العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

مفاوضةُ القلق

بقلم: رؤى أيمن عماد

السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

عزيزي‭ ‬القلق‭ ‬كم‭ ‬كنتُ‭ ‬أرغبُ‭ ‬في‭ ‬أنْ‭ ‬أتخلّصَ‭ ‬منكَ‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنهشَ‭ ‬ما‭ ‬تبقّى‭ ‬من‭ ‬رأسي،‭ ‬قبل‭ ‬فواتِ‭ ‬أواني،

في‭ ‬تلك‭ ‬السّاعة‭ ‬المتأخّرة‭ ‬وددتُ‭ ‬لو‭ ‬ألقاكَ‭ ‬ولكنّي‭ ‬كنتُ‭ ‬خائفةً‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬جبروتِكَ،‭ ‬جهّزتُ‭ ‬أفكاري‭ ‬وعزمتُ‭ ‬على‭ ‬الاطمئنان،‭ ‬أيقظتُه‭ ‬من‭ ‬غيبوبتِه‭ ‬الّتي‭ ‬أثقلتْ‭ ‬عمُري‭ ‬وأتلفَتْ‭ ‬الكثيرَ‭ ‬من‭ ‬اللّحظاتِ‭ ‬الهانئة،‭ ‬غزتْ‭ ‬نومي‭ ‬واحتلّت‭ ‬قيلولتي‭.‬

المهمّ‭ ‬يا‭ ‬حضرةَ‭ ‬الزّائر‭ ‬الغامض،‭ ‬وضعتُ‭ ‬ساعتي‭ ‬أمامي‭ ‬أراقبُ‭ ‬الوقتَ‭ ‬علّني‭ ‬ألتقي‭ ‬بك‭ ‬لنتفاوضَ،‭ ‬علّني‭ ‬أحظَى‭ ‬ولو‭ ‬بدقيقةِ‭ ‬نقاشٍ‭ ‬معك‭.‬

يا‭ ‬لخيبتي‭ ‬البائسة‭ ‬وجدتُكَ‭ ‬غائبًا‭ ‬حاضِرًا،‭ ‬صامتًا‭ ‬متعجرِفًا،‭ ‬لم‭ ‬تأتِ‭ ‬حينَها‭ ‬ولم‭ ‬تلتزمْ‭ ‬بموعدِك‭ ‬مع‭ ‬أنّكَ‭ ‬لم‭ ‬تعطِني‭ ‬أيّ‭ ‬موعد،‭ ‬لم‭ ‬أنمْ‭ ‬طوالَ‭ ‬تلك‭ ‬اللّيلةِ،‭ ‬كنتُ‭ ‬أسمعُ‭ ‬دويّ‭ ‬أفكارٍ،‭ ‬أسمعُ‭ ‬همساتٍ‭ ‬وهمهماتٍ‭ ‬تُثيرُ‭ ‬استيائي‭ ‬وسخطي،‭ ‬وضعتُ‭ ‬رأسي‭ ‬بين‭ ‬راحتيّ،‭ ‬حاولتُ‭ ‬أنْ‭ ‬أُغمِضَ‭ ‬عينيّ‭ ‬ولكنّي‭ ‬لم‭ ‬أستطِعْ،‭ ‬رأيتُكَ‭ ‬طيفًا‭ ‬خلفَ‭ ‬دخانِ‭ ‬الاضطرابِ‭ ‬يقفُ‭ ‬في‭ ‬زاويةِ‭ ‬أيّامي‭ ‬ويحدّقّ‭ ‬بي‭ ‬وكأنّني‭ ‬شبحٌ‭ ‬ماكثٌ‭ ‬أمامَهّ،‭ ‬رأيتُكَ‭ ‬بحرًا‭ ‬وغرقتُ‭ ‬بين‭ ‬تلاطُمِ‭ ‬أمواجِكَ،‭ ‬رأيتُكَ‭ ‬خيالًا‭ ‬تتبّعُ‭ ‬خطواتي‭ ‬وأقداري،

أرجوكَ‭ ‬كفَّ‭ ‬عن‭ ‬ملاحقتي‭ ‬فأنتَ‭ ‬مازلتَ‭ ‬تنهشُ‭ ‬بي‭ ‬وتقيّدُني‭ ‬حتّى‭ ‬تخورَ‭ ‬قِواي‭.‬

عزيزي‭ ‬القلق

دعنا‭ ‬نتقاسمُ‭ ‬العمرَ

أنا‭ ‬آخذ‭ ‬اللّيلَ‭ ‬وأنتَ‭ ‬تأخذُ‭ ‬النّهارَ،

أنا‭ ‬آخذ‭ ‬الظّلامَ‭ ‬وأنتَ‭ ‬تكتفي‭ ‬بالضّوءِ،

لقد‭ ‬انتصفَ‭ ‬اللّيلُ‭ ‬وآنَ‭ ‬لكَ‭ ‬أنْ‭ ‬تختبِئَ،‭ ‬أن‭ ‬تتبخّرَ‭ ‬مع‭ ‬دخانِ‭ ‬السّوادِ‭ ‬وإن‭ ‬أردتَ‭ ‬أنْ‭ ‬تأخذَ‭ ‬سنيني‭ ‬الماضية‭ ‬فهي‭ ‬لك‭ ‬ولكن‭ ‬دعني‭ ‬وشأني‭. ‬

{ كاتبة‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا