا‭ ‬أبدا،‭ ‬وليست‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬تفكيرنا‭ ‬أو‭ ‬اهتماماتنا‭ ‬أصلا‭.. ‬رسالة‭ ‬مؤداها‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بإسرائيل‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬العقيدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬اليد‭ ‬العليا‭ ‬عليكم‭ ‬ولها‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭ ‬ونحن‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬حملتها‭ ‬مناظرة‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للعرب‭. ‬للعرب‭ ‬أن‭ ‬يستخلصوا‭ ‬منها‭ ‬دروسا‭ ‬إن‭ ‬شاءوا‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬معنيين‭ ‬باستخلاص‭ ‬الدروس‭ ‬أصلا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا