العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

الثقافي

قراءة موجزة في فيلم «عذر أجمل من ذنب» للمخرج البحريني هاشم شرف

السبت ٢٥ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

عُرض‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬عذر‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬ذنب‮»‬‭ ‬للمخرج‭ ‬البحريني‭ ‬هاشم‭ ‬شرف‭ ‬ضمن‭ ‬مهرجان‭ ‬السينما‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬العاشرة‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬2024م،‭ ‬ويتناول‭ ‬الفيلم‭ ‬محنة‭ ‬شاب‭ ‬يحاول‭ ‬تصعيد‭ ‬حصان‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬سلّم‭ ‬البناية‭ ‬الضيّق‭ ‬ليعيش‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬شقتهم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬يدفع‭ ‬أهالي‭ ‬البناية‭ ‬إلى‭ ‬اعتراض‭ ‬طريقه‭. ‬

يبدأ‭ ‬الفيلم‭ ‬بحالة‭ ‬مشهدية‭ ‬توضّح‭ ‬مدى‭ ‬ضيق‭ ‬البناية‭ ‬وحالتها‭ ‬شبه‭ ‬السيئة‭ ‬تدلّل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لقاطني‭ ‬هذه‭ ‬البناية،‭ ‬فيدور‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬شخصية‭ ‬الشاب‭ (‬قاسم‭) ‬ذي‭ ‬الملامح‭ ‬الكئيبة‭ ‬والكهل‭ (‬أبو‭ ‬غايب‭) ‬العصبي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يحاول‭ ‬قاسم‭ ‬تصعيد‭ ‬الحصان‭ ‬ليعيش‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬شقتهم،‭ ‬ولكن‭ ‬يعترض‭ ‬طريقه‭ ‬أبو‭ ‬غايب‭ ‬بكل‭ ‬غضب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سأله‭ ‬عمّا‭ ‬يفعله،‭ ‬فيشتد‭ ‬الجدال‭ ‬والصراخ‭ ‬بين‭ ‬الاثنين‭.‬

قاسم‭ ‬مُصّر‭ ‬على‭ ‬رأيه‭ ‬ويرغب‭ ‬في‭ ‬تصعيد‭ ‬الحصان،‭ ‬وأبو‭ ‬غايب‭ ‬يشتاط‭ ‬غضبًا‭ ‬لدرجة‭ ‬دفعته‭ ‬إلى‭ ‬جلب‭ ‬أدوات‭ ‬متفرقة‭ ‬مثل‭ (‬كرسي،‭ ‬دراجة‭ ‬هوائية،‭ ‬وإلخ‭) ‬وسد‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬قاسم‭ ‬في‭ ‬منعطف‭ ‬السلّم،‭ ‬مما‭ ‬يعطّل‭ ‬حياة‭ ‬باقي‭ ‬الشخصيات‭ ‬قاطني‭ ‬البناية‭. ‬

يصرّح‭ ‬قاسم‭ ‬غاضبًا‭ (‬أنا‭ ‬حر،‭ ‬خلونا‭ ‬نتنفس‭ ‬شوي‭) ‬ويجيبه‭ ‬أبو‭ ‬غايب‭ ‬بأن‭ ‬الحرية‭ ‬تجدها‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ( ‬ويا‭ ‬أنا‭ ‬يا‭ ‬أنت‭ ‬وما‭ ‬راح‭ ‬تركّب‭ ‬الحصان‭).‬

وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬الدلالة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توظيفها‭ ‬بشكل‭ ‬جميل‭ ‬في‭ ‬الفيلم،‭ ‬حيث‭ ‬قاسم‭ ‬يمثّل‭ ‬مبدأ‭ ‬الحرية‭ ‬ولكن‭ ‬حرية‭ ‬يعيبها‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬الفهم‭ ‬ويغلب‭ ‬عليها‭ ‬طابع‭ ‬الاندفاع‭ ‬والعناد،‭ ‬وأما‭ ‬الكهل‭ ‬فيمثّل‭ ‬الاتجاه‭ ‬التقليدي‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬ولكن‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬طابع‭ ‬العصبية‭ ‬والعناد‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬مفارقة‭ ‬جميلة‭ ‬بين‭ ‬الشخصيتين‭. ‬

وهنا‭ ‬نجد‭ ‬عدة‭ ‬قواسم‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الشخصيتين‭ ‬الرئيسيتين،‭ ‬منها‭ ‬العناد‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬الموقف‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬الآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحوا‭ ‬فرجة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬البناية‭ ‬واشتد‭ ‬الازدحام‭ ‬وأخذت‭ ‬أبواق‭ ‬السيارات‭ ‬بالارتفاع،‭ ‬بعدها‭ ‬تتدخل‭ ‬إحدى‭ ‬الشخصيات‭ ‬لمحاولة‭ ‬إقناع‭ ‬قاسم‭ ‬العدول‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ (‬شخصية‭ ‬تمثّل‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭) ‬بعدما‭ ‬باءت‭ ‬محاولة‭ ‬أم‭ ‬قاسم‭ ‬بالفشل،‭ ‬ومع‭ ‬وقت‭ ‬أذان‭ ‬الظهر‭ ‬يقتنع‭ ‬قاسم‭ ‬بالذهاب‭ ‬معه‭ ‬لأداء‭ ‬الصلاة‭. ‬

في‭ ‬المسجد‭ ‬وخلال‭ ‬أداء‭ ‬الصلاة،‭ ‬ينتظر‭ ‬قاسم‭ ‬لحظة‭ ‬سجود‭ ‬المصلّين‭ ‬ويتراجع‭ ‬للخلف‭ ‬ويهم‭ ‬بالجري‭ ‬متجهًا‭ ‬إلى‭ ‬البناية‭ ‬ومحاولة‭ ‬تصعيد‭ ‬الحصان‭ ‬مجددًا،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يلاحظ‭ ‬أبو‭ ‬غريب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يصلّي‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬قاسم‭ ‬اختفاءه‭ ‬ويشرع‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬بالتراجع‭ ‬والجري‭ ‬باتجاه‭ ‬البناية،‭ ‬وهنا‭ ‬يكون‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬الآخر‭ ‬بين‭ ‬الشخصيتين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬الآخرين،‭ ‬وأهم‭ ‬من‭ ‬الصلاة‭ ‬التي‭ ‬تمثّل‭ ‬أعلى‭ ‬رمزيات‭ ‬القداسة‭. ‬

وفي‭ ‬أثناء‭ ‬قيام‭ ‬قاسم‭ ‬بمحاولة‭ ‬فك‭ ‬رباط‭ ‬الحصان‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬ثبّته‭ ‬في‭ ‬أعمدة‭ ‬السلّم‭ ‬الحديدية‭ ‬الجانبية؛‭ ‬يدخل‭ ‬أبو‭ ‬غريب‭ ‬غاضبًا‭ ‬ويدفع‭ ‬قاسم‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬يتبادل‭ ‬الاثنان‭ ‬النظرات‭ ‬الحادة،‭ ‬ويقطع‭ ‬هذه‭ ‬النظرات‭ ‬صوت‭ ‬تبرّز‭ ‬الحصان،‭ ‬بعدها‭ ‬لم‭ ‬يتمالك‭ ‬أبو‭ ‬غريب‭ ‬نفسه‭ ‬ويهرب‭ ‬مسرعًا‭ ‬تجنبًا‭ ‬للرائحة،‭ ‬بينما‭ ‬يقوم‭ ‬قاسم‭ ‬مبتسمًا‭ ‬ويفتح‭ ‬رباط‭ ‬الحصان،‭ ‬وينتهي‭ ‬الفيلم‭ ‬بمشهد‭ ‬طفلة‭ ‬تجلس‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬الشقة‭ ‬وتسمع‭ ‬صوت‭ ‬خطوات‭ ‬الحصان‭ ‬على‭ ‬السلّم‭ ‬تاركًا‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬المشاهد‭ ‬عدّة‭ ‬تساؤلات‭.‬

العمل‭ ‬رغم‭ ‬صغر‭ ‬حجمه‭ ‬وإمكانياته‭ ‬البسيطة؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬طرحه‭ ‬وجميل‭ ‬في‭ ‬أسلوبه،‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الأمنيات‭ ‬للمخرج‭ ‬هاشم‭ ‬شرف‭ ‬بالتوفيق‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا