العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الصراع على الفئات الانتخابية بين الجمهوريين والديمقراطيين

بقلم: د. جيمس زغبي

الجمعة ٠٧ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

بعد‭ ‬الفوز‭ ‬الحاسم‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2008،‭ ‬وقع‭ ‬الاستراتيجيون‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬فكرة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬هيمنة‭ ‬حزبهم‭ ‬أصبح‭ ‬مضمونا،‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬التركيبة‭ ‬السكانية‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬القدر‭ ‬المحتوم‮»‬‭ ‬‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيرهم‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬أداء‭ ‬أوباما‭ ‬جيداً‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬بعض‭ ‬المجموعات‭ ‬الديموغرافية،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬لفت‭ ‬انتباه‭ ‬الاستراتيجيين‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬فاز‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬بين‭ ‬الناخبين‭ ‬الشباب،‭ ‬والناخبين‭ ‬السود،‭ ‬واللاتينيين،‭ ‬والأمريكيين‭ ‬الآسيويين،‭ ‬والنساء‭ ‬الحاصلات‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬جامعي‭.‬

ولأن‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬كانت‭ ‬تنمو‭ ‬في‭ ‬نسبتها‭ ‬المئوية‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الناخبين،‭ ‬فقد‭ ‬قرر‭ ‬الاستراتيجيون‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬سيستمرون‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬إذا‭ ‬ركزوا‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬قرروا‭ ‬أنها‭ ‬الأكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الناخبين‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬التركيبة‭ ‬السكانية‭ ‬هي‭ ‬القدر‭ ‬المحتوم‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬أشاروا‭ ‬إلى‭ ‬جماعتهم‭ ‬الفائزة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬تحالف‭ ‬أوباما‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬أثاروها‭ ‬وجهودهم‭ ‬المكثفة‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الناخبين‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬نحو‭ ‬تنمية‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬وتقويته‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬بدا‭ ‬أنهم‭ ‬يتخلون‭ ‬عن‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدوائر‭ ‬الانتخابية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وخاصة‭ ‬الناخبين‭ ‬البيض‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة،‭ ‬تاركين‭ ‬المجال‭ ‬مفتوحا‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬أمام‭ ‬خصومهم‭ ‬الجمهوريين‭.‬

وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬الفترة‭ ‬2008‭-‬2009،‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬الوخيم‭. ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬لصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مسؤوليتهم‭ ‬عن‭ ‬الانهيار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬سعى‭ ‬الجمهوريون‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬استغلال‭ ‬مشاعر‭ ‬عدم‭ ‬الارتياح‭ ‬والتهميش‭ ‬لدى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬البيض‭.‬

واستغل‭ ‬المرشحون‭ ‬الجمهوريون‭ ‬استياءهم‭ ‬ومخاوفهم،‭ ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬استخدموا‭ ‬العنصرية‭ ‬وكراهية‭ ‬الأجانب‭ ‬كأسلحة‭ ‬مفضلة‭ ‬لديهم‭. ‬وقد‭ ‬تجسدت‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬‮«‬حركة‭ ‬بيرثر‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تزعم‭ ‬أن‭ ‬أوباما‭ ‬ولد‭ ‬خارج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬و«حزب‭ ‬الشاي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يزعم‭ ‬أن‭ ‬أفكار‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬حول‭ ‬الحكومة‭ ‬لا‭ ‬تناسب‭ ‬معظم‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬بل‭ ‬تناسب‭ ‬السود‭ ‬والفقراء‭ ‬والمهاجرين‭ ‬دون‭ ‬سواهم‭.‬

وفي‭ ‬الانتخابات‭ ‬الثلاثة‭ ‬التالية،‭ ‬خسر‭ ‬الديمقراطيون،‭ ‬الذين‭ ‬اعتمدوا‭ ‬على‭ ‬استراتيجيتهم‭ ‬الجديدة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬تعبئة‭ ‬قاعدة‭ ‬‮«‬ائتلاف‭ ‬أوباما‮»‬،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1400‭ ‬مقعد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الولايات‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الفيدرالي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أعطى‭ ‬الجمهوريين‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مجلسي‭ ‬الكونجرس‭ ‬وأغلبية‭ ‬مناصب‭ ‬حكام‭ ‬الولايات‭ ‬والمجالس‭ ‬التشريعية‭ ‬للولايات‭. ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬المرء‭ ‬ليتصور‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬تعلموا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العقاب‭ ‬والأداء‭ ‬السيئ،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يفعلوا‭ ‬ذلك‭.‬

بعد‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬النصفية‭ ‬لعام‭ ‬2014،‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬اللجنة‭ ‬التنفيذية‭ ‬للحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬عندما‭ ‬قدم‭ ‬منظم‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬عرضا‭ ‬متفائلا‭ ‬لعدد‭ ‬مذهل‭ ‬من‭ ‬الهزائم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البلاد‭.‬

كما‭ ‬ادعى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أخبارًا‭ ‬جيدة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2014‭: ‬لقد‭ ‬حافظ‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬على‭ ‬ائتلافهم‭ ‬معًا،‭ ‬وفازوا‭ ‬بأصوات‭ ‬الشباب،‭ ‬والسود،‭ ‬واللاتينيين،‭ ‬والآسيويين،‭ ‬والنساء‭ ‬الحاصلات‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬جامعي‭. ‬مضيفًا‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬لم‭ ‬نفز‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬منهم‮»‬،‭ ‬وأوصى‭ ‬بأن‭ ‬يخصص‭ ‬الحزب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬لدفع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬للتصويت‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة‭.‬

وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬اعترضت،‭ ‬وقلت‭ ‬إنه‭ ‬يتجاهل‭ ‬الناخبين‭ ‬العرقيين‭ ‬البيض‭ ‬في‭ ‬بنسلفانيا،‭ ‬وأوهايو،‭ ‬وميشيغان،‭ ‬وويسكونسن‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬هؤلاء‭ ‬الناخبون‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬دائمًا‭ ‬ديمقراطيين،‭ ‬وقد‭ ‬تضررت‭ ‬حقوقهم‭ ‬وتأثر‭ ‬ازدهارهم‭ ‬ومستقبلهم‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الجمهوريين‭.‬

ولأن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬كانوا‭ ‬دائمًا‭ ‬يضعون‭ ‬مصالحهم‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬وكانوا‭ ‬يلعبون‭ ‬دائما‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬انتصاراتنا،‭ ‬فقد‭ ‬قلت‭ ‬إننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬باحتياجاتهم‭. ‬لقد‭ ‬أذهلني‭ ‬رده‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬لن‭ ‬نهدر‭ ‬أموالاً‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬لن‭ ‬يصوتوا‭ ‬لنا‭ ‬أبداً‮»‬‭.‬

أجبت‭ ‬يومها‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بمقاربة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬إما‭/‬أو‭. ‬ويمكننا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬منتبهين‭ ‬إلى‭ ‬مخاوف‭ ‬ائتلافنا‭ ‬الجديد،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أيضًا‭ ‬احتياجات‭ ‬شركائنا‭ ‬القدامى‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭.‬

وعندما‭ ‬تم‭ ‬رفض‭ ‬مقاربة‭ ‬‮«‬كلاهما‭/‬و‮»‬،‭ ‬رددت‭ ‬بأنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬سنعمل‭ ‬بها،‭ ‬فلن‭ ‬يصبح‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬أبدًا‭ ‬حزب‭ ‬أغلبية،‭ ‬وسنقوم‭ ‬بتسليم‭ ‬هؤلاء‭ ‬الناخبين‭ ‬للجمهوريين‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬فضة‭ ‬ليأتي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭.‬

عندما‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مرشحًا،‭ ‬فهم‭ ‬فكرة‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬ووجه‭ ‬جهوده‭ ‬لاستعادة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الناخبين‭. ‬لكن‭ ‬جهاز‭ ‬الحزب‭ ‬ومستشاريه‭ ‬الذين‭ ‬يتقاضون‭ ‬أجوراً‭ ‬لم‭ ‬يحذوا‭ ‬حذوه،‭ ‬مع‭ ‬تخصيص‭ ‬موارد‭ ‬قليلة‭ ‬أو‭ ‬معدومة‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬البيضاء،‭ ‬وحتى‭ ‬أقل‭ ‬لفهم‭ ‬قيمهم‭ ‬واحتياجاتهم‭.‬

لقد‭ ‬قمنا‭ ‬باستطلاع‭ ‬آراء‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬قمت‭ ‬أنا‭ ‬وأخي‭ ‬جون‭ ‬زغبي‭ ‬بنشر‭ ‬كتاب‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصلنا‭ ‬إليها‭: ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يفكر‭ ‬فيه‭ ‬الأمريكيون‭ ‬العرقيون‭ ‬حقاً؟‭ ‬لقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬العرق‭ ‬الأبيض‭ ‬كانوا‭ ‬تقدميين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مواقفهم‭ ‬تجاه‭ ‬الحكومة‭ ‬والسياسة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ولكن‭ ‬كانت‭ ‬لديهم‭ ‬مشاعر‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭.‬

لقد‭ ‬دعموا‭ ‬التمويل‭ ‬الفيدرالي‭ ‬للتعليم‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭. ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭. ‬وكانوا‭ ‬مؤيدين‭ ‬للاتحاد‭ ‬والمساواة‭ ‬العرقية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬كانوا‭ ‬متعارضين‭ ‬بشأن‭ ‬الإجهاض‭ ‬وبعض‭ ‬القضايا‭ ‬الأخرى‭. ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬بجيل،‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون‭ ‬قد‭ ‬استحوذ‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬العامة‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الناخبين‭ ‬البيض‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شعاره‭ ‬‮«‬الأسرة‭ ‬والمجتمع‭ ‬والفرصة‮»‬‭.‬

ولأن‭ ‬مصالح‭ ‬الناخبين‭ ‬البيض‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬أكثر‭ ‬انسجاما‭ ‬مع‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والحكومية‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬الديمقراطيون،‭ ‬فلا‭ ‬ينبغي‭ ‬للحزب‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬دعمهم‭ ‬أبدا‭.‬

لكن‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭. ‬لقد‭ ‬وقع‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬في‭ ‬الفخ‭ ‬الذي‭ ‬نصبه‭ ‬لهم‭ ‬الجمهوريون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تركيز‭ ‬حملاتهم‭ ‬الانتخابية‭ ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬حصري‭ ‬على‭ ‬محاربة‭ ‬الرسائل‭ ‬الجمهورية‭ ‬المتعصبة‭ ‬وغير‭ ‬المتسامحة‭ ‬وتجاهل‭ ‬القلق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ومشاعر‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الناخبين‭ ‬البيض‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬أن‭ ‬يهتموا‭ ‬بكل‭ ‬منهما‭.‬

والآن‭ ‬تظهر‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬ربما‭ ‬يكونون‭ ‬معرضين‭ ‬لخطر‭ ‬خسارة‭ ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬مكونات‭ ‬‮«‬ائتلاف‭ ‬أوباما‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الناخبين‭ ‬السود‭ ‬واللاتينيين‭ ‬والأمريكيين‭ ‬الآسيويين‭ ‬باعتبارهم‭ ‬كتلة‭ ‬واحدة،‭ ‬ربما‭ ‬يتجاهل‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬التركيبة‭ ‬المعقدة‭ ‬لهذه‭ ‬المجموعات‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تشير‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬15‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬السود‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأفارقة،‭ ‬وأن‭ ‬عدداً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬اللاتينيين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬الجدد‭ ‬أيضاً‭. ‬معظم‭ ‬الوافدين‭ ‬الجدد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬نيجيريا‭ ‬وشرق‭ ‬إفريقيا‭ ‬وفنزويلا‭ ‬ونيكاراغوا‭ ‬وجمهورية‭ ‬الدومينيكان‭.‬

تتوافق‭ ‬مواقفهم‭ ‬وقيمهم‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬مع‭ ‬مواقف‭ ‬المهاجرين‭ ‬العرقيين‭ ‬الذين‭ ‬قدموا‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬وأوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬يحتاج‭ ‬الاستراتيجيون‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬إلى‭ ‬تعديل‭ ‬تركيزهم‭ ‬وإلا‭ ‬فإنهم‭ ‬يخاطرون‭ ‬بخسارة‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭.‬

لقد‭ ‬نشأ‭ ‬جيلي‭ ‬مع‭ ‬ارتباط‭ ‬قوي‭ ‬بهوية‭ ‬الحزب‭. ‬فالأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬هي‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬إليها‭. ‬واليوم،‭ ‬ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬المنظمات‭ ‬الحزبية،‭ ‬فإن‭ ‬كونك‭ ‬ديمقراطياً‭ ‬أو‭ ‬جمهورياً‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬شيئاً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مدرجاً‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬أو‭ ‬قائمة‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭.‬

والمرة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬يسمع‭ ‬فيها‭ ‬المرء‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬هي‭ ‬عندما‭ ‬يتصلون‭ ‬بك‭ ‬أو‭ ‬يكتبون‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬يحثونك‭ ‬على‭ ‬التصويت‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬عانت‭ ‬الهوية‭ ‬الحزبية‭ ‬ــ‭ ‬ويصدق‭ ‬هذا‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬الناخبين‭ ‬الشباب‭ ‬والمهاجرين‭ ‬الجدد‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬تزايدت‭ ‬أعداد‭ ‬المستقلين‭ ‬والناخبين‭ ‬المتأرجحين‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬وجد‭ ‬ترامب‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬جدًا‭ ‬الإطاحة‭ ‬بقيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬ولماذا‭ ‬قد‭ ‬يواجه‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬متمسكين‭ ‬بشعارهم‭ ‬‮«‬التركيبة‭ ‬السكانية‭ ‬هي‭ ‬القدر‭ ‬المحتوم‮»‬‭.‬

 

{‭ ‬رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا