العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

انقلاب على الصهيونية

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المجتمعات‭ ‬والمستويات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمواقف‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭ ‬وتمثل‭ ‬تحولات‭ ‬ايجابية‭ ‬جديدة‭.‬

هذه‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الشعبية‭ ‬والرسمية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬ترافق‭ ‬معها‭ ‬تحول‭ ‬آخر‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭.  ‬ترافق‭ ‬معها‭ ‬عملية‭ ‬مراجعات‭ ‬فكرية‭ ‬وسياسية‭ ‬كبرى‭ ‬للصهيونية‭ ‬والمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬ولكل‭ ‬تطورات‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭.‬

خلال‭ ‬الشهور‭ ‬الماضية‭ ‬قرأت‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الأبحاث‭ ‬والتحليلات‭ ‬كتبها‭ ‬مفكرون‭ ‬وباحثون‭ ‬غربيون‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬هذه‭ ‬المراجعات‭. ‬هذه‭ ‬الأبحاث‭ ‬والتحليلات‭ ‬تقدم‭ ‬رؤية‭ ‬مغايرة‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬استقر‭ ‬وترسخ‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الغربي‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصهيونية‭ ‬والمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬وتاريخ‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭.‬

من‭ ‬المفهوم‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬ان‭ ‬الذي‭ ‬فجر‭ ‬عملية‭ ‬المراجعة‭ ‬هذه‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بكل‭ ‬وحشيتها‭ ‬ما‭ ‬ترافق‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬صهيونية‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬علنا‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭.‬

هذه‭ ‬المراجعات‭ ‬الغربية‭ ‬تطرح‭ ‬جوانب‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬سنتوقف‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬منها‭.‬

اهم‭ ‬ما‭ ‬تطرحه‭ ‬هذه‭ ‬المراجعات،‭ ‬القيام‭ ‬بعملية‭ ‬بحث‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬جذور‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأبحاث‭ ‬والتقارير‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تطرقت‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬توصلت‭ ‬الى‭ ‬نتيجة‭ ‬حاسمة‭ ‬وهي‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬ترافق‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬دعوات‭ ‬شديدة‭ ‬العنصرية‭ ‬والفاشية‭ ‬والتطرف‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬بأسا‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬وحتى‭ ‬إبادة‭ ‬العرب‭ ‬كلهم،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬نتاجا‭ ‬لعملية‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وانما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬العقيدة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وفي‭ ‬صلب‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬الغربية‭ ‬اعادت‭ ‬تقديم‭ ‬الصهيونية‭ ‬وأسسها‭ ‬وعقيدتها‭ ‬الى‭ ‬القارئ‭ ‬الغربي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنظور،‭ ‬وقدمت‭ ‬عرضا‭ ‬تفصيليا‭ ‬لنظريات‭ ‬الصهاينة‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬كضرورة‭ ‬لبقاء‭ ‬الكيان‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬ولأقوال‭ ‬قادة‭ ‬الصهاينة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭.‬

وهذه‭ ‬الدراسات‭ ‬كي‭ ‬تدلل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬تقدم‭ ‬رصدا‭ ‬تفصيليا‭ ‬للتاريخ‭ ‬الطويل‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الإبادة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الصهاينة‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬قيام‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

وحين‭ ‬تبرز‭ ‬الدراسات‭ ‬الغربية‭ ‬الحديثة‭ ‬جذور‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬فهي‭ ‬تؤكد‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬فكرة‭ ‬التعايش‭ ‬والسلام‭ ‬الدائم‭ ‬ليست‭ ‬واردة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصهاينة‭ ‬والكيان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬فهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬ان‭ ‬بقاءهم‭ ‬واستمرار‭ ‬دولتهم‭ ‬رهن‭ ‬بإبادة‭ ‬الآخر،‭ ‬وان‭ ‬أي‭ ‬سلام‭ ‬يعرض‭ ‬وجودهم‭ ‬للخطر‭.‬

والمراجعات‭ ‬الغربية‭ ‬الحديثة‭ ‬تعيد‭ ‬الاعتبار‭ ‬للمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭. ‬الفكرة‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬تتضمنها‭ ‬هنا‭ ‬هي‭ ‬ان‭ ‬عملية‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬وأي‭ ‬عمليات‭ ‬سابقة‭ ‬او‭ ‬لاحقة‭ ‬للمقاومة‭ ‬هي‭ ‬نتاج‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الظلم‭ ‬والاضطهاد‭ ‬التاريخي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الصهاينة‭.‬

هذه‭ ‬مجرد‭ ‬نبذة‭ ‬سريعة‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬المراجعة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬اليوم‭ ‬للصهيونية‭ ‬والمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬ولتاريخ‭ ‬الصراع‭. ‬وهي‭ ‬تطرح‭ ‬جوانب‭ ‬مهمة‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬نعود‭ ‬اليها‭ ‬لاحقا‭.‬

هذا‭ ‬يعتبر‭ ‬تحولا‭ ‬ضخما‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬تاريخية‭ ‬اذا‭ ‬انه‭ ‬ينسف‭ ‬كل‭ ‬اركان‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬حاول‭ ‬الصهاينة‭ ‬بناءها‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭.. ‬صورة‭ ‬الضحية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬عربي‭ ‬متخلف‭ ‬وهمجي‭ ‬يريد‭ ‬افتراسهم‭.. ‬وينسف‭ ‬صورة‭ ‬ان‭ ‬إسرائيل‭ ‬تمثل‭ ‬النموذج‭ ‬الغربي‭ ‬المثالي‭ ‬للديمقراطية‭ ‬والتحضر‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬عربية‭ ‬استبدادية‭.‬

لهذا‭ ‬تمثل‭ ‬هذه‭ ‬المراجعات‭ ‬الغربية‭ ‬انقلابا‭ ‬حقيقيا‭ ‬على‭ ‬الصهيونية‭ ‬والمشروع‭ ‬الصهيوني‭.‬

بالطبع‭ ‬هذا‭ ‬تيار‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬مفكرين‭ ‬وباحثين‭ ‬ومحللين‭ ‬غربيين‭ ‬ولا‭ ‬نستطيع‭ ‬ان‭ ‬نقول‭ ‬انه‭ ‬يمثل‭ ‬تيارا‭ ‬سائدا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لكن‭ ‬مجرد‭ ‬ان‭ ‬تطرح‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬وبهذا‭ ‬الحسم‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬بالتأكيد‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الفكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬وفي‭ ‬الموقف‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭.‬

التحولات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬ذكرته‭ ‬أمس‭ ‬واليوم‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬بداهة‭ ‬ان‭ ‬تستغلها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬سياسا‭ ‬واعلاميا‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬والقضايا‭ ‬العربية‭ ‬عموما‭.‬

لكن‭ ‬كي‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬ابتداء‭ ‬إرادة‭ ‬عربية‭ ‬وخطة‭ ‬عربية‭ ‬فكرية‭ ‬وسياسية‭ ‬واعلامية‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭. ‬وهذا‭ ‬للأسف‭ ‬غير‭ ‬موجود‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا