الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
((حتّاك)).. وموقف الدول الخليجية
ذات يوم، استلم الأديب المصري الراحل د. طه حسين رسالة غاضبة من صحفي شاب، ينتقد ويسب فيها عميد الأدب العربي.. ولكن د. طه حسين رد عليه بكلمة واحدة وهي ((حتّاك))! فلما سُئل عن معنى هذه الكلمة؟ قال: لم أشأ أن أعطيه أكبر من حجمه في رسالة الرد.. فقد أردت أن أقول له: «حتى أنت تهاجمني!» فلما نظرت إليها وجدتها كبيرة جداً بالنسبة له، فكتبت: «حتى أنت».. فلم أستسغ أن أعطيه ضميراً منفصلاً وبثلاثة أحرف.. فوجدت أن أفضل ضمير له هو «الكاف».. لأنه من حرف واحد فقط، فكتبت له: ((حتّاك)).
منذ عقد القمة العربية الـ 33 ونجاحها وأصدائها، وجهود مملكة البحرين في دعم القضية الفلسطينية.. والعالم أجمع يتابع الحرص البحريني على توفير مقومات الدعم والنجاح العالمي، لمبادرة البحرين بشأن عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، وحل الدولتين.. والعمل الدؤوب من أجل تحقيق السلام العادل والشامل، مع تعزيز التعاون الثنائي بين مملكة البحرين والدول الصديقة.
ومع استمرار الحرب في غزة، ومستجدات الأمور والأوضاع في رفح الفلسطينية، يتضاعف الدور والمسؤولية على الدول العربية خصوصا، والمجتمع الدولي عموما، لوقف «الهستيريا الإسرائيلية».. كما يستوجب الأمر الانتقال من مرحلة الكلام إلى مرحلة الفعل، وهو بالتمام ما أشار إليه رئيس الوزراء الإسباني لحظة إعلان بلاده والنرويج وإيرلندا، الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
كنت أود أن أحترم الرأي والرأي الآخر، وحق البعض في حرية الحديث وبيان وجهة النظر.. ولكن حينما يصل الأمر إلى التشكيك والمزايدة، واتخاذ أسلوب التطاول والإساءة، ضد دولنا الخليجية تحديدا، عبر منصات وفضائيات معروفة، والحديث غير الموضوعي عن تاريخ الدعم الخليجي للشعب الفلسطيني.. فإن الأمر بحاجة ضرورية إلى وقف «الهذيان».
الأوضاع الكارثية الحاصلة اليوم في رفح، والمستمرة في غزة، وكافة المدن والقرى الفلسطينية، ينبغي من تلك المنصات والفضائيات تسليط الضوء عليها، وحشد العالم لمناصرتها، لا توجيه سهام النقد على دولنا الخليجية، وحيوية الدبلوماسية العربية، والتحرك الفاعل نحو تحقيق المزيد من الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، التي سبق أن اعترفت بها 144 دولة، وبانضمام الدول الثلاث أصبح العدد 147، من أصل 193 دولة.
من الملاحظ اليوم أن كل الجولات والزيارات والاجتماعات التي يقوم بها ويشارك فيها المسؤولون الخليجيون، تكون القضية الفلسطينية في مقدمتها وضمن أولوياتها، وتأخذ الحيز الأكبر في كل المباحثات واللقاءات، حتى أكثر من القضايا الخليجية، إيمانا من دولنا بموقفها العروبي والإنساني، الثابت والراسخ، في دعم القضية الفلسطينية، وحق الحاضر وأجيال المستقبل في المنطقة، للعيش بأمن واستقرار، ونماء وازدهار.
((حتّاك)) كلمة قالها د. طه حسين ذات يوم.. ولكنها الآن تمثل شخصيات ومنصات وفضائيات، «تتاجر» بالقضية الفلسطينية، وترى أن تحرير فلسطين ودعم شعبها الشقيق، يتحقق من خلال انتقاص دور الدول الخليجية، وعرقلة جهودها وتحركاتها.. اللهم أنقذ أمتنا العربية من ((حتّاك)) وأشباهه.. وكن عونا ومعينا للشعب الفلسطيني في غزة ورفح من القتلة ومجرمي الحرب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك