العدد : ١٦٨٤٤ - الأحد ٠٥ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٤ - الأحد ٠٥ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

الدعم الغربي لإسرائيل يزيد التوترات الإقليمية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

فقدت‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتدمير‭ ‬القطاع؛‭ ‬تأييد‭ ‬غالبية‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭. ‬ففي‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬يعتقد‭ ‬66%‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬قصفها‭ ‬وتوافق‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬كما‭ ‬أظهر‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أجرته‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬غالوب‮»‬‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬مارس‭ ‬أن‭ (‬55%‭) ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لا‭ ‬يؤيدون‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬ناخبي‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬يعترض‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬الناخبين،‭ ‬ويوافق‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬النصف‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬تعامل‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭.‬

وتنعكس‭ ‬المعارضة‭ ‬الشعبية‭ ‬الواسعة‭ ‬للحرب‭ ‬ودور‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬استمرارها؛‭ ‬على‭ ‬الانتقادات‭ ‬الحادة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأكاديميين،‭ ‬وجماعات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والمراقبين‭. ‬وعقب‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬غير‭ ‬الكافي‭ ‬والوعود‭ ‬الكاذبة‭ ‬بشأن‭ ‬ممارسة‭ ‬النفوذ‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬لإنهاء‭ ‬التدمير‭ ‬والقتل‭ ‬والتصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬الذي‭ ‬جلبه‭ ‬ذلك؛‭ ‬زادت‭ ‬دعوات‭ ‬إنهاء‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الغربية‭ ‬لها؛‭ ‬مع‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدور‭ ‬هذه‭ ‬الذخائر‭ ‬في‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بشن‭ ‬عدوانها،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬قطع‭ ‬هذا‭ ‬الإمدادات‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬مفادها‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ومع‭ ‬رفض‭ ‬أغلبية‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والبريطانيين‭ ‬دور‭ ‬بلديهما‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬ودعمهما‭ ‬العسكري‭ ‬لحكومة‭ ‬نتنياهو؛‭ ‬فإن‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬رفضوا‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬تغيير‭ ‬جوهري‭ ‬في‭ ‬مواقفهما،‭ ‬وفي‭ ‬بالمقابل،‭ ‬أكدوا‭ ‬مجددًا‭ ‬دعمهم‭ ‬الثابت‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬توتراتها‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الأوضاع‭ ‬الإقليمية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التأطير‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفسر‭ ‬بشكل‭ ‬كافٍ‭ ‬سبب‭ ‬فشلهم‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬استشهاد‭ ‬آلاف‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتدمير‭ ‬القطاع‭.‬

وتسبب‭ ‬استهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬لعمال‭ ‬الإغاثة‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬المطبخ‭ ‬المركزي‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الإدانة‭ ‬المحلية‭ ‬لسياسات‭ ‬الحكومتين‭ ‬الأمريكية‭ ‬والبريطانية‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب‭. ‬وفي‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬كان‭ ‬ثلاثة‭ ‬قضاة‭ ‬سابقين‭ ‬في‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬العليا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬600‭ ‬قانوني،‭ ‬قد‭ ‬كتبوا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬سوناك‮»‬،‭ ‬للمطالبة‭ ‬بإنهاء‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مطالبة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان‭ ‬بالمثل‭. ‬وانتقد‭ ‬‮«‬آلان‭ ‬دنكان‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق‭ ‬استمرار‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ووصفه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬أخلاقيا‮»‬،‭ ‬ورأى‭ ‬‮«‬نيكولاس‭ ‬سومز‮»‬،‭ ‬القيادي‭ ‬البارز‭ ‬بحزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬تزويد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالأسلحة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يرسل‭ ‬‮«‬رسالة‭ ‬مهمة‮»‬‭ ‬لإظهار‭ ‬أن‭ ‬بريطانيا‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬مستعدة‭ ‬لتأييد‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬المأساة‭ ‬المستمرة‮»‬‭. ‬

ومن‭ ‬داخل‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬أنيل‭ ‬شيلين‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬استقالت‭ ‬من‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬موقف‭ ‬بلادها‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬المصداقية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬واشنطن‭ ‬كمدافعة‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬قبل‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬فقد‭ ‬تلاشت‭ ‬بالكامل‭ ‬تقريبًا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬وروت‭ ‬كيف‭ ‬أنها‭ ‬وزملاءها‭ ‬‮«‬شاهدوا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬رعب‮»‬،‭ ‬استمرار‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬تسليم‭ ‬‮«‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الذخائر‭ ‬الموجهة‭ ‬بدقة‭ ‬والقنابل،‭ ‬والأسلحة‭ ‬الصغيرة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬الفتاكة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬قضت‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بارتكابها‭ ‬جرائم‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬وانتقد‭ ‬‮«‬بريان‭ ‬فينوكين‮»‬،‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬بالوزارة‭ ‬‮«‬الإخفاقات‭ ‬الواضحة‮»‬‭ ‬لمعايير‭ ‬الحكومة‭ ‬بشأن‭ ‬صادرات‭ ‬الأسلحة،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬اللوائح‭ ‬الحالية‭ ‬هي‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬توجيهات‮»‬،‭ ‬تحل‭ ‬محلها‭ ‬قرارات‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬‮«‬غياب‭ ‬ثوابت‭ ‬تدعمها‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬اعترافه‭ ‬بـ«المخاوف‭ ‬الجسيمة‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬منع‭ ‬إسرائيل‭ ‬المتعمد‭ ‬لوصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬أصر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‭ ‬اللورد‭ ‬‮«‬كاميرون‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تراخيص‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستبقى‭ ‬دون‭ ‬تغيير،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بريطانيا‭ ‬تقف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حلفائها‭ ‬وتعترف‭ ‬بحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬حديثه‭ ‬لإذاعة‭ ‬‮«‬ال‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬دافع‭ ‬‮«‬سوناك‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬حكومته‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬المعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يقم‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أقرب‭ ‬حلفائنا‭ ‬بتعليق‭ ‬تراخيص‭ ‬الأسلحة‭ ‬أيضًا‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬واشنطن،‭ ‬ذكر‭ ‬‮«‬جوليان‭ ‬بورغر‮»‬،‭ ‬و«بيثان‭ ‬ماكيرنان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان،‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬أعلنت‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬دعمها‭ ‬لإسرائيل‭ ‬يرجع‭ ‬للتوترات‭ ‬بين‭ ‬الأخيرة‭ ‬وإيران‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬استهداف‭ ‬المجمع‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬في‭ ‬سوريا‭. ‬وفي‭ ‬خطابه،‭ ‬في‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬أبريل،‭ ‬أصر‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬سوف‭ ‬تبذل‭ ‬‮«‬أقصى‭ ‬جهدها‭ ‬لحماية‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

‭ ‬وتعليقا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ماكس‭ ‬ماتزا‮»‬،‭ ‬و«ويل‭ ‬فيرنون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬مجددًا‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬العلني‭ ‬لإسرائيل‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬واحد‮»‬‭ ‬على‭ ‬انتقاده‭ ‬لسلوكها‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ودعوته‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭. ‬وربما‭ ‬يعود‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬إلى‭ ‬اعترافه‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تفقد‭ ‬أي‭ ‬تعاطف‭ ‬دولي‭ ‬متبق‭ ‬لها»؛‭ ‬بسبب‭ ‬حربها‭ ‬وتدميرها‭ ‬العشوائي‭ ‬للقطاع،‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬‮«‬يفعل‭ ‬شيئًا‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬سوى‭ ‬حمايتها‮»‬،‭ ‬زاعما‭ ‬دفاعه‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭. ‬

وعليه،‭ ‬يبدو‭ ‬التناقض‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬حول‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬بها‭ ‬للإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والحكومة‭ ‬البريطانية،‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬بشروط‭ ‬غير‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬الادعاء‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬دفاعهما‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬

وبشكل‭ ‬واضح،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التغاضي‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬فشلهما‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬حاسمة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والمعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬سببتها،‭ ‬واستشهاد‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬حالتا‭ ‬دون‭ ‬صدور‭ ‬قرارات‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإدانة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬ونفذتا‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬الجوية‭ ‬ضد‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬بعد‭ ‬هجماتها‭ ‬على‭ ‬سفن‭ ‬الشحن‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬المرتبطة‭ ‬بإسرائيل،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬دعمهما‭ ‬ضد‭ ‬تهديدات‭ ‬إيران‭ ‬لها‭. ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعترف‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬بأنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تحذيراتها‭ ‬للدول‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى‭ ‬لتجنب‭ ‬التصعيد؛‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بجر‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شن‭ ‬ضربات‭ ‬استفزازية؛‭ ‬فبعد‭ ‬هجومها‭ ‬على‭ ‬‮«‬بيروت‮»‬،‭ ‬وهجماتها‭ ‬المتكررة‭ ‬على‭ ‬‮«‬جنوب‭ ‬لبنان‮»‬،‭ ‬جاءت‭ ‬الضربة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬دمشق‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬وصفها‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬شوتر‮»‬،‭ ‬و«بيتا‭ ‬غفاري‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬أخطر‭ ‬ضربة‭ ‬استهدفت‭ ‬طهران‭ ‬منذ‭ ‬اغتيال‭ ‬واشنطن‭ ‬لـ‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬عام‭ ‬2020‮»‬‭. ‬ولعل‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬الضربة‭ ‬كان‭ ‬كما‭ ‬أوضحه‭ ‬‮«‬فواز‭ ‬جرجس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬كلية‭ ‬لندن‭ ‬للاقتصاد‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الرد‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دانيال‭ ‬برومبرغ‮»‬،‭ ‬و«باتريشيا‭ ‬كرم‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬العربي‮»‬،‭ ‬أشارا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬‮«‬راهنت‮»‬‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬رد‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر،‭ ‬لكنهما‭ ‬حذرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬برمته‭ ‬ربما‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬مخاطر‭ ‬ستشعل‭ ‬بؤر‭ ‬التوتر‭ ‬الإقليمية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭. ‬وفي‭ ‬سيناريو‭ ‬التصعيد‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحزب‭ ‬الله،‭ ‬أكدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬لن‭ ‬تمنع‭ ‬ذلك‭ ‬التصعيد،‭ ‬لأسباب‭ ‬ليس‭ ‬أقلها‭ ‬أنها‭ ‬تقف‭ ‬‮«‬بحزم‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬مارتن‭ ‬إنديك‮»‬،‭ ‬المبعوث‭ ‬الأمريكي‭ ‬الخاص‭ ‬للمفاوضات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خلال‭ ‬رئاسة‭ ‬‮«‬باراك‭ ‬أوباما‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السخاء‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬ولد‭ ‬شعورا‭ ‬باستحقاق‭ ‬ذلك‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬القادة‭ ‬السياسيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬الذين‭ ‬بات‭ ‬بإمكانهم‭ ‬مهاجمة‭ ‬دول‭ ‬مجاورة‭ ‬ومنافسين‭ ‬إقليميين‭ ‬دون‭ ‬عقاب‭ ‬ما‭. ‬ولعل‭ ‬حقيقة‭ ‬تعهد‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬يسرائيل‭ ‬كاتس‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬حكومته‭ ‬ستهاجم‭ ‬إيران‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أرادت‭ ‬الانتقام‭ ‬منها،‭ ‬يؤكد‭ ‬هذا‭ ‬التصور،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬المساس‭ ‬بها،‭ ‬طالما‭ ‬أنها‭ ‬تقبع‭ ‬وراء‭ ‬درع‭ ‬دفاعي‭ ‬أمريكي‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬أُسس‭ ‬هذا‭ ‬التصور‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬تَقييم‭ ‬‮«‬بورغر‮»‬،‭ ‬و«ماكيرنان‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬تعيد‭ ‬تأكيد‭ ‬دعمها‭ ‬لإسرائيل‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬وقوع‭ ‬هجوم‭ ‬إيراني‭ ‬آخر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬‮«‬أن‭ ‬تفترض‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ستبقى‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‮»‬‭. ‬وتوضح‭ ‬حقيقة‭ ‬مغادرة‭ ‬رئيس‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬الجنرال‭ ‬‮«‬إريك‭ ‬كوريلا‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬للتنسيق‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬يوآف‭ ‬جالانت‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬تقفان‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬الإقليمي‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ففي‭ ‬أعقاب‭ ‬الغارة‭ ‬الجوية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬أهداف‭ ‬إيرانية‭ ‬في‭ ‬دمشق،‭ ‬والتهديد‭ ‬المعلن‭ ‬بالانتقام،‭ ‬خلص‭ ‬‮«‬برومبرغ‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الرغبة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل‭ ‬في‭ ‬تجنب‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬هاوية‮»‬‭ ‬صراع‭ ‬محتدم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬ليست‭ ‬كافية‭ ‬بجعل‭ ‬كلا‭ ‬الخصمين‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬وقوع‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬تجنبها‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬حث‭ ‬‮«‬المجتمع‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬ضرورة‭ ‬الضغط‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬دبلوماسية‭ ‬أعمق‮»‬‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تتطلب‭ ‬تقديم‭ ‬استراتيجيات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقًا،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التمسك‭ ‬بالدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الأعمى‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وبينما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬التهديد‭ ‬المفترض‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬عاملاً‭ ‬محتملاً‭ ‬لتبرير‭ ‬هذا‭ ‬الدعم؛‭ ‬فإن‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لوقف‭ ‬التصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهلها‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬الأخير،‭ ‬تعكس‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«بريطانيا‮»‬،‭ ‬مازالوا‭ ‬غير‭ ‬مستعدين‭ ‬لاتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬حازمة‭ ‬نحو‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬واستعادة‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭. ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬تداعيات‭ ‬تشجيع‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬ضربات‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬سوف‭ ‬تلقي‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬مصداقيتهما‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لعقود‭ ‬قادمة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا